الأحد 19 أيار (مايو) 2013

الأسد خارج العناية المركزة !

الأحد 19 أيار (مايو) 2013 par د.عادل محمد عايش الأسطل

أمر بديهي أن يظهر الرئيس السوري “بشار الأسد” مرات متتالية في شوارع ومتنزهات دمشق، بملابس صيفية، تدل على بقائه يدير دفة الحكم، للصيف الثالث على التوالي منذ اندلاع الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد منذ أواخر فبراير/شباط 2011.

التواجد الروسي الأخير وبكثافة غير معهودة في المياه السورية، أدى إلى تهدئة الأجواء الخارجية المحيطة، بعد التوترات الأخيرة والمتلاحقة سياسياً من قِبل الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، التي كانت إلى وقت قريب تُحبذ السرعة في الانتهاء من مرحلة النظام في دمشق، بهدف تغيير شكل المنطقة إلى الشكل الذي يتلائم مع سياستها ومصالحها بشكلٍ عام. وأيضاً عسكرياً، من قِبل إسرائيل، التي كانت قد انتهجت عملياً، التدخل مباشرة في الشؤون الداخلية السورية، من خلال مهاجمة منشآت حيوية وعسكرية داخل العمق السوري، بحجة الحيلولة دون وصول أسلحة تقليدية وكيماوية لتنظيم حزب الله اللبناني الذي تعتبره إسرائيل العدو الأبرز الذي يهدد الشمال الإسرائيلي إن لم يكن يهددها بالكامل، وأيضاً هناك ذريعة أن تقع تلك الأسلحة الكيميائية في أيدي حركات وتنظيمات إرهابية معادية للغرب وخاصةً لإسرائيل، حيث بدأت الولايات المتحدة تتحدث عن وقوع هجمات كيميائية وفقاً لمعلومات مخابراتية وإعلانات تركية مختلفة، من أن هناك مصابين. ومن جهة أخرى العمل على تفتيت وتحطيم القوة العسكرية السورية تحسباً لبقاء نظام الأسد إلى مدة أطول.

روسيا أرسلت 12 سفينة على الأقل، ترافقها دوريات بحرية عسكرية، رست قرب قاعدة بحرية سورية في خطوة اعتبرها مسؤولون أمريكيون وأوروبيين، بأنها خطوة عدوانية تهدف إلى تحذير الغرب وإسرائيل، بعدم التدخل في الحرب الداخلية في البلاد. حيث أوصلت الولايات المتحدة إلى النقطة الحرجة التي لم تتوقع أن تصلها بهذه السرعة وفي هذه المرحلة بالذات، لا سيما وأن الأخيرة، كانت أعلنت أنها بصدد التفاهم سياسياً حول التطورات في سوريا، لا سيما بعد أن شاهدت روسيا التواجد الأمريكي اللافت لقطع الأسطول الأمريكي يجوب المنطقة، واستشعرت بأن تطورات ما ستحصل قريباً، دون الرجوع لروسيا أو لِما تم التوافق عليه في هذا الشأن. وبالرغم من أنه أعلن أن تلك القطع في طريقها لمياه الخليج، فإن ذلك لم يهدئ من التخوفات الروسية بأي حال، بسبب أن هناك مصالح روسية لا تقل شأناً عن المتواجدة على المستوى السوري.

كما أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو” لروسيا لم تفلح في ثنيها، عن عزمها تزويد الجيش السوري بالأسلحة الدفاعية المتطورة، التي من شأنها تقوية سوريا عسكرياً، وبالتالي إحباط أيّة محاولات أمريكية أو إسرائيلية من مغبة مهاجمتها في الآن أو المستقبل. بل وأسرع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بإخبار “نتانياهو” بأن الأسلحة الروسية بما فيها أنظمة الصواريخ (S-300) والصواريخ المضادة للسفن، هي تُفرغ الآن في سوريا، وبأن عليه – نتانياهو- الخشوع وعدم التدخل أكثر في الشأن السوري، لآن ذلك يصعّب على روسيا في تفهّم ذلك التدخل. كانت هذه الكلمات ثقيلة على أذن “نتانياهو” وعلى المسامع الإسرائيلية بشكلٍ عام. في الوقت نفسه، قال “اليكسي فوسكوف”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي، أن إرسال الأسلحة والصواريخ (S-300) النظام الصاروخي (Iahont) هي رسالة من روسيا بأنها لا تؤيد التدخل في شؤون سوريا". بمعنى أن في نيّتها المواجهة على أشكالها، إذا ما أوجبتها التطورات الميدانية.

اعتبرت إسرائيل بلسان “نتانياهو” كما الولايات المتحدة، بأن الفعل الروسي غير مقبول، حيث أعلن وزير الدفاع “تشاك هايغل” بأن التدخل الروسي سيجعل الوضع أكثر خطورة، بينما قال قائد الجيش الأمريكي الجنرال “مارتن ديمبسي” بأن الدعم الروسي بهذه الدرجة وفي هذه الفترة بالذات قد عمل على إعطاء “الأسد” فرصةً أطول للبقاء ومزيداً من الشعور بالأمان، وعلى المستويين الداخلي والخارجي. وبأن القرار الروسي هو قرار مؤلم ومن شأنه أن يعزز قبضة النظام وتعميق المعاناة".

لاشك أن التحرك الروسي باتجاه سوريا، قد كشف عن مقدار التدخل الغربي في الشأن السوري وعن مدي أهمية المصالح الروسية التي تتضاءل أو تكاد تتلاشى أمام المصالح الغربية والأمريكية. ولهذا فهي اتخذت خطوتها لأجل مصالحها أولاً ومصداقيتها ثانياً أو كلاهما معاً. بالنظر إلى أن التوقيع على هذه الصفقة مع سوريا كان منذ ثلاث سنوات وقبل الأحداث القائمة حالياً، كما أن روسيا عازمة وضمن القانون الدولي على عدم شطب اسمها كموردة جيدة وجديرة بالثقة للأسلحة والعتاد العسكري الأكثر تطوراً.

لقد عملت روسيا على تعزيز القوة السورية بنماذج صاروخية، من شأنها أن تعمل على تحقيق ميزة الردع المفقودة، من خلال تهديد القوة العسكرية المعادية، وخاصةً إسرائيل، في كافة سفنها البحرية ومنصات الغاز في مدى يصل إلى 300 كم. بالإضافة إلى تحسين نموذج نظام الرادار المبكر، الذي يتيح القدرة على إصابة الأهداف على نحوٍ أكثر دقّة. إلى جانب أمور مادية ومعنوية أخرى. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين أنهم أكّدوا على أن نقل مثل هذه النماذج إلى نظام “الأسد” سيعمل على تحسينها إلى درجة مخيفة.

ومن ناحية أخرى أشار “هايغل”، بقوله:“لا نحن ولا الروس نرغب باستمرار تدهور الوضع في سوريا، وعبًر عن الخشية أن تصل الأمور إلى حرب إقليمية تندلع في الشرق الأوسط، وأخذ على عاتقه في تواصل العمل مع الروس في محاولة للتوصل إلى تفاهم مشترك، بسبب المصالح التي تهم الأطراف في المنطقة. وأوضح من ناحية ثانية، أن بلاده مستعدة لكل سيناريو وجميع الخيارات مفتوحة”.

الأزمة السورية، وكما بدا الحال ستظل بين شدٍ وجذب بين القوى الكبرى، وتبعاً لمصالحها بالضرورة، دون مراعاة لأيّة جوانب أخلاقية وإنسانية، وخاصةً ما تُضمر به الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، حيث تعطي لنفسها الحق في التدخل تبعاً لمصالحها، ولإسرائيل أيضاً في القيام بعدوانها المتواصل، ليس ضد سوريا وحسب، بل ضد البلاد العربية بعمومها، بينما لم يتقدم المجموع العربي بخطوة واحدة إلى الأمام، لا في الشأن السوري ولا في القضايا العربية الأخرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بل وبدا ذلك المجموع في خصام وتضاد، وهما في العادة يحوزان على رضا كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2176636

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2176636 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40