الأحد 19 أيار (مايو) 2013

مفاوضات الدولة الفلسطينية

الأحد 19 أيار (مايو) 2013 par ناجي صادق شراب

المشكلة لا تكمن في السلام أو في المفاوضات، أو في تعديل المبادرة العربية، أو حتى القبول بمبدأ تبادل الأراضي، المبادرة العربية واضحة ولا تحتاج إلى تأويل . السلام مع “إسرائيل” مقابل قيام دولة فلسطينية فقط، وانسحاب “إسرائيل” من أراضي الدول العربية التي تحتلها، ومن دون التزام بأية قضايا أخرى بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين . وبعدها يمكن تصور قيام علاقات مع “إسرائيل” .

باختصار الذي يهم العرب فقط هو التزام “إسرائيل” بهذا الانسحاب وهو ما يشكل الحد الأدنى للمطالب العربية، مقابل تقديم أعلى درجات التنازل .

ومع التسليم باستحالة الوصول إلى صيغة سلام نهائية لأن البيئة السياسية بكل مستوياتها ومعطياتها ومتغيراتها على مستوى كل الأطراف الرئيسة في هذا الصراع ليست على استعداد أو ليس لديها القدرة على اتخاذ قرار بالسلام ينهي الجذور التاريخية للصراع العربى - “الإسرائيلي”، ومع التسليم أيضاً بعدم جدوى المفاوضات في ضوء تجربة تفاوض تزيد على عشرين عاماً كان يمكن خلالها الوصول إلى تسوية سياسية قد تقود لعملية سلام بعيدة الأمد، رغم كل ذلك هل توافق “إسرائيل” على ما تعرضه المبادرة العربية من سلام وعلاقات واعتراف يصل إلى حد الاعتراف بيهوديتها؟

ولتوضيح الأمر أكثر ماذا لو تصورنا قبول “إسرائيل” بالمبادرة العربية، وقيام دولة فلسطينية؟ وبعد ذلك ماذا لو أعادت “إسرائيل” تسمية نفسها “دولة يهودية”؟ هل يتم سحب اعتراف العرب وحتى الفلسطينينن بها كدولة؟ هذا الاحتمال غير وارد . أعود إلى القول إنه في ضوء كل هذه التحولات لا يبدو أن “إسرائيل” مستعدة للذهاب أبعد من موقفها من المبادرة ومن قيام الدولة الفلسطينية . والذي لا يشجع على إحياء عملية السلام أن كل الأطراف غير مهيأة . الطرفان الرئيسان، الفلسطينيون من ناحيتهم منقسمون على أنفسهم وأولوية الحكم تسبق حتى أولوية قيام الدولة الفلسطينية وأولوية المفاوضات وعندهم استعداد للتعايش والتكيف مع هذا السيناريو القائم لأنه لا يلزمهم بتقديم تنازلات سياسية قد تفقدهم مصداقيتهم السياسية، وهذا ينطبق على الجميع . و”إسرائيل” تحكمها حكومة متشددة تتبنى الاستيطان، وفكر الدولة الفلسطينية يتعارض مع الفكر الليكودي، ولو اضطرت للذهاب للمفاوضات فستضع شروطاً ومطالب ستكون خارج إرادة الفلسطينيين للقبول بها خصوصاً شرط الدولة اليهودية .

وأما الأطراف الأخرى، العربية منها لم تعد القضية الفلسطينية قضية أمن عربى، ولم تعد أولوية سياسية للدول العربية، فكلها بما فيها دول التحول العربي منشغلة بقضاياها الداخلية، وبتهديد تفتيت كياناتها السياسية، وهي لن تعارض أي تسوية سياسية يقبل بها الفلسطينيون . وأما الولايات المتحدة ورغم أنها ما زالت تفرض نفسها الراعي الأول لأي عملية سياسية، ولأي مفاوضات فأولوياتها لم تعد كقوة عظمى تنحصر في التوغل في هذا الصراع، وقد تفضل سيناريو فرض الأمر الواقع وخصوصاً على الجانب الفلسطيني الذي قد لا يرى مخرجاً إلا بالذهاب للمفاوضات والقبول بمفاوضات الدولة الفلسطينية فقط . الأولويات باتت غير القضية الفلسطينية، أولوية للملف النووي الإيراني والأزمة السورية، وأولوية ملف تحولات الربيع العربي وتداعياته . ولا ننسى أولويات القضايا الداخلية التي تمس وجود الولايات المتحدة كدولة أحادية مهيمنة على القرار الدولي . تبقى لهذه الدولة ثوابتها وأهمها الحفاظ على بقاء أمن وبقاء “إسرائيل”، ولذلك لا مانع لديها من قيام دولة فلسطينية تقبل بأمن “إسرائيل” ومنها إلى الاعتراف ب “إسرائيل” كدولة يهودية من قبل بقية الدول العربية .

الذي يدفع للعودة لخيار التفاوض هو الإدراك الأمريكي والعربي والفلسطيني و”الإسرائيلي” أن هناك فرصة تاريخية يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة في السنوات المتبقية للرئيس الأمريكي الذي ليس في حاجة لإضافة إنجاز تاريخي جديد له في تاريخ سجل الرؤساء الأمريكيين العظام . ومع ذلك لا ضرر من إنجاز جديد على مستوى الصراع العربى - “الإسرائيلي”، وهنا لا ضرر من الدفع في اتجاه المفاوضات، ودفع كل الأطراف لتسوية سياسية قد تتحقق بفعل العوامل والمعطيات الجديدة، وهي رغم أنها ليست معطيات سلام حقيقي إلا أنها معطيات سلام “إسرائيلي” .

في هذا السياق يأتي التحرك الأمريكي، الذي حدد الرئيس الأمريكي أوباما خيوطه في زيارته الأخيرة لرام الله وتل أبيب عندما طالب بقبول دولة فلسطينية، مقابل أمن وبقاء “إسرائيل” . والشرط الأخير يضطر الكثير من الفلسطينيين والعرب أن يقدموه ل “إسرائيل” . والسؤال هل الطرفان مستعدان لذلك؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2165238

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165238 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010