السبت 11 أيار (مايو) 2013

بين ناصرية عبد الناصر التحررية.. وناصرية مرسي اللفظية

السبت 11 أيار (مايو) 2013

تصاعد مؤخراً الحديث في مصر عن تجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان لافتاً، لا بل نافراً، أن يستشهد الرئيس محمد مرسي بالرئيس عبد الناصر، ويتغزل بإنجازاته، وقد طرح ذلك السؤال عما إذا كان مرسي يسير فعلاً باتجاه إحياء نهج عبد الناصر وطنياً وقومياً واقتصادياً واجتماعياً، أم أنه يحاول استغلال عودة شعبيته في أوساط الشعب المصري على خلفية تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر هذه الأيام؟

على أن الإجابة على ذلك تستدعي المقارنة بين ناصرية عبد الناصر التحررية، وحقيقة مشروع مرسي:

أولاً: ناصرية عبد الناصر

إذا كان الحديث عن الناصرية كمشروع وطني وقومي، واقتصادي اجتماعي يحتاج إلى دراسة مطولة، فإنه بالإمكان الاستدلال عليه من خلال استعراض الخطوط العريضة لهذا المشروع، ومكنت عبد الناصر من تحقيق الإنجازات الكبيرة:

1ـ تحقيق الاستقلال الوطني عبر تحرير مصر من القواعد العسكرية الأجنبية، وتأميم قناة السويس، وبالتالي تحرير القرار الوطني من التبعية للغرب.

2ـ سن قانون الإصلاح الزراعي، الذي وضع نهاية لنظام القطاع، ووزع الأراضي على الفلاحين، وحقق لهم الحياة الكريمة.

3ـ أسس الصناعة الوطنية الاستراتيجية، وحرر العمال من استغلال الرأسمالية وطبق نظام الحوافز الذي مكنهم من تحسين مستوى دخلهم وحياتهم.

4ـ بنى السد العالي الذي حقق التنمية الزراعية في الريف، ووفر الكهرباء بأسعار منخفضة.

5ـ طبق نظام العدالة الاجتماعية، من خلال القضاء على ديكتاتورية رأسمال، والإقطاع، والعمل على إذابة الفوارق الطبقية ووضع حد للاحتكار، وتوفير التعليم والطبابة المجانيين، والسكن والنقل العام.

7ـ تعزيز دور مصر القومي في العالم الثالث عبر تبني سياسة تقوم على النضال من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، ودعم المقاومة، ورفع شعار تحقيق الوحدة العربية، ودعم حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار المباشر وغير المباشر.

ثانياً: ناصرية مرسي

في المقابل، فإن ناصرية مرسي تبدو على النقيض تماماً، ففي مقابل مشروع عبد الناصر الاشتراكي التحرري، يتبنى مرسي وحزبه “الإخواني” مشروعاً رأسمالياً يكرس تبعية مصر للغرب، ويتمثل ذلك في الآتي:

1ـ مواصلة اعتماد السياسات الاقتصادية الاجتماعية النيوليبرالية التي همشت قطاعات الإنتاج الوطني، من صناعة وزراعة، لصالح تعزيز سيطرة الرأسمالية الريعية المتوحشة، ودعم الخصخصة، وهو ما تجسد في رفض حكومة مرسي تنفيذ أحكام القضاء بشأن إعادة المصانع، التي تم بيعها للشركات الخاصة، إلى القطاع العام مرة أخرى.

2ـ الاستمرار في سياسة الارتهان والتبعية للنظام الرأسمالي الغربي ومؤسساته المالية عبر مواصلة الاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي يشكل سلاح الغرب لإخضاع الدول وسلبها استقلالها.

3ـ عدم العمل على استعادة الاستقلال الوطني المنقوص من خلال تجديد مرسي التزامه باحترام اتفاقيات كامب ديفيد، والاتفاقيات المعقودة مع الولايات المتحدة، والتي سلبت مصر استقلالها السياسي والاقتصادي والأمني، وجعلتها دولة تابعة.

4ـ الاستمرار في سياسة التخلي عن قضية فلسطين، عبر مواصلة سياسة التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني بموجب “كامب ديفيد”.

5ـ الانخراط في الاستراتيجية الأميركية الهادفة إلى محاولة القضاء على خط المقاومة والعروبة عبر الوقوف إلى جانب الحرب الإرهابية الغربية ضد سورية.

انطلاقاً مما تقدم، يتضح أن السياسات التي يطبقها حكم مرسي حالياً، إنما هي على النقيض تماماً من نهج عبد الناصر، وإذا كان مرسي لا يسعى إلى استغلال الرصيد الشعبي الكبير لـ“عبد الناصر” بهدف امتصاص النقمة الشعبية ضد حاكم “الإخوان”، ويريد استكمال مسيرة عبد الناصر، فإن عليه أولاً تغيير سياسات نظام مبارك بدءاً بإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد والانحياز إلى الطبقات العمالية الشعبية الفقيرة والعمل على شطب القوانين التي قضت على الإنجازات الناصرية، وبالتالي تطبيق السياسات التحررية التي انتهجها عبد الناصر وطنياً وقومياً، واقتصادياً واجتماعياً، والتي وحدها تحقق الكرامة للشعب المصري، وتعيد لمصر دورها العربي، ومكانتها كدولة إقليمية كبرى.

- حسين عطوي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 73 / 2165247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2165247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010