الثلاثاء 7 أيار (مايو) 2013

اللحظة التاريخية

الثلاثاء 7 أيار (مايو) 2013 par زهير ماجد

لا يعني عدم الرد السوري على العدوان الإسرائيلي الأخير ان القدرة غير متوفرة أو أن هنالك مخاوف غير محسوبة .. يعرف السوري عبر تاريخه مع الاسرائيلي أن ردة الفعل اما ان تكون ثأرا، وهي ساقطة في محلها، أو عملا شاملا يدون في تاريخ الحروب كنقطة مضيئة.
هكذا تعاملت الجبهات العربية مع الإسرائيلي، وهكذا قاتلته، طويلا ولم تزل، بل هكذا ستظل إلى أن تزلزل الارض من تحت اقدامه. لا يعني العدوان أو اي عدوان نهاية المعركة التي ابتدأت منذ النكبة 1948 واستمرت وستبقى إلى ان يتم وضع نهاية للوجود الصهيوني في المنطقة.
وللذين تناسوا التاريخ المجيد للجيش العربي السوري الذي يخوض اليوم أشرس وأعنف معاركه مع نصاعتها، انه لم يسمح للاسرائيلي في معارك الاجتياح عام 1982 ان يتخطى منطقة عين دارة في جبال لبنان ومنطقة النبي يعقوب في البقاع. واذا رجعنا إلى مذكرات السوفيات حول تلك العمليتين فسنجدهما نموذجا للحروب المتطورة بكل معطياتها.
الصمت السوري على العدوان الأخير قد لا يظل مقيما في عقول الاستراتيجيين السوريين الذين لديهم خطط للرد تكون أكثر ضراوة من كل فعل اسرائيلي. والذي عرفناه، أن السوري قرر عدم تمرير اية غارة أو عدوان في المرة المقبلة دون ان يكون لها حساب وقصاص. ويرى الجيش العربي السوري ان من يقاتل من المعارضة السورية ليس سوى امتداد لهذا الاسرائيلي ولكن بلغة عربية وليست عبرية، يعتقد انها تسيطر على عقول كثيرين من ارهابيي سوريا في هذه الايام، مما دفع أحدهم ليجري مقابلة وهو على فرح عظيم مع قناة اسرائيلية مرحبا “كسوري” بالعدوان على بلده متمنيا تكراره لأنه يساعد ما يسمى الجيش الحر على اعادة القدرة له. واذا عرفنا ان تسمية الحر هي ايضا اسرائيلية نظرا لتمسك الاسرائيلي بما تعنيه من معنى بعدما كان استعملها في جنوب لبنان حين سمى الحزام الامني بدولة لبنان الحر.
نحن اذن امام صراع طويل لن ينتهي بغارة او بعدوان .. ألم يقل الجنرال الكبير شارل ديجول في برقية للرئيس جمال عبد الناصر ردا على استقالته بعد عدوان يونيو 1967 “انك خسرت معركة ولم تخسر الحرب فلماذا تستقيل؟”.
أظهر السوريون شجاعة الاحتماء بالقدرة ولم ينسوا ان المعركة مستمرة سواء مع اسرائيل الخارج أو اسرائيليي الداخل، وان الصراع الذي كان دائما قدر سوريا، هو هو على مر الازمان، وكل الحسابات تؤكد ان ما يجري في سوريا اليوم هو من صميم المعارك المتواصلة التي لن تخرج عن الإرث التاريخي لموقعها الجيواستراتيجي.
جميع الحروب التي خيضت عبر التاريخ بدأت برصاصة أو بضربة سيف أو برمية رمح أو بكلام في بعض الاحيان لكنها لم تكن بردات فعل، عندما يجيء الفعل تتغير المعركة، فيتغير التاريخ ..
المهم دائما هو النهايات ومن يضحك آخرا ومن يملك القدرة على الصبر ومن يحتفظ بالمسافة بينه وبين اللحظة التاريخية التي تأتي مرة واحدة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 78 / 2165532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010