السبت 4 أيار (مايو) 2013

سعيد المزين “أبو هشام”.. فتى الثورة

السبت 4 أيار (مايو) 2013 par عادل أبو هاشم

ليس من السهل أن يكتب المرء عن سعيد المزين، فالرجل ليس قائداً وحسب، إنه شاعر وأديب ومجاهد، وهو فوق ذلك يتدفق شفافية ويفيض أحاسيس.

كل كتابة عنه ستكون ناقصة، لأن قضيته لم تكتمل بعد.

ذلك أن “أبا هشام” لم يكن في حياته وفي التـزامه مجرد شخص اختار طريق الجهاد والنضال والمقاومة بل كان إلى جانب ذلك نموذجـًا بارزًا لجيل فلسطيني كامل هو جيل مقاومة المحتل منذ اليوم الأول للنكبة، ومن خلال تمثيله لهذا الجيل ومن خلال تعبيره عنه بالبندقية المقاتلة والكلمة الحرة الأبية اكتسب قيمته كمجاهد وكمعلم وكرمز من رموز هذا الجيل.

لقد آمن “أبو هشام” أن الكتابة الثورية (وهي هوايته وقناعته ومعاناته في آن واحد) لا معنى ولا أثر لها إذا لم تتجسد بالممارسة والسلوك اليومي، وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط ولا المهادنة ولا التأجيل ولا الاستراحة، وأن الكلمة الثائرة لا تعرف المواربة ولا الدبلوماسية ولا التلفيق ولا الاصطناع.

لقد كان في سعيد المزين من صدق المجاهد وجرأته ما يعجز الواقع عن تحمله، فيثير فيه بكلماته وأشعاره وأعماله موجات متلاحقة من التأزم فيجعل هذا الواقع قلقـًا مستـنفرًا يبحث عن الحقيقة بكل ما فيها من مرارة، وعن الخلاص بكل ما فيه من تضحيات.

كان صورة من صور الحياة النابضة بالمقاومة والوطنية والطموح الخلاق، يرنو إلى العلا في كل مجال من مجالاته، ويتقن فن الجهاد والمقاومة ويحفظ دروسها عن ظهر قلب، ويلقنها لأبناء شعبه البطل.

عظم “أبو هشام” الكلمة في فكره وعقيدته، وقدر العمل في نضاله وكفاحه اليومي، وسبق الآخرين بنظره الثاقب فكان فارسـًا يجيد السباق في كل ميدان من ميادين الجهاد والنضال والعمل الوطني.

هو الشاعر والزعيم الفلسطيني القائد المجاهد سعيد خليل المزين “أبو هشام” والملقب بـ “فتى الثورة” ولد في مدينة أسدود عام 1935 وهو من طلائع حركة “فتح” الأولى عام 1959 ومن أوائل المتفرغين لها عام 1966.

نشأ في فلسطين بمدينة أسدود وتلقى تعليمه في مدارسها، وفي عام 1948 وبعد النكبة طرد هو وأهله وتم تهجيره إلى قطاع غزة ولكن “أسدود” بقيت مغروسة في قلبه ووجدانه طوال حياته.

الراحل المناضل سعيد المزين ابو هشام

التحق وهو ابن السابعة عشر هو وصديق عمره خليل الوزير “أبو جهاد” بالمنظمات الطلابية المقاومة لاحتلال الصهيوني.

ذاق “أبو هشام” مرارة التهجير واللجوء التي ولّدت عنده روح الاصرار والتحدي فكان من أول المؤسسين لجماعات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة عام 1956 بمشاركة القائدين كمال عدوان وأبو يوسف النجار، وكانوا من أوائل قادة المقاومة التي قاومت الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة عام 1956.

كان “أبو هشام” مسؤول عن طباعة المنشورات حيث كان يمتلك في بيته آلة طباعة بسيطة الا انه تم القاء القبض عليه من قبل جنود الاحتلال وحوكم وتم سجنه هو وجميع من كان يعمل معه، ولم يفرج عنه إلا بعد انسحاب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة عام 1957.

خرج من المعتقل مؤمنا بأنه لا سبيل للخلاص إلا بالمقاومة والكفاح والبذل والعطاء لتحرير الشعب والأرض فبدأ مع رفاق دربه بتأسيس الخلايا الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” إلى أن انطلقت الحركة لتخط الطريق إلى فلسطين عبر التضحية والنضال.

عمل بعد ذلك في غزة في التدريس كمدرس تاريخ، وفي عام 1957 تعاقد مع المملكة العربية السعودية للتدريس وذلك من عام 1957 وحتى عام 1959 وبعد ذلك غادر إلى دمشق للعمل في منظمة التحرير الفلسطينية.

ومع انطلاقة الثورة في الفاتح من يناير عام 1965 تفرغ للعمل الثوري وتولى العديد من المهام والمسؤوليات عبر مسيرته النضالية، مسؤول الاعلام الفلسطيني، مسؤول التعبئة والتنظيم، مسؤول الادارة العسكرية لقوات العاصفة ثم التعبئة والتنظيم مرة أخرى وذلك ما بين دمشق وبيروت، وكان عضوا في المجلس الثوري لحركة “فتح” وعضوا في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1969 ثم كان أول ممثل لحركة التحرير الوطني الفلسطيني في المملكة العربية السعودية بين عامى 1973 ــ 1978 م عمل خلالها على توطيد العلاقات الفلسطينية ــ السعودية على المستوى الحكومي والشعبي من خلال ايمانه الراسخ بأزلية هذه العلاقة المعقودة بعقد قرآني مجيد كما قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله).

وكان عضوا في المجلس التاسيسي لرابطة العالم الاسلامي عن دولة فلسطين ومشرفا على لجنة القدس التابعة لها ورئيسا لتحرير مجلة ديوان القدس التي كانت تصدر من القاهرة.

تعامل القائد المجاهد سعيد خليل المزين “أبو هشام” مبكرا مع الكلمة، ووقف معظم شعره وكتاباته لفتح الثورة وفلسطين الوطن.

لقد كان ــ رحمه الله ــ قائدا فذا وسياسيا محنكا وكاتبا واديبا وشاعرا، أثرت كتاباته الحركة الأدبية الفلسطينية وعبرت أعماله الأدبية والشعرية عن مراحل التاريخ النضالي الفلسطيني ابتداءً من الأناشيد الثورية التي ألهبت “حماس” الجماهير في الستينات والسبعينات وفي مقدمتها النشيد الوطني الفلسطيني “فدائي” - انا يا اخي – انا صامد - في عرس النصر – وصية شهيد - لا صلح لا استسلام لا لا مليون لا- عالرباعية ــ وغيرها من الأناشيد و القصائد التي وثقت مراحل النضال الفلسطيني وعبرت عن تطلعات الشعب، وكذلك كان كاتبا مسرحيا فكتب العديد من المسرحيات التي أسست للمسرح الوطني الفلسطيني في الستينات وابتدأها بمسرحية (شعب لن يموت) التي ترجمت لعدة لغات وأخرها كان مسرحية (الدار دار أبونا)، كما كتب العديد من الملاحم الشعرية مثل ملحمة “طوباس” و“الكف والمخرز”. ومن آخر كتاباته ملحمة شعرية بعنوان (سفر السيف) والتي تعتبر تدوينا شعريا لتاريخ القضية الفلسطينية بأحداثها وأشخاصها ووصيته للأجيال القادمة التي رددها من خلال لازمتها الشعرية المتكررة (لا تنسوا يوما او تقفوا).

كما اشرف على اصدار عدد من المجلات الدورية، مثل مجلة الاشبال التي كانت تصدر من دمشق وكذلك نشرة المسيرة والتي كانت موجهة لقوات العاصفة ومجلة ديوان القدس الصادرة من القاهرة.

توفي القائد المجاهد سعيد خليل المزين “أبو هشام” يوم الجمعة 29 مارس عام 1991 الموافق 13 رمضان 1411هـ في المدينة التي أحبها وأحبته “الرياض”.

رحم الله القائد المجاهد سعيد خليل المزين “أبو هشام” الملقب بـ“فتى الثورة” الذي وهب حياته لفلسطين شعبا وأرضا ومقدسات قائدا ومجاهداً وأدبيا وشاعرا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165351

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165351 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010