الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

الصراع بين الجيش المصري والجماعة .. عرض مستمر

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013 par سامي حامد

جاء احتفال مصر بذكرى تحرير سيناء هذا العام مختلفا، حيث باتت سيناء مركز تهديد للدولة المصرية ومصدر إزعاج للجيش المصري الذي يواجه مصاعب لتأمين حدود مصر الشرقية، وأيضا حدود مصر الغربية مع ليبيا في الوقت الذي لا يزال فيه هذا الجيش يتعرض للإساءة تلو الأخرى حتى من الذين أوصلهم إلى سدة الحكم .. حيث أثار تقرير لجنة تقصي الحقائق في جرائم قتل المتظاهرين خلال ثورة الـ25 من يناير والذي تم تسريبه إلى صحيفة “الجارديان” غضب واستياء الجيش المصري، بعد أن جاء في التقرير الذى نشرته الصحيفة البريطانية أن القوات المسلحة المصرية متورطة في عمليات الاختفاء القسري للمتظاهرين خلال فعاليات الثورة، وأنه قد صدرت أوامر من ضابط بالجيش لأفراد شرطة بالزي المدني في محافظة السويس بحمل الأسلحة النارية في الشوارع وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في تلك المدينة بعد إخلاء الشرطة رسميا منها .. كما جاء في التقرير أيضا أن قيادات رفيعة المستوى بالقوات المسلحة اتفقت مع “بلطجية” خلال موقعة “العباسية” في مايو 2012 للاعتداء على المتظاهرين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى مقر وزارة الدفاع للإعلان عن رفضهم لحكم العسكر!!
قادة القوات المسلحة خلال اجتماعهم الأخير مع الرئيس محمد مرسي أعربوا عن ضيقهم وغضبهم مما جاء في التقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية، واتهام الجيش المصري بتورطه في قتل وإخفاء المتظاهرين، معتبرين ذلك محاولة لتشويه صورة القوات المسلحة وطالبوا الرئيس مرسي بفتح تحقيقات فورية لكشف من قاموا بتسريب هذا التقرير ومن وراءه، خاصة وأن التقرير موجودا لدى ثلاث جهات هي: مؤسسة الرئاسة والنيابة العامة ولجنة تقصي الحقائق التي تم تشكيلها بقرار رئاسي في يوليو 2012 واستمرت تعمل على مدار ستة أشهر لجمع معلومات وأدلة جديدة في قضايا قتل المتظاهرين، وقد أنهت عملها وسلمت تقريرها إلى الرئيس مرسي في يناير الماضي!!
اجتماع الرئيس مرسي الأخير بقيادات الجيش المصري جاء بطلب من الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع الذي نقل له استياء القوات المسلحة من حملات الإساءة التي تتعرض لها بين الحين والآخر، وأن الرئيس مرسي طلب من السيسي ترتيب لقاء له بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتأكيد موقفه الرافض لحملات الإساءة، خاصة وأن القادة العسكريين كانوا قد ألمحوا إلى مسؤولية مواقع وشخصيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين عن تلك الحملات .. وردا على ما نشرته “الجارديان” البريطانية منسوبا إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق في جرائم قتل المتظاهرين قال السيسي “أقسم بالله أن القوات المسلحة منذ الـ25 من يناير 2011 حتى الآن لم تقتل ولم تأمر بقتل ولم تخن أو تأمر بخيانة ولم تغدر أو تأمر بغدر”!!
الرئيس محمد مرسي بدوره حاول طمأنة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقوله إنه لا يسمح بالإساءة أو التعريض أو التعدي على أي فرد بالقوات المسلحة؛ لأن أي إساءة للقوات المسلحة هي إساءة لنا جميعا كما أنه لا يمكن أن يرضى مصري واحد بأي نوع من الإساءة للجيش المصري، فهذا الشعب يقدر جيدا ويعي دور قواته المسلحة في كل المراحل السابقة وحتى الآن، حيث إن الجيش يحمي أمن وسلامة الوطن من أي عدوان عليه وعلى أمنه الداخلي، وأنه لا مجال للحديث عن أي نوع من التفريط في حبة رمل لهذا الوطن، حيث إن الحامي الأول والحقيقي لهذه الحدود هو القوات المسلحة، وذلك ردا على ما أثير عقب زيارة الرئيس مرسي الأخيرة للخرطوم بأنه وعد المسؤولين السودانيين بإعادة مثلث حلايب إلى ما كان عليه الوضع قبل عام 1995، وهو ما يعني أن يعود للسيادة السودانية، وهو ما أغضب قيادات الجيش المصري قبل أن تنفي مؤسسة الرئاسة تلك الوعود المنسوبة للرئيس مرسي!!!
الخبراء العسكريون في مصر رأوا أن اللقاء الذي جمع الرئيس مرسي بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة جاء في إطار محاولة ترضية الجيش وامتصاص حالة الغضب التي سادت بين أفراده في الفترة الماضية على خلفية الاتهامات المباشرة التي وجهتها جماعة الإخوان المسلمين وبعض التيارات السياسية للقوات المسلحة وإطلاقها الشائعات حول إقالة وزير الدفاع، فضلا عن أن الرئيس مرسي ومعه جماعة الإخوان خشوا من دعوات المواطنين إلى الجيش للعودة إلى الحياة السياسية وهو ما شعر معه الرئيس مرسي بالقلق من احتمال استجابة الجيش لهذه الدعوات، خاصة وأن آلاف المواطنين قاموا بتوثيق توكيلات تطالب الجيش بالنزول إلى الميادين والانقلاب على مرسي!!
التيارات السياسية المعارضة لحكم الإخوان رأت أن لقاء الرئيس مرسي بقيادات الجيش يؤكد وجود أزمة بين مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة، خاصة بعد الهجوم والشائعات التي يقوم بها الإخوان المسلمون ضد الجيش وآخرها ما نسب إلى الدكتور محيي الدين الزايط عضو مجلس شورى جماعة الإخوان الذي وصف في قصيدة قادة الجيش المصري بالفئران ثم تراجع فيما بعد عن هذا الوصف بعد لقاء الرئيس مرسي بقيادات الجيش. وقال الزايط إنه كان يمدح الجيش المصري في قصيدته ووصفه بالأسود، لكنه كان يقصد بالفأر الرئيس السابق حسني مبارك.. وجاء هذا التراجع بعد رفع قضايا ضد الزايط بتهمة سب قيادات المؤسسة العسكرية!!
لقد كشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن التيارات المعارضة لحكم الإخوان في مصر اعترفوا صراحة بأن الهدف من احتجاجاتهم التي تزداد عنفا بما في ذلك سلسلة الحرائق التي استهدفت مقرات الإخوان، هو إرغام الجيش على استعادة السلطة، فضلا عن أن أحداث العنف الأخيرة ضد المسيحيين ساهمت في ارتفاع الدعوات المطالبة بعودة الجيش إلى السلطة .. ووفقا لاستطلاعات الرأي ـ حسب معهد واشنطن ـ فإن 82% من المصريين يرغبون الآن في عودة الجيش إلى السلطة .. فيما أشار تقرير معهد واشنطن إلى أن قادة الجيش لا يرغبون في العودة إلى الحياة السياسية ويركزون حاليا على إدارة مصالحهم المتمثلة في تحسين صورة الجيش المصري من خلال بناء مشاريع تنموية جديدة بينما تتراجع صورة الإخوان!!
الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون في مصر يرون أن حدة التوتر والصراع بين الجيش ومؤسسة الرئاسة ستتزايد خلال الفترة المقبلة لأن دولة الإخوان تهدف إلى تفكيك كل المؤسسات وأهمها المؤسسة العسكرية خاصة وأنها المؤسسة الوحيدة في الدولة القادرة على تغيير الأوضاع وإزاحة جماعة الإخوان عن الحكم، ولذلك سيبقى الصراع بين الجيش والجماعة عرضا مستمرا حتى وإن كان في بعض الأوقات صراعا مكتوما تتخلله الابتسامات والمديح مثلما بدا في الاجتماع الأخير بين مرسي وقيادات الجيش!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2165292

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165292 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010