الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

النظام الأردني يبحث عن استقراره

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

تزايد في الآوانة الأخيرة الحديث عن القلق لدى النظام الملكي الأردني على استقراره، وخوفه من اندفاع الأردن إلى الفوضى على خليفة تداعيات الأزمة السورية، وتحوّله إلى قاعدة عسكرية أميركية، وساحة لنشاط “جبهة النصرة” وغيرها من الجماعات المسلحة الإرهابية، التي تتسلل عبر الحدود الأردنية إلى سورية، للمشاركة في الحرب التي تديرها الولايات المتحدة الأميركية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، باعتباره آخر نظام عربي ما يزال متمسكاً بالعروبة والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ويرفض الخضوع لمشاريع الهيمنة الأميركية الغربية على المنطقة.

يبدو أن هذا القلق لا ينبع من الدور الأميركي، أو من التورّط في الحرب ضد سورية، بقدر ما أنه ينبع من المؤشرات التي ظهرت مؤخراً، والتي تفيد بأن انكشاف تورّط النظام وأجهزته في تحويل الأردن إلى قاعدة وممر لتسلل للجماعات المسلحة لتغذية الحرب الإرهابية الاستعمارية ضد سورية، إلى جانب ارتفاع أعداد السوريين والعراقيين والليبيين في الأردن، الذين باتت أعدادهم تساوي عدد المواطنين الأردنيين، أصبح يهدد الأردن بالفوضى وفلتان الأمن، خصوصاً أن ذلك يترافق مع جملة تطورات شكلت هي المصدر الحقيقي لقلق النظام على وجوده:

التطور الأول: الغليان الشعبي المتزايد نتيجة عاملين:

1ـ النقمة على سياسات النظام غير الوطنية، والتي جعلت من الأردن قاعدة عسكرية وأمنية أميركية للتآمر على سورية، والعمل على تقسيمها وتفتيتها خدمة للكيان الصهيوني.

2- تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المعبر عنها بالتهاب أسعار السلع الغذائية، والمحروقات، وأزمة السكن، وزيادة نسبة البطالة والفقر والبؤس، وذلك نتيجة السياسات الليبرالية القائمة على الخصخصة وتحرير السوق، والتي عمّقت تبعية الأردن للنظام الرأسمالي الغربي، وزادت من تهميش القطاعات الإنتاجية القليلة أصلاً لصالح غلبة القطاعات الريعية، الأمر الذي أدى إلى زيادة العجز في الميزان التجاري واستطراداً في الموازنة، والاعتماد على سياسة الاستدانة من الخارج لتغطية هذا العجز، وهو ما جعل الأردن يفقد أكثر فأكثر أي استقلالية في قراره الاقتصادي والسياسي، ويصبح بالتالي مرتهناً بالكامل للولايات المتحدة، وخاضعاً لإملاءاتها واستراتيجيتها في المنطقة.

التطور الثاني: تنامي دور الحركة الوطنية الأردنية، وتصاعد نشاطها المعارض لسياسات النظام والاحتلال الأميركي المبطّن للأردن، وتمثل هذا النشاط أخيراً بالتظاهرة التي شهدتها عمان ضد الوجود العسكري الأميركي، والبيان الذي أصدرته بعض العشائر الكبرى والأساسية في الأردن، بأنها تعتبر وجود أي جندي أميركي في البلاد من أجل محاربة سورية، بمنزلة احتلال، وستعمل على محاربته.. ومعلوم أن العشائر الكبرى في الأردن هي التي تحمي وتغطي النظام الملكي.

التطور الثالث: تصاعد ملحوظ لدور “الإخوان” والجماعات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم “القاعدة”، والحديث عن استعداد “الإخوان” للانقلاب على النظام في اللحظة التي ينجح فيها “إخوان” سورية في السيطرة على الحكم في سورية.

التطور الرابع: المؤشرات المتواترة عن فشل الحرب الإرهابية ضد سورية، ونجاح الدولة الوطنية السورية في امتلاك زمام المبادرة والانتقال إلى الهجوم، وتحقيق إنجازات نوعية في الميدان، تمثلت في استعادة الجيش العربي السوري السيطرة على الكثير من المواقع الاستراتيجية الهامة في ريف دمشق ومحافظة درعا، وريف حمص، وحلب، هذه التطورات جعلت النظام الأردني يشعر أنه في عزلة شعبية متزايدة في الداخل، وأن فشل الرهان على إسقاط النظام في سورية قد ينقلب عليه، ويؤدي إلى إدخال الأردن في فوضى وفلتان أمني غير مسبوقيْن، في ظل تعاظم وجود الجماعات الإرهابية المسلحة، ووجود بيئة حاضنة لها، شجعت عليها سياسات النظام نفسه.

من هنا، فإن النظام الأردني يحاول الظهور بمظهر المغلوب على أمره في ما خص التورط في تسهيل دخول الإرهابيين وتهريب السلاح عبر الحدود الأردنية مع سورية، وأنه يخضع لضغط أميركي سعودي متزايد، في محاولة منه لتحقيق هدفين:

الأول: امتصاص النقمة الشعبية المتزايدة ضد هذه السياسة.

الثاني: محاولة تجنب التداعيات اللاحقة لفشل الحرب الإرهابية ضد سورية، والنأي بنفسه عن هذا الفشل، عبر الظهور بمظهر من يرفض التدخل في الشأن السوري، لذلك فإن قلق النظام نابع من خوفه المتزايد من أن تقود التطورات إلى فقدانه زمام السيطرة على مقاليد الأمور، وفلتان الوضع في الأردن، الأمر الذي يهدد وجوده.

- حسين عطوي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165918

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165918 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010