الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

«حزب الله» يرسّخ دوره الإقليمي

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

عادت سهام قوى الرابع عشر من آذار تتوجّه نحو “حزب الله” وسلاحه المقاوم، بعد توقّف لأقل من أسبوعين رافق استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتكليف النائب تمام سلام تشكيل حكومة جديدة.

هذا الأمر لم يكن مفاجئاً، كما لم يكن مفاجئاً الكلام الأميركي المتكرر عن ضرورة استبعاد “حزب الله” عن المشاركة في الحكومات اللبنانية، كذلك لم تكن مفاجئة تلك “الصحوة” السعودية وانعكاساتها اللبنانية في الانفتاح على الحزب، وكيل المديح له باعتباره “قوة لبنانية لا يمكن تجاهلها”، كل ذلك يأتي من ضمن الحراك الإقليمي والصراع الدائر بين المحور الأميركي بامتداداته الأطلسية والتركية والخليجية، وبين محور المقاومة الذي يتصدى لمرحلة جديدة من الهجمات الاستعمارية، التي لا ترى في المنطقة غير نهب ثرواتها، من نفط وغيره، وكذلك حماية أمن وبقاء الكيان “الإسرائيلي” المصطنَع.

لكن المفاجئ أن بعض القوى المحلية اللبنانية، ومن ورائها قوى إقليمية، ما تزال تظن أن بإمكانها حشر وإحراج الحزب وتهميش دوره وتشويه صورته، عبر “ألاعيب صبيانية”، مثل استفزازه بطريقة “إقالة” حكومة، أو تشكيل حكومة ثانية، أو في “ابتداع” قوانين انتخابية مفصّلة على قياسات غير سوية، وذات أشكال معوّقة، أو من خلال مهرّج لا رصيد له غير إطلاق الشتائم وبث النعرات الطائفية والمذهبية، انسجاماً مع المخطط الأميركي - الصهيوني، الذي يستعيض عن فشله في المواجهات المباشرة مع أطراف محور المقاومة، بالسعي الحثيث لإشعال فتنة بين المسلمين، هدفها الأول والأخير حماية الكيان الصهيوني، واستباحة المنطقة العربية بناسها وخيراتها.

تتجاهل هذه القوى ما سبق ترداده بأصوات ساسة وإعلاميين ابتداء من العام 2005، بأن “حزب الله” يتواضع كثيراً في التعبير عن قوته في الداخل، ويتجنب الاستفادة منها في تعديل التوازنات القائمة، حتى أن البعض لم يتردد في قول إنه “لو كان لدى وليد جنبلاط أو سعد الحريري خمسة في المئة من قوة الحزب، لما ارتضيا سوى السيطرة على لبنان والهيمنة على قراره”.. إلا أن “حزب الله” الذي صمد أمام آلة الحرب “الإسرائيلية” خلال عدواني 1993 و1996، ثم أجبر العدو المحتل على الانهزام عن معظم الأراضي اللبنانية عام 2000، تحوّل بفعل تراكم عوامل القوة لديه إلى قوة محلية لا يمكن تجاهلها، وجاء الصمود الأسطوري للمقاومين عام 2006 ليحوّل الحزب إلى قوة إقليمية حقّقت ما عجزت عنه دول وأنظمة عربية.

من هنا، لا بد من قراءة ما يقوم به “حزب الله”، من خلال مشاركته الجزئية في رد الهجمة الأطلسية - الخليجية على سورية، بأنها رسائل متعددة الاتجاهات، لا يمكن لأي قارئ أو محلل إلا أن يضعها في اتجاهها الصحيح.

أول هذه الرسائل أن تدخّل الحزب لحماية الأماكن المقدسة في سورية هو تأكيد على قراره بقطع الطريق على مثيري الفتنة الإسلامية، لأن تسعير هذه الفتنة كان يلحظ تفجير تلك المقامات.

ثانياً: إن الحزب الذي دافع عن اللبنانيين في وجه العدو “الإسرائيلي”، لن يسمح باستباحتهم في منطقة الهرمل وجوارها من قبل العصابات المسلحة التكفيرية، التي يتم تجميعها من كل أصقاع الكون.

ثالثاً: إنه كطرف أساسي في محور المقاومة، لن يقف مكتوف الأيدي أمام الهجمة على أي طرف في هذا المحور، وقد سبق له أن خاطب المقاومين في غزة بالقول “عندما تطلبوننا تجدوننا”.

رابعاً: إبلاغ من يعنيهم الأمر من دوليين وإقليميين، أن تسليم المنطقة إلى حلفاء المحور الأميركي هو إعلان حرب لا حدود لها، كما أن استعمال المتطرفين المضللين و“السلفيين” التكفيريين في هذا السبيل أمر سيواجَه بالقوة اللازمة.

خامساً: إفهام الأميركيين الذين أرسلوا أعداداً من جنودهم إلى الأردن، أن الذي أخرجهم مجللين بالعار من بيروت عام 1984، بعد أن كانت دورياتهم تجوب الضاحية ومحيط مطار بيروت، ما زال ينتظرهم إذا ما قرروا العودة إلى لبنان والجوار، والأمر نفسه ينطبق على الفرنسيين، وكل من شارك معهم في القوات المتعددة الجنسية.

سادساً: إن الأميركي المرتبك تجاه عجزه عن التدخل المباشر في سورية، يستعمل كل أدواته في المنطقة في “لعبة صولد”، لإزالة كل المعوقات من أمام مشروعه لتقسيم المنطقة العربية والهيمنة على أرضها وخيراتها، ومحور المقاومة والممانعة بالتالي لا بد أن يخوض معركته على كل الجبهات، لكسر الهجمة المعادية أولاً، ولإعادة روح الوحدة إلى المنطقة، وتأتي جولة المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف على الفاعليات اللبنانية تأكيداً على الامتدادات الدولية لهذا المحور من جهة، ورسالة بأن الساحة اللبنانية ليست متروكة لمورا كونيللي من جهة أخرى، وبأن المقاومة وحلفاء سورية في لبنان لن يسمحوا لمن خسر رهاناته في سورية أن يعوّض خسارته بأن يضع يده على لبنان.

- عدنان الساحلي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2177679

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2177679 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40