ماذا يريدالإعلام الأصفر من المخيمات الفلسطينية؟

منذ أشهر والمخيمات الفلسطينية تتعرض لحملة ممنهجة من قبل بعض وسائل الإعلام الصفراء على مختلفها، والتي تستهدف في حملتها المكونات السياسية لهذه المخيمات أي «الفصائل»، من خلال ما تدعيه أنه تقارير أمنية مستندة لمعلومات ومعطيات تسوقها من أجل إضفاء المصداقية على صحة ما تتناوله.
وتلقائياً تقودنا هذه الحملة إلى طرح عدد من التساؤلات وهي:
1 ـ ما الذي يدفع وسائل الإعلام هذه إلى تسليط الضوء على المخيمات؟
2 ـ لماذا وفي هذا التوقيت بالذات تقوم ما تقوم به وسائل الإعلام هذه من تركيز على المخيمات؟
3 ـ هل لوسائل الإعلام هذه مصادرها التي تعمل داخل المخيمات؟ أم أن مصادرها أبعد من حدود المخيمات من سفارات أجنبية أو مؤسسات ومنظمات يافطاتها ذات طابع خدمي أو إغاثي أو إنساني.
تساؤلات أجد أنها مشروعة لكثرة ما تحتويه هذه الوسائل الإعلامية سواء المقروءة أو المرئية من معلومات مفبركة ومضللة، والتي تساق بالتزامن مع جملة التطورات والأحداث المتنقلة في العديد من المناطق اللبنانية، والتي ترافقت حديثاً مع استقالة حكومة الرئيس ميقاتي وتكليف الرئيس سلام تشكيل الحكومة وما استتبع ذلك من ارتفاع حدة السجال والخلاف السياسي حول تشكيلة الحكومة والمشاريع التي على أساسها ستجرى الانتخابات النيابية.
وفي محاولة للبحث عن إجابات لجملة هذه التساؤلات السالفة الذكر أقول:
يمكن وضع الدافع وراء ما تقوم به هذه الوسائل في سياقين اولهما إذا كانت النوايا بريئة فدافعها مهني حيث تحاول جميع وسائل الإعلام البحث عن الجديد والمثير واللافت لجمهور القراء أي على طريقة أفلام الأكشن، ثانيهما ليس هناك من وسائل إعلامية تعمل بحيادية مطلقة، بل هي في أغلبها تموّل من قبل جهات نافذة سواء سياسية أو اقتصادية وحتى أمنية، وهي بذلك شاءت أم أبت تشكل من نفسها ممراً لمعلومات وتقارير ليست بالضرورة صحيحة لأنها تصاغ وتروج إعلامياً لأهداف محددة يدرك أصحابها جيداً ماهية ما يريدونه من ورائها. وأرى في السياق الثاني الأقرب للدوافع من وراء هذه الحملة.
أما في التوقيت فهو اللافت في الأمر، حيث السجال والاحتقان السياسي في لبنان على أشده، ليس حول عناوين وملفات داخلية بل يتعداه لما هو على صلة بالواقعين الإقليمي والدولي وفي المقدمة منهم تداعيات ما تشهده سورية من أحداث تلقي بثقل تداعياتها على لبنان. ناهينا عن الوجهة التي يراد للبنان أن يكون عليه بالمعنى السياسي والوطني وحتى الطائفي والمذهبي.
فالتصويب نحو المخيمات يهدف إلى نقل الأضواء لا بل إلى خطفها من المربع اللبناني ووضعها في مربع المخيمات لأنها تبقى الأسهل على الاستهداف والولوج إليها في ظل مسألتين الأولى غياب المرجعية السياسية الفلسطينية الموحدة بسبب استمرار حالة الانقسام والثانية وجود من يسهل هذه المهمة عن عمد أو غيره.
وحول وجود مصادر لهذه الوسائل من داخل المخيمات ليس هناك من ينفي ذلك فالكثير من الصحافيين والإعلاميين تجمعهم علاقات وصداقات في الوسط الفسلطيني. ولكن لن نسقط من حساباتنا أن بعض المنظمات والمؤسسات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في لبنان لها حضورها وامتدادها في المخيمات، ليست هي أيضاً بعيدة عن مصادر المعلومات، التي نضعها في دائرة الشك والتشكيك حيث ثبت وفي ظل ما يسمى بـ»الربيع العربي» كيف أن لهذه المؤسسات والمنظمات اليد الطولى والدور الأساس في ما شهدته دول هذا الربيع المزعوم من أحداث لم تنته فصولاً حتى الآن.
والواضح أن مستوى ما تذكره وسائل الإعلام هذه يتجاوز حدود المعلومات العابرة من المخيمات إلى ما هو أبعد حيث العمل المهني المشغول على المعلومات وحبك التقارير والتي في أغلب الأحيان المرجو منها أن تبقى غير مكتملة وهذا متعمد ليس من قبل هذه الوسائل بل من قبل من يقف وراءها حيث يتقن ذلك ولغاية ما.
إن الخشية مما يسرب ويفبرك باتجاه المخيمات ومكوناتها السياسية الوطنية منها أو الإسلامية تكوين ملفات الهدف منها إسقاط الفلسطينيين في الأمن ليسهل استهدافهم بالسياسة، عبر الإيقاع بين المخيمات ومحيطها اللبناني، وحتى بين الفصائل الفلسطينية، وبين أبناء الفصيل الفلسطيني الواحد. وما حصل في مخيم نهر البارد ولأربعة وثلاثين ألف من سكانه الفلسطينيين في عام 2007، والذين وبعد مرور هذه السنوات على محنتهم لا يزال أكثر من 60 % خارج المخيم رغم المقولة الشهيرة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة «الإعمار أكيد والعودة حتمية»، ويومها أراد أيضاً أن يمثل النموذج لما ستكون عليه بقية المخيمات وأهلها. وأنهي بالسؤال التالي بعد كل هذا الضخ الممنهج «ماذا تريد وسائل الإعلام الصفراء من المخيمات»؟

 رامز مصطفى