الأربعاء 23 حزيران (يونيو) 2010

اعتذار ساذج وعنصرية بغيضة

الأربعاء 23 حزيران (يونيو) 2010 par فيصل جلول

ربما شعر عباس زكي بالمرارة ازاء تصويت التيار “الفينيقي” ضد الحقوق المدنية للفلسطينيين في جلسة عقدها البرلمان اللبناني وانتهت بهزيمة مشروع قانون تقدمت به كتلة وليد جنبلاط لهذه الغاية . والاشارة الى عباس زكي تتصل بالدور الخاص الذي لعبه في هذا الصدد عندما كان سفيراً لفلسطين في بيروت، إذ بادر قبل عامين الى توجيه رسالة اعتذار علنية للمليشيات “اليمينية” عن مشاركة الفلسطينيين في الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990 أقر فيها بدورهم في تلك الحرب ومن دون اشتراط أي اعتذار لبناني مقابل، الأمر الذي حاز على رضى محاربي الطرف الآخر ومن بينهم جوزيف ابو خليل عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب الذي قال معقبا على الاعتذار “ . . إنه خطوة تاريخية لا تحتاج إلى ردّ من اللبنانيين الذين كانوا يعيشون في سلام، وجاء الفلسطينيون وأسقطوا دولتهم واعتدواعلى أرضهم، فعلى ماذا يعتذر اللبنانيون؟” . وللعلم فان الميلشيات “اليمينية” أبادت خلال الحرب الأهلية ثلاثة مخيمات فلسطينية هي “تل الزعتر” و”ضبية” و”جسر الباشا” وحولتها الى أرض زراعية في تطهير عنصري هو الاول من نوعه في الشرق الاوسط بعد التطهير العرقي الصهيوني . وللعلم أيضاً فإن المليشيات نفسها ارتكبت مجازر صبرا وشاتيلا بالاشتراك مع الصهاينة .

وللعلم أيضاً فإن هذا التيار يرفض منذ نهاية الحرب الأهلية الاعتراف بحقوق الفلسطينيين المدنية التي انتزعت منهم في العام 1982 حين قرر الرئيس الأسبق بشير الجميل حرمانهم من العمل في 70 مهنة هي مجموع المهن التي كانوا يشغلونها في لبنان وحرموا من بعد من حق التملك في عهد الرئيس الأسبق أمين الجميل، وصادقت العهود اللاحقة على هذه الإجراءات ما خلا استثناءات محدودة اعتمدها وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق طراد حمادة الذي سمح للفلسطينيين بالعمل في الصيد البحري وعدد من القطاعات بقرار وزاري يمكن أن يلغيه وزير آخر ساعة يشاء .

واذا كان عباس زكي قد اعتذر بحماس غير مفهوم من الميلشيات اليمينية اللبنانية فان قرار الاعتذار صدر عن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وقد تزامن الاعتذار الذي كان يراد منه تحرير الميليشيات اليمينية من خطيئتها التاريخية بالتحالف مع “الإسرائيليين” وتطهير مخيمات الفلسطينيين في المناطق المسيحية، وحرمان المدنيين من حقوقهم الانسانية الاولية في العمل والتملك والعيش الكريم .

وربما غاب عن ممثل فلسطين الشرعي انه عندما يعترف بدور الفلسطينيين في الحرب الأهلية في لبنان فهذا يعني أن الميليشيات اليمينية كانت محقة في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية قبل الحرب وتحويل مخيماتهم الى معسكرات اعتقال جماعي وفرض تصاريح رسمية على تنقلاتهم ومنعهم من السهر في منازلهم بعد التاسعة ليلاً، ويعني أيضاً أن ممثلي هذه الميلشيات محقون اليوم في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم انتقاما من مسؤوليتهم عن اشعال الحرب الأهلية وللحؤول دون اشعال حرب أهلية أخرى وفق منطق المليشيات نفسها .

ولعل التدقيق في تصريحات محمود عباس المتكررة حول السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية واصراره على وجوب تسليمه للسلطات اللبنانية يفصح عن عدم اكتراث مذهل بمصير الفلسطينيين في بلد تعرضوا فيه للتطهير العرقي والقتل فضلاً عن حرمانهم من حقوقهم الأولية واستهدافهم بثقافة عدائية يتذرع اصحابها ب”التوطين” . وعن طرد الفلسطينيين من الكويت عام ،1991 وابعادهم من العراق عام ،2003 وتشتيتهم في أقاصي أمريكا اللاتينية . بالمقابل نعرف انه يرفض طي صفحة غزة وبالتالي تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165480

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165480 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010