الأربعاء 24 نيسان (أبريل) 2013

السلام الاقتصادي بدون سلام فياض!

الأربعاء 24 نيسان (أبريل) 2013 par محمد العبدالله

أخيراً، قدم الرجل استقالته، التي تكررت أكثر من مرة، والأهم، أن الموافقة تمت عليها، رغم أن “الرئيس” تريث في قبولها، لكن قيادة “التنظيم” لعبت، منذ شهور، على تهيئة الأجواء، الإعلامية والجماهيرية وداخل “فتح”، لدفع رئيس الوزراء للاستقالة. التدخلات الأمريكية العلنية، في الموضوع، دفعت قطبي المعادلة،“رئيس السلطة ورئيس الوزراء” لاتخاذ موقف نهائي لارجعة عنه، احتجاجاً، كما عبّرا، كل بطريقته و“ناطقيه” عن “رفضهم للتدخل الخارجي بالشؤون الداخلية الفلسطينية”!؟.
جاء سلام فياض لوزارة المالية عام 2002 في عهد الراحل ياسر عرفات، بناء على رغبة_تقرأ : تدخلات أمريكية، لـ “إصلاح وزارة المالية!”بعد فضائح فساد متتالية. رجل الاقتصاد القادم من المراكز القيادية في البنك الدولي، والإبن الشرعي للسياسات الاقتصادية/المالية الرأسمالية المتوحشة، تمت عملية إنزاله بالمظلة الأمريكية/الأوروبية، ليمارس دوره المطلوب، المُقَنّع بـ“الشفافية والنزاهة”. مع تكليف فياض بتشكيل الوزارة، بدأت وظيفته_ تنفيذ نهج وخطة عمل المؤسسات المالية الرأسمالية _ تنتقل إلى مستويات أكثر شمولاً. في أغسطس/آب 2009 ، تقدم فياض برؤيته لبناء “الدولة” من خلال خطة عمل برنامج الحكومة تحت عنوان “فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة”. هذه الخطة التي كانت تراهن على بناء الدولة من خلال بناء مؤسسات تلك الدولة العتيدة، التي ستشكل_كما يزعم_ “رافعة موضوعية/حقيقية لإنهاء الاحتلال” تمهيداً لإعلان الدولة خلال عامين، من تاريخ إعلانه للوثيقة. وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذله الرجل في توضيح أفكاره، إلاّ ان العديد من العبارات والتوجهات، كانت تعلن عن مهمة الرجل. قال فياض وهو يعرض رؤيته (ينبغي على الفلسطينيين أن لا ينتظروا التسوية السلمية النهائية مع “إسرائيل”، ولكن عليهم المضي قدما في إنشاء دولتهم)، هذا المضي في طريق بناء “بديل” يقوم على مؤسسة الخدمات_يسميها فياض وأنصاره_ “مؤسسات الدولة”، في موازاة أو “مواجهة” طريق المفاوضات التي يسعى لها عباس وطاقمه.
هذا البديل الذي بدأت تتبناه وتسوقه كتابات بعض المحللين والكتّاب في الصحف الأمريكية،من أمثال“توماس فريدمان”، لم يكن لدى قطاعات واسعة من الكتّاب والناشطين الوطنيين، سوى سياسة تضليلية عبرت عن زيفها في تصريح الناطق الرسمي للحكومة في 03/01/2010 “ماضون في الاعتماد على مواردنا”.مضمون هذه السياسة يستند على خطة عمل، تخفف العبء عن المحتل، من خلال سياسة جباية مالية/ضرائب مرهقة، لتوفير جزء من موارد السلطة، وتقديم قروض بنكية للمواطن، ترهن راتبه، وكل مايملك، كضمانة لسداد القروض.
لم تتأخر حكومات الغرب الاستعماري ومؤسساته عن تأييد خطة العمل “الفياضية”.فقد أعلنت اللجنة الرباعية في آذار 2010 عن تأييدها لبرنامج عمل حكومة فياض “الجزيرة 3/4/2010”. كما جاءت شهادة توني بلير حول أداء فياض في “تقوية الـمؤسسات الحكومية الفلسطينية وأجهزة الأمن رغم الصعاب والـمعوقات السياسية” كما نقلت صحيفة الحياة اللندنية في 1/5/2010 لتعزز موقع الرجل في عيون “مريديه”. لكن مالم يتضمنه البرنامج/الرؤية، صرح به فياض بدون تردد أو مواربة كما نقلته المحطة الفضائية بذات التاريخ(سيتم إعلان الدولة الفلسطينية في العام 2011، لتعيش إلى جانب دولة “إسرائيل” في توافق كامل) مضيفاً (سيكون للفلسطينيين حقُ الإقامة داخل دولة فلسطين)، مما شكل للرأي العام الشعبي والسياسي، صدمة جديدة، لإسقاطه حق عودة اللاجئين إلى مدنهم وبيوتهم التي هُجّروا منها قسراً.
انعكست السياسات الاقتصادية لحكومة فياض، ارتفاعاً بالأسعار، وإزدياداً في رسوم الضرائب، وقلة فرص العمل، مع تأخر متكرر بمواعيد صرف الرواتب، او اقتطاع نسبة منها. كما أدت بعض الخلافات مع وزير المالية “نبيل قسيس” المدعوم من “التنظيم” على “الصلاحيات” لدفعه لتقديم استقالته، التي قبلها “فياض” فوراً، والتي سارع برفضها رئيس السلطة، مما كشف عن صراع مواقع وصلاحيات في سلطة ، شكلية / واهية تقع تحت الاحتلال. لقد شكلت كل هذه العوامل، عناصر التصعيد الدافعة_ بالإضافة لسياسة المراقبة والضبط المالية التي نفذها بحق عشرات الآلاف من منتسبي ومتقاعدي “السلطة وحزبها”_، لإطلاق مواقف نقدية صارخة لقيادات بارزة وفاعلة من تنظيم فتح،ضد فياض وبرنامج عمل الحكومة.
رغم هذه الحملة، فقد كان فياض يشعر بأنه يملك دعم الدول المانحة، حتى أن مجلة التايمز الأمريكية كانت قد وضعته في المرتبة العاشرة في القائمة التي ضمت مئة شخصية هي الأكثر تأثيراً على مستوى العالم. بل أن بعض الحكومات والمؤسسات العالمية، أعطت إشارات واضحة، بأن وجود فياض هو الضامن لاستمرار هذا الدعم!. لكن الوقائع تثبت يومياً، بأن التأييد هو للبرنامج والاتفاقيات وبالأساس لوظيفة السلطة.
أصبحت الاستقالة أمراً واقعاً، لكن التكليف بتصريف الأعمال، أو تسييرها لمدة غير محددة، لايحمل أية إشارات على قرب التوصل للإعلان عن وزارة جديدة. بعض “المتفائلين” يأملون بأن يكون المخرج بتشكيل حكومة المصالحة بين حماس وفتح، المرتبط باستقالة حكومة هنية، وبعدها التوجه للانتخابات. لكن هذا التفاؤل مرتبط بعوامل ذاتية لكلا الفصيلين، وبقدرة المحاورالإقليمية المؤثرة. لكن الاسم الذي يتردد في الأطر المحيطة بمحمود عباس هو “محمد مصطفى” رئيس صندوق الاستثمار السابق الذي قدم استقالته من رئاسة الصندوق التابع “لمنظمة التحرير” قبل حوالي عشرة أيام ، والذي اجتمع بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، مشيراً الى أنهما اتفقا على إرساء تنمية اقتصادية حقيقية. هذا التنمية التي ُطرحت قبل استقالة فياض بعدة أيام أثناء زيارة “جون كيري”لكيان العدو ولقائه بنتنياهو، التي اتفق خلالها الطرفان على “التنمية الاقتصادية” في الاراضي الفلسطينية، لتوفير حوافز انطلاق “المشروع الاقتصادي”.
استقال سلام فياض “الشخص” ، لكن “السلام الاقتصادي” _بتعريفه الحقيقي :الهيمنة والتبعية_، البرنامج والنهج و“أدواته”، مازالت موجودة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2177876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2177876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40