الأحد 21 نيسان (أبريل) 2013

أيّ ربيع؟

الأحد 21 نيسان (أبريل) 2013 par بركات شلاتوة

العالم العربي بات مشتعلاً من أقصاه إلى أقصاه، ومحور هذا الاشتعال هو “الثورات”، الهادئة منها أو العنيفة أو المدمرة التي بدأت تأخذ طابع الحرب الأهلية وتهدد بتقسيم البلاد العربية إلى كيانات متصارعة .

ورغم انطلاق “ثورات الربيع العربي” منذ نهايات عام 2010 من تونس ثم امتدادها إلى مصر واليمن وليبيا وسوريا، إلا أن ذلك لم يدفع الكثيرين من الساسة والمثقفين والكتّاب في الدول العربية إلى البحث عن تفسير منطقي لتزامن هذه “الثورات”، مع أن الظروف الموضوعية والذاتية تختلف من بلد إلى آخر من بلدان ما يسمى “الربيع العربي” .

هذا فضلاً عن الحراكات والمخاضات والهزّات التي تعيشها دول عربية أخرى لم تكتوِ بنار الانتفاضات، إنما عاشت “نصف ثورة” أو “نصف تغيير” مثل الأردن والجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان الذي قسم إلى سودانين وما زال مهدداً بمزيد من التقسيم، ناهيك عن الدول الأخرى التي تعيش صراعات سياسية وطائفية مزمنة مثل لبنان والعراق، ومن هي على قارعة النسيان بعد أن مزقها الإرهاب والحروب الداخلية المتتالية مثل الصومال .

ألا يستدعي كل ذلك التفكير ملياً في ما يدور في عالمنا العربي؟ ألا يدخل ذلك الشك الذي يقترب من اليقين إلى القلوب والعقول أن ما يجري مرجعيته واحدة وأن الخيوط التي تحركه توصل في النهاية إلى الطرف نفسه، خاصة أن المستفيد مما يجري ومَن تُهيّأ له الظروف ليتسلّم إدارة دفة الحكم في بلدان الصراعات هم الأشخاص أنفسهم والجماعات نفسها؟

وبما أن التاريخ العربي والإسلامي مملوء بالصراعات والنزاعات والأحداث المشابهة فإنه تجب العودة إليه وتصفّحه جيداً للتيقن من أن ما يجري اليوم ليس في مصلحة بلداننا وشعوبنا العربية، بل يأتي خدمة لأهداف الغير، وتنفيذاً لأجنداتهم وخدمة لمصالحهم على حساب الدم العربي النازف في مشرقنا ومغربنا، أو على الأقل هي حروب بالوكالة وعبث لن يوصلنا إلا إلى المزيد من التراجع والتفتيت والتقسيم وتدمير الذات .

ألم تكشف الأحداث عن أن المستفيد الأكبر مما يدور في المنطقة هو الكيان الصهيوني وذلك بعد أن غرقت مصر في العنف والفوضى، وتعيش سوريا حرباً طاحنة تهدد بتقسيمها وتشطيرها إلى دويلات طائفية وعرقية، ويصحو لبنان ويبيت على صفيح ساخن ويخيم عليه شبح الحرب الأهلية من جديد، ويكاد يجر إلى النزاع السوري؟ . كما كان شعار “دعم ونصرة الشعوب” ذريعة الغرب للتدخل في شؤون البلدان العربية والعودة إليها بوجه استعماري جديد، وتسخير خيراتها لمصلحته، وتنصيب من يخدم أهدافه ثم الخروج منها من الباب للعودة من النافذة .

لذلك فإن العودة إلى الماضي أصبحت حلماً يراود الغالبية العظمى من أبناء بلدان “الربيع العربي” وذلك بعدما تيقنوا أن ما يحدث هو دمار يجتاح بلدانهم، حيث باتت المقارنة بالماضي مقياساً لمدى “التغيير” الذي تم، وأصبح الجميع يترحّم على أيام الهدوء والأمن والأمان .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2166069

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2166069 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010