السبت 13 نيسان (أبريل) 2013

لملمة الهوية الفلسطينية

السبت 13 نيسان (أبريل) 2013 par أمجد عرار

ليس هناك ما هو أبلغ رداً على محاولات الاحتلال تبديد الهوية الوطنية الفلسطينية وبعثرتها من أن يصار إلى رفد النضال بجهد ثقافي أكاديمي منسّق بين الداخل والخارج، وبين الأكاديميين في مناطق الشتات للملمة الهوية المشتّتة . وفي هذا السياق كان احتضان جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس للمؤتمر العالمي الأول للأكاديميين الفلسطينيين في المهجر وفلسطين، وبجهد مشترك من الجامعة ودائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، استجابة نوعية لنداء من قلب فلسطين لوضع اللبنة الأولى لإنشاء جسر التواصل بين الكفاءات العلمية والأكاديمية في الداخل والشتات . ترجمة النداء تحوّلت إلى ورشة نقاش جاد وعملي تناول على مدى يومين سبل تأطير الأكاديميين الفلسطينيين في بوتقة واحدة تحوّل هذا الكم الكبير من الأكاديميين والعلماء الفلسطينيين إلى ماهية ونوع .

فكرة هذا النشاط تستند إلى كون الثقافة والتراث والحقل الأكاديمي تلعب دوراً محورياً في حماية الهوية الوطنية وتمكينها من تطوير آليات الدفاع الذاتي والتحصّن والمناعة الحضارية، هذه الأهمية تزداد في زمن العولمة الحاضر بما يفتحه من آفاق للتداخل وتلاقح الثقافات والقيم الحضارية وتبادل أو الإفادة من المنجزات العلمية .

ثمة انطباع تشكل لدى المشاركين بأن الكفاءات العلمية متنوعّة الاختصاصات قد وضعت الأسس الكفيلة أو المساعدة في مواجهة العزلة التي يريد الاحتلال فرضها على الشعب الفلسطيني في كل المجالات، بما فيها الحقل الأكاديمي، وفي مواجهة المشروع الكولونيالي الذي يحاول أن يفرض على الشعب الفلسطيني الانكفاء في كل شيء، الأمر الذي يفرض على الكفاءات العلمية الفلسطينية في أي مكان أن تلعب الدور المنوط بها في إطار الواجب الوطني في مواجهة هذه السياسة “الإسرائيلية” على الجبهة الأكاديمية . هذه المهمّة تحتاج إلى تضافر الجهود وسكب عصارة التجارب المتنوعة والتفكير الدائم بالآليات الإبداعية القائمة على التقدم والانطلاق، ومقاومة وضع يشبه اختفاء السلحفاة تحت قشرتها الصلبة، بحثاً عن الأمان الذي إن تحوّل من لحظي إلى دائم، يعني الموت .

من هنا أتت أهمية البحث الموسّع والمعمّق والجاد في سبل تحويل الفكرة إلى جهد، والبرامج إلى خطوات عملية تحقق التلاقح مع الخبرات والثقافات العالمية، لكي يمكن أن نقول بعد حين أن هذا النشاط شكّل اللبنة الأولى في تحقيق هدف كبير يتمثّل ببناء جسور التواصل بين الفلسطينيين في الخارج والوطن، والاستفادة من الخبرات والكفاءات الفلسطينية القادرة على خوض التحدي باتجاه منظومة الأهداف المنشودة من المؤتمر، وفي مقدمها تحويل التنسيق والتعاون إلى تكامل .

عندما يحقق هذا الجهد هدفه ينعكس المنجز على الداخل وهو الأساس، ما يعني تحقيق هدف آخر يتمثل في تشجيع الكفاءات على العودة إلى فلسطين، ما يشكل جزءاً من الرد على سياسة التهجير التي شكلت أول مخططات اغتصاب فلسطين .

المهمة كبيرة وتحتاج إلى عمل وجهد، والنتائج لا تتأتي على نحو تلقائي، بل عبر انتفاضة فكرية شاملة تحوّل الكفاءات الأكاديمية خارج فلسطين من أرقام إلى ماهية، ومن كم إلى كيف، ومن أطراف إلى جسد .

العمل الجاد كفيل بتذليل الصعوبات، على أن تكون الوسيلة والهدف منسجمين في إطار مهمّة وطنية لا يمكن فصلها عن السياسة، لكن يمكن ويجب إبعادها عن الحزبية حتى لا تصاب بعدوى الانقسام وآثاره المدمرة على كل ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية . وإذا لم يتحل الفصائليون بالمسؤولية الوحدوية تجاه هذه القضية، فإن المثقفين والأكاديميين والمبدعين في شتى المجالات يمكنهم أن يزرعوا بذور هذه المسؤولية .

imam_nijm@hotmail.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165989

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165989 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010