الاثنين 21 حزيران (يونيو) 2010

بلادنا ومحاولات التقسيم!!

الاثنين 21 حزيران (يونيو) 2010 par د. محمد الهرفي

قبل وأثناء احتلال العراق تحدثت الصحافة عن المحاولات التي تبذلها أمريكا لتفتيت بعض الدول العربية مثل السودان والسعودية وسوريا والعراق ودول غيرها بهدف إضعاف هذه الدول وسهولة السيطرة عليها فيما بعد.

فكرة التقسيم ليست جديدة، فالمحتل - في كل عصر- يجعل همه تقسيم البلد الذي ينوي غزوه لإضعافه، فإن تم له ذلك قبل الاحتلال وإلا قام به بعد ذلك، والتاريخ ملئ بالشواهد.

الحديث عن تقسيم بعض الدول العربية ليس جديداً، لكن الجديد أن بوادر هذا التقسيم بدأت تلوح في الأفق.

السودان هي المرشحة الأولى للتقسيم، وأيدي الأمريكان شديدة الوضوح في هذا المسعى.

تضخيم ما يجري في دارفور وفي الجنوب، وإشعال الفتن بين المتخاصمين كان الطريق الأول نحو التقسيم.

لم ينتظر الأمريكان شهر يناير القادم، حيث موعد الاستفتاء على انفصال الجنوب فقد تسارعت خطواتهم نحو العمل الجاد على تحقيق هذا الانفصال؛ أعلن الأمريكان أنهم سيعترفون بالدولة الجديدة فور انفصالها، ونائب الرئيس «جو بايدن»، يجتمع مع «سلفاكير» في نيروبي باعتباره رئيساً وليس نائباً لرئيس السودان، والأمين العام للحركة الشعبية لجنوب السودان «بافان أموم» يذهب لأمريكا لبحث موضوع الانفصال.

والسؤال : لماذا كل هذا الاهتمام من الأمريكان بانفصال الجنوب؟! لماذا لم يوجهوا جهودهم لتكريس الوحدة التي هي خير من الانفصال؟! شعب الجنوب لا يعني للأمريكان شيئاً، وليت الجنوبيين يدركون ذلك قبل فوات الأوان.

الأمريكان يريدون استغلال الدولة الجديدة وامكاناتها لصالحهم ولصالح اليهود.

من وجهة نظر الأمريكان أن الإسلام في الجنوب لا يمثل غالبية السكان على عكس الشمال، وبالتالي فإن الجنوبيين في حال انفصالهم لن يعارضوا أنشطة الجمعيات التنصيرية في الجنوب وفي دول إفريقيا المتاخمة لهم. كما أن هذه الدولة ستكون من دول منبع النيل وستكون لها حصة في مائه، والمرجح أنها ستكون ضمن الدول الضاغطة على مصر في موضوع المياه، وقطعاً سيكون لـ «إسرائيل» دور في هذا الموضوع بحكم موقعها من أمريكا التي ستساعد الجنوبيين كثيراً، ولأن المساعدات مشروطة فإن تحقيق شروط «إسرائيل» سيكون ضمن الشروط التي سيلتزم بها الجنوبيون.

وللأسف فالحكومة المصرية لم تأخذ هذا الجانب بالقدر الكبير من الاهتمام قديماً والملاحظ أن تحركها الحالي - فيما يظهر لي - لايزال ضعيفاً، فأمريكا مثلاً شديدة الوضوح في مساعيها لانفصال الجنوب، وقد فعلت بعض دول أوروبا مثلها، بينما الحكومة المصرية مازالت ترى أن «حماس» وغزة هما عدوها الأول!!

بدون شك أن حكومة البشير كان لها أثر واضح في كل ما يحدث، فلا يمكن أن نلقي باللوم على الأمريكان أو اليهود، فهؤلاء يمارسون ما يعتقدون أنه في صالحهم بينما السودانيون والعرب لا يعرفون ماذا يصنعون!

ما يحدث في اليمن بدايات قوية لقصة انفصال جديدة، والأيدي الأمريكية - أيضاً - واضحة سواء أكان ذلك بحسن نية أم بسوئها!!

بدأت الحكاية بملاحقة «القاعدة»، واستهدافهم بالطائرات الأمريكية في كل مكان في اليمن، ولأن هذه الطائرات كثيراً ما تقتل أبرياء ولأن تركيبة الشعب اليمني ترفض بكل قوة الاستكانة، ولأن حكومة اليمن وافقت - أحياناً - على ملاحقة الأمريكان لـ «القاعدة» فإن مجموعات كبيرة من اليمنيين سواء أكانوا من «القاعدة» أم من غيرها رفضوا هذا الوضع، وقاوموا الحكومة، وهددوا بالمزيد.

الجنوبيون الذين نالهم هذا الاستهداف إضافة إلى المعارضة اليمنية في الجنوب التي تطالب بالانفصال وتحظى بتأييد القيادات الجنوبية المقيمة خارج اليمن بدأت تضغط بشدة نحو المطالبة بالاستقلال والعودة بالوضع كما كان عليه قبل الوحدة اليمنية، أحداث صعدة في الشمال والصراع بين «السلفية الجهادية» وبين «الحوثيين»، كل ذلك ساعد في إضعاف الحكومة المركزية وأعطى خصومها قوة كبيرة.

مرة أخرى.. اليوم في الدرجة الأولى يقع على حكومة اليمن التي فشلت في تحقيق إصلاحات حقيقية للشعب والتي لم تعط الجنوبيين حقوقهم، ولو أنها فعلت ما كان يجب أن تفعله لما وصل الحال إلى درجة المطالبة بالانفصال.

أما دور الأمريكان في تقسيم العراق فلا أظنه بحاجة إلى مزيد إيضاح؛ كما أن الفساد بكل أنواعه يضرب مفاصل ما يسمى بالدولة وهذا بحد ذاته من أكبر دواعي المطالبة بالانفصال.

تقسيم بلادنا يحقق مصالح أعدائنا، ولكن ما هي مصلحة قادتنا من الصمت على هذا التقسيم أو المساعدة على تحقيقه أحياناً؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165238

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165238 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010