الاثنين 11 آذار (مارس) 2013

الغرب يهذر و الأسد ينتصر!

الاثنين 11 آذار (مارس) 2013

لقد تعرض الشعب السوري للخيانة و هذا ما لا تبذل محادثات روما أي جهد في إخفائه، وأشتم رائحة خيانة و لنكن صريحين في القول أن هناك خطأ ما في حكاية الحرب السورية. إن قادتنا و سادتنا الغربيون الغير جديرون بالثقة اليوم كما كانوا غير جديرين بالثقة البارحة عندما باعوا بولندا إلى ستالين في يالطا, بدأوا يخففون من كلامهم حول رغبتهم الدفينة بتدمير بشار الأسد و تتعالى أصواتهم أكثر في التعبير عن الخوف من الوجود المزعج للقاعدة ضمن قوات المتمردين ممن يقاتلون لخلع الرئيس السوري. في الحين الذي تتعمق فيه المأساة السورية تشهد السياسة الغربية الأخلاقية التي من المفترض أن تدين هذه الحرب المروعة تحولاً نحو خيانة الشعب السوري. فلننسى روما هذا الأسبوع و لننسى “عهدنا” بأن “ندعم الشعب السوري” و لندعم بدلا من هذا “القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر(الغير موجودة) بالضمادات و الاجهزة اللاسلكية.

بدأت القصة الحزينة, على ما أعتقد, منذ عام بالضبط عندما قامت كلينتون الغائبة الآن و لحسن الحظ عن ساحة صناعة السياسة الامريكية حتى الانتخابات الرئاسية القادمة, لشبكة ال سي بي اس في الرباط بتصريح قاسي تناولت فيه رفض السوريين في دمشق و حلب الخروج ضد الأسد و هنا أشارت بكل وضوح إلى التصريح الأخير لأيمن الظواهري يعبر فيه عن دعمه للمعارضة السورية و تساءلت كلينتون: هل نحن بهذا ندعم القاعدة في سوريا؟ هل نحن بهذا ندعم حماس في سوريا؟”

الازدواجية

وما يثير الخوف أكثر هو النسخة المثيرة للشفقة من اللورد بالمرستون (Lord Palmerston)* و الذي يلبس قناعه الآن وزير خارجيتنا ويليام هيغ. فقد ألقى هيغ قبل وصوله إلى بيروت لإجراء مباحثات حول اكتشافات نفطية محتملة قبالة السواحل اللبنانية خطاباً أمام المعهد العسكري الملكي المتحد(Royal United Services Institute), خطاباً تنبعث منه رائحة ازدواجية مؤتمر بوتسدام (Potsdam)**.
إن ادعاء بريطانيا أنها لم تفقد الإيمان بالثورات العربية يذكرنا بما قاله تشرتشل عن اخلاصه لبولندا بعد تسليمها لستالين. هذا و يصرح ويليام هيغ بأن سوريا هي أبرز مثال على الثورة “المخطوفة” من قبل الميلشيات, و بأن سوريا أصبحت, كما يدعي, “المقصد الأول للجهادين من جميع أنحاء العالم.”
يا للروعة! كم يشبه هذا الكلام كلام بشار الأسد نفسه حين كان يعيد و على مدى عامين الكلام عينه عن ” ارهابيي القاعدة” في سوريا. إن وضعنا جانباً حقيقة أن مالي قد أصبحت منذ شهرين شماعة لما يسمى “مركز الارهاب” فإن هذا التصريح من قبل هيغ المثير للشفقة يعتبر تصريحاً استثنائياً.

أخذ هيغ يهذر بالكلام عن المملكة المتحدة و المتطرفين الأوروبيين الآخرين المهتمين بسوريا قائلاً: ” قد لا يشكل(المتطرفين) خطراً علينا عندما يذهبون إلى سوريا أول مرة. لكن إن نجوا فقد يعود البعض منهم و قد أصبح متشدداً عقائدياً و لديه خبرة بالأسلحة و المتفجرات. و كلما استدام الصراع (في سوريا) كلما تعاظم الخطر أكثر فأكثر.”

اذا لننهي هذه الحرب؛ أليست هذه الغاية اذا من كلام كل من هيغ و لافروف الآن عن “حوار” بين المتمردين و النظام؟ تتحدث أحدث التقارير القادمة من منطقة سورية قريبة من الحدود التركية يسيطر عليها المتمردون عن نهب و خطف طائفي و قتل و فدية و ثأر و تتحدث عن ثورة “جميلة” نخرها الفساد. ” الثورة الحقيقية في سوريا انتهت. لقد تعرضنا للخيانة”, يقول أبو محمد الذي تصفه وكالة فرانس برس بالقائد المحترم بين المتمردين. هناك عدد لا يحصى من القصص التي تأتي حتى من مناطق في دمشق تسيطر عليها الحكومة و تتحدث عن أخذ رهائن من أجل المال و من اجل مطالب سياسية.

إن ادخال مقاتلي جبهة النصرة و جهاديين آخرين قد أفسد بشدة الصبغة العلمانية للمعركة إلى درجة أن ادعاءات الأسد بأن القاعدة هي عدوة النظام بدأت تتحقق بشكل مرعب. حيث وقعت معارك بين الجيش السوري الحر و جبهة النصرة و بين قادة جبهة النصرة أنفسهم.

الغرب يتراجع

يعي الصحفيون العرب ممن يكرهون الأسد هذه الحقيقة و ذلك حتى قبل أن تعلن جبهة النصرة مسؤوليتها عن السيارة المفخخة التي انفجرت في السلمية و راح ضحيتها عشرات السوريين. كتب حازم صاغية في جريدة الحياة:” لا يجب السماح لهذه الحركة بأساليبها الارهابية المجرمة و وطنتيها الزائفة أن تكون جزءاً من الثورة. فهي تقف عائقاً أمام الدول الاجنبية التي قد تستطيع مساعدة الثورة, و تنفر الأقليات السورية كالعلويين و الأكراد و المسيحيين و الدروز و الإسماعيليين و بعض السنة ممن يؤمنون بدولة مدنية من الثورة.” و هذا الذي يعبر عنه صاغية سليم تماماً.

أورد غورون توماسيفيك (Goran Tomasevic)*** مصور رويترز الحائز على جوائز عدة الأسبوع الماضي أن ” المقاتلون المتمردون في دمشق مدربون و منتظمون و بارعون و شجعان…رأيتهم يقومون بعمليات كبيرة و معقدة و يديرون العمليات اللوجستية و يداوون جرحاهم و يموتون أمام عيني. و لكن بالرغم من الدقة في استخدام مدافع الهاون و الدبابات و القنص يبدو أن جنود الرئيس بشار الأسد على الجانب الآخر مدربون و شجعان و مسلحون على نحو أفضل.”

هذا هو الأمر اذا. لا يزال كلا الجانبين يعتقدان بأنهم قادرون على ربح الحرب و لهذا السبب لا تزال الحرب مستمرة. لكن الغرب يتراجع. فلتنسوا اذا مسألة دعم المتمردين فحتى الجبان أوباما وقف في وجه جنرالاته و منعهم من تسليح المعارضة. فلتنتظروا الآن محاولات لبدء المحادثات بين الأسد و أعدائه على غرار ما جرى في يالطا. ” كم هو مريع هذ الدم إلى الدرجة التي يضع فيها كرهنا للأسد في المرتبة الثانية بعد المصلحة الإنسانية”.

و لا بد لي في النهاية و خوفاً من مغبة أن تبرهن الأسابيع القادمة خطأي أن أقول بأنني منذ أسبوع تقريبا التقيت في بيروت بصديقة تعادي الأسد بشدة, قالت لي آنذاك:” قد ينجو على ما اعتقد”. قد ينجو في الحقيقة.

Lord Palmerston
شغل هنري بالمرستون منصب رئيس الوزراء البريطاني لمرتين على التوالي في منتصف القرن التاسع عشر و له مواقف سياسية كثير أثارت الجدل.

Potsdam
يدعى أيضاً في وثائق تاريخية أخرى بمؤتمر برلين الذي جمع حكومات القوى العالمية الثلاث المتمثلة آنذاك بالاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كان ستالين فيه ممثلا للاتحاد السوفيتي و هاري ترومان ممثلاً للولايات المتحدة و وينستون تشرتشل ممثلاً للملكة المتحدة. أسس هذا المؤتمر النظام العالمي لفترة ما بعد الحرب.

Goran Tomasevic
مصور فوتوغرافي يعمل لصالح وكالة رويترز منذ عام 1996. حصل على جوائز عدة. غطى الحرب الأهلية في ليبيا و هو الآن يغطي الحرب الاهلية في سوريا لصالح الوكالة عينها

- ترجمة :عزة حسون
- بقلم: روبرت فيسك – الاندبندنت – 1 آذار 2013



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165838

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165838 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010