الأحد 10 آذار (مارس) 2013

«أمن إسرائيل» تعريف كاذب وحقائق دامغة

الأحد 10 آذار (مارس) 2013 par د.امديرس القادري

من الطبيعي أن تسعى جميع دول العالم ذات النشأة الطبيعية لإمتلاك أمنها الخاص بها ، ومن حقها أيضا أن تضع المفهوم الأمني الذي يناسبها ، هذه مسألة جدلية لا نناقش فيها بغض النظر عن التعاريف والمعاني والترجمات المختلفة التي قد ينحو نحوها العنوان الأمني الخاص بهذه الدولة أو تلك ، ما نريد تسليط الأضواء عليه في هذه السطور يتعلق بالكيان الصهيوني وتعرية تعريفه الإجرامي و الكاذب للأمن .
وحتى نبني على أساسات واضحة تخدم الفكرة التي يسعى هذا المقال للوصول إليها ، فمن الضروري التأكيد على أن ما قلناه في السطور الأولى لا علاقة له لا من قريب أو من بعيد بكل ما قد يتعلق بعنوان “«أمن إسرائيل»” من زاوية التعريف والمفهوم حيث أن الأمور هنا تنقلب رأسا على عقب ، وتختلف بشكل كلي مع كل ما يسود ويطبق على سطح هذه البسيطة من سياسات أمنية ، فهذا الكيان المصطنع سعى ولا يزال نحو إمتلاك حالة من التمايز الفريد من نوعه على صعيد أمنه الداخلي والخارجي لأنه يشكل بالنسبة له الشرط الأول والأخير لمواصلة البقاء على قيد الحياة فالأمن في “إسرائيل” أهم من الماء والهواء ! .
وعلى الرغم مما امتلكته “إسرائيل” ذاتيا على صعيد هاجسها وتخوفها الأمني والذي تستخدمه كحجة تغطي بها على الجوهر الإجرامي لكل سياساتها ومواقفها ، فإنها وجدت في السياسات والمواقف الأمريكية والأوروبية على وجه الخصوص تبنيا كاملا وغير محدود لكل ما تحتاجه وتتمناه أمنيا ، فالرئيس الحالي أوباما ألقى خطابا في صيف عام 2006 وقبل أن يفوز بولايته الأولى بعامين جاء فيه : “لا يخطرنّ ببال أحد أن أمريكا ستقف موقفا ألطف من موقف جورج بوش عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل ، ولا يتوهمنّ أحد بأنه سيجد في ظل رئاستي أي موقف أقل صلابة اتجاه أمن إسرائيل” ، و بذلك يكون أوباما قد أظهروأثبت أنه يمتلك جواز السفر المطلوب للعبور الأمن نحو كرسي الرئاسة .
وإذا ما تحدث الأمريكان والأوروبيون رسميا عن “أمن إسرائيل” فهم يقصدون بذلك أمن الإحتلال ، والإستيطان ، وتوفير المجال الحيوي المطلوب لحماية وتغطية كل الجرائم التي قد يرتكبها هذا الكيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة وخارجها ، بل هم مستعدون وبسبب إنحيازهم الأعمى للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أو من يفكر بالقيام بأية أعمال قد تلحق الأذى والضرر بهذا الأمن .
إن “أمن إسرائيل” يظل واحداً من الأهداف الإسراتيجية الكبرى التي رعتها كل الإدارات الأمريكية ، ديمقراطية كانت أو جمهورية ، وحكومات أوروبا كانت تلحق بهذه الرعاية وهي صاغرة ، وتنفذ ما هو مطلوب منها بلا أية مناقشة أو إعتراض ، في الوقت الذي لا نزال كعرب ومسلمين نلهث ونجري وراء تفاصيل صغيرة عابرة وتحاليل فارغة لخطبة هذا الرئيس الأمريكي أو لذاك المسؤول الأوروبي ، ونتناسى أن كل ما يطرح في خطاباتهم ما هو إلا مجرد فهم وتطبيق والتزام مرحلي لإحتياجات هذه الإستراتيجية العامة .
إن الأمريكيين ورؤسائهم ومن ورائهم غالبية الأوروبين وعلى إختلاف مذاهبهم ومشاربهم لا يتفقون على شيء كإتفاقهم على المشروع الصهيوني وأمنه والذي يشربونه مع حليب أمهاتهم ثقافيا ، وتاريخيا ، وتربويا ، وإعلاميا ، ودينيا ، ومثلا أخلاقيا أعلى في كل ما قد يتعلق بفكرة “إسرائيل” التاريخية ، ولذلك نجد المؤرخ الأمريكي “كونراد شيري” يروي ويقول : “بأن تاريخ أمريكا هو القناعة الراسخة بأن الأمريكيين هم ا«لإسرائيليين» فعلا ، وشعب الله المختار حقا” .
أما الفيلسوف “ريتشارد بويكين” الإنجليزي فيقول في كتابه الذي يحمل عنوان “المواجهة بين عصر العقل وعصر الرؤيا” : “إن الإنكليز على طرف المحيط أكثر حماسة من اليهود لتأسيس الدولة اليهودية وبناء معبد سليمان ، وإن صهيونيتهم هي التي صنعت الحركة الصهيونية اليهودية وإنتشلتها من هامشيتها ، وغذتها بالقوة وبالسلاح ، وبالتدمير المنهجي للعالم الإسلامي والعربي ، وإذا كان اليهود يريدون أرض إسرائيل ، فإن الإنكليز يريدون أرض إسرائيل وإسماعيل وإبراهيم”! .
الرئيس أوباما الذي سيزور المنطقة في نهاية هذا الشهر الجاري يعلم قبل غيره بأن لا شيء البته سيتغير على زمن ولايته الثانية إلا ما يتعلق بأمن الكيان الصهيوني وحمايته ، وبغض النظر عن كل ما يمكن أن تحمله خطاباته وتصريحاته من فبركه إعلامية ، فهل ستدرك سلطة رام الله التي تستعد لاستقباله هذه الحقيقة ؟ و هل ستفيق الأنظمة العربية من سباتها وخنوعها ؟ وخصوصا تلك التي جاءت بفعل الربيع العربي وما أحدثه من تغيير ، وهل صحيح أنها لا تزال لا تعرف عن العروبة إلا لبس العباءة ، ومن الإسلام إلا باب النكاح ، هل نتفاءل أم نتشاءم ؟ .
نحن على يقين أن المجرم نتنياهو في تل الربيع يعرف جيداً ماذا يريد “للأمن الإسرائيلي” ، ويعرف اكثر كل السبل المناسبة التي يجب عليه أن يسلكها لقطف الثمار الضرورية من وراء هذه الزيارة ، أما نحن وكما جرت العادة ، فالصقر، والسيف ، والعباءة ، والقلادة ، وفوقها نفطنا وغازنا كلها جاهزة لتقديمها للضيف الكبير وبعد أن يأخذ منا كل التطمينات اللازمة والضرورية التي تضمن بقاء الأمن الصهيوني بخير وفي أحسن حال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165388

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165388 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010