الأحد 3 آذار (مارس) 2013

«إسرائيل» وشريعة الغاب

الأحد 3 آذار (مارس) 2013 par بركات شلاتوة

العنصرية التي تجتاح المجتمع «الإسرائيلي»فاقت كل الحدود، وما ينجم عنها لم يكن ليحدث حتى في شريعة الغاب . ظهر الاثنين الماضي كانت سيدة فلسطينية حامل في محطة للقطار في القدس المحتلة، وإذا بها تتعرض لاعتداء عنصري من ثلاث فتيات صهيونيات، هاجمنها بعد تيقنهن من أنها فلسطينية وقمن بضربها وركلها وطرحها أرضاً وانتزعن حجابها، كل ذلك من دون أي مقدمات أو أسباب ولكن لمجرد أنها عربية، وذلك بعد أن سألتها إحداهن، هل أنت عربية؟ وبعد أن ردت بالإيجاب ما كان منها إلا أن بصقت في وجهها وبدأ الهجوم الثلاثي من دون شفقة أو رحمة على السيدة الحامل .

الأنكى من ذلك أنه رغم قساوة المشهد ورغم أن المحطة تعج ب«الإسرائيليين» ورغم وجود ضابط أمن مسؤول عن المحطة، إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً أو يحاول نجدة السيدة، بل إن الجميع، وبالخصوص منهم هذا الضابط، بدا وكأنه يتابع مشهداً سينمائياً مضحكاً . قد يتذرّع مسؤول “إسرائيلي” ويقول إن هذا طيش من الفتيات وليس بالضرورة أن تكون دوافعه عنصرية، لكن أن يقف كل من حضر متفرجاً على المشهد من دون أن يتدخّل فهذا يشير إلى مدى الانحطاط الخلقي الذي أصاب مجتمع الاحتلال ومدى تغلغل العنصرية فيه، لأن الإنسان السليم قد يمر على قطتين تتعاركان فينهرهما كي تتوقفا، فما البال بعدوان من ثلاث فتيات على سيدة حامل لا حول لها ولا قوة؟

وعلى مستوى آخر، وبعد أن قدّمت المعتدى عليها شكوى لدى شرطة الاحتلال بتشجيع من عضو “الكنيست” حنين زعبي، لم تعر الشرطة الأمر اهتماماً بفتح تحقيق حقيقي في الأمر، ولم يتم توقيف أي من الفتيات، ولا حتى استدعاء صاحبة الحجاب لأخذ إفادتها، وهذا مؤشر حقيقي على فقدان هذا المجتمع بوصلته الإنسانية وسيطرة العنصرية والحقد والكراهية عليه .

هذا يذكّر بالعدوان المشابه الذي تعرض له شاب فلسطيني خلال وجوده في شارع مكتظ بالصهاينة في الشطر الغربي من القدس المحتلّة بعد أن هاجمه نحو اثني عشر متزمتاً في آن وأوسعوه ضرباً وركلاً وتركوه بلا حراك من دون أن يهب أحد لمساعدته، ولم يتم توقيف أي من المعتدين أو مساءلتهم .

على الجانب الآخر، يضل كثير من «الإسرائيليين» طريقهم ويدخلون إلى المدن والقرى الفلسطينية من دون أن يتعرّض لهم أحد، بل يتم إرشادهم إلى وجهتهم، أو يتم تسليمهم من قبل السلطة إلى جيش الاحتلال، رغم أن هذا الأمر ليس بالضرورة أن يكون سليماً، لأنه في بعض الحالات أوقف “إسرائيليون” مدججون بالسلاح، وقد يكون هذا الدخول مدبراً بهدف ارتكاب مجزرة أو اغتيال مطلوبين كما جرى في حالات كثيرة، وفي بعض الحالات تم توقيف جنود بلباسهم العسكري وسلاحهم وكامل عتادهم، ومن الأكيد أنهم لم يكونوا في نزهة في مدن الضفة الغربية .

لذلك على المجتمع «الإسرائيلي» أن يراجع حساباته الإنسانية وأن يعود لركب جنسه البشري وأن يبتعد عن شريعة الغاب التي سترتد عليه في النهاية وتجعله يتآكل من الداخل .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165592

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165592 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010