الأحد 3 آذار (مارس) 2013

نزوة الحقد والقتل , في دولة تدعي الحضارة !!

الأحد 3 آذار (مارس) 2013

علماء النفس والاجتماع, وخبراءالأنثروبولوجيا والأمن وعلم الجريمة,جميعهم مدعوون للتفكير والتأمل في قضية غاية في الأهمية والحساسية. فهناك نوع خاص من الجرائم أصبح مرتبطاً تحديداً باسم
الولايات المتحدة الأمريكية. نعم, هذا النوع من الجرائم يظهر في المجتمع الأمريكي خصوصاً وبصورة مكثفة, وليس منذ أمد قريب. نوع تلك الجريمة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي باستمرار, يتمثل في قيام شاب هائج أو غائب عن الوعي, باقتحام أحد الأماكن العامة ( غالباً مدارس وجامعات ), ليطلق النار في ذلك المكان بشراسة وعشوائية, فيردي عدد هائل من القتلى والجرحى الأبرياء في المكان !!.

لغاية اللحظة لم يتم الوصول إلى تفسيرات مقنعة, لتحليل الدوافع التي تقف خلف هكذا نوع غريب وشاذ من الجرائم. فما هي الظروف النفسية والاجتماعية التي تدفع الشباب الأمريكي, إلى ارتكاب هكذا نوع من الجرائم ؟.
برأيي أن هذه المسألة الخطيرة تحتاج كما ذكرت آنفاً, إلى بحث ودراسة واهتمام فائق, من قبل ذوي الاختصاص من العلماء والخبراء والدارسين. نحتاج من العلماء والخبراء أن يكشفوا لنا
الدوافع والمسببات التي تفضي إلى هكذا نوع من الجرائم, ونحتاج منهم أيضاً أن يوضحوا لنا, سر اقتران هذا النوع الخطير من الجرائم بالمجتمع الأمريكي, المجتمع الذي يدعي الحضارة والتقدم, حيث الدولة العظمى, أو دولة الخمسين دولة في آن واحد !!.

منذ أسابيع قليلة فحسب, استيقظت الولايات المتحدة على جريمة قاسية ونكراء من هذا النوع. إذ قام شاب أمريكي باقتحام مدرسة ابتدائية في مدينة نيوتاون, في ولاية كونيكتكت, فأطلق النار داخل المدرسة وبشكل هستيري ومتوحش, ليقتل العشرات من الأبرياء, غالبيتهم من الأطفال, ثم لا يلبث مرتكب الجريمة أن ينتحر !!. نعم هذا هو نمط الجريمة التي تحدثنا عنها آنفاً. هذا النمط من الجرائم يبدو مألوفاً للأمريكيين, ومألوفاً جداً, فنشرات الأخبار في محطات التلفزة الأمريكية, لا تنفك ولا تنقطع عن نقل قصص وحوادث قاسية وشنعاء مشابهة ومن مثل هذا النوع. وبالتأكيد فإن حادثة كونيكتكت لن تكون هي الأخيرة, فالمستقبل والقدر يحملان للأمريكيين, الكثير من الكوارث والحوادث الأليمة الشبيهة بما حدث مؤخراً في كونيكتكت !!.

نزوة الحقد هي أمر خطير يفتك بنسيج وتكوين المجتمع الأمريكي من الداخل, والمشكلة تكمن في أن المواطن الأمريكي الحاقد على مجتمعه لا يتوانى عن ارتكاب خطيئة القتل وسفك الدماء. فكم من الأبرياء الغافلين يدفعون أرواحهم شهرياً أو سنوياً, ثمناً لحقد الأمريكي المجنون, الهائج على مجتمعه !!. لا أدري أهذا حقد أم جنون, لكن الأمر المهم في النهاية, أن أمريكا و الأمريكيين هم الخاسرون.
ليس المواطن الأمريكي هو وحده من يمارس الحقد والجنون. فالساسة الأمريكيون والإدارة الأمريكية ليسوا أقل حقداً وجنوناً. الناظر إلى ما بعد الحادي عشر من سبتمبر, يلحظ تخبط الولايات المتحدة ووقوعها في المحظور مرات كثيرة. نعم أمريكا التي تحض العالم أجمع على احترام وصون حقوق الإنسان, هي أكثر دول العالم انتهاكاً لحقوق الإنسان. أمريكا التي تلقي بالتهم جزافاً هنا وهناك وتتهم كل من خالفها بالإرهاب, هي أكثر دول العالم ممارسة للإرهاب والانتهاكات والعدوان والجريمة.
أمريكا التي تتشدق برعاية ومساندة الديمقراطية والتحرر في دول ما يسمى بالربيع العربي, هي أكثر دول العالم احتقاراً لقيم الموضوعية والسلم والعدل والتسامح !!.

قبل أيام قليلة, أطل السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام على وسائل الإعلام الأمريكي, ليفجر قنبلة مدوية, ليعطي إحصائيات وأرقام في مسألة لطالما بقيت طي الكتمان. فقد صرح جراهام بأن الهجمات التي شنتها الطائرات الأمريكية بدون طيار, على مناطق متفرقة من الشرق الأوسط ( كاليمن,
وباكستان, وأفغانستان, والصومال ), خلفت نحو 4700 قتيل, بالطبع غالبيتهم من المدنيين. حتى وإن وجد الإرهاب الذي تدعي وجوده الولايات المتحدة, فإن هذا العدد من القتلى, يظل باهظاً وكبير جداً. أي أنه منذ أن بدأت الولايات المتحدة باستهداف المنطقة بهذا النوع من القصف في العام 2004
وحتى اللحظة, تم تسجيل الكثير من الانتهاكات التي ارتكبت في حق المدنيين العزل. ففي باكستان على وجه التحديد, تم قصف تجمعات المدنيين في الأسواق والأماكن العامة, وحتى مواكب الأعراس تم قصفها في مرات عديدة !!. إذا كان عدد القتلى هو زهاء الخمسة آلاف قتيل, فمن الطبيعي أن أعداد الجرحى والمعاقين والمبتورين تفوق ذلك العدد وبكثير. إذا كان هذا هو عدد القتلى الذي سجلته اعتداءات الطائرات الأمريكية بدون طيار, فكم سجلت الطائرات الأمريكية المقاتلة من قتلى ؟, وكم سجلت القوات الأمريكية البرية والمدرعة من قتلى ؟. للأسف هكذا هي أمريكا دائماً, إذ تتسبب دوماً في القتل والدمار والخراب, وربما أهدتها فرنسا تمثال الحرية لهذا السبب !!.

العلة والمشكلة تظل في الشخصية الأمريكية المريضة والغير متزنة إطلاقاً. نعم تلك هي نزوة الحقد والقتل التي تراود الأمريكي دوماً, تراوده دوماً وتسيطر على سلوكه وبلا سبب واضح !!. فالأمريكي الهائج المجنون, الذي اقتحم المدرسة الابتدائية في كونيكتكت, وفتك بالأطفال الأبرياء فيها, هو ذاته الأمريكي الذي أوعز للطائرة بدون طيار وأعطاها الأمر بقتل الأبرياء العزل, الذين قتلوا وهم في أرضهم وبلدانهم, يمارسوا حياتهم, لم يؤذوا أحداً, ولم يشكلوا خطراً على أحد. للأسف هذه هي العقلية الأمريكية المريضة, فهل من علاج ؟!!.

- محمد جهاد إسماعيل
Abujihad_thinker@hotmail.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178768

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178768 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40