الأحد 10 شباط (فبراير) 2013

أوباما والوحدة الوطنية الفلسطينية

الأحد 10 شباط (فبراير) 2013 par عبداللطيف مهنا

في السنوات التي تلت الحقبة البوشية، ومن قبلها، بذلت الولايات المتحدة الأميركية جهودا تعددت وسائلها ووجوهها ورصدت لها الأموال الطائلة في سبيل هدفٍ لازالت تسعى إليه وتحرِّك له آلتها الدعائية الهائلة وهو تحسين صورتها القبيحة في العالم ، والعربي والإسلامي تحديدا. كان تغيير لون بشرتها، لاسياساتها، بإدخالها أوباما إلى البيت الأبيض محاولةً من جانب المؤسسة لستر بعضٍ مما علق بهذا الوجه من شائبةٍ بوشيةٍ وصمته مضافةً إلى شوائبه السالفة المزمنة. استهل الوجه المختار بدء فترته ا لرئاسية بوعودٍ من عسلٍ ولبنٍ يزمع سكبها في طبق السياسات الخارجية لبلاده، لاسيما المتعلقة منها بالمنطقة العربية وجوارها الإسلامي. كان أبرزها ما دلقته فصاحته الخطابية في كلٍ من إسطنبول والقاهرة، اللتين بدى فيهما حينها لأعين الواهمين ومطيلي التصفيق له أخانا الحاج بركة أبو عمامة. بيد أن الأيام اللاحقة سرعان ما تكشَّفت عن أن طبع المؤسسة غلب تطبُّع من أختارته لتغليف جوهرها وزادت به لاحقاً من قبح مكنونه قبحاً. على سبيل المثال، قضى الرجل فترته الر ئاسية الأولى كأكثر رئيسٍ عرفته الولايات المتحدة كرماً مع إسرائيلها، وانهاها ، وهى التي تكللت، للمفارقة ، في ايامها الأولى بجائزة نوبل للسلام، بأن الحقت حمم طائراته بدون طيار في الباكستان واليمن ومذابح الأعراس في بلاد الأفغان اللعنات لا الترحُّم على صاحب الجائزة في قبره ومانحيها له على السواء ... وماذا عن ثانيته الرئاسية البادئة للتو؟!

في بداية أية فترةٍ رئاسيةٍ ثانيةٍ لأي رئيس أميركي، اعتدنا سماع من يكرر ذات اللازمة إياها بأنه سيكون متحررا من حساباته الانتخابية وبالتالي سيكون الأقل عرضةً للضغوط الصهيونية فالأقل انحيازاً للكيان الصهيوني، واتخذ المروجون لها والواهمون من التعيينات المصاحبة للإدارة الأوبامية المتجددة، كاستبدال هيلاري كلنتون في وزارة الخارجية بالسيناتور كيري، وتعيين السناتورهاغل في البنتاغون خلفاً للوزير بانيتا، المشاع أنهما أقل صهينةً من سلفهما، والتسريب المقصود لانتقادات أوباما لسياسات نتنياهو قبيل انتخابات الكنيست، وقبله وقوف نتنياهو إلى جانب منافس أوباما الانتخابي رومني، والحديث عن إحتمالاتٍ لمفاوضاتٍ ثنائيةٍ قد تزمع مع إيران، والتغيير الذي فرضته بدايات تراجع النفوذ الكوني للأمبراطورية المتخبطة في أزماتها الإقتصادية في أسترتيجيتها العسكرية، أوابدالها القوة الفاجرة باعتمادها القوة الناعمة، المدعومة بالوكلاء المحليين، والجراحات التآمرية الإستخباراتية، التي للأميركان باعهم الطويل فيها، بعد فشل الأولى في العراق وافغانستان وحتى في الصومال ... اتخذو من كل هذا، إلى جانب تأخر أوباما في تهنئة نتنياهو على فوزه في انتخابات الكنيست أسبوعاً، مادةً لإعادة انتاج ذات اللازمة الموّْهمة والتبشير بجديدٍ أوبامي عربيٍ يجب ماقبله ... الوزيران كيرى وهاجل لدى أول مثولٍ لهما أمام لجنتي الكونجرس المختصتين بتثبيتهما في منصبيهما سارعا إلى ما عنى محاولةً منهما لنفي التهمة الملصقة بهما أعلاه! فماذا عن سيد البيت الأبيض العائد له في فترته الرئاسية ثانيةً في بلدٍ تربطه بالكيان، ليست وشيجة إستراتيجية وعروة من مصلحة فحسب، وإنما علائق ذات طبيعة شبه عضوية، والتزام تاريخي بدعمه غدا بمثابة التابو، وبغض النظر عن تبدل إداراته ومسميات من يؤتى به إلى البيت الأبيض ؟!

بث في واشنطن خبراً صادر عن البيت الأبيض يقول بأن أوباما سوف يحل في فلسطين المحتلة زائرا للكيان الصهيوني في الربيع القادم. أما الهدف الذي يدفعه للقيام بهذه الزيارة فهو ما أوضحه نص التصريح الرسمي باسم الإدارة على الوجه التالي:

“إن بداية ولاية الرئيس الثانية وتشكيل حكومةٍ إسرائيليةٍ جديدةٍ يوفران الفرصة لتجديد التأكيد على العلاقات العميقة والدائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ، وبحث المسار الواجب إتباعه بخصوص مواضيع كثيرة ذات اهتمام مشترك ، بينها إيران وسوريا”.

المتحدث باسم ديوان نتنياهو حدد موعد هذه الزيارة بالعشرين من الشهر القادم، واصفاً إياها بأنها “ستوفر فرصةً هامةً لنا لتأكيد الصداقة والشراكة القوية بين إسرائيل والولايات المتحدة”. وإذ ستتم على هامشها اثنتان أخريان هما، واحدة لرام اللة والثانية لعمان، وسيتبعهما جولة على دول أخرى في المنطقة، فقد نُسب لشخصيةٍ وصفت بـ“الفلسطينية الرفيعةالمستوى” في سلطة رام اللة قولها بأن هذا الموعد هو مطلع الشهر القادم، وتلي زيارة لوزير الخارجية الأميركي الجديد منتصف الشهر الجاري ... لكن المهم فيما قاله هذا “الرفيع المستوى” هو ما أضافه معقبا : “ونأمل أن تسمح (الزيارة الأوبامية) بتحريك المفاوضات” !

زيارة أوباما، بغض النظر عن كل ماتقدم، وانسجاما مع ذات اللازمة الانتخابية الأميركية المشارإليها بدايةً، من شأنها أن تبعث الأوهام التسووية التصفوية التي غفت من رقادها. يبدو هذا من ما يأمله “رفيع المستوى” في السلطة، وما يأمله يطرح تساؤلاً سهَّل ماقالة الإجابة عليه... على الرغم من توالي وتعدد لقاءات التكاذب حولها وانهماربشائر بياناتها وتأكيدات تصريحاتها، هل ستتأجل ما تعرف بالمصالحة الوطنية الفلسطينية العتيدة من جديدٍ ويسحب حديث تكاذبها من التداول ؟؟!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 63 / 2165529

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165529 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010