الاثنين 4 شباط (فبراير) 2013

أما آن لهذا الخريف العربي أن يتوقف

الاثنين 4 شباط (فبراير) 2013

”أقول لمن يريد أن يناقش الأمر بموضوعية وتجرد، إن الذي يسعد الغرب ليس هذا الذي قد حصل، وإنما سيسعده المزيد من التفكك والشرذمة للدول العربية، وتيِهوا أنتم وراء المذهبية، والطائفية والقبلية، والثأر والثأر المعاكس، ولا تحلموا باستقلال اقتصادي، أو سياسي، أو صناعي، وحتى اجتماعي، فما عاش الغرب وترعرع، إلا على فرقة العرب والمسلمين،”

من حق الغرب أن يسمي الأحداث في العالم العربي (ربيعا) لأنها تزهر في جانبهم هكذا، أما في الجانب العربي ليس إلا خريفا كئيبا، تصفرُّ فيه أوراق الشجر وتذبل، وتتساقط على الأرض، ويكفهر الجو ويصبح خانقا، وقد سمعت كلاما كثيراً في هذه الأحداث، والمؤسف هنا أن عدداً كبيراً من العرب، ينظر إلى ذلك على أنه انتفاضة حميدة، بدليل أنها أطارت برؤوس الفساد في عدد من البلاد العربية، وكأن الأرض قد خلت من الفساد تماما الآن، وسيصبح كل شيء أحسن من ذي قبل، أمنيات لا أرى ما يؤكدها إلى اليوم، وقد بدأت الأحداث باحتلال العراق قبل تسع سنوات، ومن ثم زكتها ثورات تونس، ومصر، وليبيا، واليمن .. وسوريا في المقلاع، وهذا حصاد لأكثر من نصف أمة العرب، وبدون هذه الدول لا قوة في العرب يحسب لها حساب، ومع ذلك رياح الخريف مستمرة.

لقد تعودنا على انقلابات العسكر، وكيف كانت تنجح تلك الانقلابات، وقد ظننا أن كل تغير تحدثه الشعوب سيكون أفضل بكثير من انقلابات العسكر، لأنه نابع من الشعب وإلى الشعب، والأسوأ من كل هذا إننا ننظر إلى الغرب على أنه الداعم للحرية والديمقراطية، وأنه مجير الشعوب من طغيان الحكام، ولم نفكر أبداً أننا نعيش ما يسمى بالخديعة الكبرى، أو الكذبة العظيمة التي قالها الغرب .. ويكاد يصدقها بنفسه، وهو يعلم أنها حيلة بشعة، بما تفني من بشر، ذنبهم أنهم ولدوا مسلمين.

إذن لا الثورات الشعوبية ستنجح، ولا الغرب يريد الخير للعرب، وأنا أقول رويدكم علينا أيها العرب المندفعون وراء سراب النصر على الفساد، وإن الذي تحقق إلى الآن، ليس أكثر من هدم وخراب وبلاد الخريف خير شاهد على ذلك، ولا أقول هذا نادماً على الحكام الذين خلعهم الخريف العربي، وإنما أقول ذلك آسفا على ما آل إليه حال العرب، أو ما سيؤول إليه لاحقا، لأن المسرحية ما زالت مستمرة، والسيناريو عند المخرج، وإن أكثرنا مجرد ممثلين ثانويين على خشبة المسرح.

أقول لمن يريد أن يناقش الأمر بموضوعية وتجرد، إن الذي يسعد الغرب ليس هذا الذي قد حصل، وإنما سيسعده المزيد من التفكك والشرذمة للدول العربية، وتيِهوا أنتم وراء المذهبية، والطائفية والقبلية، والثأر والثأر المعاكس، ولا تحلموا باستقلال اقتصادي، أو سياسي، أو صناعي، وحتى اجتماعي، فما عاش الغرب وترعرع، إلا على فرقة العرب والمسلمين، وقولوا لنا أين أصبحت الدول العربية المبشرة بالحرية والديمقراطية، من العراق إلى الدول التي عمها الخريف، وها نحن الآن في العام 2013م، كان الأفضل لكم وضع أيديكم بيد إيران القوية، واتركوا حساب رافضيتها إلى ربها، ومن ثم انظروا كيف سيحترم العالم قوتكم وتآزركم كمسلمين.

إن الثورات التي ليس لها قادة تحترمهم الشعوب، أو قادة عسكريين يفرضون الأمر بالقوة، فليس لها دون ذلك بصيص أمل في النجاح، فالناس لا يذعنون إلا مرغمين بين قوتين، قوة القهر والبطش، وقوة تأثير المال والجاه، فنحن كأمة إسلامية نعيش مرحلة جاهلية، تزيد في جهلها على الشهيرين أبي لهب وأبي جهل، فليس سهلا أن يقبل أي شخص بحكم شخص آخر كان بالأمس جليسه، أو زميل عمل معه، إذن فلا طاعة ولا انصياع، إلا لمن تمرس على السلطة، وتدرج في مناكبها تدرجا منطقيًّا، ومع ذلك لن يسلم من النقد والمكايد والتآمر حتى لو كان عادلا.

يقال إن الخيانة هي وسيلة الضعفاء، ونحن العرب نضعف أنفسنا بأنفسنا، فإذا خنا الله فيما عهد إلينا من دين قيم، لا يأتيه الباطل من بين يديه لمن تمسك به، ومن كبر ضلالتنا اليوم، أن يقوم بعضنا باتهام بعض الموحدين من المسلمين، بأنهم أكبر عداوة من اليهود والنصارى للعرب، وأخذت محطات الشر والنفاق، تصرف نظر البسطاء في هذا الاتجاه، فيا سبحان الله لم تعد إسرائيل العدو الأول للمسلمين والعرب، وهي ما زالت تحتل ثالث المقدسات الإسلامية، وأولى القبلتين، ومسرى سيد الثقلين، وقد صرح العرب أنها أقل خطورة من إيران وحزب الله وسوريا .. فكيف يكون ذلك أيها المستسلمون ؟!!.

- حمد بن سالم العلوي - كاتب عماني
safeway-78@hotmail.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2177993

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177993 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40