الأحد 3 شباط (فبراير) 2013

إخوان مصر وحصاد الخسائر الفادحة

الأحد 3 شباط (فبراير) 2013 par هاشم عبد العزيز

التذاكي قمة الغباء، هذا ما ينطبق تماماً على جماعة الإخوان المسمين في مصر التي جمعت في لحظة ما بين صعود صاروخي إلى قمة وواجهة السلطة وانحدار إلى مشارف حافة هاوية سحيقة .

في البدء هم فوجئوا باندلاع ثورة يناير، وبتذاكيهم جمعوا بين أن يكونوا الشريك غير المؤكد للنظام والشريك غير المؤكد للقوى الوطنية، وجاء غيابهم في فترات حاسمة للثورة العام 2011 ليثير علامات استفهام حول موقفهم، وفي أبرز ما يشير إليه متابعون أنها تراوحت بين تواطؤ القيادات مع نظام مبارك والانخراط العفوي التلقائي لقطاعات من قواعدها في مجرى الثورة الشعبية، وبين هذا وذاك كان الوقوف على “الحياد” بدافع الحذر وما يُوصف بال”براغماتية” التي تمارسها الجماعة انتظاراً لما يسفر عنه ميزان القوى، وهذا ما حدث في ما بات معروفاً ب “الطبخة”، التي أنجزوها مع العسكر برعاية أمريكية لتبدأ رحلة استئثارهم بالسلطة .

ومع أن هذه اللحظة كانت قصيرة لكنها قدمت حقائق عدة، وفي الأبرز منها أن ثورة يناير من أجل الحرية والعدالة والكرامة في ذكراها الثانية جددت التأكيد على قدرة الشعب المصري ليس النهوض وحسب، بل استمرار عملية التغير وبناء مصر جديدة .

لقد وضع الإخوان أنفسهم في موقف القوة غير الجديرة للنظام المراد تغييره، فقد تجاهلوا الأطراف السياسية الوطنية والفعاليات الثورية الشبابية، وبدأوا مشوار تسلطهم بالهروب من قضايا الناس الحياتية والحقوقية، وفي الواقع العملي باتوا شركاء في النظام الذي لم يسقط بعد رغم تنحي رئيسه وخروج العديد من أركانه، والمسألة هنا في السياسات غير الاجتماعية داخلياً وتجديد البقاء بالدوامة التبعية ذاتها التي رهن من خلالها مبارك مصر بمكانتها وإمكاناتها وما يفترض من خياراتها وسياساتها الخارجية، للإدارة الأمريكية .

ما هو جدير بالإشارة في هذا الشأن، أن الجماعة تحاول رمي ما آلت إليه أمورها من انحدار على أطراف سياسية أخرى، إلى درجة أنها تبدو في شكواها وبكائها أنها غدت ليست وحيدة، بل ويتيمة، مع أن الحقائق مجافية لهذه الادعاءات، إذ للإخوان داعمون كثر وبإمكانات هائلة، ومن بين أبرز هؤلاء الأمريكيون الذين تقاطر وصول خبرائهم ومخبريهم الأمنيين إلى مصر بأعداد كبيرة للوقوف على ما يجري .

وما لم يعترف به الإخوان، وهم جميعاً يفعلون ذلك، أنهم بأعمالهم قبل أقوالهم يذهبون إلى حصاد خسائر كبيرة وعبر مريرة، وهاكم بعضاً من أوجه هذه الحقيقة:

الوجه الأول الاستسهال: إذ بدا الإخوان كما لو أن لديهم المفاتيح السحرية لمواجهة قضايا مصر وما زاد من ثقتهم تلك الخريطة الطويلة للداعمين والراضين عنهم في الخارج ووقوعهم في ركون القدرة على مضاعفة الاحتشاد الشعبي بالاعتماد على حملاتهم الدعائية وأنشطتهم السياسية بأوجه خيرية في الأوساط الشعبية الفقيرة، وقد وقعوا تحت تأثير التسويقات الدعائية الخادعة من أن هذا الزمان “زمنهم” من دون وعي لمعضلات مصر، ومن دون إدراك أن أحداً غير قادر على امتلاك الزمن الذي يمضي بأفق إنساني .

الوجه الثاني هو الاستئثار: والمسألة هنا لا تقوم على تغييب الشراكة التي تفرضها متطلبات إعادة البناء ومواجهة التحديات الماثلة والقادمة وحسب، بل الضيق من الآخر بوجوده فكيف الأمر بالنسبة لحقوقه؟ والمثل الأبرز هنا أن الرئيس مرسي سجل رقماً قياسياً في ملاحقات الصحافيين والإعلاميين بتهمة “إهانة الرئيس” .

وحسب الشبكة العربية للمعلومات فإن بلاغات الرئيس مرسي ضد الإعلاميين بلغت في ستة أشهر فقط أربعة أضعاف ما شهدته في الأعوام الثلاثين من حكم مبارك، وأربعة وعشرين ضعفاً لعدد القضايا المشابهة التي شهدتها فترة تولي الرئيس الأسبق أنور السادات، وأكثر من كل حكام مصر منذ بدء العمل بالمادة التي تجرم إهانة رأس الدولة قبل أكثر من 100 عام .

الوجه الثالث الافتقاد إلى القدوة الإدارية: وهذا لا يعود إلى غياب الكفاءات والخبرات؛ فالجماعة لديها أعداد غير قليلة من هذه القيادات والكوادر، ولكن هذه الكفاءات تبقى أسيرة البابوية الاقطاعية للمرشد العام بالنسبة للجماعة بكاملها، ولمن يمسكون بمفاصلها الهرمية الذين حولوا القيادات الإدارية إلى واجهات لتوجيهاتهم لا إلى كفاءات تنفذ السياسات .

الوجه الرابع، ويتمثل بما يمكن تسميتها “عقدة المعاناة”، إذ من المعلوم أن هذه الجماعة نالت نصيب الأسد من الاعتقالات والملاحقات، وحرمت من حقها السياسي .

إن ما يحدث الآن من قبل جماعة الإخوان تجاه المواطنين في تظاهراتهم يطرح أمرين، إما أن الجماعة في وهم استملاك مصر لمجرد إمساكها بمقاليد السلطة وعلى الآخرين الخيار إما الانصياع أو المغادرة، وإما أنها باتت القوة التي تناهض التغيير في هذا البلد . .

نعم،تخوض جماعة الإخوان المسلمين في مصر معركة شرسة ومندفعة للحفاظ على مغانم السلطة، هي وحدها من أشعلها بخداعها الأطراف السياسية ولرفضها التوافق على الدستور ولعقدها صفقات التفافية على الثورة بأهدافها وطلائعها الشابة، كما يبدو لم يعد بمقدور الجماعة مجرد إيقاف تداعيات خسائرها الفادحة، وباتت في حال انتحار ومواجهة مع الجماهير الثائرة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2180657

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180657 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40