الأحد 3 شباط (فبراير) 2013

عدوان« إسرائيل» على سوريا

الأحد 3 شباط (فبراير) 2013 par أمجد عرار

سوريا، مرة أخرى، هدف لعدوان “إسرائيلي” جوي . منذ بضعة أشهر و”إسرائيل” تشغّل أسطوانة الخوف من نقل سلاح كيماوي من سوريا إلى منظمات “إرهابية” حسب توصيف “إسرائيل” وحلفائها . لكن وسائل إعلام “إسرائيل” كذبت حين قالت إن العدوان استهدف قافلة سلاح في طريقها إلى لبنان، رغم أنها لم تقل إن السلاح كيماوي . “إسرائيل” الرسمية لم تقل شيئاً .

الغموض “البناء” مرّة أخرى . في كل مرّة تضرب “إسرائيل” ضربتها، تترك العالم كلّه يتكهّن، يخمّن، يحلّل، ويجتهد لسبر أغوار ما يحدث . صاحب براءة اختراع هذه السياسة هو شمعون بيريز عندما أحضر إلى جنوب فلسطين المحتلة مفاعلاً نووياً من فرنسا “الديمقراطية جداً” . منذ الخمسينات وسياسة “الغموض البناء” سارية المفعول . قادة “إسرائيل” سبحوا على شواطئ الاعتراف الصريح، لكن دون مستوى الاعتراف الرسمي . لكن هذه السياسة أصبحت تنطبق على كل جريمة ترتكبها “إسرائيل” .

تحدث غارة في في هذا البلد العربي أو ذاك، تحصل جريمة اغتيال أو اختطاف في هذا البلد العربي أو الاوروبي أو ذاك، “إسرائيل” الرسمية تصمت، وتوعز لوسائل إعلامها لكي تقوم بالمهمّة، فتذهب هذه تصب التقارير والرسوم البيانية عن اليد الطويلة للجيش “الإسرائيلي” .

إذن هناك “إسرائيل” الرسمية لا تتبنى الجريمة، لكي تحرم الجهة المستهدفة من مشروعية الرد، وأيضاً لكي تقطع الطريق على المؤسسات الدولية فلا تستطيع إدانة “إسرائيل”، حتى لو كانت الإدانة كلاماً بلا جمرك .

اليد الطويلة في مفهومها غيره في مفهومنا، لديهم يعني الاختراق والردع، أما عندنا فمعنى هذا التعبير “الحرامي” .

هم أقرب للمفهوم العربي في التعبير عن “اليد الطويلة” . أما الغموض “البناء” فهو مفهوم تضليلي تماماً مثل “الفوضى الخلاقة”، مجرد مزج اعتباطي بين المتناقضات .

المحللون العرب، كوسائل إعلامهم، وتبعاً لانقسامهم ذاته، فريق أدان العدوان وغضب من تطاول “إسرائيل” على أرض عربية، وفريق آخر وظّف العدوان في مزايدة مكرورة، وفي أحسن الأحوال قد يكون نطق بكلام صحيح كلياً أو جزئياً، لكن للتصيّد في المياه العكر، لا أكثر .

أمريكا تسارع دائماً لمنح “إسرائيل” الغطاء لأي جريمة بلا تحفّظ، وبشكل فظ ومستفز . وبعد ساعات من العدوان على سوريا، تصرّفت واشنطن مثل وسائل الإعلام “الإسرائيلية”، حيث حذّرت سوريا من نقل سلاح إلى لبنان . وكأنها تريد أن تتبنى العدوان باسم “إسرائيل”، وتدرجه على الفور تحت مسمى “حق الدفاع عن النفس” .

كل القوى السياسية الحية والحرّة . كل المثقفين الوطنيين، يتجادلون ويختلفون إلى أقسى درجات سخونة الاختلاف، لكن عندما يحصل عدوان خارجي، تذوب الخلافات وتهدأ نار الجدل الداخلي، وتحضر وحدة الموقف فوراً ضد العدو الخارجي . بعض وسائل الإعلام العربية لها موقف مناهض للحكم في سوريا، لكنها تعاملت مع العدوان “الإسرائيلي” بمنطق قومي تقدّر عليه، ذلك أن العدوان مصدره “إسرائيل” العدو التاريخي للأمة العربية والإسلامية وللإنسانية، كما أنه يطال أرضاً عربية ويتجاوز محدودية الأنظمة، إلا إذا أراد البعض أن يجعل من “إسرائيل” جزءاً من معادلاتنا الداخلية .

هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها “إسرائيل” دولاً عربية، بل بالكاد نجد دولة سلمت من يد “إسرائيل” الطويلة، من فلسطين ولبنان إلى تونس والسودان مروراً بالعراق والأردن وغيرها . من المؤسف أن تخضع العدوانية “الإسرائيلية” لمنطق المناكفة وتصفية الحسابات والتشفي والتصيّد، ولا نعرف ما سيكون عليه الحال إذا كرّرت “إسرائيل” عدوانها وحوّلته إلى حرب شاملة، فقد يخرج بعض الكتبة لينصح نتنياهو باستخدام السلاح النووي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2166084

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2166084 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010