الأحد 20 حزيران (يونيو) 2010

أنظمة بالية.. وشعوب حرة

الأحد 20 حزيران (يونيو) 2010 par مؤمن بسيسو

كم من الوقت تحتاج الأنظمة العربية للتحرر من ربقة التبعية للسياسات الأمريكية، والدوران في فلك قضايا شعوبها وأمتها، وبلوغ الحد الأدنى من الشعور القومي والإنساني الذي يفتح أعينها على حقائق العصر ويضعها أمام واجباتها البدهية ومسؤولياتها الطبيعية التي أهملتها دهرا من الزمن؟!

لا تبدو الأمور مبشرة على هذا الصعيد، إذ أن حربا ضروس أتت على الأخضر واليابس في غزة، وحصارا بشعا ذو تداعيات ضخمة لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية المعاصرة، لم يكن كافيا لإيقاظ الأنظمة العربية من سباتها المشين وارتمائها في حضن القرار والأجندات الخارجية، ولم يكن كافيا لإنماء روح التضامن والنصرة مع أهل غزة الصامدين في وجه رياح الموت التي تهبّ عليهم صباح مساء!

لم يجد النظام العربي الرسمي ما يجود به على غزة عقب أعوام عجاف من الحصار منقطع النظير سوى عمرو موسى الذي امتشق كبرياءه المصطنع على أهالي غزة البسطاء الطيبين، وامتثل لأجندة خاصة خلال الزيارة في ظل حركات استعراضية أفرغت زيارته من أي مضمون إيجابي، ولو كان شكليا!

لم نتصور يوما أن يُضفي موسى -الذي يقف على رأس مؤسسة الجامعة العربية التي أصدرت قرارات سابقة برفع الحصار- على زيارته طابعا سلبيا، وأن يجاهر بمواقف تمس مشاعر أهالي القطاع الذي انتظروا من زيارته شيئا من الفرج والخلاص!

لا يعترض أحد على زيارة عمرو موسى، لكن زيارته التي يفترض أن تكون تاريخية بامتياز في ظل مخاض عسير وتحولات دقيقة يشهدها الوضع الفلسطيني، تحولت إلى زيارة شكلية فاقدة القيمة والمحتوى اللهم إلا من رسائل القهر والمعاناة التي حملها من الأهالي المكلومين، ولم تُحدث أي أثر أو صدى إيجابي يمكن البناء والتعويل عليه فلسطينيا.

من الصعب تجرّع بعض المضامين التي حملتها زيارة الرجل، فقد حطّ متأخرا كثيرا على أرضنا، ولم يكلف نفسه سابقا عناء زيارتنا والاطلاع على معاناتنا رغم أرتال الدعوات والمناشدات التي وُجّهت إليه مدرارا، وها هو يُجسد –بحق- ملامح الرؤى والسياسات العربية الرسمية تجاه غزة، وينفخ فينا روح الخور والارتكاس العربي الرسمي دون استحياء.

ومما يبدو فإن النظام العربي لم ولن يتعلم من أخطائه الكبرى وتجاربه الفاشلة، ولن يكون سوى تشديد الضغط عليه بكل الوسائل سبيلا لإجباره على الانحياز لمقتضيات الحق والعدالة والاصطفاف إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم وإجباره على إعادة حساباته في كيفية نسج علاقاته وتحالفاته إقليميا ودوليا.

أمام الشعوب العربية والإسلامية والقوى الحية فيها تحديات بالغة لتنظيف بلادها من أدران التبعية والارتهان للخارج، وتهيئة الظروف نحو جولات جديدة من الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب وحلفائه الحاقدين.

لا مكان تحت الشمس لأنظمة بالية تعادي طموحات وقضايا أمتها.. والمستقبل للشعوب الحرة التي تنحت في صخر الصبر والصمود، وتصنع الأمل من بين أنياب المستحيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165427

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165427 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010