الثلاثاء 15 كانون الثاني (يناير) 2013

فريق أوباما الجديد

الثلاثاء 15 كانون الثاني (يناير) 2013 par منير شفيق

الفريق الجديد الذي سيقود القرارات السياسية والعسكرية والإقتصادية في العهد الثاني من رئاسة باراك أوباما، أثار احتجاجات اللوبي الصهيوني الأميركي كما تصريحات من قِبَل نتنباهو وحكومته، ولا سيما في ما يتعلق بوزير الدفاع هاغل. وذلك بسبب مواقف سابقة له في أثناء عضويته في الكونغرس مثل “أنه لا يمثل إسرائيل في الكونغرس”. فضلاً عن اعتراضه على الحرب ضدّ العراق فيما كانت الصهيونية وراءها، وقد صُمّمت لتكون في مصلحة المشروع الصهيوني بغض النظر عما قد يلحق بأميركا من أضرار وخسائر بسببها.

باختصار لم يرَ اللوبي الصهيوني أو نتنياهو في هاغل مخلباً في خدمتهم داخل الإدارة الأميركية، أو رجلاً منقاداً لسياساتهم حتى لو كانت مضرّة بالسياسة الأميركية.

فاللوبي الصهيوني ومنذ العهد الثاني لرئاسة بيل كلينتون ثم طوال عهدي جورج دبليو بوش لم يكن قوّة ضغط، وإنما قوّة قرار في مراكز القرار داخل البيت الأبيض نفسه وداخل الإدارة الأميركية ذاتها. وهذا تحوّل نوعي في علاقة اليهود الصهاينة بالدولة الأميركية. أي التحوّل من مركز ضغط إلى مركز نافذ في مراكز القرار. الأمر الذي سخّر الإستراتيجية الأميركية الخارجية لخدمة المشروع الصهيوني. مما أفسح المجال للرئيس الروسي بوتين أن يستعيد روسيا دولة كبرى، وأفسح المجال للصين لتقفز خلال العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين لتصبح قوّة كبرى المهابة اقتصادياً وعسكرياً، وذلك إلى جانب إفلات عدد من دول أميركا اللاتينية من سيطرتها. وإذا أضفنا ما حاق بأميركا من إخفاقات في احتلاليها لكل من أفغانستان والعراق، ودعمهما لحربي تموز 2006 و2008/2009 وفشلهما.

كان من أسباب هذا المآل ما حدث من تحوير لأولويات الإستراتيجية الأميركية أوصل أميركا إلى ما وصلته الآن من فقدان سيطرة، وأزمة مالية، وتراجع متواصل، الأمر الذي حفز الجيش الأميركي إلى دعم بارك أوياما في انتخابات الرئاسة الأولى. وقد صدرت تصريحات رسمية من قبل قيادة الجيش الأميركي عبّر عنها الجنرال بترايوس في ذلك الوقت، أزعجت اللوبي الصهيوني والكيان الصهيوني. وقد عبّر عن اعتراضه بسياسات مضادّة ففرض على أوباما التراجع، والوقوع في الشلل في السنتين الأخيرتين من عهده الأول. ولكن يبدو أن الجيش عاد يشدّد على إعادة تحديد أولويات الإستراتيجية الأميركية وعدم إخضاعها لأولوية خدمة المشروع الصهيوني كما فعل الجمهوريون الجدد في عهدَيْ جورج دبليو بوش الإبن.

وهذا يفسّر الخوف الصهيوني من الفريق الجديد لأوباما في رئاسته الثانية. وهو السبب وراء الحملة على هاغل ومحاولة الحيلولة دون وصوله إلى وزارة الدفاع الأميركية.
ولكن في المقابل أخذ ينشأ مناخ بدأ يبني آمالاً على الإدارة الأميركية مع هذا الفريق الجديد، وذلك اعتماداً على المخاوف الصهيونية.

بالتأكيد سيكون مصير هذه الآمال كمصير الآمال الخلب التي يُنِيَت على مجيء باراك حسين أوباما في عهده الأول. وإذا به يُخيّب آمالهم حين اعتبر “أن إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي”. وبهذا شطب بجرّة قلم التاريخ العربي والإسلامي في فلسطين، وأعطى ما لم يعطه أساطين السياسة الأميركيون الصهاينة من حق لليهود في فلسطين.

أما في التطبيق العملي فسرعان ما انحنى أمام نتنياهو كما شاء أحياناً، والتزم الصمت حيناً. ولكن وزارة خارجيته أيّدت سياسة نتنياهو باقتسام الصلاة في المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود. وغضت الطرف عن تهويد القدس واستشراء الإستيطان في الضفة.
التجربة التاريخية مع الإدارات الأميركية لا تسمح بأن يتفاءل البعض بالفريق الجديد لأوباما، وكذلك هو الشأن بالنسبة إلى الطبيعة الإمبريالية الأميركية التي ستظل معادية للعرب والمسلمين والقضية الفلسطينية.

ثم هنالك الإستراتيجية الأميركية، والمعلنة مجدداً من قِبَل الفريق الجديد وهي الإلتزام بأمن الكيان الصهيوني والتصدّي لكل ما يتهدّده.
الأمر الذي يوجب التأني وعدم استباق الآتي بالتمنيات والآمال.
هذا الفريق جاء لينقذ أميركا من الأزمات التي راحت تعصف بها، ويوقف حالة التدهور فهو فريق إنقاذ أولاً وقبل كل شيء.

أما كيف سيكون هذا الإنقاذ؟ فإن كل ما هو متوفر يتمثل ببعض الدراسات والتعليقات والأفكار المتناثرة. أو بعبارة أخرى لم تتبلور بعد الخطوط الأساسية للإستراتيجية الأميركية. طبعاً لا مفرّ من أن يحدث تغيير.
وما يُذكر من مواقف وتصريحات لوزير الدفاع هاغل في السنوات الماضية لا تشكل دليلاً على مواقفه وسياساته بعد أن يتقلد وزارة الدفاع. بل راح قبل موافقة الكونغرس عليه يطمئن ويتملق الموقف الصهيوني.

إن إدارة أوباما والحزبين الجمهوري والديمقراطي أمام مفترق طرق، وأمام صوْغ استراتيجية جديدة سياسية وعسكرية واقتصادية. وأول ذلك تحديد أولويات الإستراتيجية الأميركية العالمية، مثلاً هل ستتوجه شرقاً باتجاه المحيط الهادئ- الصين؟ وما سيكون موقع روسيا في هذه الإستراتيجية؟
الإجابة عن هذه القضية سينعكس على السياسات الأميركية إزاء إيران وعدد من القضايا الأخرى، وفي مقدمها القضية الفلسطينية.

تفضل إدارة أوباما إذا أحدثت تغييراً في استراتيجيتها أن يبقى الوضع إزاء سياسات نتنياهو هادئاً لئلا تُحرَجُ في تحديد موقف. وهو ما يجب أن يفيد منه الموقف الفلسطيني فيسارع إلى إطلاق انتفاضة تطالب بتحرير الضفة الغربية وتفكيك المستوطنات واستنقاذ القدس بلا قيد أو شرط. مع تجنب الدخول بأيّة مفاوضات أو عودة لمسارات التسوية. ذلك لأن الوضع الأميركي المأزوم لا يستطيع في عهد الفريق الجديد أن يدخل معركة إلى جانب نتنياهو ضدّ انتفاضة تحظى على تأييد عربي وإسلامي رسمي وشعبي ورأي عام مساند.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2166017

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المراقب العام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2166017 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010