السبت 12 كانون الثاني (يناير) 2013

إيران والخليج العربي

السبت 12 كانون الثاني (يناير) 2013 par أمجد عرار

وزير خارجية إيران في مصر لأول مرة منذ ما يقارب الثلاثة عقود . بعد لقاءاته مع المسؤولين في القاهرة تحدث علي أكبر صالحي للصحفيين في مواضيع كثيرة، متفق أو مختلف عليها . لكن ليس بين المساحة المشروعة للاختلاف أن يصف الوزير الإيراني الخليج العربي ب “الخليج الفارسي”، فالسيد صالحي يعرف أن هذه القضية تتجاوز المسمّيات لتلامس المفاهيم السياسية والدلالات التاريخية والتداعيات المترتبة على إطلاق هذا المسمّى .

في واقع الحال، ليس منتظراً في ظل المواقف الإيرانية المعلنة من هذه القضية، أن يذكر مسؤول إيراني الخليج باسمه العربي، فهذه مسألة تتجاوز قدرة شخص بعينه عليها، لا سيما أنه لا يتحدّث بصفة شخصية، بل يعبّر عن موقف بلاده، وهو بالمقابل يلام بما يمثّل . لكن كان بإمكان الوزير صالحي، وهو رجل دبلوماسي، أن يكون دبلوماسياً في إجابته عن سؤال يتعلّق بمخاوف من بعض السياسات والتوجهات الإيرانية في المنطقة . كان أمامه إخراج على قاعدة “سكّن تسلم” مثلاً، كأن ينطق بكلمة الخليج وهي الكلمة المشتركة للتسميتين، ويبقي بالتالي على المسألة في الإطار الخلافي إياه من دون تصعيد لا مبرر له من عاصمة أكبر دولة عربية يعود إليها وزير إيراني بهذا المستوى منذ قطع العلاقات بين القاهرة وطهران أوائل الثمانينات .

لم يكن صالحي مضطراً لهذا التعبير الخلافي في وقت يذهب إلى مصر تحت عنوان إعادة العلاقات، وهي خطوة ثمة من يراهن فيها على المساهمة إيجابياً في إحداث التقارب العربي الإيراني على العموم، وقطع الطريق على أي جهات دولية، بما فيها “إسرائيل”، أن تتصيّد في المياه العكرة . وفي حين تواجه إيران حملة دولية عنوانها البرنامج النووي، وأيضاً في ظل التهديدات “الإسرائيلية” التي من شأنها إشعال المنطقة، مطلوب من المسؤولين الإيرانيين أن يكونوا حريصين على عدم تعكير المياه، إذا أرادوا منع أحد من التصيّد فيها .

مرّة أخرى تظهر الحاجة لمواقف مسؤولة تقطع الطريق على من يتمنون ويخططون لخلق صراعات جانبية بين العرب وإيران أو بين المسلمين أنفسهم، من خلال إبداء حسن النوايا وإظهار مواقف ودية . وفي هذا الصدد، لا يطلب العرب من إيران تبني مواقفهم من القضايا الخلافية على نحو تلقائي، إنما إخضاع هذه القضايا لحوار جاد وهادئ أو لتحكيم دولي يلتزم الجميع بنتائجه، من دون إسقاط أن إيران تحتل منذ عقود جزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث، ولا تتجاوب مع أية مبادرة إيجابية وأية يد ممدودة لإنهاء هذا الاحتلال .

وفي اللحظة التي يكون فيها كبير الدبلوماسية الإيرانية في كبرى الدول العربية، وإيران دولة جارة وكبيرة ومؤثّرة في خريطتي الإقليم والعالم، فإن الخلافات المشار إليها وغيرها لا تمنع استمرار التواصل، بل والمبادرات الترطيبية في زمن نرى الكثير من الجهات تعزف على وتر التفرقة والفتن . لكن هذه المبادرات، وهذا الحرص على التواصل وعلاقات حسن الجوار، لا يمكن أن تقف على قدم واحدة، فهي كرقصة التانغو التي لا تؤدى إلا ثنائياً، ولا بد أن يكون هذا الحرص متبادلاً وينظر إليه باحترام ومراعاة من جانب إيران كما من جانب العرب، وبغير ذلك لا تستقيم الأمور .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165266

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165266 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010