الأحد 6 كانون الثاني (يناير) 2013

الملف الملغوم

الأحد 6 كانون الثاني (يناير) 2013 par خيري منصور

التفريق بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية استيطانية ليس وليد اليوم أو البارحة، والخلط بينهما لم يكن صناعة عربية أو إسلامية بقدر ما هو مخطط صهيوني يستهدف توريط اليهود جميعاً في مشروع لا يخص سوى فئة واحدة منهم، لكن ما يستوقفنا الآن هو فتح ملف ملغوم حول اليهود الذين عاشوا عصوراً في العالم العربي، وكانوا جزءاً عضوياً من النسيج الديمغرافي، خصوصاً في مصر والعراق واليمن، وكان تهجيرهم إلى فلسطين ضمن استراتيجية الاستيطان وإجلاء الفلسطينيين عن أرضهم كي تبدو قابلة للاستيعاب، إضافة إلى تكريس أطروحة زائفة ومزورة للوقائع تم اختراعها هي أن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب .

والجزء الذي نسميه ملغوماً في هذا، الملف هو مزاعم الدولة العبرية حول حقوق هؤلاء الذين تم تهجيرهم في الأقطار العربية التي غادروها ومن ثم المطالبة بتعويضات قد تعادل أو تفوق التعويضات المطلوبة قانونياً وأخلاقياً ومادياً لملايين الفلسطينيين الذين خلعوا من ترابهم قبل أكثر من ستة عقود . والتزامن المثير هو بين فتح هذا الملف والحراك الدبلوماسي “الإسرائيلي” الذي بلغ ذروته قبل عام في عواصم الغرب والعالم حول هذه المسألة .

وما يغيب عن دعاة عودة اليهود الذين هجروا أو هاجروا من العالم العربي أن الأكثرية الساحقة من هؤلاء لم تعد على قيد الحياة لأسباب متعلقة بالزمن .

أما أبناؤهم وأحفادهم فإن معظمهم قد استقروا في عواصم أوروبية أو في الولايات المتحدة، إضافة إلى من ذهبوا إلى فلسطين، وقد سبق لمؤرخين مصريين وعراقيين منهم الرافعي والمستشار طارق البشري وأحمد سوسة الذي ألف كتاباً ضخماً عن اليهود العراقيين أن عالجوا هذه الظاهرة من مقتربات مختلفة، وعلى سبيل المثال، عندما صودرت أموال يهود مصريين في خمسينات القرن الماضي وبعد حرب السويس وصدور قوانين التأميم لم تصادر أموالهم بصفتهم يهوداً “إسرائيليين”، فقد كانوا من حملة الجنسيات الفرنسية والإنجليزية على الأغلب، وتم تعويضهم عام 1957 بموجب اتفاقيات تمت في مصر بعد انتهاء العدوان الثلاثي .

إن فتح هذا الملف مجدداً يجب أن يراعي عدداً من الاعتبارات كي لا تخلط الأوراق ويتحول الأمر إلى ذريعة “إسرائيلية” تخدم ما تدعيه من اضطهاد العرب لليهود .

فالتاريخ له منطق آخر غير هذا وشهد في العديد من مراحله رعاية الدولة العربية الإسلامية لليهود كمواطنين إذا كانوا من سكان البلاد، وحمايتهم كوافدين عندما لاذوا بالمسلمين فراراً من الاضطهاد الأوروبي سواء على أسس دينية أم عرقية .

وما يجب الاحتراز منه هو الوقوع العربي في فخ “هولوكوست” ليس له ما يؤكده في النطاق العربي، فالهولوكوست أوروبي بامتياز .

والابتزاز الذي مارسته الصهيونية ضد الأوروبيين وخصوصاً الألمان حول “الهولوكوست” إلى نمط إنتاج اقتصادي، فثمة عزف لا ينقطع على وتر الذاكرة الآثمة إزاء اليهود رغم أن ما حدث تاريخياً بالنسبة للعرب هو العكس في ما كتبه سملانسكي في رواية “خربة خزعة” ومؤلفات إسرائيل شاحاك وتصريحات بورغ إلى آخر القائمة هي التعبير الدقيق عن ذاكرة يهودية آثمة إزاء العرب وبالتحديد إزاء الفلسطينيين .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165241

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165241 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010