الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2012

الديار اللبنانية : الأسد صمد والخيارات محدودة

الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2012

حاول رفعت الاسد، شقيق الرئيس الراحل حافظ الاسد، وعمّ الرئيس الحالي الدكتور بشار الاسد، الاشتراك في اجتماع المعارضة السورية في قطر، الاسبوع القادم، فرفضت المعارضة، معتبرة اياه انه ارتكب مجازر ضد الاخوان المسلمين، كما انه ذهب الى سجن تدمر، وأخرج كافة السجناء من الاخوان المسلمين وأعدمهم. لكن رفعت الاسد حاول اقناع المعارضة، انه هو القادر على الامساك بزمام الامر في الجيش، وان ضباطه الذين خدموا معه، يوالونه، في حال وصوله، لكن المعارضة رفضت. والان، بات واضحاً ان واشنطن وموسكو أعلنتا ان حلاً سياسياً يجري العمل على تنفيذه، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتمع مع رئيس مجلس وزراء تركيا واتفق معه على ان الحل سياسي. وعلى دور تركيا في الحل، ودور روسيا، كما ان لافروف اتفق مع كلينتون على حل سياسي، وان يكون هذا الحل السياسي، هو مرحلة انتقالية، يبقى فيها الرئيس الاسد رئيساً للجمهورية، على ان يكون رئيس الحكومة من المعارضة والوزراء مناصفة بين النظام والمعارضة. انما بقيت اشكالية كبرى هي لمن تتبع الاجهزة الامنية، فالمعارضة تريدها ان تتبع لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع، فيما الرئيس الاسد يعتبر ان الدستور السوري يصنّف رئيس الجمهورية قائداً اعلى للقوات المسلحة، وانه وفق الدستور قد تم منحه لقب فريق كي يصبح الفريق الدكتور بشار الاسد، ويكون الاعلى في القوات المسلحة وتتبع له الاجهزة، وسيكون هذا الوضع على طاولة الحوار.

على طاولة الحوار يجري، لاول مرة، منذ عام 1963 البحث بين النظام والاخوان المسلمين من اجل ائتلاف حكومي وضمن السلطة، ففي 7 اذار 1963 قام حزب البعث مع ضباط يمثلون جناحا عربيا بانقلاب، وتسلّم فيها في هذه السلطة، المقدم حافظ الاسد قائد سلاح الجو. وتسلم رئاسة الجمهورية الرئيس أمين الحافظ. ثم بعده تسلم الرئيس نور الدين الاتاسي، وتم تعيين العقيد حافظ الاسد وزيراً للدفاع وقائداً لسلاح الجو. وفي 16 تشرين الثاني 1970، جرت الحركة التصحيحية في سوريا، وتم ازاحة نور الدين الاتاسي، الذي بقي مسجوناً حتى وفاته، وسجن كل القيادات معه. وتسلم وزير الدفاع قائد سلاح الجو العقيد حافظ الاسد رئاسة الدولة واصبحت رتبته فريق، وكان اول فلاح علوي يأتي من الساحل الى دمشق ليكون رئيس جمهورية سوريا، حيث انه منذ ان جاء معاوية قبل 1400 سنة الى دمشق والسنّة يحكمون سوريا. لكن هذه المرة جاء علوي من الطبقة الفقيرة جدا، ومن عائلة مغمورة رئيساً للدولة، انما حافظ الاسد كان جوّه العربي هو الاساس، ذلك انه اثناء الوحدة بين سوريا ومصر، كان في عداد سرب جوي سوري مفصولا الى مصر، وخدم في مصر سنة و8 أشهر، ثم عاد ليعمل سرا في حزب البعث الذي اسسه ميشال عفلق، فيما اعتبر الاخوان المسلمون الحكم بمثابة الكفّار، اولاً لان حزب البعث اسسه مسيحي اسمه ميشال عفلق، وثانياً لان حزب البعث يعتمد العلمانية ولا يفرّق بين مسلم ومسيحي.

انصرف الضابط الذي اصبح رئيس جمهورية سوريا، الى التحضير في الثكنات، وكان العماد علي دوبا قائد المرافقة له، لكن الرئيس حافظ الاسد لم يجلس في القصر، وطوال 3 سنوات امضى وقته في التدريبات الجوية لعناصره والقوات البرية وغيرها تحضيرا لحرب 1973، وخلال 3 سنوات جهز الرئيس حافظ الاسد سوريا للحرب واتفق مع الرئيس انور السادات على ساعة انطلاق الحرب، ويوم انطلاق الحرب وان يبقى الامر سريا بينه وبين الرئيس السادات ووزراء الدفاع في البلدين. وفي سنة 1973، وكان حافظ الاسد يُعتبر من صقور القومية العربية، وخطاباته كلها تدل على القومية العربية، شن الجيش السوري الحرب عند الساعة الثانية بعد الظهر ضد الجيش الاسرائيلي، بعدما كان حافظ الاسد طلب من انور السادات ان تبدأ الحرب مع الفجر عند الخامسة والنصف، فقال له السادات ستكون مع اشراقة الشمس، وفي ذات الوقت كانت المشكلة للجنود السوريين ستكون ايضا الشمس في وجههم، لكن وافق معه الرئيس السادات وجرت الحرب. كانت محطة تغيير جذرية في حياة حافظ الاسد، فاستنفرت اميركا نوويا عند دخول سهل حولا، والجيش المصري توقف عند ممرات متلا، ولم يكمل الحرب، وفي هذا الوقت خرق الجنرال ارييل شارون، خطوط الجبهة المصرية وطوّق الجيش الثاني في مدينة السويس، عابرا قناة السويس بالاتجاه الاخر، بعدما اجتاح الجيش المصري قناة السويس للدخول الى سيناء، اخذ الطرف الغربي ارييل شارون ليقطع قناة السويس ويطوق الجيش الثاني، ولاسباب اخرى غيرها اوقف السادات الحرب، فيما استمر الاسد في الحرب ثلاثة اشهر اسماها حرب الاستنزاف، اذ بعد توقف الجيش المصري واعلان وقف اطلاق النار ووقف مقابلها عملية الدفرسوار الاسرائيلية، وسمح الجيش الاسرائيلي بإيصال المؤن الى الجيش الثاني المصري، كان حافظ الاسد يقصف بمدافعه وبطائراته ضد اسرائيل، والمفاجأة يومها كانت ان سلاح الجو الاسرائيلي كان يجهل وجود سام 9 وسام 11، مع الجيش السوري. ذلك انه قبل شهر ونصف ضرب الجيش الاسرائيلي مصفاة حمص، فلم يستعمل الصواريخ حافظ الاسد عن قصد، وهو الذي افتعل الحادث مع اسرائيل، عندما قصف بالمدفعية السورية منطقة داخل اسرائيل، فردّت بغارة على مصفاة حمص، ولم يستعمل صواريخه. واستعملها في حرب 1973، فأسقط اكثر من 100 طائرة اسرائيلية. بعد سنة 1973، اصبح حافظ الاسد قائداً عربيا مرموقاً واقليميا ودوليا، ولكن سنة 1977، قرر انور السادات زيارة القدس وعقد اتفاقا مع اسرائيل. جاء الى دمشق وطلب من الرئيس الاسد الموافقة معه على مبادرة لحل الازمة، فرفض الرئيس الاسد. ومضى السادات ووقّع اتفاقية كامب دايفيد، فبقيت سوريا وحدها في الحرب.

في هذا الوقت، تحرك الاخوان المسلمون داخل سوريا نتيجة انشغال الجيش السوري على الجبهة وبدأوا يتمركزون في مدينة حماة ويصدرون جريدة خاصة بهم، وينتقدون الدستور الموضوع من قبل حزب البعث على انه دستور للكفار، لانه دستور علماني. وفي سنة 1981 واجه الرئيس الاسد اكبر عصيانا ضده، بعدما واجه عصيان في حلب وقمعه، وواجه عصيانا في ادلب وجسر الشغور ومعرة النعمان وقمعه، الى ان وصل الى حماة، حيث كان الاخوان المسلمون قد سيطروا على المدينة كليا، ولم يعد باستطاعة الجيش السوري الدخول اليها، اما في دمشق فكان الاخوان المسلمون يغتالون شخصية تلو شخصية من القيادات العلوية. وفي سنة 1981، هاجم الجيش السوري من كل الجهات مدينة حماة، بعدما طلب من النساء والشيوخ والاطفال وكل من يريد ان يخرج من المدينة الخروج منها، وانهى بذلك حافظ الاسد وجود الاخوان المسلمين في سوريا كقوة فاعلة، واصبح اقوى من الاول. وامتد نفوذ الاسد الى لبنان الذي دخله سنة 1977 وقمع الاخوان المسلمين في سوريا، وبات النظام الاقوى في الشرق الاوسط. واسكت الاخوان المسلمين سكوتاً تاماً عبر الاضطهاد ومنع العمل الحزبي والسجون. ومنذ سنة 1981 و1982 والاخوان المسلمون ذهبوا بأكثريتهم على مستوى الكادرات والقيادات الى السعودية والخليج العربي، والى الاردن والى العراق، حيث قدم صدام حسين كل رعاية للاخوان المسلمين، وقدم الملك حسين ايضا كل مساعدة للاخوان المسلمين، وبدأوا يقومون باعمال على الحدود العراقية والاردنية، فحشد حافظ الاسد جيشه على الحدود مع الاردن لشن حرب ضد الاردن من اجل وقف الحرب، لكن اسرائيل انذرت سوريا بأنها ستتدخل اذا هاجم الجيش السوري الاردن، كما ان نظام صدام حسين كان يدعم الاخوان المسلمين للوصول الى السلطة. في هذا الوقت، قرر خطاً جديدا حافظ الاسد، فأبعد شقيقه رفعت الذي كان رمزا للعداء للسنّة، وابعد معه 20 ضابطا من قادة الفرق من الطائفة العلوية الى الخارج، لانهم كانوا يشكلون استفزازا للطائفة السنية، وجاء بشخصية سنية عسكرية هامة، هي العميد حكمت الشهابي، فسلمه الامن العسكري للجيش السوري، وهو من عائلة في حلب لها جذورها السنية والتاريخية. كما جاء بعبد الحليم خدام السنّي المتطرف داخل حزب البعث وجعله وزير خارجية سوريا، وألّف حكومة اكثرية اعضائها من الطائفة السنية، وقام بتعديل للدستور، تعديل تسوية ما بين طلب الاخوان المسلمين وما بين حزب البعث، وفيه كان يطلب الاخوان المسلون ان يكون دين الدولة الاسلام، فوضع حافظ الاسد شعار دين رئيس الدولة الاسلام، وليس كما يريد الاخوان المسلمون دين الدولة الاسلام. وكافح الرئيس حافظ الاسد المرض لسنوات، الى ان توفي سنة 2000 وتسلم الرئيس بشار الاسد. في ظل الرئيس بشار الاسد، نما الاخوان المسلمون في سوريا نمواً قوياً، لكن التساهل السوري تجاه الاخوان المسلمين كان من ايران، لان ايران اوحت لدمشق انها تفتح على السلفيين الاصوليين من السنّة، ويخضعون لسياستها، فتساهل معهم الى حدّ ما.

في هذا الوقت، كانت السعودية تراقب الوضع مع دول الخليج كيف تدخل ايران الى الحوثيين في اليمن الى حركة حماس عند الفلسطينيين الى الرئيس عمر البشير الذي يتلقى معلومات من ايران ويتحالف معها الى تحالف ايران مع تنظيم القاعدة التي هرب من افغانستان اثر الهجوم الاميركي وخرج الى ايران عبر الحدود المشتركة، فسجنتهم ايران لعناصر القاعدة البالغ عددهم حوالى 4 الاف ثم مع الوقت حولتهم الى عملاء لها ينفذون ما تريد ايران. واستطاع الاخوان المسلمون ان يقيموا علاقات مع ايران ويتلقوا اموالاً الى ان شعرت السعودية بأن نظاما فارسيا يجتاح المنطقة، فقررت الحرب ضده، ودخلت على خط الاخوان المسلمين في المنطقة ودعمتهم، وفي سوريا قامت بتغذيتهم بالمال وبكل الامكانيات، كما ان الاساتذة والكوادر السورية الموجودة في السعودية والخليج اقاموا لهم مركزا في السعودية مع رواتب لمتابعة الثورة في سوريا عندما تدق ساعة العملية. وقف الاردن على الحياد في هذه المعركة، اما العراق، فكان مقسّما وصدام حسين جرى اعدامه، وسوريا متفاهمة مع ايران، لكن حركة الاخوان المسلمين تزداد يوماً بعد يوم. دخلت السعودية ودول الخليج على الخط بقوة، وبدأت تقيم نفوذاً لها داخل سوريا عبر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لانها لم تكن قادرة على الدخول مباشرة. وبدأ الضغط على سوريا للانسحاب من لبنان، فرفضت الانسحاب، وجاء اول طلب بانسحابها من مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك صفير، وكانت اشارة فرنسية لسوريا. ثم لاحقاً قُتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في ظروف غامضة، فاشتعل لبنان بما سمّي حركة 14 آذار، وبدل الانسحاب خلال 6 اشهر من لبنان انسحب الجيش السوري خلال شهرين، ومع دخول الجيش السوري بهذه السرعة الى الداخل في سوريا، اصاب الجيش نوع من الاحباط لانه مهزوم، بينما كان حافظ الاسد في عهده يظهر قوة كبيرة، لانه كان مسيطراً على لبنان، اما الان، فخرج الجيش السوري، مثل الجيش المطرود من بلد معين، لكن الرئيس بشار الاسد اعتبر ان الاخوان المسلمين لن يستطيعوا العمل في لبنان، خاصة في غياب الرئيس رفيق الحريري، وان حزب الله سيكون القوة الاكبر في لبنان عسكرياً، ولديه القدرة على لعب دور الجيش السوري في لبنان. تسلم حزب الله المسؤولية من سوريا، واتفق السيد حسن نصرالله مع الرئيس بشار الاسد ان يدير حزب الله الاوضاع في لبنان، دون تدخل الضباط السوريين، بل يبقى تنسيق بين حزب الله وسوريا، انما السلطة والقرارات تكون لحزب الله. وهكذا كان، ومع انكفاء الجيش السوري الى الداخل، بدأت السعودية الهجوم المضاد على ايران، وعلى الشيعة وعلى العلويين، فصدر اول قرار عن حكومة الرئيس السنيورة يرفع فيه الشرعية عن خطوط الاتصالات السلكية التي اقامها حزب الله، الذي اعتبرته المقاومة اخطر قرار لرفع الشرعية، لانها تعرف ان لا الجيش اللبناني ولا حكومة السنيورة قادرون على الغاء الخطوط السلكية من بيروت الى الجنوب، لكن الخطورة هي لرفع الغطاء عن سلاح الاشارة في حزب الله مما اعتبرته المقاومة تمهيدا لرفع الشرعية عن سلاحها، فقامت بعملية 7 ايار وقامت عناصر حزب الله باجتياح بيروت والشويفات ومعركة في كيفون وبيصور والقماطية. وعلى اثر ذلك عادت حكومة السنيورة عن قراراتها لكن الامور تفاقمت في لبنان الى ان حصل مؤتمر الدوحة، وفتحت الطرقات وتم انتخاب العماد سليمان مقابل ان يكون الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة.

هذا الوقت الذي امضاه الاسد بعد انسحابه من لبنان، والعودة الى الداخل، والمحاصرة الدولية نتيجة حصول الاغتيالات في لبنان، وفرض عقوبات على سوريا واتخاذ قرار في مجلس الامن لتأليف محكمة دولية خاصة بشأن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتحقيق مع السوريين بالامر، جعل الدول تزيد من القطيعة بينها وبين الرئيس بشار الاسد. فبعدما كان الرئيس ساركوزي فتح خطاً كبيراً مع بشار الاسد، واستقبله كضيف شرف في احتفال 14 تموز عيد الثورة الفرنسية، ادت الاغتيالات في لبنان الى قطع العلاقات الحميمة، ثم انقلب الرئيس سليمان ووليد جنبلاط على اتفاق الطائف، وحصل اجتماع في قصر الشعب في سوريا، بحضور الرئيس سليمان والرئيس ميقاتي ووليد جنبلاط والرئيس الاسد. وعلى اثرها أجّل الرئيس سليمان الاستشارات من الاثنين الى الاثنين التالي، وخلالها اخذ جنبلاط موقفه من دعم الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة. المصالحة السورية مع جنبلاط ظهرت في الشكل والتصرفات، لكن في العمق كان جنبلاط على اتصال مع سوريا، معتبرا ان قوة الحريري في الشارع لا تساوي شيئا وان القوة هي للشيعة ، كي لا يحصل اي مشكل بين الطائفة الدرزية والطائفة الشيعية. مع اعدام صدام حسين، ومقتل رفيق الحريري، وازاحة سعد الحريري من كرسي الحكم، وسلسلة اغتيالات في لبنان، وامتداد ايران الى الخليج في البحرين، ردّت السعودية سنة 2009 بصرف مبلغ 800 مليون دولار على الانتخابات النيابية لنيل الاكثرية، وهذا ما حصل لولا خروج جنبلاط من 14 آذار.

دعمت السعودية الحركات المناوئة للنظام السوري الى اقصى الحدود، ولم تكن المخابرات السورية تدرك ان النار تحت الرماد، وعندما اطاحت بمظاهرة في مدينة درعا، اعتبرت انه حادث فردي عادي، لكن الحادث كان الشرارة باطلاق حركة الاخوان المسلمين ثورتهم في سوريا. والاخوان المسلمون في سوريا منقسمين الى قسمين، قسم يناضل بالسلاح والاسلام والشريعة الاسلامية، لكنه يقبل بالمفاوضة، وجناح عسكري اسمه جبهة النصرة لاهل الشام، وهي تألفت في 11 تشرين الاول 2011، وجبهة النصرة لاهل الشام لا تعترف بالمعارضة بل تعترف بالاخوان المسلمين فقط، وامتدت المظاهرات في سوريا كما خططت السعودية ودول اخرى، ولم تأخذ السلطات السورية الامر بجدية، بل كانت تعتبر ان كل مظاهرة ستنهي الامور والاسبوع القادم لا شيء، وارتفعت وتيرة المظاهرات، الى ان حصلت مجزرة في حماة عندما قتل 73 متظاهرا بالرصاص، وكان العميد محمد مفلح رئيس فرع حماة، فنقله الرئيس الاسد الى فرع حلب، وسلم ضابطا آخر فرع حماة، واعتبر ان الموضوع سيستكين في حماة لكن الامور اندلعت في كل مكان. وتلقى الاخوان المسلمون دعما ماليا واتفقت السعودية مع تركيا على فتح خط امداد للمقاتلين السوريين. وبدأ المقاتلون والمسلحون المعارضون للرئيس بشار الاسد، يمتدّون لمواجهة النظام في كل مكان، والقوة الضاربة الاساسية هي الاخوان المسلمين وجبهة النصرة لاهل الشام. لكن عندما وصل الامر بالسعودية وقطر الى تسليم المسلحين صواريخ مضادة للدروع حديثة وصواريخ ستينغر مضادة للطائرات، تدخلت الولايات المتحدة ومنعت تركيا والسعودية من القيام بذلك. وفي حين ان اتفاق اضنة يمنع دخول الجيش السوري منطقة جبل الزاوية والاقتراب على مسافة 8 كيلومتر على الحدود مع تركيا، فقد ضرب الجيش السوري الى اقصى الحدود مع تركيا، لا بل ان عناصره اطلقوا النار على مخيم اللاجئين السوريين فقتلت ممرضة. وجرى اسقاط طائرة فانتوم مع طيّاريها الاثنين في البحر، ولم تتوضح الصورة ما اذا كان الحادث تقنيا، او سلاح صاروخي ضربت فيه سوريا الطائرة التركية. لكن القرار الاميركي كان هو عدم تسليم المسلحين اسلحة متقدمة. روسيا ابلغت اميركا واوروبا انها لا تقبل بحل عسكري في سوريا، والاخوان المسلمون طرحوا شعار اسقاط الرئيس بشار الاسد، وبشار الاسد رفض الغاء دستور التعددية، وماذا يعني ذلك؟ عندما يقول الاخوان المسلمون نرفض الرئيس بشار الاسد رئيسا، يعني ان العلويين لن يكون لهم قادة في اعلى مراكز الدولة، وعندما يقول الرئيس بشار اريد دستورا تعدديا علمانيا يعني رفض دخول الاخوان المسلمين الى السلطة حيث يعتمدون الشرعية الاسلامية. مضت 42 سنة على حكم العلويين في سوريا، الى حين ان انفجرت منذ سنة ونصف، واستطاعت موسكو اقناع واشنطن بالحل السياسي، وحاولت واشنطن اقناع موسكو بالتخلي عن بشار الاسد، على ان يتسلم شخص رئاسة الدولة ويكون موالياً لروسيا. واستمرت الحرب في سوريا، وصادف معها سقوط الرئيس حسني مبارك وموت اللواء عمر سليمان في مصر، حيث كان يعالج في اميركا، واغتيال العماد آصف شوكت في سوريا، اثناء اجتماع للامن القومي. واستمرت الحرب في سوريا، انما الحل السياسي اقترب من التنفيذ، وعلى هذا الاساس، تستمر الحرب في سوريا بين جيش ما زال موالياً بأكثريته للرئيس بشار الاسد، وبين الاخوان المسلمين وجبهة النصرة لاهل الشام، والاحزاب السلفية. اما القوى العلمانية التي هي من جبهة المعارضة، فلا قيمة لها على الارض عسكرياً. مات حافظ الاسد سنة 2000، مقدّماً تجربة فريدة بالتاريخ لفلاح ضابط جاء من قرية فقيرة واصبح رئيسا للدولة ولم يفرّق بين علوي وسني، كذلك الرئيس بشار الاسد وشقيقه ماهر، فلم يفرّقا بين علوي وسني، لان الرئيس الاسد وشقيقه العميد ماهر متزوجان من شقيقتين من الطائفة السنية، الا ان تجربة الضابط الفلاح الذي جاء سنة 1963 مع انقلاب البعث، ثم استلم الحكم سنة 1970 بدأت النهاية الان وبدأ البحث الجدي في كيفية اشتراك الاخوان المسلمين في الحكم في سوريا. راهن الاخوان المسلمون كثيراً على انشقاقات في الجيش خاصة من الطائفة السنية، لكن الامر لم يحصل كما ارادوا، والانشاقاقات التي حصلت هي لضباط عاديين وغير عاملين، ولا قيمة عسكرية مهمة لهم، وعندما ارسلت قطر صواريخ ستينغر وسام 7 اشترتهما من ليبيا الى تركيا لتسليمهما الى الثوار، وضعت اميركا فيتو على الامر. وعرفت السعودية ان اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد حالياً غير وارد، مع ان المصادر الديبلوماسية البريطانية والفرنسية والاميركية تؤكد ذلك، ولكن لا سقوط للنظام في الوضع الحالي، وجميع العناصر التي انشقت من الجيش السوري كانت تذهب الى هاتاي، مركز قيادة الجيش السوري الحر، حيث العقيد رياض الاسعد، وسجلت اسماءها وكانت تنال 300 دولار كراتب شهري، الى ان اختفى العقيد رياض الاسعد، وتم اغلاق البناء الذي كان يستعمله مع ضباطه وابنية قريبة للجنود والحرس وتنظيم الجيش. وعلى هذا الاساس كان المجلس الوطني يعطي الاسعد وضباط الادارة الاموال لدفعها الى المنشقين، لكن صدر بيان عن الاسعد او اصدروا عنه بياناً قال فيه لقد انتقلنا للعمل في الداخل. انما مع غياب العقيد الاسعد تلقى الجيش السوري الحر ضربة قوية بالنسبة للتمويل، وانتقل من قيادة رياض الاسعد الى تحت راية الاخوان المسلمين. فيما كان الرئيس بشار الاسد يصعّد العمليات تدريجيا لانه لا يريد ضربة قوية جدا، فبدأ باستعمال الميغ 23، بنمط اقوى، واستعمل الدبابات والصواريخ تجاه قرى ومدن دون تفرقة، حيث كان يوجد مسلحون للاخوان المسلمين. لقد انتهت تجربة الضابط الفلاح حافظ الاسد، الذي حكم 30 سنة سوريا، اما الرئيس الدكتور بشار الذي حكم 12 سنة، فأمامه صعوبات وكأس مرّة ومريرة للبقاء في الحكم، اقلّها قبول الاخوان المسلمين. واذا نظرنا الى الخريطة، وجدنا ان جبل الزاوية يسيطر عليه المسلحون بنسبة 70%، ويسيطر المسلحون على ادلب ومعرة النعمان وقسم من دير الزور ومدينة ابو كمال على الحدود مع العراق، اي ان ما يسمى بمنطقة البادية والجزيرة، او شبه الجزيرة، يسيطر عليها المسلحون، اما الرئيس بشار الاسد، فقرر وضع ثقله للحفاظ على مدينتين اساسيتين، هما حلب ودمشق، فخاض الجيش النظامي السوري معركة عنيفة في حلب استمرت اسبوعاً ونصف حتى استطاع الجيش النظامي السيطرة على 80% من المدينة، فيما بقيت الاسواق القديمة خارج السيطرة ولكن دون فعالية، اذ تم احراقها. اما ريف حلب، فيسيطر عليها المسلحون من منطقة كسب الى منطقة اعزاز، حتى الحدود التركية. وعلى المستوى العام يسيطر الجيش السوري لكن مثلما بقي على مدى 5 سنوات يقاتل الاخوان المسلمين بعد ضربهم في حماة ومواصلة ملاحقتهم، قد يستطيع الجيش النظامي السيطرة على المحاور الاستراتيجية، لكنه لا يستطيع منع الاغتيالات وتفجير السيارات. ويمكن اعتبار ان ما غاب عن بال المخابرات والجيش السوري في الماضي، عاد اليهم الوعي الان وشاهدوا المخطط، ذلك ان المسلحين حاولوا من ريف دمشق، خاصة من بلدة داريا، النزول باتجاه دمشق والوصول الى اوتوستراد المزة وقطع العاصمة الى نصفين، فحصلت معارك عنيفة مستمرة حتى الان في داريا وكل ريف دمشق لمنع سيطرتهم على العاصمة. ثم جرت معارك باب عمرو في حمص ومنعهم الجيش النظامي من السيطرة على حمص، ثم معركة حلب، وفي معركة حلب استطاع المسلحون السيطرة عليها لمدة 4 ايام قبل ان يشق الجيش النظامي طريقه ويهاجم مستردا 80% من المدينة. ثم نقل المسلحون استراتيجيتهم الى ضرب المرافق العامة في سوريا، فحاولوا ضرب واسقاط حمص ولم يستطيعوا، واهم ما يركزون عليه الان محاولة اغلاق مطار دمشق الدولي والمعركة حاصلة حول المطار لكن الجيش النظامي يسيطر على الوضع. وقد قامت دولة الامارات ومصر بوقف رحلاتهما الى سوريا، لكن عادت شركة الخطوط الجوية المصرية برحلاتها الى مطار دمشق ومطار حلب، ويمكن اعتبار عدد المسلحين المنتشرين في سوريا حوالي 100 الف مسلح، يقابلهم 130 الف جندي هم فعلياً يقاتلون في سوريا. المعارضة نشرت قواتها في كل سوريا، والنظام منعها من السيطرة على منطقة تكون فيها آمنة. والان يأتي دور الحل السياسي، الذي رسمه بوتين، بالاتفاق مع اردوغان ورسمه لافروف وزير خارجية روسيا مع وزيرة الخارجية الاميركية كلينتون، فان لم يوافق الرئيس بشار الاسد على الحل السياسي، فروسيا ستسحب غطاءها عنه. واذا لم يرضخ الثوار لارادة اميركا وتركيا، فسيتم قطع عنهم كل الامدادات من الحدود التركية، ولذلك الان منتظر التحضير لحل سياسي قد يظهر بعد شهرين، انما التجربة التاريخية التي عاشها الرئيس حافظ الاسد، وبعده الرئيس بشار الاسد، ستتعدل ويبقى العلويون في مراكز قوية في الحكم، لكن ليس في الحكم والتجارة والمال والشركات وغيرها، بل ستكون الامور متوازنة وسوريا ستنتقل الى مرحلة جديدة والمحطة المقبلة هي سنة 2014 موعد انتخاب رئيس جمهورية، حيث سيكون مسموحاً للجميع ان يترشح للرئاسة، في ظل وجود مراقبين دوليين يشرفون على الانتخابات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2178441

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178441 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40