السبت 8 كانون الأول (ديسمبر) 2012

إيران: الحوار لمنع تدمير سورية

السبت 8 كانون الأول (ديسمبر) 2012 par د.نسيب حطيط

يتهم البعض إيران بوقوفها إلى جانب النظام وحمايته لإدانتها دون تحديد معايير الخطأ، ويباهي هؤلاء المدعون بتزويد المعارضة بالسلاح لإسقاط النظام، فإذا ما سلمنا جدلاً بعدم أحقية إيران أو أي دولة أخرى بالتدخل في سورية لحماية النظام، فمن أجاز لهؤلاء تهريب السلاح وشراء المعارضين بالمال “بالمفرق والجملة”، وتأسيس تشكيلات سياسية معارضة في فنادق اسطنبول (مجلس اسطنبول) وفنادق قطر (الائتلاف الوطني السوري) وغيره من التشكيلات العسكرية.

إن هؤلاء الأعراب خاصة يخالفون ميثاق الجامعة العربية، ويخالفون المواثيق والأحكام الإسلامية، ويخالفون علاقات الأخوة والشراكة مع سورية، ويتحالفون مع الغرب في خرق فاضح للقانون الدولي والمؤسسات الدولية، ويرتكبون المحرمات وجرائم الحرب، ثم ينتقدون إيران لوقوفها إلى جانب النظام، بما يمثل من رمز للسيادة وكمسؤولين عن الشعب والجيش في سورية.

لقد وقفت إيران مع سورية طوال ثلاثين عاماً عندما حاصرها الغرب والعرب، ليضغطوا على الرئيس الراحل حافظ الأسد ليتنازل عن حقوقه وسيادة سورية على الجولان، ولتوقيع معاهدة سلام مع “إسرائيل” تستكمل خطايا وكوارث اتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو، لقد ترك العرب سورية شعباً وحكومة، يصارعون العوز الاقتصادي، ولم يبادروا للمساعدة.

لقد اتهمت إيران بإرسال الحرس الثوري إلى سورية، وكأن سورية بحاجة للعسكر، فعندها ما يكفيها من جيش وأجهزة أمنية، وميليشيات شعبية لحماية الشعب بدأت بالظهور رداً على العصابات المسلحة كدليل على وقوف الشعب السوري مع الجيش لمواجهة المؤامرة، في وقت تعترف فيه وسائل الإعلام الغربية بوجود عناصر استخباراتية متعددة الجنسيات على الأرض السورية، لمساعدة المسلحين وتضع تركيا كل إمكانياتها البشرية واللوجستية في خدمة المسلحين.

لقد دعت إيران المعارضة السورية للحوار وشجعتها على ذلك، وقد اعترفت قيادة “الإخوان” بأن إيران حاولت سبع مرات بشكل رسمي الحوار معهم لكنهم رفضوا، ودعت إيران المعارضة للحوار، وقد لبت أكثر من 200 شخصية سورية حزبية ونقابية وثقافية، بالإضافة إلى ممثلين عن النظام مؤتمر الحوار السوري، الذي دعت إليه إيران الشهر الماضي، وتحاول مع روسيا وتركيا ومصر إجراء مؤتمر سوري شامل للمعارضة في الداخل والخارج بعنوان أساس “كيف نحفظ سورية وشعبها” بعيداً عن التدخل الأجنبي المخادع، الذي يرفع شعار الديمقراطية التي يحملها عبر السيارات المفخخة والذبح والتدمير واغتيال العلماء.

إن إيران تعرف وهي الثورة التي انقلبت على أميركا وأسقطت خادمها “الشاه” وطردتها مع “إسرائيل” من أراضيها، تعرف خبايا المخطط الأميركي الذي بدأ ينكشف، وما نشرته وسائل الإعلام الفرنسية عن خطط حروب الغاز والنفط في ليبيا والعراق، وتبين أن مشروع إسقاط القذافي “غير مأسوف عليه” قد بدأت عام 2007، بعد اكتشاف الغاز الليبي الذي يكفي أوروبا مدة 30 عاماً، وكيف بدأت الاستخبارات الفرنسية مع القطريين بالقتل والتفجير في بنغازي، لتنفيذ خطة إسقاط القذافي بعد إنهاء المناورات بين بريطانيا وفرنسا قبل عامين من أحداث ليبيا، التي لن تنتهي، وسيبقى الليبيون في نزاع أهلي عنيف، بينما يسرق الفرنسيون والقطريون الغاز والنفط الليبي.

مثلما أعطت إيران صواريخ “فجر 5” للفلسطينيين في غزة واخترقت الحصار لإنقاذ غزة والقضية الفلسطينية، فإنها تقف مع سورية وكل حركات ودول الممانعة والمقاومة.

الرئيس الأسد ليس شخصاً أو حزباً أو طائفة، إنه بقية مشروع المقاومة والكرامة العربية، وإيران تتعامل معه على هذا الأساس، بعيداً عن المذهبية كما يدعي البعض، والدليل أن إيران دربت وساعدت ورعت “حماس الإخوانية”، لأن القضية الفلسطينية أكبر وأقدس من مذهب أو قومية، إنها قضية إسلامية – إنسانية.

لقد حاولت إيران وتحاول دعم الحوار في سورية لإنقاذها، والهدف حماية سورية، وكل جهة أو شخصية تستطيع المساهمة لتحقيق هذا الهدف ستكون إيران معه، ومن يقف ضده، ستواجهه إيران حتى لو كان من أبنائها أو حلفائها أو أصدقائها.

لقد هددت المعارضة السورية الخارجية بقطع العلاقات مع إيران والمقاومة في لبنان وروسيا والصين، في مراهنة سياسية وإعلان مبكر عن هويتها السياسية، ودورها المستقبلي في محور التبعية والإنقياد للمشروع الأميركي، ولذا فإننا نعتقد أن لا حوار بين المعارضة السورية في الخارج وإيران، ما دام الحوار الأميركي – الإيراني لم يبدأ بعد، وإذا ما بدأ هذا الحوار في المستقبل، سترى هؤلاء المعارضين ينصاعون للأوامر الأميركية، ويحاورون إيران وحلفاءها.

من يمنع الحوار في سورية يريد إطالة الأزمة والعمليات العسكرية لتدمير سورية وإحراق ما بناه الشعب والنظام طوال أربعين عاماً مضت، وهذا ما يفعله الأميركيون دائماً، فيحرقون كل ساحة أو بلد لا يستطيعون الإمساك به أو تدجينه.

لكننا نعتقد أن الوعد الإلهي وسنة التاريخ، تؤكد أن الاحتلال والاستعمار إلى زوال، وأن الشعوب هي المنتصرة، والعملاء إلى اندحار، وأول من يطردهم ويقفل أبوابه بوجوههم، هم أسيادهم الأميركيون الذي سيتخلون عنهم بعد فشل المشروع أو تحقيق مصالحهم بطرق أخرى.

فهل سيستيقظ الشعب السوري بجمع أطيافه وتشكيلاته لإنقاذ سورية، ويبدأ بالحوار السياسي ومنع التدمير الذاتي.. وما زالت الفرصة ممكنة، ولم يفت الأوان بعد لإنقاذ ما تبقى من سورية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165626

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165626 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010