الأربعاء 5 كانون الأول (ديسمبر) 2012

تجويع الأردن لإقامة الوطن البديل

الأربعاء 5 كانون الأول (ديسمبر) 2012 par د.نسيب حطيط

استفاقت أميركا فجأة لنصرة الشعب الأردني لتحقيق الديمقراطية والعيش الكريم، وتصاعدت الحركات الاجتماعية الشعبية، بعدما وقع النظام في مصيدة العجز المالي، بعد تبخر الوعود العربية بإرسال المساعدات المالية، فما هي الأسباب الحقيقية لهذا التخلي العربي والأميركي عن الأردن؟

لا شك أن المطالب الشعبية ترتكز على وقائع قاسية على الصعيد المعيشي، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية وتداول السلطة وحرية الرأي، فالمواطن الأردني يعيش في منظومة العوز والحاجة الاقتصادية، والتقييد في المشاركة السياسية لبناء النظام، وهذا المشهد لا تخلو منه دولة عربية من المحيط إلى الخليج، وفي بعض دول الخليج هناك يسر مادي نوعاً ما، لكن القيود السياسية والاجتماعية هي فوق التصور والدين وحقوق الإنسان، ومع ذلك لا تتحرك أميركا ولا الغرب!

إن افتعال أو استغلال الأحداث في الأردن، يسعى لتحقيق أهداف مرحلية واستراتيجية:

- مرحلياً وتكتيكياً، فإن دول الخليج، خصوصاً السعودية وقطر، تضغط على الملك الأردني لاتخاذ مواقف أكثر قساوة ضد النظام في سورية، وتسهيل عمليات التسليح والدعم والإيواء للمسلحين خصوصاً “السلفيين”، لمؤازرة الداخل السوري، وهذا ما يتردد الأردن أن يقوم به بشكل مفضوح ومكثف، مع أنه يقوم بما يطلب منه إلى مستوى يستطيع حفظ خط الرجعة مع النظام.

وعقاباً على تردده، فقد تراجعت السعودية وقطر عما وعدته به لتسديد عجز الموازنة الذي يبلغ حوالي 8 مليارات دولار، من أصل الموازنة التي تبلغ 12 مليار دولار، أي بعجز يتجاوز الـ60% للعامين 2012 و2013، وتبلغ قيمة الدعم للمحروقات، حوالي مليار ونصف مليار دولار سنوياً، وفي اللحظة القاتلة امتنع القطريون والسعوديون عن المساعدة.. بالإضافة إلى أن مصر بعد استلام “الإخوان” للحكم، ضاعفت ثمن الغاز الذي تبيعه للأردن، وأبقت على نفس السعر القديم والمدعوم للكيان الإسرائيلي، فتكامل الحصار الاقتصادي لـ“الإخوان” مع الحصار الخليجي.

- أما الهدف الإستراتيجي، فهو إسقاط النظام الملكي في الأردن، ولتحضير الأجواء السياسية للحل في الشرق الأوسط، عبر حل مشكلة اللاجئين التي ترفض “إسرائيل” عودتهم إلى أرضهم المحتلة، فإن نظرية ومشروع الوطن البديل “الأردن”، عادت للحياة مع تعديل طفيف، هو إيجاد “ميني وطن بديل”، لأهالي غزة في سيناء، بالتوافق مع “الإخوان” في مصر.

ويقوم الوطن البديل على وقائع يستند إليها المخططون، ويعملون على إيجاد الأمور اللازمة أيضاً، ففي الأردن تبلغ نسبة الفلسطينيين حوالي 60% من مجموع السكان، ويسيطرون على أكثر من 50% من الاقتصاد الأردني، وتاريخياً كان الأردن مسؤولاً عن الضفة الغربية قبل عام 1967، وبما أن “الإخوان” يمثلون موقعاً في الشارع الأردني، فسيكونون إلى جانب الموقف الفلسطيني لاعتبارات عقائدية “دولة الخلافة”، ولاعتبارات سياسية “تنفيذ الإتفاقات” مع أميركا وفق قاعدة المقايضة “الحكم للإخوان.. والأمان لإسرائيل.. والنفط لأميركا”، وبهذا يصبح النظام الأردني في كماشة “الإخوان” والفلسطينيين (حماس).

إن صمود سورية في وجه المؤامرة، وفشل المخطط الأميركي، سينعكس على الدول المتورطة في الحرب على سورية، في الأردن “إسقاط النظام والوطن البديل”، في تركيا “الحرب الأهلية المذهبية والقومية، سنة علويين وأكراد وأتراك”، في مصر “الإخوان والقوى الوطنية”، ودول الخليج “الاضطرابات الداخلية”، والمؤسف والأكثر خطراً، هو تورط بعض الفلسطينيين في هذا المخطط، كجزء من حركة “الإخوان”، خصوصاً جناح “حماس- مشعل” الذي تراوده فكرة استلام السلطة من بوابة “الخلافة الإخوانية”، والنتيجة ضياع حق الفلسطينيين، مما يؤدي إلى تأخير استرجاع الأرض والمقدسات في فلسطين.

لقد رقص النظام الأردني على حبال السياسة والأمن متعلقاً بالخيوط الأميركية والبريطانية.. وبعلاقات سرية مع “إسرائيل” لأن المصالح “الإسرائيلية” والأميركية كانت تفرض ذلك، وليس حباً أو صداقة للنظام، وإذا فرضت مصالح “إسرائيل” والغرب قاعدة جديدة للتعامل مع النظام في الأردن، فستنقلب أميركا على الأردن وملكه، كما انقلبت على الشاه ومبارك وزين العابدين، وكما ورطت صدام في الكويت عبر السفيرة علاسي، فإنها تكرر الأمر ثانية وتورط الرئيس محمد مرسي ومعه “الإخوان”، بما يهدد حكم “الإخوان” بالسقوط، وهو لم يبلغ “الفطام السياسي”، وبحاجة لينفذ فتوى “إرضاع الكبير” من الصدر الأميركي بشروط سياسية وعقائدية ظهرت في هدنة غزة، حيث كان على مسافة واحدة بين الاحتلال والمظلوم الفلسطيني، بين الجلاد الإسرائيلي والضحية!

الظاهر أننا سنشهد سقوط الأردن وبقاء النظام في سورية، ويمكن أن يسقط مرسي “الإخوان”، وتبقى سورية المقاومة.. لأن العملاء مهما كبروا وأمسكوا بالسلطة، فسيتخلى عنهم السيد الأميركي أو “الإسرائيلي” لحفظ المصالح الأميركية، فالعملاء بلا كرامة.

حفظ الله الأردن والقضية الفلسطينية من المتآمرين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2165259

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165259 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010