الاثنين 3 كانون الأول (ديسمبر) 2012

كيف سترد إيران على الاستعدادت الحربية الأميركية؟

الاثنين 3 كانون الأول (ديسمبر) 2012

أميركا حاليا تسخر من إيران. موقع دبكا نفى أن يكون ما حصل في غزة حربا بين الفلسطينيين و«إسرائيل». هو يقول أن ما حصل كان عملية مخابراتية هدفها قطع علاقة غزة بإيران. هذا هو كلام الموقع حرفيا، والمعطيات تدل على أن كلامه صحيح.
أميركا سترسل صواريخ الناتو إلى تركيا، وهذه الصواريخ لا تستهدف سورية بقدر ما أنها تستهدف تهيئة الأجواء لإسقاط حزب الله ومن بعده إيران.
أميركا تصعّد عسكريا ضد محور المقاومة عموما وضد إيران خصوصا، وإيران تبدو عاجزة عن الرد.
إيران لو أرادت يمكنها أن ترد ببساطة على التصعيد الأميركي. هناك عدة مجالات للتحرك يمكن لإيران أن تستغلها.
أميركا وجهت المتمردين السوريين لاستهداف مواقع الدفاع الجوي والرادارات والصواريخ. هذه المواقع لا علاقة لها بالصراع الداخلي السوري. استهداف هذه المواقع هو ضربة أميركية«-إسرائيلية» لدور سورية الإقليمي، وتحديدا لدورها في محور المقاومة في مواجهة إسرائيل. هذا أمر يمس إيران بشكل مباشر. إيران لا يمكنها أن تقول أن هذا أمر داخلي سوري لا يعنيها. لا أدري ما هو الأمر الداخلي في استهداف صواريخ الدفاع الجوي؟ هل استهداف هذه الصواريخ هو حقا أمر داخلي سوري؟
استهداف مواقع الدفاع الجوي السوري هو عدوان خارجي بحت لا علاقة له بالصراع الداخلي السوري، ونفس الأمر ينطبق على صواريخ الناتو في تركيا. هذه الأمور لا دخل لها بالحرب الداخلية في سورية. هذه أمور تتعلق بالصراع الإقليمي ضد أميركا و«إسرائيل». إيران مطالبة وفق معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين بأن تؤازر سورية ضد هذا العدوان.
إيران يمكنها أن ترد على إرسال صواريخ الناتو إلى تركيا بأن ترسل قوات إلى سورية لحماية مواقع الدفاع الجوي. لا أدري ما هي المشكلة في ذلك. أميركا الآن حشدت قوات حول سورية من كل الجهات. هناك قوات أميركية في الأردن وإسرائيل وتركيا وفي البحر. هذه القوات لا تخفي نواياها العدوانية تجاه سورية. هم مرة يتحدثون عن السيطرة على أسلحة الدمار الشامل، ومرة يتحدثون عن حماية الأردن وإسرائيل وتركيا من سورية، أي أنهم يعلنون صراحة أن هذه القوات موجهة ضد سورية.
أميركا سبق أن أرسلت عشرات الآلاف من قواتها إلى فييتنام لدعم ما يسمى دولة فييتنام الجنوبية، ونفس الأمر حصل في دول عديدة. آخر مغامرات أميركا كانت في البحرين قبل أشهر عندما منحت الغطاء لآل سعود لكي يتدخلوا عسكريا في البحرين تحت ذريعة حماية النظام البحريني.
إيران تتصرف في الأزمة السورية وكأنها دولة كبرى كروسيا والصين. هي تتصرف وكأن سقوط سورية لا يعنيها أو أنه لن يؤثر عليها كثيرا، بينما الحقيقة هي غير ذلك. سقوط سورية -وفق ما يقوله الأميركان أنفسهم- سوف يؤدي لعزل ومحاصرة إيران تمهيدا لمزيد من التصعيد ضدها. إيران معنية بشكل مباشر بما يحدث في سورية، ومن العجيب أن تظل إيران متفرجة على العدوان ضد سورية.
لا أدري ما الذي ستخسره إيران إن أرسلت بضعة آلاف من الجنود لحماية مواقع الدفاع الجوي السورية. حماية هذه المواقع سوف تجعل أميركا تفكر مئة مرة قبل أن تعطي الضوء الأخضر« لإسرائيل» لمهاجمة سورية وحزب الله.
موقف إيران تجاه سورية متحفظ أكثر من اللازم في قضية لا تستحق كل هذا التحفظ. التورط الأميركي في سورية صار مكشوفا، خاصة بعد إرسال صواريخ الناتو إلى سورية. يجب على إيران أن ترسل قوات دفاعية إلى سورية بهدف ردع أي عدوان من المحور الأميركي على سورية. هذا ما تمليه معاهدة الدفاع المشترك.
موقف النظام السوري داخل سورية هو أفضل بكثير مما يتردد في الإعلام. قوات المتمردين في حلب لم تعد ترفع أعلام “الثورة السورية” وإنما صارت ترفع أعلام تنظيم القاعدة. حاليا طبيعة الصراع صارت واضحة. لم يعد هناك صراع بين نظام مستبد ومعارضة ديمقراطية كما كانت أميركا تقول. الصراع الآن هو بين النظام السوري (المستبد) وبين متمردين إسلاميين تكفيريين. هذا الأمر بات واضحا ومكشوفا ولم يعد فيه لبس، لأن المتمردين رفعوا الأقنعة ولم يعودوا يخفون توجهاتهم.
فكرة أن المعارضة السورية هي معارضة ديمقراطية لم يعد لها رصيد في سورية. هذا الكلام أنا لا أقوله من باب التنظير أو الدعاية. هذا هو الواقع فعلا على الأرض. مناطق المتمردين صارت تشهد مظاهرات دائمة ضدهم. أحياء حلب الهامشية التي ما زال المتمردون متحصنين فيها تشهد باستمرار مظاهرات ضدهم.
أنا أتحدث عن شمال سورية كونني ملما بما يجري فيه. أنا أؤكد أن فكرة التمرد الديمقراطي سقطت. معظم الناس في شمال سورية ينظرون للمتمردين على أنهم مزيج من التكفيريين واللصوص والمهربين. هذا هو الواقع الحالي. لا يوجد أحد حاليا يصدق الرواية الأميركية حول المتمردين. حتى الآميركان أنفسهم بالمناسبة تخلوا عن هذه الرواية البائسة.
طبعا المعارضون السوريون لديهم تفسيرهم الخاص لما يحدث الآن. هم يقولون أن المتمردين كانوا في الأصل علمانيين ديمقراطيين ولكن شدة بطش النظام السوري حولتهم إلى تكفيريين ولصوص وقطاعي رؤوس. هذه النظرية هي نظرية خاصة جدا وهي تنتمي إلى مستوى فكري يفوق قدرة معظم السوريين على الفهم. معظم السوريين على ما أظن لا يستوعبون هذه النظرية. لا أظن أن أحدا يمكنه أن يستوعب هذه النظرية خارج إطار النخبة الضيقة للمعارضة السورية.
الوضع العسكري للنظام السوري ليس بالسوء الذي يروجه الإعلام الخليجي ونزار نيوف وأمثاله. النظام السوري تجاوز المرحلة الأسوأ التي كانت في شهري تموز وآب. الوضع الحالي أفضل مما كان عليه في بداية شهر آب، بغض النظر عن الدعاية الخليجية. حاليا وضع النظام السوري في حلب هو الأفضل منذ بداية ما يسمى بمعركة حلب.
لا يوجد تهديد حقيقي للنظام السوري من التمرد الداخلي. هذا التمرد قد يستمر لبضعة سنوات ولكنه في النهاية سينزوي ويضمحل. مهما كان سوء النظام السوري فإن هذا التمرد لا يمكن أن يشكل بديلا له. الخطر الحقيقي الذي يتهدد سورية هو خطر خارجي، وخاصة المخططات الأميركية الحالية الرامية إلى تدمير الدفاع الجوي السوري والصواريخ السورية. هذه المخططات هدفها تسهيل مهمة إسرائيل في حال شنت حربا على سورية ولبنان. إيران مطالبة بالتدخل لحماية مواقع الدفاع الجوي السورية.

- هاني احمد



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165395

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165395 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010