الجمعة 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012

رسائل الشارع العربي في ذكرى وعد بلفور

الجمعة 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 par الناصر خشيني

تمر اليوم ذكرى أليمة ومرة بالنسبة للأمة العربية وهي الذكرى الخامسة والتسعين لذكرى وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا للصهاينة باقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين في الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين…

وبتكليف من الحلفاء أقدمت “بريطانيا” على تلك الخطوة الخطيرة، فأصدرت”وعدبلفور”،وكان نصه:

وزارةالخارجية

2 من نوفمبر1917م

عزيزي اللورد “روتشلد”

يسرني جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته:

إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في “فلسطين”، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يُؤتَى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى.

وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح.

المخلص

آرثر بلفور

فكيف يمكن لبريطانيا التي تبعد آلاف الأميال عن فلسطين أن تتصرف فيما لا تملكه وتسلمه لمن لا يستحقه وهم الصهاينة وان هذا يذكرنا بمؤتمر خبراء الاستعمار المنعقد في لندن عام 1907 للنظر في شؤون المستعمرات بعد خروج المستعمر منها وماهي الطرق الكفيلة بابقائها تحت الهيمنة الأجنبية وقد رأى المؤتمر بالنسبة للمنطقة العربية ضرورة تقسيمها ومنع وحدتها وهذا ماتم في اتفافية سايكس بيكو الشهيرة 1916 وضرورة اقامة جسم غريب في القلب النابض منها يكون معاديا لشعوب المنطقة وصديقا للاستعمار وهذا ماتم في وعد بلفور وان الشارع العربي يحمل بريطانيا وكل القوى الاستعمارية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية كامل المسؤولية عما حصل من جرائم وما سيحصل مستقبلا كما يمكن أن نوجه عد يد الرسائل الى الذين يخافون من الصهيونية و يطبعون معها ويقيمون علاقات معها ويعترفون بدولة العصابات الصهيونية فنقول لهم

1 للمعترفين ان الاعتراف بالكيان الصهيوني تحقيقا لما يسمى السلام الذي لا نفهمه دون تحرير كل فلسطين ومغادرة الصهاينة لها وعودة اللاجئين الفلسطينيين اليها وبناء عليه فالاعتراف بالعدو الصهيوني يتعارض مع السلام الحقيقي و العادل الذي ننشده لقضيتنا الفلسطينية كما أنه يعني من ناحية أخرى أن الصهاينة على حق في احتلالهم لأرض فلسطين وبقية الأراضي العربيةوأن ما فعلوه بالعرب لا يعدو عن كونه تحريرا لأرضهم التي اغتصبها منهم العرب بالفتح الاسلامي منذ أربعة عشرة قرنا وأن قتلاهم كانوا شهداء تحرير أرضهم وأن قتلانا كانوا غاصبين لأرض غيرهم فاستحقوا بذلك الموت أو الاعتقال و المحاكمة و السجن وغيرها من الاجراءات التي قام بها الصهاينة في سبيل تحرير أرضهم .ان هذا الكلام لا يستقيم مع الحقائق الموضوعية و التاريخية و القانوتية و الواقعية التي تشهد بما لا يدع مجالا للشك و لو للحظة واحدة و مهما كانت الظروف و التحديات أن فلسطين أرضا و شعبا جزء من الأمة العربية ووطنها العربي منذ أربعة عشرة قرنا عندما جاء الاسلام حيث استقرالعرب بشكل نهائي على الأرض العربية وأصبحت بين تلك الأرض وذلك الشعب الذياستقر عليها نهائيا علاقة تاريخية لا يمكن الغاؤها أو فسخها مهما كانت المحاولات قوية و مؤثرة فانها لن تلبث أن تقاومها الأمة كما فعلت عند الغزو الصليبي فبعد أكثر من قرن من الزمان تمكنت الأمة من انهاء هذا العدوان و تحرير كل المناطق المحتلة وفي العصر الحديث حاول الغزوالاستعماري فسخ تلك العلاقة الجدلية بما أوتي من قوة وخبث ومؤامرات بشعة لكنه فشل فشلا ذريعا و أول علاماته فشل فالاستعمار في فرنسة الجزائر العربية بالرغم من قرن وثلث القرن من المحاولات البائسة وهي كامل الفترة الاستعمارية.

كما أن هذا الاعتراف مستحيل باعتبار أن من يعترف بالصهاينة مهما كان وأي كانت علاقته بالقضيةلا يمثل الا نفسه باعتبار أن ملكية أرض فلسطين هي ملكية مشتركة لكل الأمة العربية وبأجيالها المتعاقية فلا يصح لجزء من الشعب أوجيل و لو كان الشعب الفلسطيني أن يفرط للصهاينة فيما لا يملكه لوحده فالأرض ملكية مشتركة للأمة فان اعتراف جزء من المالكين لا يعني شيئا بالنسبة لبقية المالكين الآخرين سواء كانوا أحياء ولم يعترفوا أو أجيلا أخرى مازالتلم تولد بعد وبناء على هذا الفهم فالاعتراف مستحيل واقعا و قانونا .

2ونقول للذين ينشدون السلام العادل ان الوضع في الشرق الأوسط لن يستقر و لن تهدأ الأمور فيه مادام هناك احتلال للأرض وهناك ملايين من المهجرين من بيوتهم وأرضهم و ان معظمهم لا يبعدون عنها سوى مسافة ساعة أو ساعتين بالسيارة لأنهم يأملون العودة الى بيوتهم يوما ما

ان قضية فلسطين تكمن في بديهية واضحة تماما لا لبس فيها ولا تستحق جدلا كبيرا ببساطة هي قضية شعب اغتصبت أرضه بالقوة الغاشمة من قبل أناس اضطهدتهم أوروبا ومارست عليهم عنصريتها و استعلاءها و قهرتهم وأرادت أن تحل مشكلتهم على حسابنا فهذا لن يكون .

الحل يكمن في عودة الصهاينة الى بلدانهم الأصلية التي انطلقوا منها للعدوان على فلسطين و احتلالها بدون وجه حق وخاصة أنهم لا يزالون يحتفظون بجنسياتهم الأصلية أما العرب منهم و الذين خانوا أمتهم المعتدى عليها فيمكن للأمة أن تتجاوز عنهم اذا قبلوا فورا و دون تأخير العودة الى مواطنهم الأصلية و لكن القيادات المجرمة في الكيان الصهيوني لا بد أن تحاسب على قدراجرامها و تحاكم محاكمة عادلة أمام محكمةلجرائمالحرب.

لابد من عودة اللاجئين الى ديارهم وتعويضهم عن سني العذاب و الحرمان وعلى أوروبا ان كانت ما تدعيه حقا من كونها تدافع عن حقوق الانسان و الديمقراطية أن تساهم في هذا التعويض بقدر ما فعلت من مساندة غير مشروعة للكيانا لصهيوني وأن تبادر فورا الى تسيير رحلات جوية لجلب رعاياها من فلسطين المحتلة .

ضرورة انسحاب أمريكا فورا ودون تأخير من العراق و اعادة الأمور الى ماكان عليه الوضع قبل الغزو و الاعتذار للشعب العراقي و تعويضه عن كل خسائره .

هذا هو السلام العادل و الشامل الذي يفهمه كل الأحرار و الشرفاء في العالم فضلا عن المثقفين العرب وقادة الرأي و المفكرين و حتى المواطن العادي لا يقبل أقل من هذا تحقيقا للسلام العادل و الدائم في الشرق الأوسط و بالتالي العالم ككل وهو الحد الأدنى الذي نقبل به و نعتبره المخرج الوحيد لكل القوى المتورطة في منطقتنا وكل الواهمين بأن الأمة العربية غير قادرة على فرضهذا الحل ولكن نقول لهؤلاء الواهمين ان الأمة العربية لها من امكانيات الصمود و المقاومة ولها من القدرات والامكانيات المادية و المعنوية و الحضارية و القيمية و التاريخية ما يجعلها قادرة ولو بعد حين الى فرض الحلول المثلى التي تتناسب مع ردع العدوان عنها و تحقيق كرامتها وعزتها المسلوبة و قادرة على الاسهام في التقدم البشري .

3كما نوجه رسالة للذين يفاوضون العدو الصهيوني ونقول لهم ان موضوع التفاوض سواء كان مباشرا أو غير مباشر مع العدو الصهيوني مرفوض تماما و ذلك ان الشارع العربي يرفضه جملة و تفصيلا باعتبار أن التفاوض في المرحلة الحالية يعني القبول بالوجود الصهيوني على الأرض العربية التي وقع احتلالها بالقوة الغاشمة و طرد منها معظم سكانها الأصليين عرب فلسطين وحل محلهم أناس غرباء عنها وقع التغرير بهم وجمعهم من أنحاء العالم بشتى الطرق و تحت ستار أساطيردينية باطلة وأوهام من الماضي لا تستقيم مع الواقع وبناء عليه فلا يمكن القبول بهذا الاحتلال فكل الشعوب المستعمرة واجهت مستعمريها وطردتهم مهما كانت قوتهم كما فعل أبطال العراق أمام جبروت أمريكا حيث أذلوها و هزموا جيشها و أسقطوااقتصادها و اعلامها و لا يزالون على هذا الدرب حتى التحرير الكامل و الناجز دون تفاوض و لا مهادنة وذلك هو الأصل الذي عبرت عنه المقاومة العراقية البطلةعبرأدبياتها .

ونحن كأمة أرضها محتلة من حقنا مقاومة المستعمرين حتى طردهم نهائيا من أرضنا سواء كانت فلسطين أو العراق و أما الوضع الذي نقبل به التفاوض مع هذا العدو هو حالة واحدة ان قبلها العدو الصهيوني بالطرق السلمية وهي كيفية مغادرتهم لأرضنا وهذا لن يحدث منهم بشكل تلقائي لأنهم بكل بساطة محتلون ومجرمو حرب فالسبيل الوحيد لاخراجهم هو المقاومة المسلحة و المقاطعة الاقتصادية و الثقافية و الاعلامية و تفعيل المقاطعة و الحصار لهذا العدووعدم توفير الأمن للمستوطنين و ازعاجهم بكل الطرق .

4أما المطبعون سواء كانوا أنظمة كالنظام المصري و الأردني أو مؤسسات وشركات وجامعات وأفراد وخاصة المؤسسات الاعلامية وغيرها ونذكر على سبيل المثال من تجرأ وغنى في الكيان الصهيوني مثل محسن الشريف سيىء الذكر أو الذين أنجزوا كتاب الجغرافيا للسنة الثالثة آداب واقتصاد ومنهم جامعي ثبت تطبيعه مع العدو الصهيوني عليهم أن يتذكروا أنهم لم يجرؤوا على كتابة اسم فلسطين في عدد كبير من الخرائط والمرة اليتيمة التي نسوا فيها أنهم ذكروا فلسطين بالاسم استدركوا الأمر واعتذروا بطريقتهم التطبيعية بأن ذكروا بأن مقصدهم من ذلك لا يعدو كون المقصود منه الضفة الغربية وقطاع غزة فنقول لهم تذكروا مواقف راشيل كوري الصبية الأمريكية التي ضحت بحياتها من أجل فلسطين لما وقفت أمام جرافة صهيونية كانت تعتزم هدم بيت فلسطيني وكذلك الثمانينية هيلين توماس عميدة الصحفيين الأمريكيين التي ضحت بمنصبها انتصارا لفلسطين عندما دعت اليهود لمغادرة فلسطين والعودة من حيث أتوا، وتعتبر توماس، 89 عاماً، عميدة الصحفيين بالبيت الأبيض ومن أقدم العاملين بالمقر الرئاسي، الذي بدأت العمل به خلال ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق، جون أف كينيدي، في حقبة الستينيات، وهي من كتاب الأعمدة في شبكة “هارست.”

كما عليهم تذكر تصريحات البروفيسور الأمريكي “هاوكار سيديك” المحاضر المعروف في جامعة “لينكولن” التي طالب فيها بتدمير دولة الاحتلال من أجل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط الأمر الذي أدى الى مخاوف لدى عدد من أعضاء الكونغرس المدافعين عن دولة الكيان

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الكونغرس الأمريكي بدأ بالتحقيق في الأقوال التي اعتبرها متطرفة التي تلفظ بها المحاضر الأمريكي, وتوجه اثنين من السيناتورات لرئيس الجامعة بطلب للتحقيق فيما إذا كان المحاضر يعرب عن آراءه هذه داخل حرم الجامعة التي تمول من ميزانية الدولة

وكان شريط فيديو نشر على مواقع الانترنت يظهر الأستاذ الجامعي سيديك يطالب خلال مظاهرة في الثالث من سبتمبر بتدمير الكيان لتسهيل تحقيق السلام، وهو لم يتراجع عن كلامه خلال لقاء مع صحيفة أمريكية وقال “أنا ضد (إسرائيل) ولست ضد اليهود”.

فلهؤلاء جميعا نذكرهم بمواقف جورج غالوي الأنقليزي وكأني به بمناصرته للقضية الفلسطينية يعتذر نيابة عن كل الأنقليز الشرفاء عما ارتكبته حكومتهم من حماقة وعد بلفور منذ أكثر من تسعين سنة ونقول لهم أيضا ان العلاقة الطبيعية مع المحتلين هي المقاومة ولا شيىء غير ذلك حتى التحرير الكامل دون اعتراف أو استسلام أو مهادنة وهذا هو السلام الحقيقي الذي نفهمه .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165950

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165950 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010