السبت 8 أيلول (سبتمبر) 2012

خيار الصين ... لماذا على أمريكا أن تتقاسم النفوذ؟ (3-3)

السبت 8 أيلول (سبتمبر) 2012

يدور موضوع هذا الكتاب حول أهم القضايا الحاسمة في القرن الحادي والعشرين التي تقف فيها أقوى دولتين في العالم في وجه بعضهما بعضاً، ولابد لهما من اتخاذ خيار خلال السنوات المقبلة، وهذا الخيار مصيري سيضعهما أمام الحرب أو السلم، ولكل منهما تكلفته، والخيار الأصعب هو للولايات المتحدة التي وجدت نفسها في موقع القيادة العالمية، ولم يسبق لها أن شاركت دولة في قراراتها ومصالحها.

يبين هوغ وايت في كتابه هذا أن الولايات المتحدة أمام ثلاثة خيارات في آسيا وهي: المنافسة، تقاسم النفوذ، أو الانسحاب. ويؤكد أن عليها تغيير إستراتيجيتها في آسيا، خاصة أمام صعود الاقتصاد الصيني، الذي يوشك أن يصبح الأكبر في العالم.

يناقش الكتاب الوجود الأمريكي في آسيا، والعلاقات السياسية بين الصين والولايات المتحدة من جهة، وبين كل منهما مع الدول الآسيوية في السنوات الأربعين المنصرمة، كما يوضح المصالح الإستراتيجية والاقتصادية لكل دولة آسيوية في حال التحالف مع الولايات المتحدة ضد الصين في المستقبل.

والكاتب: أستاذ جامعي يحاضر في جامعة أستراليا الوطنية في قسم الدراسات الإستراتيجية. كان محللاً في الشؤون الاستخباراتية، وصحافياً ومسؤولاً كبيراً في وزارة الدفاع الأسترالية، وله مقالة مشهورة بعنوان: «تغير القوة: مستقبل أستراليا بين الصين والولايات المتحدة».

الكتاب صادر عن دار «بلاك إن بوكس» الأسترالية، في 191 صفحة من القطع المتوسط، 2012.

[rouge]صعود الصين عسكرياً واقتصادياً بمثابة كارثة للولايات المتحدة[/rouge]

استكمالاً لعلاقات الدول الآسيوية مع الصين، نأتي إلى الهند، حيث تختلف علاقتها مع الصين، ولا يمكن مقارنتها مع اليابان بأي شكل، وتحالفها مع الولايات المتحدة لا يأخذ الشكل الذي أخذته أو ستأخذه مع اليابان. وهنا يشير الكاتب إلى أن صناع السياسة في الولايات المتحدة يجدون أن ثقل الهند موازٍ للصين، ويأملون أنه إذا ما صعدت قوة الهند، فإنها سوف تندمج مع القوة الأمريكية لتخلق توازناً مقابل الصعود الصيني، وتساعد في الحفاظ على النظام الذي تقوده الولايات المتحدة. وهذا مهد له في الحقيقة، العلاقات الإستراتيجية التي ازدادت خلال العقد الماضي، مع التعاون والتنسيق على كافة المستويات.

لكنه يشير إلى أن واشنطن لا تتوقع دعماً ضخماً من دلهي في حال نشوب صدام مع الصين، إلا في حال وجود مصالح مباشرة للهند، وما عدا ذلك، ليس هناك من سبب لإرسال قواتها لدعم الأمريكان بخصوص تايوان أو بحر الصين الجنوبي. ورغم ذلك، يجد بعض المحللين أن تحالفاً حقيقياً سوف يحدث في المستقبل، إلا أن الكاتب على خلافهم يرى أن هنالك مجموعة أسباب يمكن أن تمنع ذلك، وهي أن الهند كما الولايات المتحدة سوف ترى الصين منافساً استراتيجياً أساسياً، لكن أهداف الهند تختلف عن الأهداف الأمريكية فيما يتعلق بالصين. وفي الحقيقة، كلما أصبحت الهند أكثر قوة، كلما ابتعدت مصالحها أكثر فأكثر عن الولايات المتحدة، خاصة إذا ما كان الهدف الأمريكي هو الحفاظ على التفوق والسيادة في آسيا. كما يرى الكاتب أن الهند تظهر كقوة عظمى من جانبها، مع إحساس كبير يشغلها بمكانتها في العالم، وبالتالي هدفها سيكون زيادة قوتها، وفي ذات الوقت ستكون سعيدة بالعمل مع الولايات المتحدة لفرض حدود على قوة الصين، ومنعها من أن تصبح مهيمنة، لكنها لن تخضع طموحاتها لمصلحة السيادة الأمريكية، ولن تضحي بمصالحها مع الصين الصاعدة، بل ستكون حريصة كل الحرص على إبقاء الاستقرار والسلام وفتح سبل التعاون بينهما. بالتالي، حتى لو أن الهند أصبحت قوة ضخمة في القرن الآسيوي، فإنها ستشكل دعماً معتدلاً بشكل نسبي للتفوق الأمريكي، وسيكون بما يخدم مصالحها، وأي تعارض مع مصالحها، سيحول دون استمرار علاقتهما في مواجهة الصين.

[rouge]القوى الوسطى[/rouge]

تعد كوريا الجنوبية من أهم حلفاء أمريكا بين الدول الآسيوية المتوسطة القوة، ودور واشنطن في مواجهة التهديد الذي تتلقاه سيؤول من كوريا الشمالية يجعل من التحالف معها متيناً، ولكن يتساءل الكاتب إلى أي مدى سيستمر هذا التحالف في المستقبل. من وجهة نظر كوريا الجنوبية، يحمل التحالف مع الولايات المتحدة ثلاثة أهداف وهي: الصين، كوريا الشمالية، واليابان. والسؤال الذي يفرض نفسه أمام كوريا الجنوبية هو كيف ستدير تحالفها مع الولايات المتحدة تجاه هذه الأخطار المحيطة بها؟ وفيما يتعلق بنظام كوريا الشمالية حالته خطرة، ويعاني ضعفاً واضحاً، ربما ينهار في أي وقت وربما يدوم لعقود، وبرأي الكاتب كي نفهم هذا الأمر يستحسن بنا أن نفكر في كلا السيناريوهين.

يشير الكاتب إلى أنه في حال انهيار كوريا الشمالية، ستكون الأولوية الأولى هي توحيد الكوريتين تحت نظام سياسي موحد. وفي هذه الحالة، سيكون للصين الكلمة العليا والقدرة على التدخل في كوريا الشمالية مع دعم سياسي، ومساعدات اقتصادية، وإغاثات، وقوى مسلحة أيضاً، ويمكن لها أن تتركها تدار كدولة منفصلة . وعلى النقيض منها، سيكون التأثير الأمريكي على الأحداث في كوريا الشمالية خفيفاً. بالتالي، في حال انهيار كوريا الشمالية، ستحتاج سيؤول مساعدة الصين أكثر من الولايات المتحدة، وفي رأي الكاتب من الممكن أن تطلب الصين مقابل ذلك حل التحالف الأمريكي - الكوري الجنوبي، وترحيل كل القوات الأمريكية من شبه الجزيرة.

أما السيناريو الثاني، أي في حالة استمرار نظام كوريا الشمالية في الحكم، يجد الكاتب أن القادة الجدد في بيونغ يانغ يتبعون النموذج الاقتصادي الصيني، وبالتالي كوريا الجنوبية ستواجه مشكلة مختلفة. وهنا، يجد الكاتب أن كوريا الجنوبية لا يمكنها أن تعتمد على الولايات المتحدة، رغم أنها تتوعد بالرد على استفزازات من كوريا الشمالية، إلا أنه يجد أن الانطباعات الأولى مضللة في هذا الشأن. برأيه، أي رد أمريكي على شكل ضربات جوية انتقامية على أفعال الشمالية، أو دعم الجنوبية على فعل ذلك، يمكن أن يصعد الصراع، بحيث يصبح خارج التحكم الأمريكي، بالتالي يجد أن وسائل واشنطن بالتأثير منتهية، لأنه يقابلها رد من كوريا الشمالية بالمثل. لكن بكين تتمتع بوسائل عديدة للتأثير على الشمالية، ويمكن أن تكون بذي نفع لسيؤول أكثر من واشنطن، وفي الوقت ذاته تدرك سيؤول أن الولايات المتحدة إذا اختيرت بين الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في حال صعود أكبر للصين، فإنها ستتخلى عنها أو ستفضل التحالف مع اليابان، ويمكن لسيؤول الاعتماد على واشنطن في حال تقاطعت المصالح بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في وجه الصين. وبالنسبة لعلاقة سيؤول مع اليابان، تعتمد على حالة العلاقات اليابانية - الأمريكية، فإذا كانت متوازنة، ستشعر سيؤول بالأمان، أما إذا اختل التحالف، فلن تقوم واشنطن بحماية كوريا الجنوبية من الخطر الياباني، وهذا التعليل أيضاً يدفع كوريا الشمالية إلى أن تجد بكين أفضل من واشنطن.

يجد الكاتب أنه من الصعب لكوريا الجنوبية أن تدعم واشنطن ضد بكين، إلا إذا أصبحت الثانية عدائية تجاهها، نظراً للأوراق التي يمكن لبكين اللعب عليها مع سيؤول. وكوريا الجنوبية كغيرها من القوى الآسيوية، لها مصلحة في بقاء الولايات المتحدة في آسيا لتخلق توازناً مع الصين، ولها مصلحة أقل في التنازل عن علاقتها مع الصين في سبيل دعم السيادة الأمريكية.

[rouge]جنوب شرقي آسيا[/rouge]

للولايات المتحدة بين دول جنوب شرقي آسيا حليفان اثنان هما: تايلاند والفلبين، بالإضافة إلى اتصالات متنامية مع القوى المتوسطة الأخرى مثل إندونيسيا، وفيتنام، وسنغافورة على وجه التحديد. ويأمل الأمريكيون أن تتعمق العلاقات الأمريكية مع هذه الدول وتنمو أكثر، خاصة أمام المخاوف المتزايدة لهذه الدول من الصعود الصيني، التي ستدعم واشنطن من أجل حمايتها.

يبين الكاتب إلى أنه على الرغم من محاولات بكين طمأنة هذه الدول، وكشفها عن نواياها الودية معهم، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعاً مع تنامي القوة الصينية، ولكن مع ذلك علاقة واشنطن مع دول جنوب شرقي آسيا تبقى ضعيفة جداً، ولا تملك هذه الدول التزامات واضحة لدعم واشنطن ضد بكين، وهذه الالتزامات من غير المحتمل أن تتطور مالم تشهد اعتداء واضحاً من بكين.

يشير الكاتب إلى أن هذه الدول كما الكورية الجنوبية ترغب في إبقاء السيادة الأمريكية في آسيا، وفي ذات الوقت لا يمكنها المغامرة بمصالحها الاقتصادية مع الصين تحت أي بند كان، والعديد من الأحداث أكدت ذلك، كما في حالة فيتنام فيما يتعلق بالجزر المتنازع عليها والمياه في بحر الصين الجنوبي، حيث عبرت واشنطن عن دعهما للفيتنام، لكن لا يشكل هذا أساساً لتحالف وطيد، وحتى إذا ما دخلت واشنطن في أزمة مع بكين على تايوان، إلا أن فيتنام لن تقدم الدعم لواشنطن، حيث التكاليف ستكون باهظة عليها.

[rouge]هل من اتفاق حول تايوان؟[/rouge]

يرى الكاتب أن تايوان تشكل أكثر القضايا صعوبة، فكلا الجانبين، الصيني والأمريكي، كان راغباً في إدارة هذه المسألة تجنباً لأي عرقلة أمام توسيع العلاقات، ولكنها رغم ذلك تبقى القضية التي لا تتوافق فيها المواقف والآراء الأمريكية والصينية بشأنها.

وفي الحقيقة، خلال السنوات الأربعين المنصرمة كانت تعيش غموضاً غير مستقر على نحو كبير. ويرى الكاتب أن هناك خياران يمكن أن يأخذا مسألة تايوان إلى نقطة معينة: أولاً، الوضع الراهن يعتمد على سياسة تايوان، حيث يمكن للقائد التايواني المستقبلي أن يدفع إلى مواجهة بين واشنطن وبكين من خلال اتخاذ خطوة نحو الاستقلال، التي سترد عليها بكين بقوة. وفي الواقع، تضاءل الخطر مع تحول الرئيس جين من سياساته الحازمة إلى سياسات تتمتع بمجاملة أكثر. ثانياً، سخونة المسألة التايوانية بين واشنطن والصين تعتمد بشكل جزئي على نغمة العلاقات الأوسع. في حال اشتداد الصراع بينهما، من الممكن أن تصبح تايوان لاعباً استراتيجياً بسهولة مرة أخرى.

في رأي الكاتب الولايات المتحدة تواجه خياراً صعباً ويرى أن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع منع الصين من الاستيلاء على تايوان بالقوة. فضلاً عن أن تكاليف الحرب بالنسبة للولايات المتحدة ستكون باهظة تتجاوز قيمة الحفاظ على تايوان، كما أن الشعب التايواني في حال الحرب سيكون أسوأ حالاً من الانضمام إلى الصين، مع عدم التقليل من عواقب الانضمام بالقوة.

يجد الكاتب أن نوع السياسة التي يمكن أن تتخذها واشنطن في حال كان ذلك صحيحاً هو توضيح المصالح الأمريكية، وكيفية تأثرها بالنتائج المختلفة. فمن الناحية الإستراتيجية، من الصعب رؤية ضم تايوان إلى الصين سيلحق الضرر بالمصالح الأمريكية، ولن يكون هناك اختلاف حقيقي في التوازن الاستراتيجي بين بكين وواشنطن في الباسيفيك الغربي. أما من الناحية السياسية، ليس للولايات المتحدة حاجة ملحة مباشرة فيما إذا اندمجت تايوان مع الصين أو بقيت منفصلة، طالما أن ضم تايوان يحدث من دون إلزام، ولا يمكن لواشنطن أن تعارض إرادة الشعب التايواني حينها. ويؤكد العديد من المحللين أن الأمور ماضية بالنسبة لتايوان بهذا الاتجاه، خاصة مع تنامي العلاقات الاجتماعية والاقتصادية عبر مضيق تايوان. وهو ما تأمل بكين حدوثه على أرض الواقع. وبالنسبة لواشنطن ضمنياً على الأقل تعارض هذه النتيجة، ولن تدعم ضم تايوان للصين، مهما كان سلمية في طريقتها.

[rouge]الخيارات والأهداف الأمريكية[/rouge]

يشير الكاتب إلى أهداف الولايات المتحدة وخياراتها، بالنسبة للخيارات كما أسلفناها في الحلقة الأولى من هذا العرض وهي باختصار: يمكن لأمريكا أن تقاوم التحدي الصيني وتحاول الإبقاء على سيادتها، أو يمكن لأمريكا أن تتراجع عن دورها المهيمن في آسيا، تاركة الصين تمارس هيمنتها، أو يمكن لأمريكا أن تصوغ دوراً جديداً لنفسها في نظام جديد، بحيث تتقاسم القوة مع الصين.

يبين الكاتب أنه على الرغم من أن القادة الأمريكيين ربما يحاولون تشويه القضية، إلا أن السياسة والرأي العام من كلا جانبي الباسيفيك سوف يضمنان أنه بشكل نهائي سيتم تبني خيار واضح من هذه الخيارات الثلاثة المختلفة. ففي الولايات المتحدة، سيطلب الشعب معرفة ما إذا كانت بلادهم لا تزال تقود آسيا أم لا، مع بيان الأسباب والالتزامات والمسؤوليات التي يتحملونها كنتيجة لذلك. أما في الصين، سيطلب الشعب الصيني أن تكون حكومتهم واضحة فيما إذا أصبحت بلادهم في موقع القيادة أم لازالت تابعة، وسيبحثون إما عن علامات واضحة حول وضعهم الجديد، أو سيكرسون جهودهم للفوز بموقع القيادة. كما أن أصدقاء الولايات المتحدة وحلفاءها سيحاولون معرفة استمرارها بممارسة الدور القيادي في آسيا، وإذا كان كذلك، سيسعون إلى الاطلاع على شكل الدور الذي تضطلع به، وماذا يعني لهم ذلك.

يجد الكاتب أن هذه الأسئلة التي تطرح لا يمكن لها أن تبقى مشوشة ومن دون إجابات واضحة، وبالتالي يتوقع أن الأفعال الأمريكية سوف تقود الجميع إلى خيار واضح، عاجلاً أو آجلاً، حتى إذا كانت كلمات القادة لا توحي بذلك. ويبين الكاتب أنه قبل الإجابة عن شكل الخيار الذي ستلجأ إليه الولايات المتحدة لابد أن نجيب عن السؤال التالي أولاً: «ماذا يمكن أن يعني كل خيار من الخيارات الثلاثة بالنسبة لأمريكا، ولآسيا؟» ويتناول الكاتب في ثلاث فقرات خيارات التنافس أو الانسحاب أو تقاسم النفوذ، مع الأضرار والفوائد التي يمكن أن تصلها، ولكن نتوقف قليلاً على ما ناقشه الكاتب عن الأهداف الأمريكية التي يجدها تدور حول ثلاثة احتياجات أساسية للشعوب والدول وهي: الازدهار، الأمن، الهوية.

يشير إلى أن هدف الولايات المتحدة الواضح في آسيا هو الاستمرار بجني الفوائد من مركز الثقل الاقتصادي على مستوى العالم، بحيث تكون مصدراً للاستيرادات، وسوقاً للصادرات، ومكاناً للاستثمار ومصدراً للرأسمال، وهذا في الحقيقة لسببين: الأول، تحتاج الولايات المتحدة إلى الاقتصاد الآسيوي كي تبقى في حالة من الحيوية و النمو، والثاني هو حاجتها إلى أن تبقى مفتوحة للشركات الأمريكية.

أما بالنسبة للهدف الثاني هو الحفاظ على أمنها وأمن الدول الآسيوية، ودائماً ما كان الأمن الأمريكي مرهوناً بعدم ظهور قوة أخرى تشكل تهديداً على مصالحها.

بالنسبة للهدف الثالث، وهو الهوية، يعتقد العديد من الناس أن الأهداف الأمريكية في آسيا وفي كل العالم، تمضي أبعد من دعم مصالحها في الازدهار والأمن، حيث يجدون أنها تروج القيم العالمية والاستثنائية الأمريكية وتجدها على أنها «الأمل الأفضل والأخير على الأرض».

في النهاية يجد الكاتب أنه من خلال قياس استحقاقات الخيارات الثلاثة، من السهل أن نجد أن الانسحاب الأمريكي من آسيا هو خيار ضعيف، وكذلك خيار تصميم الولايات المتحدة على إبقاء تفوقها على حساب عدم الاستقرار والصراع. ويجد أنه من الأفضل الدخول في مفاوضات حفاظاً على مصالح الجميع، وتجنب الدخول في صراع. ويشير الكاتب من خلال كلامه أن السلام هو قيمة حقيقية لابد ألا تغيب عن أذهان الأمريكيين في السنوات القادمة.

[rouge]السلام: القيمة الأعلى[/rouge]

يستعرض الكاتب في الفصول الأخيرة السيناريوهات المحتملة والكوارث الإنسانية التي يمكن أن تنتج عن استمرار الولايات الأمريكية في تحدي الصين وفرض نفوذها بالقوة، ويؤكد أن الخيار الذي تواجهه الولايات المتحدة منذ بداية القرن الآسيوي هو بين القوة والنظام، ويتساءل: «هل تريد الولايات المتحدة النظام والسلام في آسيا أكثر من رغبتها بالقوة التي تترافق مع التفوق؟»

يبين الكاتب أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتخذ هذا الخيار لوحدها، لأن الصين أيضاً تواجه خياراً بين القوة والنظام ويتساءل: «هل يمكن للصين أن تسعى للهيمنة على آسيا وتخاطر بحدوث الفوضى التي ستعقبها بشكل حتمي، أم أنها ستحدد تطلعاتها للقوة والنفوذ لكي تبني نظماً تتمتع بالسلام والاستقرار؟» وهنا يجد أن كلا الجانبين مسؤول على قدم المساواة عن محاولة صياغة نظام يتمتع بالسلام والابتعاد عن خيار الصراع وما يرافقه من حروب على نطاقات مفتوحة.

يجد الكاتب أن هناك حالة أخلاقية وأخرى إستراتيجية لفعل ما هو ممكن لبناء نظام سلمي في آسيا. الإستراتيجية منها هي ضمان أنه في حال حدوث مواجهة، فإن أمريكا وحلفاءها متأكدون من أن تصميم الصين العنيد للهيمنة على آسيا هو السبب. وكلما وضح هذا، كلما أصبح التحالف الأمريكي مع الدول الآسيوية أقوى ضد الصين. أما بالنسبة للحالة الأخلاقية، فيجد أنه لابد من أن يكون هناك التزام أخلاقي بضرورة الإقلال من خطر حدوث الحرب، ولا يمكن القول إنه لابد من تجنب الحرب على حساب أي شيء كان، حيث يجد الكاتب أن أحد الدروس البسيطة التي أخذت من القرن العشرين هو أن بعض الحروب تمنع حدوث نتائج أسوأ. والدرس الآخر الذي أخذ هو أن الحرب بين أقوى دولتين في العالم هو شيء مرعب في الحقيقة، وتكون نتائجها مريعة.

في رأي الكاتب، خيارات الولايات المتحدة تجاه الصين سوف تعتمد بشكل نهائي على قرارات قادتها السياسيين، سيكون عليهم توضيح: ماذا يعني لهم صعود الصين؟ وما هي خيارات الرد التي يملكونها؟ وما مدى كلفة هذه الخيارات المختلفة عليها؟ وفي الحقيقة، هذه القضايا لن تكون سهلة الاستكشاف، والعديد من الناس يعتقدون بشكل مفهوم وواضح أن الطريقة التي تعمل بها السياسة في الولايات المتحدة اليوم تجعل من الممكن أن تضعها على أجندتها السياسية. ولو أن الأمر كذلك، فهذا يعني مأساة للولايات المتحدة برأي الكاتب، ولا يعتقد أنه يجب علينا أن نكون مكتئبين حيال ذلك، لأنه كانت هناك إشارات واضحة من سياسيين كبار مثل هينري كيسنجر وهيلاري كلينتون بالرغبة في أخذ هذه القضايا بعين الاعتبار، للإقرار بأن الولايات المتحدة تواجه خيارات وتعترف بها، ويؤكد أن مناقشة الأوساط السياسة لابد أن تؤخذ على نحو أبعد.

[rouge]-[/rouge] [bleu]تأليف: هوغ وايت | عرض: عبدالله ميزر.[/bleu]

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر: جريدة «الخليج» الإماراتية.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2166038

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2166038 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010