الخميس 6 أيلول (سبتمبر) 2012

دولة الذات الإلهية

الخميس 6 أيلول (سبتمبر) 2012 par وائل عبد الفتاح

من سيأتي بعد حكم المؤمنين؟ انّهم يضعون في الدستور الآن مادة تحمي الذات الإلهية من المساس. ليسوا مؤمنين فقط، لكنهم يضمنون حماية الله من الدولة، وفي الدستور. هم حماة الله، فمن سينافسهم؟ الإخوان سبقوا غيرهم في الاندماج مع الحداثة. السلفيون يسيرون على الطريق نفسها، لكنهم مشغولون بتعلية أدوارهم في حماية العقيدة، حتى بدا وجودهم أهم من العقيدة او قرينها البشري يحمي الإلهي والمطلق. المشكلة اذن ليست وجود رئيس ينتمي للتيار الإسلامي، لكن في تحوله الى فرعون ليس بالقرار المسبق فقط، ولكن عبر عملية كلما أعلنت العداء مع علمانية الدولة تحوّلت الى مدنية تقوم على تقديس الدولة بما انّها تحمي الدين.

أي تصبح الدولة مدنية بما انها تحمي الدين، وحاكمها هو حامي الدين. هذه اشكال جديدة من دولة مقنعة يظهر فيها أسد الله، بعد ان كان أسد الوطن. الله هنا في حماية الحاكم وبشكل أو بآخر الدولة هي دولة الذات الإلهية. هذا ما وصل إليه العقل الذي بدلاً من ان يرى الديموقراطية فضاءً مفتوحاً تتنافس فيه التيارات والأفكار والأحزاب، يتعامل معها كسلّم يصعد به ويسحبه ليعلن انّنا جميعاً أسرى عالمه الافتراضي.

المتابعة لرحلة التيارات الإسلامية تقول إنّه إذا كنت اليوم متشدداً في التيار الإسلامي، فستذهب الى الاعتدال لكن ستترك بضاعتك القديمة يتغذى عليها جيل جديد لتبدأ الدورة من جديد. المتشدد اليوم هو معتدل أمس، ومتهم في المستقبل بأنّه خارج الإسلام. التيارات الإسلامية هي نظرة إلى العالم من خلال أفكار صنعها بشر ليسوا مبشرين ولا مبعوثي العناية ولا وكلاء الوصاية الإلهية على بشر مثلهم يعتبرونهم في مرحلة الجاهلية، او كفار او عصاة او غير ذلك من أوصاف تقسم الدنيا الى معسكرين وتعتبرها حرباً او غزوة. ليس المخيف ان تكون مؤمناً او تصدق فكرتك الى آخر حد. المخيف ان تقتلنا وتفسد حياتنا لأنّك تصوّر اننا اسراك او انك جندي في غزوة الديموقراطية.

الفرق بين الفضاء والسلم هو ما يجعلني اليوم أعيد الكتابة حول العنوان نفسه. الرئيس اياً كان ليس إلا مجرد جملة اعتراضية عابرة، وهو المختار من نسبة معينة، ورفضه نسبة لم تكن ضعيفة. وهنا تبدو عبثية محاولة تثبيت الوضع بألعاب تغلق المجال السياسي من جديد باسم الدين، بعدما أغلق طويلاً تحت قوة العسكر. العبث هنا مدمر لأنّه يضع مصر كلها في حالة احتقان لفترات طويلة. والعبث هنا يمنح للمتشدد مبرراً لتشدده اكثر وهذا ما بدت بوادره من فتاوى إهدار دم مرسي بسبب احداث سيناء. كتبت تحت عنوان «فرعون إسلامي» من قبل، واعتبرت اننا في لحظة بناء جمهورية بلا فراعنة. لسنا في غزوة وتوزيع غنائم حسب القوة العضلية، ولا هي معركة من يصعد السلم. انّنا في معركة توسيع الفضاء الذي أغلقه مبارك، ويعني ذلك ببساطة ثورة شعبية، وليس صراعاً مسلحاً انتهى بفوز الإسلاميين. المعركة الآن هي ان تبني جمهورية ديموقراطية بلا وصاية ولا مؤسسات تنشأ لتصبح فوق الدولة.

الفرعون لا يولد فرعوناً. الفرعون يولد حين يكون العقد بين الحاكم والشعب مبني على تفويض اكبر من الوظيفة التي يقوم بها. وهذا هو المرعب. هم يريدون إحياء علاقة بين الحاكم والشعب تقوم على البيعة، أي التفويض الدائم، يحكم فيه الحاكم باسم «إرادة أعلى» من كلّ شيء.

ماذا يحدث عندما يختلف الشعب مع الحاكم، او تختلف معارضة مع برنامج سياسي؟ هل نختلف مع الله ام نختلف مع الإسلام؟ هكذا بدت صيحة دولة الخلافة قادمة من زمن منقرض، وما تبعها من اتهامات للمختلفين مع الفكرة بانّهم كفرة وعلمانيون، وغيرها من الاتهامات التي تحاول اللعب على المشاعر الدينية لشعب عاطفي، وتمنعه من التفكير في ما يقال له. منهج دولة الاستبداد نفسه. الجنرالات وآخرهم مبارك كانوا يصفون الخارجين عن طاعتهم بأنّهم قلة مندسة ومشاغبة باعت بلادها. تكفير وطني لا يقل عنه استبداداً تكفير من لا يؤمن بدولة الخلافة. هذه صيحات تثير الذعر في قطاع مدني تصور انّ «ثورة الميدان» ستبني مصر حديثة. القطاع المدني هو طبقة وسطى جديدة، حالمة بدولة على الموديل الغربي، لا ترفض الدين، لكنها لا تريد حكم الفقهاء، او من يعتبرون الخلاف معهم خلاف مع الله او مع الإسلام. هناك فرق بين رفض الدين ورفض حكم المشايخ. اصحاب الصوت العالي الآن يصيبون الجميع بالرعب، ويشعرون من يختلف معهم بأنّه خارج عن الدين او ضد الله، فيصمت. هؤلاء عاشوا تحت سيطرة وإدارة أجهزة الدولة البوليسية والآن هم أحرار، يصرخون بهستيريا أكثر مما يقدمون مشروعاً او يبنون مستقبلاً سياسياً. الدولة ورثت تراثاً من محاولة البحث عن شرعية دينية لجنرال يسيطر ويغلب خصومه. الشرعيتان متلازمتان في الدولة التي ورثت إمبراطورية الرجل العثماني المريض.

وبما أنّه لا كنيسة سياسية في الإسلام، فإنّ التنظيمات التي تحمل فكرة الخلاص والحل استعارت الكنيسة بعد ان وضعت عليها أقنعة إسلامية. السلفيون، وبشكل اقل الجماعة، هم بضاعة قديمة تريد المرور من جمارك حديثة. تتحايل، وتصدر أصواتاً عالية، فاللحظة ليست لحظة تنظيمات الخلاص و«الإسلام هو الحل». الجمهور الواسع لا يريد ايديولجيا الخلاص بقدر ما يريد بناء دولة حقيقية تقدم له خدمات التعليم والعلاج وتتيح له العمل والعيش على ارضها بكرامة. دولة لا يمكن ان تقام أسوار حديدية حولها لتكون «مزرعة تجارب لإعادة تربية البشر»، كما تفكر تنظيمات الأصولية الإسلامية، ولا دولة تقهر فيها الأغلبية الدينية اقلياتها وتتعامل معهم على انهم ضيوف. الدولة في مصر لم تحسم تكوينها ولم تشكل مؤسساتها، لكنها أرادت فقط ترويض شعبها، ولذلك لعبت كل الألعاب لتضمن السيطرة. هذه السيطرة تصنع ارضاً كاملة من التناقضات يتحوّل فيها من يستمد شرعيته من الدين الى حارس للدين ولله وشرعيته. انهم جنود سريون. كيف نقبل بوصول جماعة للحكم وهي تخطط لاتخاذ حكمها جسراً للوصول الى مشروع غير معلن؟ كيف يمكن القبول بوجود رجل غامض اسمه المرشد، موجود في مكان ما، لا يكشف عن تفاصيل ما يجري فيه، ولا عن المجموعة التي يختارها ويسميها مكتب الإرشاد. والاهم ان هذه المجموعة تعتبر انهم طليعة الفتح الإسلامي الجديد الذي سيدخل الإسلام من جديد لمصر. هذه هي الخدعة التي مهما طال عمرها لن تمر. كيف تمارس السياسة بقواعد تلغيها؟ كيف اقبل بوجود جماعة لها قوانينها السرية وتعتمد على السمع والطاعة في مجال يعتمد على الاختيار والمنافسة؟ تقدسون المرشد؟ انتم احرار. لكن عندما تدخلون مجال السياسة فلا يعني مرشدكم شيئاً ويعتبر مخالفة كبرى. السياسة ليست الكذب. السياسة هي بناء التجربة الإنسانية في إدارة المجتمعات. كيف نتعامل مع جماعات ترى انّ مرشدها يجلس في مقعده ينتظر تقبيل يده وحكمه نهائي، وهو القائد في طريق الأستاذية على العالم. هذه أوهام انتهت من العالم كله. أوهام ان يحمل التنظيم السياسي قداسة خارج البشر او مهام استثنائية كما كان يحدث في الأحزاب الفاشية والنازية التي ربما شعرت بقرب جماعة الإخوان لها وقامت بدعمها مالياً ومنحتها بعضاً من الود والاخوّة. هذه التنظيمات قادت العالم الى الدمار لأنّها مبنية على «الاستثناء» و«التفوق» الخاص.

انّ هذه المجموعة الاستثنائية لها مهام في تطهير العالم او إعادة ولادته لإعادة مجد قديم. وهي شحنات تمنح للتفوق على كل المجموعات الأخرى، وتعطي مبرراً يجعل الإبادة والعنف اشياء عادية. الأحزاب لم تعد مهمتها عادة تربية الإنسان لتكون هي مكان ولادته الجديدة. وعندما كانت هذه مهمتها أصبحت النهاية الدمار، كما حدث في الاتحاد السوفياتي وقبله في المانيا وايطاليا. هذه التنظيمات تقوم على التنويم المغناطيسي كما كان يحدث في تنظيم الحشاشين، اول تنظيم متطرف في الإسلام عندما كان حسن الصباح يقنع مريديه بأنّ الطريق الى الله تمر عبر تدخين كميات هائلة من الحشيش يستطيع بعدها إقناع جمهوره بأنّ قتل الخصوم سيفتح لهم الطريق امام الجنة. التصور الساذج في «الحشاشين» استمر في تجارب أخرى ولا يزال مستمراً هنا حيث هناك من يتصور انّ السياسة هي الطريق الى الجنة. يقول ذلك وبعدها يفتح كتاب المحفوظات ليقول «السياسة هي الكذب»... وبالطبع النتيجة المنطقية تقول إنّنا نستخدم السياسة لإلغاء السياسة. نستخدم الديموقراطية سلماً لكي نمنعها. وما دامت الجماعة هي المؤمنة فمن سيأتي بعدها إلّا الكفّار؟

[rouge]«المعروف» و«الميتال»[/rouge]

يبحثون عن مدخل للسيطرة على الفضاء العام. السلطة تريد أداة تصنع بها فضاءً عاماً تحت السيطرة. الأخلاق والمراقبة هما الأداة الأقوى. هكذا خرجت الهبّات الأولى عبر مطاردة عاشقين في الشوارع انتهت الى قتل شاب في السويس. الهبّات الثانية خافتة إلا عندما أعادت إنتاج قصة «عبدة الشيطان»، التي اخترعها امن الدولة للأسباب نفسها. موسيقى «الميتال» مرة أخرى تصبح بطلة لواقعة من وقائع نشوء مسرح افتراضي داخل المسرح. الموسيقى في الخلفية والعازفون ايضاً، والجمهور هو الموضوع. حفلة موسيقى تتحول الى حفلة دينية، والافتراء الذي كشف أيام مبارك يعاد إنتاجه ليطارد محبي «الميتال» من جديد باتهامات عبادة الشيطان. البلاغ قدمه محامٍ ينتمي الى حزب الإخوان (الحرية والعدالة). إنّه مندوب غزاة يقتحمون المدينة ويريدون السيطرة على الفضاء. وها هي مجلة الأزهر تمنحهم الترسانة النظرية، بعدما أصبح رئيس تحريرها الدكتور محمد عمارة. الدكتور عمارة استدعى في العدد الأخير الإمام الغزالي، ليبرر وجود ميليشيات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». لماذا لم يجد من الغزالي إلا هذا الوجه؟ الدكتور عمارة أجرى بحثاً طويلاً عريضاً، وأصدره في ملحق خاص مع مجلة الأزهر ليقول إنّ استخدام العنف في الشوارع لفرض «المعروف» امر جائز شرعاً. لماذا يفعل ذلك والآن؟ الدكتور عمارة من المختارين في لجنة الدستور، وغيرها، وهو ما يثير التساؤل عما تعنيه وسطية الأزهر، وحجم واتساع تيار التطرف في المؤسسة التي ظلت الدولة تستخدمها في زمن الجمهورية الأولى، وها هي في مفترق طرق لاستخدامها من جديد جسراً لاختطاف الجمهورية الثانية. المهم أنّ الدكتور عمارة ينشر أفكاراً في قلعة «وسطية» الإسلام. أفكار فحواها انّ الامر بالمعروف فرض على كل مسلم. وهذا يعني ببساطة منح شرعية لجماعات العنف باسم الإسلام. تلك الجماعات التي قتلت السادات باسم النهي عن المنكر، ثم اعتذرت، ويمكن ان تقتل وتنشر الرعب في الشوارع، ثم يخرج المذنب ويعتذر. هكذا فإن الدكتور عمارة يخلع ثوب الباحث: القلق إزاء ما يعرف والمكتشف للحقائق الجديدة... ويرتدي ثوب المحرض في ميليشيات عنف قادمة.

[rouge]الإخوان يملأون الفراغ الكبير[/rouge]

التسرب العلني. هذا ما يفعله الإخوان المسلمون من وجهة نظر تعاملهم بالحذر والترقب، وتحركهم ككيان قبيلة، لا كحزب سياسي. سياسياً يسمى ذلك «أخونة الدولة». ولأنّ السياسة في مصر جديدة، يحكمها الرعب لا البناء والخبرات، ولديها تراث طويل من الخديعة. الحاكم يبدو طيباً واقرب الى بطل شعبي، يبشر بالعدل وبياض السيرة، وينتهي جباراً تلملَم سيرته وثروته من بنوك سويسرا وجزر الكناري. الإخوان إذن ينفذون مشروعهم في دولة يحكمها المرشد من خفاء معلن. هذه صورة لدى السياسي والفرد العادي... وربما انطباع عام يرسل صفارة إنذار مع كل حركة للجماعة والرئيس.

إنها أعراض طبيعية لبلد يحكمه رئيس قادم من جماعة سياسية سرية ومغلقة، وتتعامل بمنطق القبيلة. وربما من الطبيعي أنّ العقل الجمعي لهذه «القبيلة» يسعى الى هذه «الأخونة»، او يخطط لاستكمال ما بدأه منذ سنوات حين هندس انقلاباً من الأسفل الى الأعلى. انقلاب لم يستهدف السلطة، بل المجتمع. كيف تفرض سلطتك الروحية على مجتمع يعيش في غيبوبة استبداد بدا له أنّه بلا نهاية؟

الانقلاب في مرحلته الأولى (من الأسفل الى الأعلى) نجح نجاحاً كبيراً منذ أن قاد حسن البنّا اكبر حملة نشر للشعور بالاغتراب عن الحداثة، وحتى بعد اندماج الجماعة في الحياة الحديثة لا يزالون يرددون الخطاب نفسه، يرددونه بينما يستخدمون سيارات وأجهزة وسلعاً وخدمات، والأهم أفكاراً تتعلق بالحداثة، لكنّهم كمحاربين قدامى في حرب الهويات، يتمسكون بمكانهم في الخندق. ماذا سيحدث بعد خروجهم من الخندق؟ هل سينجحون عندما تتغيّر اتجاهات الأسهم وتصبح أخونة الدولة من الأعلى الى الأسفل؟ هل تمر «أخونة الدولة»؟ بعد مفاجأة «٢٥ يناير»، لم يعد من الممكن التعامل مع السياسة على أنّها أقدار تهبط من الأعلى، او على أنها قيد التفكير في مسلمات مطلقة من نوعية «سيحدث هذا...»، أو أنّ «المصريين غير قادرين على فعل كذا...». هذه المسلمات أصبحت أوهاماً الآن، ومن يجرنا الى إعادة السياسة كلعبة أقدار بين آلهة وكهنة مختفين خلف ستارة سوداء، فإنّه يقودنا بحسن نية او بأمور أخرى الى العودة الى المربع الصفر، أي الى اللحظة التي كان المجتمع فيها غائباً في مقاعد المتفرجين ينتظر نتيجة صراع الأقدار. ربما تكون طبيعة السلطة او تركيبة الدولة لم تتغير تلبية لحجم التوقعات بعد ثورة سلمية انتصرت فيها إرادة الثوار بأياديهم العارية. السلطة لم تتغيّر، لكن المجتمع تغير. لم تنته بعد مشاعر الاهتمام بالسياسة وبكل ما يحدث في البلاد. اهتمام عمومي يشمل قطاعات واسعة، لا تقتصر على السياسيين او النشطاء الذين كانوا وحدهم في مواجهة السلطة على مسرح السياسة.

مسرح السياسة الآن اتسع ليشمل قطاعات كانت غائبة، وستجد من يسأل دائماً عن معنى ما يحدث او عن المستقبل، بعدما كان المستقبل في يد السلطة، والفرد العادي لا ينشغل بغير إنقاذ نفسه من الدوامة. هذه «قوة المجتمع» التي أضيفت بعد الثورة الى معادلة السلطة، وهي قوة ليست عابرة، ولا يمكن عدها في إطار جمهور المتفرجين، لكنها قطاعات مجتمع تراقب لأول مرة ما يحدث في السياسة، وتعرف أنّها هي التي يمكنها أن تختار رئيساً او تغيّر حكومة. يمكنها ان تختار وتدفع ثمن الاختيار. التغيير هنا ليس بسيطاً، ولم يكن من الممكن حدوثه بكل برامج الإصلاح. إنه تغيير ثوري راديكالي يغيّر صلب دولة ما بعد «يوليو ١٩٥٢». وهذا سر الأزمة بين طموحات الثورة الكبيرة، التي تسعى إلى نظام ديموقراطي، يفتح أبواب الحريات المغلقة، ويبني دولة تقبل التعدد السياسي والثقافي والديني. وهي افكار لم يتم تنظيم المؤمنين بها او المخلصين لها. هذه هي الأفكار التي أعلت أسهم مرسي عندما رفعها في المرحلة التالية، وجعلته يتفوق على شفيق. وهي الأفكار التي شحنت مرسي في صراعه مع المشير وجناحه في الجيش، وخلخلت أسطورة النواة الصلبة، والجيش الذي يتحكم ويريد أن يحكم. هذه هي الافكار وجمهورها الذي دخل دائرة المجال السياسي باهتمام ورغبة في ألا يكون اليوم مثل الأمس.

تبدو إذن مشاعر اليأس او الشعور بأنّ الثورة فشلت بسبب وصول تيار إصلاحي محافظ للسلطة، وهو ما يجعل إمكانية إعادة بناء النظام القديم او تجديده او ضخ شحنات بين شقوقه واردة. الإشارات الأولى تؤيد هذه التخوّفات، بدايةً من استسهال الحلول التي كانت هي المشاكل الأساسية، مثل القروض والطوارئ وصولاً إلى محاولة تجديد شبكة الرأسمالية القديمة بأسماء جديدة لتدور ماكينة الاقتصاد دورتها البعيدة عن العدالة الاجتماعية نفسها، لكن ليس ذلك «أخونة الدولة». هي محاولة من الإخوان لملء حطام الدولة التي تركها مبارك والمافيا المتحلقة حول قصره.

إنها دخول الإخوان في جسد الدولة، او محاولتهم ملء الفراغ الكبير. وهم لا يمتلكون كوادر ولا رؤية مختلفة للدولة، أي لا شيء تقريباً سوى شحنات عاطفية عن استعادة زمن الخلافة الجميل او أستاذية العالم، وهذه ليست الا شحنات للاستهلاك المحلي مع جمهور ينتظر معجزة المرشد المنتظر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165485

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165485 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010