الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012

«إسرائيل» تكشف «ملف ميونيخ».. 45 وثيقة تروي المداولات المصاحبة للعمليّة الفدائيّة

الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012

[bleu]بعد نحو 40 عاماً من حفظه ضمن تصنيف «سري»، قرر أرشيف الدولة «الإسرائيلي» نشر «ملف عملية ميونيخ» ووضع وثائقه قيد التداول العام. ويتضمن الملف 45 وثيقة أميط اللثام عنها، أول من أمس، تشرح تطور أحداث العملية التي احتجز فيها مناضلون فلسطينيون من منظمة «أيلول الأسود» الوفد الأولمبي «الإسرائيلي»، وأدت محاولة تحريره من قبل الشرطة المحلية إلى قتل أفراده جميعاً، والعدد الأكبر من المجموعة الخاطفة. وتأتي عملية الكشف عن الوثائق على خلفية نشر مجلة «دير شبيغل» الألمانية تحقيقاً أشار إلى تعاون السلطات الألمانية مع «أيلول الأسود» بعد العملية، ووعدها بتقديم الدعم السياسي لمنظمة التحرير مقابل عدم تنفيذ عمليات في ألمانيا [/bleu]

تصف الوثائق، التي تقرر الكشف عنها في إطار مشروع لإحياء الذكرى الأربعين لقتل الرياضيين «الإسرائيليين» الأحد عشر في عملية ميونيخ خلال الألعاب الأولمبية عام 1972، تسلسل الأحداث وراء الكواليس، بدءاً من عملية الاحتجاز ومحاولة التحرير الفاشلة، وانتهاءً بمداولات ما بعد العملية في «إسرائيل» واتخاذ قرار بمطاردة قادة منظمة «أيلول الأسود» في أرجاء العالم.

وتتألف الوثائق من محاضر اجتماعات الحكومة «الإسرائيلية» ولجنة الخارجية والأمن في «الكنيست»، إضافةً إلى برقيات جرى تبادلها مع سفارة «تل أبيب» في بون، وتقارير لتحقيقات أجريت حول العملية. وبرغم خضوع الوثائق المنشورة لاستمرار الرقابة الجزئية من خلال حذف مقاطع منها، إلا أن مطالعتها تكشف بوضوح عن إرباك القيادة «الإسرائيلية»، وعلى نحو خاص عن سخطها من طريقة معالجة السلطات الألمانية للحدث.

وبدأت القصة في «تل أبيب» مع تلقي وزارة الخارجية عند الساعة 8:45 صباحاً برقية من سفارتها في بون تفيد بهجوم «مجموعة فلسطينية مسلحة في الخامسة فجراً على مكان إقامة الوفد «الإسرائيلي»... ووفقاً للأنباء الأولى فإن العرب قتلوا مدرباً «إسرائيلياً» وجرحوا آخرين، ويحتفظون بهم رهائن ويطالبون بالإفراج عن عرب على ما يبدو في «إسرائيل»».

عند التاسعة والنصف، عقدت الحكومة «الإسرائيلية» اجتماعاً خاصاً شرح خلاله وزير الخارجية، أبا إيفين، الرسالة التي جرى نقلها إلى السلطات الألمانية بناءً على توجيهات من رئيسة الوزراء، غولدا مئير: «إن الحكومة «الإسرائيلية» لن تدخل في مفاوضات مع «المخربين»، وتتوقع أن تبذل حكومة ألمانيا كل الجهود من أجل إنقاذ الرهائن. نحن سنتفهم تقديم ضمانات «للمخربين» بالسماح لهم بالخروج من أجل تعزيز فرص ضمانة سلامة الرهائن. ونحن نعتمد على ألمانيا بأن تمارس في اتصالاتها مع المخربين تكتيكاً يسمح بإطالة الوقت».

وبعد ذلك بتسعين دقيقة، قدم نائب رئيس الحكومة، يغآل ألون، أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست» تفاصيل سرية عن المفاوضات التي أجراها الألمان مع الخاطفين، كاشفاً أنهم «قالوا للمخربين ليس فقط لن نسلمكم ولن نحاكمكم ونسمح لكم بالذهاب، مقابل إطلاق سراح الرهائن، بل إنهم عرضوا عليهم مبالغ مالية ضخمة، واقترحوا أن يسلم مسؤولون ألمان رفيعو المستوى أنفسهم رهائن إليهم حتى تنتهي المفاوضات، إلا أن جماعة أيلول الأسود رفضت هذا العرض».

في غضون ذلك، توالت البرقيات من بون، وكتب السفير، إليشيف بن حورين، عند الساعة 11:20، أن «العرب أعطوا إنذارا بأنهم سيقتلون رهينتين إضافيتين إذا لم يحصل شيء حتى الساعة الثانية عشرة. الألمان مستعدون لاستخدام القوة، لكن الميدان معقد». وفي وقت لاحق يكشف السفير أن وزير داخلية ولاية بافاريا الألمانية، هانس ديتريرخ غانشر، التقى الرهائن وتولد لديه الانطباع بأنهم «في وضع نفسي خطير».

وتشير بعض الوثائق إلى أن الألمان حاولوا في هذا الوقت إقناع «تل أبيب» بأن تجري مفاوضات جدية حول إطلاق سراح 200 أسير في السجون «الإسرائيلية»، إلا أن محاولتهم ووجهت بالرفض، كما تشير بعض الوثائق إلى طلب تقدمت به «تل أبيب» إلى بون لإرسال قوة «إسرائيلية» خاصة لإنقاذ الرهائن، وكان مصيره الرفض أيضاً. وأعربت بون في الموازاة عن استعدادها لاستقبال ممثل «إسرائيلي» رفيع المستوى استقر الرأي على أن يكون رئيس «الموساد»، تسفي زامير.

ويوضح زامير في إحدى الوثائق كيف أن استقبال المسؤولين الألمان له كان بارداً، وأشعروه بأنه غير مرغوب فيه. ويشرح، في السياق على نحو مفصل، تطور الأحداث منذ وصوله إلى ميونيخ ومباشرته الاتصالات لتنسيق عملية الاقتحام، التي كانت قد تقررت من قبل السلطات الألمانية. وكانت المفاوضات قد تواصلت حتى الساعة التاسعة مساءً حين وافق الخاطفون على الانتقال بالرهائن إلى المطار، على أن يغادروا من هناك إلى دولة عربية. وعرض وزير داخلية ولاية بافاريا على زامير ثلاثة اقتراحات للهجوم: الانقضاض على المبنى، مهاجمة الباص أثناء عملية النقل، أو داخل المطار عند خروجهم من الباصات أو المروحيات.

ويصف زامير تفاصيل الاشتباك الذي حصل في المطار، متوقفاً عند انعدام الحرفية عند القوات الألمانية التي كانت مربكة وغير مدربة ولا تمتلك تجهيزات القنص الملائمة والمعلومات المطلوبة حول خلية الخاطفين: «هم لم يبذلوا أي جهد لإنقاذ الأفراد، سواءٌ كانوا التابعين لهم أو التابعين لنا. ولا يمكنني إلا أن أشير إلى أن العملية كانت سيئة وفاشلة وأدت إلى نتيجة مأساوية».

وتكشف الوثائق عن إرباك كبير ساد البرقيات التي أرسلت إلى «تل أبيب» في أعقاب الهجوم، الذي بدأ الساعة الحادية عشرة ليلاً. وبقيت أجواء التردد سائدة حتى أكد زامير عند الثالثة فجراً مقتل كافة «الإسرائيليين» في الاشتباك، إضافة إلى مقتل ستة من الخاطفين وشرطي ألماني. وفي شهادته أمام الحكومة «الإسرائيلية» لدى عودته، رأى زامير أن «الألمان أرادوا فقط الاستمرار في الألعاب الأولمبية، وأرادوا إنهاء هذا الأمر بطريقة أو بأخرى».

وتبيّن بعض الوثائق صورة متشنجة للعلاقات بين «إسرائيل» والسلطات الألمانية في حينه. فالألمان كانوا قد رفضوا طلباً «إسرائيلياً» مسبقاً بتعزيز الحراسة على الوفد «الإسرائيلي». وأثناء عملية الاختطاف، طلبت الحكومة «الإسرائيلية» من بون وقف الألعاب الأولمبية، إلا أن الرد جاء من السفارة «الإسرائيلية» بأن اللجنة الأولمبية والسلطات الألمانية رفضتا هذا الطلب، لأن من شأن ذلك أن يؤثر في عمل الشرطة الألمانية، ولأنه «لو أنّ لدى التلفزيون الألماني برامج بديلة عن الأولمبياد لبثها». وبعد انتهاء عملية الخطف، كررت «إسرائيل» طلبها، وتوقعت من الولايات المتحدة أن تسحب وفدها المشارك، إلا أن الوثائق تشير إلى أن الإدارة الأميركية ردت على «إسرائيل» بألا تحرجها بطلب ذلك منها علناً.

وفي مداولات الحكومة «الإسرائيلية» بعد ذلك، أثار عدد من الوزراء فرضية أن يكون ما حصل «مؤامرة» شارك فيها الألمان، رابطين سلوكهم بماضي الدولة النازي، لكن رئيسة الوزراء غولدا مئير أوقفت النقاش في هذا الشأن، ورفضت ذلك بشدة.

[rouge]«الورقة الحمراء» تطارد «أيلول الأسود» [/rouge]

في اليوم التالي للعملية، قدم رئيس «الموساد»، تسفي زامير، تقريراً إلى الحكومة «الإسرائيلية» كشف فيه عن محادثة جرت بينه وبين نظيره الألماني، حذره فيها من أن يقدم «المخربون على خطف طائرة ألمانية ويطالبوا بتحرير الخاطفين الثلاثة الذين بقوا على قيد الحياة من مجموعة ميونيخ وجرى اعتقالهما من قبل السلطات الألمانية». تحذير زامير تحول إلى أمر واقع بعد نحو شهرين، حين أقدم ثلاثة أعضاء من «أيلول الأسود» في 29 تشرين أول على اختطاف طائرة ألمانية وطالبوا بإطلاق سراح رفقائهم في السجون الألمانية، الأمر الذي استجابت له بون سريعاً.

بعد أيام عقدت لجنة الخارجية والأمن اجتماعاً طالب فيه المجتمعون بتحويل أعضاء «أيلول الأسود» من «مطارِدين إلى مطارَدين». وبحسب الصحف «الإسرائيلية»، فإن الوثائق التي جرى التحفظ عن نشرها تظهر أن الحكومة قررت في أعقاب ذلك، بناءً على توصية رئيستها غولدا مئير، إحداث انعطافة في «محاربة الإرهاب»، من خلال تحويل أفراد «أيلول الأسود» إلى أهداف مشروعة، أينما كانوا. وبعد وقت قصير من ذلك، بدأ التداول بعبارة «ورقة حمراء» في أروقة صناعة القرار «الإسرائيلية»، التي كانت اسماً مرمّزاً لأمر اغتيال يوقّعه رئيس الحكومة «الإسرائيلية» وينفذه «الموساد» ضد «أيلول الأسود».

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : جريدة «الأخبار» اللبنانية | محمد بدير.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010