الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012

الغرب وغضب «إسرائيل»

الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012 par أمجد عرار

في زمن المعايير المتعددة يستنفر الغرب ويطالب الدول العربية بعدم تعنيف «إسرائيل» بسبب ترسانتها النووية خلال المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر المقبل. التعنيف هنا ليس مشتقاً من العنف، بل يعني رفع الصوت والحدة في المطالبة وبعض اللوم. حتى هذا المستوى المتدني من المواقف محرم على العرب وغيرهم عندما يتعلق الأمر بـ «إسرائيل». دبلوماسي غربي (يسمونه كبيراً) يتوقّع أن الدول العربية ستنتقد «إسرائيل» على خلفية ترسانتها النووية، لكّنها، حسب تقديره، منقسمة بشأن ما إن كان ينبغي أن تطرح مشروع قرار في المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن الدبلوماسيين ليسوا متأكدين من نوايا الدول العربية بل يؤكدون أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستقترح مشروع قرار غير ملزم، إلا أنهم يتعاملون مع الموضوع كما لو أن الدول العربية تستعد لتوجيه ضربة عسكرية ساحقة ماحقة لـ «إسرائيل»، أو كأنها تفكر في الأمر ويسيطر على أحلامها ويقظتها، لذلك فإن الغرب قلق ولا ينام، لأنهم يظنّون، وليس في ظنهم إثم عندما يكون موضوعه «إسرائيل»، عن حضور محادثات هذا العام التي تدور حول «شرق أوسط» خال من الأسلحة النووية. وعندما يقال هذا الكلام فإن «إسرائيل» تكف عن كونها جزءاً من «الشرق الأوسط»، لأن ما يراد وما يخطط له وما يجري هدفه أن يكون «الشرق الأوسط» «إسرائيلياً» وليس العكس. لو لم يكن الأمر كذلك، لما أقدمت «إسرائيل» على خطف عالمها النووي مردخاي فعنونو وشحنته من روما في صندوق مثل كيس البطاطا، قبل أن تزجّه في السجن خمسة عشر عاماً ثم تفرض عليه إقامة جبرية وتعزله عن العالم الخارجي، رغم تأكيداته المتكررة أنه يريد حماية «إسرائيل» من نفسها، وحماية المنطقة منها. ولو كان الأمر غير هذا، لما تمسّكت طيلة ستة عقود بسياسة الغموض النووي الهدّام والذي تسميه زوراً وبهتاناً وتضليلاً «البناء»، ولما أيدت دول مثل الولايات المتحدة وتوابعها الغربية هذه السياسة بلا نقاش او تحفّظ في الوقت الذي تفرض عقوبات على دول أخرى بناء على ادعاءات لا دليل عليها بوجود برنامج نووي عسكري لديها. أحد الدبلوماسيين الأوروبيين يعتبر مجرد ذكر «إسرائيل» بالاسم عملية غاية في الحساسية، ولن يكون مفيداً بل و«سيأتي بأثر عكسي». ما هو هذا الأثر العكسي مثلاً؟. صحيح أن إيهود أزولاي المندوب «الإسرائيلي» قال في خطاب إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، إن أي قرار عربي يستهدف «إسرائيل» سيقوض أية محاولة حقيقية لتعزيز الثقة والأمن في «الشرق الأوسط»، ولا ندري عن أي ثقة وأمن يتحدّث، لكن ليس هناك سوى معنى واحد، وهو أن «إسرائيل» قد تحطم ستار الغموض وتعلن امتلاكها عشرات الرؤوس النووية، ومن لا يعجبها هذا من القلة الباقية من دول العالم خارج فلكها، فلتضرب رأسها بجدار الفصل العنصري الممتد طويلاً في أراضي الضفة بحيث يسمح لرؤوس كثيرة بأن تلاطمه حتى تتورّم. غضبت «إسرائيل» من مجرد ذكر اسمها وتهرب للأمام معلنة شكرها الجزيل لفرنسا التي بنت لها أول مفاعل نووي، ولن تشعر بأنها قد تحرج أصدقاء فرنسا من هذه الحقيقة السوداء، فهي ترى كيف أن حصولها على غواصات نووية من ألمانيا لم يتسبب بأي حرج. المهم ألا يصل غضب «إسرائيل» إلى حد اقتراب إصبعها من الزر النووي، واعتقد أنها تمتلك الحد الأدنى من التفكير الذي يجعل من مقولة «أرخص أنواع الحروب أن تستعمل غيرك ليقاتل لحسابك».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40