الجمعة 24 آب (أغسطس) 2012

«إسرائيل» ومصر والجديد

الجمعة 24 آب (أغسطس) 2012 par أمجد عرار

«إسرائيل» صدّعت رؤوس دول العالم طوال السنوات الماضية وهي تشكو من أن مصر لا تسيطر أمنياً على شبه جزيرة سيناء، وعندما حانت اللحظة التي تحرك فيها الجيش المصري لمواجهة الجماعات المسلّحة وحماية الأمن القومي المصري، خرج وزير خارجيتها ليقول إن مصر خرقت اتفاقية «كامب ديفيد» بإدخالها دبابات وجنوداً إلى شمال سيناء، وإن «إسرائيل» لن تسكت على ذلك. موقف الولايات المتحدة من القضية مضحك لكنّه ليس مفاجئاً، فهي أعلنت أنها مع مصر في محاربة «الإرهاب»، لكن بموافقة «إسرائيل». وما دامت هذه الأخيرة لم توافق فإن محصّلة الموقف الأمريكي تكون مع «إسرائيل» ضد مصر، وهذا ليس جديداً ولا مفاجئاً، ولو صدر عن واشنطن غير هذا، فإنه كان سيشكّل مفاجأة.

عندما قالت «إسرائيل» إبان عملية رفح الإرهابية ضد الجيش المصري، إنها قد تسمح لمصر بأن تدخل قوات إلى سيناء، قلنا إن مجرد حديثها عن «السماح» لمصر، يعتبر بمثابة إهانة لجمهورية مصر العربية، وبخاصة بعد انتفاضة 25 يناير، فما بالكم وهي تقول الآن إنها لن تسمح ولن تسكت؟ لم يوضّح ليبرمان ماذا يعني بالقول «لن تسكت»، فإذا كان السكوت بمعنى الصمت، فمن الواضح أنه لم يسكت، وها هو تصريحه ينفي صمته، وإذا كان المقصود بعدم السكوت التحرّك الدبلوماسي، فإن تصريحه هذا جاء خلال استقباله عشرين سفيراً «إسرائيلياً»، أي أن عدم السكوت الدبلوماسي تحقق، وأن التحرك التحريضي تواصل. بقي معنى واحد لعدم السكوت هو المواجهة، لكن ليبرمان أجبن من يتحدث به أو يلمّح إليه تجاه مصر لا سيما أنه مضت أكثر من عشر سنوات على تهديده بقصف السد العالي وإغراق مصر بالمياه، لو أنه يستطيع أن يفعلها لفعل من دون تهديد. وفي هذه المناسبة وجب تذكيره بأنه كان حديث الهجرة من موطنه روسيا إلى فلسطين المحتلة عندما حقق أبناء القوات المسلّحة المصرية صفحات مشرقة في القتال خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. كان يمكن أن يكون أقسى بل حاسماً، لو كان أداء القيادة السياسية وسياستها على غير ما جرى. لكن أبناء مصر الشجعان لقّنوا الجيش «الذي لا يقهر» درساً لن ينساه ليبرمان ولا أبناؤه وأحفاده الذين سيكونون في روسيا حينذاك.

على ليبرمان، قبل أن يتحدث عن مصر بلغة السماح من عدمه، أن يعود إلى قيادة جيشه ليسألهم عن المدى الذي قطعوه في ترميم الهيبة التي هربت من جنوب لبنان عام 2000 ثم تمرّغ أنفها عام 2006 في أودية الجنوب. وعليه أيضاً أن يدرك أن مصر التي اعتاد عليها تغيّرت، ولم تعد هي نفسها التي تعلن «إسرائيل» من عاصمتها عدواناً على شعب عربي، وهي وإن كانت غير مستعدة لملاحقة التصريحات الفارغة، فإنها في الوقت ذاته باتت تسند ظهرها لثورة مليونية أعادتها إلى سكّة الكرامة والاستعصاء على كل معتد وواهم أن بإمكانه أن يتعامل معها بالإملاءات، فقد ولى ذلك الزمان ولن يعود، وليراجع ليبرمان ومن لف لفه ما يقوله خبراؤه العسكريون ومخضرموه من المتقاعدين عن العصر الجديد الذي لن يكون عصراً «إسرائيلياً»، مهما زيّنت بعض ظواهر الردة لليبرمان وسواه من الجيل القيادي الطائش والسطحي الذي أفرز وزير حرب ينظر لمناورة عسكرية بمنظار مغلق، ورئيس حكومة لا يعرف عن العسكرية شيئاً ويعتمد على رئيس أركان ينشغل بصفقات «البزنس» ليلة شن الحرب. ليدرك كل قادة «إسرائيل» أن موازين القوى تتغير في غير مصلحتهم، وأن عليهم أن يهجروا أوهامهم ومراهناتهم التي ستتعرى أمام حقائق العصر الجديد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165851

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165851 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010