الخميس 23 آب (أغسطس) 2012

لا أعياد لنا وفلسطين محتلة!

الخميس 23 آب (أغسطس) 2012 par د.امديرس القادري

لم أضع هذا العنوان انطلاقاً من مفاهيم وقناعات دينية خاصة بمناسبة الأعياد، فشهر رمضان المبارك لا بد وأن ينتهي بعيد الفطر السعيد الذي أقره وأمرنا به رب العالمين وكما هو الحال أيضاً في موسم الحج من كل عام والذي لا يكتمل إلا بعيد الأضحى، وهذان هما العيدان الأساسيان اللذان يحتفل بهما المسلمون في كل عام، وعليه، فمن الضروري أن تتحول هذه المناسبات إلى وقفات للمراجعة والتقييم لأحوال الأمة وما تمر به وتعيشه من أوضاع وظروف.

وهكذا فإن الدافع الوطني، والسياسي، والنضالي هو الذي أوجب وضع هذه الكلمات المؤلمة لتكون عنواناً لهذا المقال الذي يأتي وبعد توقف تام عن الكتابة طوال شهر رمضان الكريم، فالصيام عن الكتابة سار بخط متوازي مع صيام رمضان، أليس من حق الأقلام أن ترتاح من العناء المتواصل طوال بقية شهور السنة، ثم أليس من حق القراء أن نبتعد عنهم بعض الوقت فلربما ينجم عن هذا الابتعاد المزيد من الاشتياق خصوصاً إذا ما كنا صادقين فيما نخطه لهم بهذه اليمين التي ما عادت تعرف طعما للكلل أو الملل.

جاء رمضان ورحل، وأتى العيد، وسكبت الملايين من فناجين القهوة السادة، وامتدت الأيدي إلى قطع المعمول الذي لا غنى عن حضوره في هذه المناسبة، عملياً، يمكن القول أن لا جديد نوعي فارق على أوضاع الأمة وعلى صعيد قضاياها المأزومة والساخنة، فالكثير من العناوين ظلت تراوح في مكانها واحتل تواصل حضور الدم كوجهاً آخر للياسمين المكانة الأبرز والموقع الأهم، وفي الوقت الذي واصلت فيه إيران الشيعية الكشف عن المزيد من الإنجازات العسكرية المتطورة جداً، أقدمت المملكة العربية السعودية السنية على إطلاق مسابقة أجمل ماعز ورصدت جوائز ثمينة ومغرية جداً لهذه الغاية، وهنا يكمن الفارق بين هذا وذاك بالرغم من أن الإسلام كلٌ واحد ولا يتجزأ!.

المصيبة قد لا تكمن في التسابق على اختيار أجمل ماعز، ولكن الكارثة في أن يأتي ذلك كنتيجة لصيام وقيام وتعبد ثلاثون يوماً من رمضان، أو أن يكون وراء ذلك قراراً أخذته على عاتقها قمة منظمة الدول الإسلامية التي انعقدت في مكة المكرمة في العشر الأواخر وعلى بعد أمتار من كعبتها الشريفة، هنا يكمن الانكسار والحزن الذي يجب أن يلف عنق كل مسلم صام وقام رمضان تعبداً وابتغاءً لمرضاة الله.

التوقف عن الكتابة في شهر رمضان فتح المجال الواسع لمزيد من القراءة ما دمنا أمة اقرأ، وما دام الإسلام هو الديانة الأساسية التي حضت على القراءة وعلى الإمساك بالقلم الذي لا غنى، فلذلك قرأنا الكثير مما هو مطبوع ولله الحمد، وكان من ضمن ما قرأناه مقالاً في صحيفة عربية لأحد كبار الكتاب المشهود لهم بالعراقة والباع الطويل والذي ختمه وهو يتحدث عن الوضع العربي بالقول : «لقد هزلت جداً ... وإنه لمن المُفضل أن تكون أعمى كي لا ترى ما يدلق على المشاهدين، ولمن الحكمة أن تكون أصم، كي لا تسمع النفاق والابتزاز، وأنه كان من المفضل أن أترك هذه المساحة بيضاء على صفحة الجريدة، وأن أكتفي بكتابة كلمة مهذبة وحيدة : تباً لي».

مادة أخرى جاءت من سيدة قديرة تتبوأ منصباً رفيعاً في إحدى الصحف المحلية التي تصدر في بلدها، حيث كتبت ودونت وتحت عنوان «سأقاطع» بأنها ستقاطع اللحوم البلدية، والمدارس الخاصة، ومحلات المجوهرات التي غلا ثمنها، وبعض المطاعم التي تبيعنا طعاماً فاسداً، وأكدت كذلك على مقاطعتها لمسلسل «الزوجة الرابعة» الذي يكرس فكرة تعدد الزوجات وضربهن، ولمسلسل «عمر» بسبب مضمونه السطحي، ومسلسل «ناجي عطا الله» الذي يستخف بعقل المشاهد، وأضافت إلى ما سبق أنها ماضية في مقاطعة نشرات الأخبار التي تتحدث عن قهر الشعوب، وفي مقاطعة المانجا، والجزر «الإسرائيليين» لكي نثبت للعالم أن السلام الذي عقدته القيادات محض كذب وأوهام، وأن الشعوب لن تقبل أبداً بصداقة العدو.

السيدة الفاضلة وهي في موقع رئيس التحرير المسؤول في الصحيفة التي تعمل بها قررت أيضاً مقاطعة أمسيات السفير الأمريكي لأنه يتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وانتهت إلى تدوين أهم مقاطعة ستقوم بها والمتعلقة بمقاطعة الإعلام الرديء الذي يغتال الشخصيات ولا يمتلك المهنية العالية، ولا يضع البلد نصب عينيه في كل حرف يخطه بالرغم من تعليل النفس بأن الزمن كفيل بفرز غثه من سمينه، ولكنها نسيت أن تقول لنا أين هو يا ترى الإعلام النقي والنظيف الذي من المفترض فيه أن يخاطب عقول الناس وهمومهم؟.

كل عام وجميع الشعوب العربية بخير على طريق ربيعها الذي ما عدنا نعرف رأسه من قدميه، والحمد لله على أننا لم نكتب في رمضان واكتفينا بالقراءة، وسنكتفي مع هذه العودة إلى العطاء بالقول بأن اكتمال هذا الربيع لن يتحقق حتى يُثبت أن بوصلته ومن كل العواصم تشير أولاً وأخيراً إلى تحرير فلسطين والتي بدون عودتها حرة عربية سنبقى نؤمن بأن لا أعياد لنا!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165447

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165447 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010