الخميس 9 آب (أغسطس) 2012

المستفيد من الجريمة

الخميس 9 آب (أغسطس) 2012 par فهمي هويدي

يفيدنا ونحن نتدبر حادث قتل الستة عشر جندياً وضابطاً مصرياً في رفح أن نطالع التعليقات «الإسرائيلية» على الحدث الكبير. ذلك أنها تلقي أضواء كاشفة على الحدث، مختلفة عن الأصداء الغوغائية والمبتذلة التي باتت تحفل بها وسائل الإعلام المصرية المكتوبة والمرئية. من هذه التعليقات ما يلي:

- لا يوجد أي دليل يربط غزة بما حدث في رفح، وقادتنا معنيون في حقيقة الأمر بالوقيعة بين مصر وغزة - آلون بن ديفيد معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة «الإسرائيلية»، في تعليق جرى بثه في نشرة الساعة الثامنة مساء الأحد 5/7، الذي وقع فيه الحادث.

- «إسرائيل» كانت لديها معلومات عن هجوم رفح قبل عدة أيام، وقد تم إنذار المستوطنات المحيطة بها - صحيفة «هآرتس» - الأحد الماضي - للعلم أعلن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدم التهنئة إلى رئيس المخابرات يورام كوهين على توفيره المعلومات المسبقة عن عملية رفح.

- «إسرائيل» هي الطرف الوحيد المستفيد مما جرى في رفح، لذلك فمن المستحيل من الناحية العقلية ألا يكون لها يد فيما حدث - المعلق الاستراتيجي رامي ايدليس في حديث بثته الإذاعة العبرية صباح الاثنين 6/7.

- أفضل إنجاز حققته عملية رفح انها قامت بتأليب الرأي العام المصري على غزة - بنيامين بن اليعازر صديق مبارك الحميم والوزير السابق والنائب البرلماني الحالي، في مقابلة له مع إذاعة الجيش «الإسرائيلي» تم بثها في الساعة الثامنة والربع من مساء الاثنين 6/7.

- «إسرائيل» تمارس النفاق في سياستها. ففي حين تطالب مصر بضبط الأمن في سيناء إلا أنها ترفض إعادة النظر في بعض بنود اتفاقية السلام (كامب ديفيد) ــ المستشرق «الإسرائيل» يارون فريدمان في تصريح له نشر على موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» مساء الاثنين الماضي.

هذه مقدمة تمهد الطريق للإجابة عن السؤال الذي بات ما يطرح في أعقاب كل جريمة. لا يعرف الفاعل فيها أو الهدف منها، السؤال هو: من المستفيد وصاحب المصلحة في ارتكاب الجريمة؟ ــ في الحالة التي نحن بصددها تشير الأصابع إلى ثلاثة أطراف هي:

الجهاديون التكفيريون في سيناء، الذين يبدو أن لهم حضوراً في أوساط بعض القبائل لم يكن في الحسبان. وننسب إليهم عدة عمليات وقعت في سيناء، كانت كلها موجهة ضد العدو «الإسرائيلي». وذلك مفهوم وربما كان مبرراً باعتبار أن «إسرائيل» دولة احتلال لا تكف عن ارتكاب الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين. ولكن الأمر الذي يستعصي فهمه هو لماذا يوجهون سلاحهم إلى الجيش المصري، ولأن ذلك لم يحدث من قبل، فإن حدوثه في الوقت الراهن يصبح مستبعداً. لا يغيِّر من ذلك الاستنتاج أن بعضاً من هؤلاء اشتبكوا مع الشرطة في السابق أو هاجموا أحد مقارها، لأن للشرطة معهم ومع غيرهم من بدو سيناء «سوابق» سيئة دفعت بعض الشبان إلى تحين الفرصة للثأر من عناصرها رداً لإهانة أو تصفية لحساب، ذلك أن علاقات البدو بالجيش أفضل كثيراً من علاقتهم بالشرطة. يرجح كفة الاستبعاد إن لم يكن يحسمه أن الجماعة الجهادية في سيناء أصدرت بياناً أعلنت فيه أنه لا علاقة لها بالجريمة.

حركة «حماس» في غزة. وقوع الجريمة في الوقت الراهن بوجه أخص يستبعد حمل «حماس» بها. وقد كان تعليق محرر الشؤون العسكرية بالقناة العاشرة «الإسرائيلية»، الذي سبقت الإشارة إليه واعياً بهذه الحقيقة. ذلك أن الأجواء الايجابية في علاقة «حماس» بالقاهرة التي تلوح الآن أفضل منها في أي وقت مضى. إلى جانب أن وجود الإخوان كفاعل أساسي في السلطة، أحيا الأمل في إمكانية تحسين علاقة «حماس» بالقاهرة. تجلى ذلك في الاستقبال الرسمي الذي حظي به رئيس وزراء غزة السيد إسماعيل هنية في القاهرة، والتقائه لأول مرة مع رئيس جمهورية مصر. وهي خطوة تمت وسط كلام كثير عن تيسيرات أفضل للفلسطينيين في معبر رفح، وإسهام مصر في حل مشكلة الطاقة في غزة. وهي أجواء احتملت انتقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الدكتور موسى أبو مرزوق، من دمشق إلى القاهرة واتخاذها مقراً له. كما قبلت بإقامة أسرة الدكتور رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في القاهرة بعد نزوحهم من دمشق، وإن كان الدكتور رمضان نفسه لم يمنح حق الإقامة ويأتي إلى مصر زائراً بين الحين والآخر.

في مثل هذه الأجواء هل يعقل أن تقوم حركة «حماس» بارتكاب جريمة قتل المصريين في رفح أو المساعدة عليها بأي وجه؟ لو أن ذلك حدث في عهد مبارك لفهمنا وإن لم نوافق عليه، لأن الرجل والدائرة المحيطة به لم تحمل للفلسطينيين عموماً وللمقاومة الإسلامية خصوصاً أي مودة أو حسن ظن. لكننا لا نتصور أن تفعلها «حماس» لكي تجهض الأمل في موقف الثورة الإيجابي إزاءها بعد الثورة، لأن ذلك بمثابة انتحار سياسي لا أظن أن عاقلاً يمكن أن يقبل به.

إذا استبعدنا الجهاديين التكفيريين، واستبعدنا أي دور لـ«حماس» في العملية. فلم يبق سوى الطرف «الإسرائيلي»، الذي استهدفته التعليقات التي سبقت الإشارة إليها. لذلك لنا معه وقفة خاصة يوم السبت المقبل بإذن الله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165372

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165372 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010