الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012

نهر النيل بين مطرقة الانفصال والسندان «الإسرائيلي»

الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012 par نازك عبدالحميد هلال

السياسة «الإسرائيلية» تجاه دول القارة الإفريقية تشكل جزءاً من الصراع العربي «الإسرائيلي»، ومن نظرية الأمن «الإسرائيلية» التفوق العسكري واكتساب الشرعية والهيمنة والتحكم في المنطقة، وتطوق الدول العربية خاصة مصر والسودان لحرمانها من أي نفوذ داخل القارة الإفريقية. وإستراتيجية «إسرائيل» في إفريقيا ترتكز على شل الوجود العربي في تلك القارة ومحاصرة المصالح المشتركة بين الدول العربية جنوب الصحراء وشمالها، والوصول إلى منابع النيل بالنسبة لمصر والسودان، وتحاول «إسرائيل» توسيع الفجوة وتعميق الخلافات العربية مع الدول الإفريقية، وتهديد أمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل بمحاولة زيادة نفوذها في دول المنبع المتحكمة في مياه النيل، وإقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فكتوريا وتانا، وهي تستغل في ذلك كل إمكاناتها للتأثير في السياسة الاثيوبية والأوغندية، إلى جانب قيامها بتشجيع الحركات الانفصالية في جنوب السودان وغربه.

الأطماع «الإسرائيلية» في مياه النيل منذ عام 1903، حيث تقدم مؤسس الحركة الصهيونية تيودورهيرتزل لحكومة الاحتلال البريطانية للحصول على جزئية من مياه النيل عبر مصر إلى صحراء النقب، لإقامة مشروعاتها التي تشجع على الاستيطان وجذب المهاجرين اليهود، ولذلك فإن أهم الأهداف لتعميق التعاون مع دول منابع النيل هو إبعاد وتحجيم الدور «الإسرائيلي»، فالوجود «الإسرائيلي» في منابع النيل هو هدف استراتيجي.

قدمت «إسرائيل» مشروعات لنقل مياه النيل في السبعينات، عرف المشروع الأول بمشروع «اليشع كالي» من شركة «تأهيل» المسؤولة عن تخطيط موارد المياه في «إسرائيل»، والثاني مشروع «يؤر» تقدم به شاؤول أرلوزف مدير تخطيط المياه الإقليمية، ويتلخص في نقل مليار متر مكعب، والثالث مشروع «ترعة السلام»، وهو مشروع اقترحه السادات في حيفا، وتطمع «إسرائيل» بأن يكون لها اليد الطولى في التأثير في حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان.

لعبت «إسرائيل» دوراً مباشراً في صراع المياه بين دول حوض النيل مستفيدة من نفوذها في منطقة القرن الإفريقي «إثيوبيا وكينيا» ومنطقة البحيرات العظمى، وحرصت على الوجود في تلك المناطق لما تشكله «دول المنبع في حوض النيل» من تهديد للأمن القومي العربي في محوره الإفريقي المتمثل في مصر والسودان، والتدخل المباشر في تفجر الأوضاع بين دول المنبع والمصب، فبعد انعقاد اجتماع الإسكندرية لوزراء الموارد المائية لدول حوض النيل المنعقد في يوليو/تموز 2009، زار مسؤولون من رواندا وأوغندا «إسرائيل» للتباحث في قيام مشروعات زراعية «إسرائيلية» على نهر النيل، حيث شارك من رواندا وزيرة التجارة مونيكا نسانزابانغو ومدير المعهد العالي للتنمية البيولوجية جون كيلاما، ومن أوغندا نائب وزير الزراعة تيك بيتر، الأمر الذي يدلل على اشتراك «إسرائيل» المتواصل والنشط في دول المنبع، ثم زيارة وزير الخارجية «الإسرائيلي» ليبرمان إلى خمس دول إفريقية في الأول من سبتمبر/أيلول 2009، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقات التي تعتمد على المياه القادمة من بحيرة فكتوريا وإقامة سدود تقيد من تدفق المياه إلى كل من السودان ومصر، حيث شارفت بعض السدود على نهر توكر أباي «النيل الأزرق» على الانتهاء، أما على النيل الأبيض فقد شارفت بعض المشروعات الزراعية في مقاطعة كاراموجا الواقعة على الحدود السودانية المعتمدة على الري من النيل الأبيض على الانتهاء عبر تعاون وإشراف وتمويل «إسرائيلي».

ترجع فكرة قناة جونقلي إلى عام 1883، وفي عام 1912 أعد المهندس البريطاني وايام ويلكوكس مقترحاً بزيادة معدل تدفق المياه بالنيل، أجريت دراسات منذ عام 1962 بغرض زيادة إيرادات النيل من حوض بحر الغزال ومستنقعات مشار والسوباط . السياسة البريطانية رفضت المقترح لأنه باهظ التكاليف، في عام 1974 قررت السودان ومصر حفر القناة بحيث تزيد من إيراد النيل عند ملكال وأسوان وصمم طريق دائم وجسور للعبور وبعض البنى الأساسية الأخرى لتسهيل عملية التحرك، وفي عام 1976 وقعت الحكومتان السودانية والمصرية عقداً مع شركة هندسية فرنسية لبدء العمل في حفر القناة، لتنمية وإنشاء المشروعات الزراعية وتحسين المراعي وتسهيل مهام النقل النهري والخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية في تلك المنطقة التي تتسم عموماً بقلة كثافتها السكانية.

ومن مشروعات التعاون المقترحة للتنفيذ، مشروع جونقلي المرحلة الثانية، حيث توجد أربعة مشروعات، يرمي المشروع الأول إلى إقامة سدود على بحيرات فكتوريا، وكيوقا، وألبرت لضبط تدفقات المياه، أما المشروع الثاني فيعمل على مضاعفة كمية المياه التي ستنقلها قناة جونقلي في المرحلة الأولى، وحفر قناة أخرى موازية لها، ويشتمل المشروع الثالث على تجفيف مستنقعات مشار، حيث يضيع من نهر السوباط نحو 4 مليارات متر مكعب، وسيتم تجميع المياه في مجرى رئيس يبدأ عند نهر البارد عند فم خور مشار ليصب في النيل الأبيض عند بلدة ملوط، ويهدف المشروع الرابع المسمى بمشروع بحر الغزال إلى معالجة الهدر الضائع من المياه المتصرفة في المجاري المائية الموجودة في منطقتي شمال وجنوب بحر الغزال، ولا يصل من هذه المياه إلى النيل الأبيض سوى نصف مليار متر مكعب، ويقوم المشروع على حفر قناة من نهر الجور إلى لور وقناة أخرى من بحيرة نو إلى ملوط.

وتبقى «إسرائيل» واحدة من مهددات دولة السودان وجنوب السودان بعد الانفصال، وذلك نسبة لتوفر البترول والأراضي الزراعية الشاسعة والمياه اللازمة لعملية الزراعة، وبذلك يصبح الوجود «الإسرائيلي» مهدداً لكل السودان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 61 / 2165422

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165422 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010