الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012

الملفات الساخنة وانتخابات الكيان

الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012 par د. فايز رشيد

في آخر استطلاع للرأي أجرته العديد من المعاهد المختصة وبعض الصحف «الإسرائيلية»، تبين أن أكثر من 60% من «الإسرائيليين» لا يريدون نتنياهو. كذلك رفض رئيس الوزراء الصهيوني تقليص ميزانية المستوطنات بالرغم من العجز الذي تعانيه الميزانية «الإسرائيلية». مما يظهر فإن الملفات الساخنة والأزمات المتلاحقة بدأت تعصف بنتنياهو وحكومته، الأمر الذي يعني تعميقاً للأزمات في الكيان الصهيوني. بعد انسحاب حزب «كاديما» بزعامة شاؤول موفاز من الائتلاف الحكومي، تراجعت قوة نتنياهو، وسبب انسحاب «كاديما» من الحكومة هو الاختلاف مع نتنياهو على تجنيد الشباب المتدينين اليهود (الحريديم) في الخدمة العسكرية للجيش، في ما يعرف بقانون «تال». «كاديما» مع التجنيد ونتنياهو بسبب الضغوط عليه يقف ضد ذلك، والقانون مايزال يشكل عائقاً أمام استمرار الحليف الأبرز لائتلاف نتنياهو الحالي: «حزب إسرائيل بيتنا» بزعامة الفاشي ليبرمان، في الحكومة، فمعروف أن الأخير هو مع القانون (أي التجنيد وأيضاً تجنيد الشباب العرب في الخدمة المدنية)، لكن رئيس الوزراء ضد هذا القانون جملة وتفصيلاً بسبب قناعات شخصية أولاً، وبسبب ضغط الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة التي تدعو إلى عدم التجنيد. وإمعاناً في الإغراق بوجهة نظره، فإن نتنياهو قام بحل (لجنة بلاسنر) وبذلك قطع الطريق على هذا القانون.

من ناحية ثانية، ففي إحصائية «إسرائيلية»، أن 14 «إسرائيلياً» حاولوا حرق أنفسهم خلال أسبوع واحد، و«إسرائيلي» آخر أضرم النار في نفسه ومات حرقاً (بعد وفاة موشيه سليمان الذي أشعل النار في نفسه سابقاً وأصيب بحروق شديدة بقي على أثرها بضعة أيام في المستشفى). الرقم بالطبع كبير إذا ما قيس بالدولة التي تتغنى بما تحققه من (رفاه) لمن يسكنونها. هذا الرقم هو دليل على عمق سخونة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الكيان الصهيوني، فمعروف أنه وقبل عام (في مثل هذه الأيام)، قامت أكبر تظاهرات في تاريخ «إسرائيل»، احتجاجاً على ارتفاع أسعار البيوت وغلاء استئجارها، وأيضاً احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية وترديها في الدولة الصهيونية. الأسبوع الفائت وفي ذكرى احتجاجات العام الماضي (شارك في أكبرها قبل عام نحو 250 ألف شخص)، قامت تظاهرة في «تل أبيب»، وأخرى في حيفا وفي بعض المدن أيضاً، وقوام كل منها نحو بضعة آلاف من «الإسرائيليين». موضوع «حرق «الإسرائيليين» أنفسهم» آثار ومايزال عاصفة من الانتقادات اللاذعة لنتنياهو شخصياً ولسياساته الاقتصادية المنحازة دوماً إلى الأغنياء على حساب الفقراء والطبقة الوسطى، ويؤشر أيضاً إلى أزمات الكيان بشكل عام.
وفقاً للعديد من المراقبين فإن الحكومة الحالية غير مؤهلة ولا قادرة على إيجاد الحلول للتحديات الاقتصادية التي تواجه دولة الكيان الصهيوني. أحد أسباب ذلك، الدعم المادي الكبير الذي تقدمه الدولة للأحزاب اليمينية والدينية، فقد حققت هذه الأحزاب نجاحاً ملحوظاً في العقدين الماضيين من حيث زيادة حجم مقاعدها في «الكنيست»، الأمر الذي يجعل منها بيضة القبان للائتلافات الحكومية. فمثلاً في الحكومة الحالية، نتنياهو استجاب لاشتراطات هذه الأحزاب التي ابتزت وما تزال الحكومة «الإسرائيلية» الحالية، في تقديم المساعدات المالية لمشاريعها ومدارسها الدينية، ووفقاً للخبراء الاقتصاديين أيضاً، فإن هذه الأموال جرى اقتطاعها من حسابات أشكال الضمان المختلفة لـ«الإسرائيليين»، ما خلق إشكالات كبيرة لهم. من الملفات الشائكة التي تواجهها «إسرائيل» وقادتها بمن فيهم نتنياهو وحكومته، التغييرات العربية المتسارعة في العديد من الدول العربية وبخاصة مصر. فالأمن في سيناء أصبح هاجساً للكيان الصهيوني. واحتمال تأثر «معاهدة كامب ديفيد» بهذه التغييرات، برغم تطمينات مرسي وطنطاوي لـ«إسرائيل». أيضاً الموضوع النووي الإيراني، فنتنياهو عَدّ هذه المسألة في خطابه الأول في «جامعة بار إيلان» بعيد تشكيله الحكومة الحالية، التحدي الأول الذي تجابهه «إسرائيل». المستجد في هذه القضية هو العملية العسكرية التي استهدفت حافلة سياحية تحمل ركاباً «إسرائيليين» في بلغاريا. نتنياهو (وأركان حكومته)، وجهوا اتهامات (على وجه السرعة) لإيران ولـ«حزب الله» بالقيام بالعملية. وفي زيارتها الأخيرة إلى الدولة الصهيونية حاولت كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية تبريد الباروميتر «الإسرائيلي» مرتفع الحرارة بالنسبة إلى المشروع النووي الإيراني، فالولايات المتحدة خلال الفترة الحالية منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وهي ليست في وارد التعامل مع ما يترتب من نتائج على ضربة عسكرية «إسرائيلية» لإيران، غير أن نتنياهو يستعجل توجيه الهجوم. والمرشح الجمهوري رومني في زيارته القصيرة إلى «تل أبيب» أعطى «إسرائيل» الضوء الأخضر لضرب إيران.

أيضاً، فإن ما أصبح يعرف بـ«الأسلحة الكيماوية السورية» يشكل ملفاً جديداً لـ«إسرائيل» ولنتنياهو، الذي كرر تصريحه مراراً بأن «إسرائيل» لن تسمح بانتقال هذه الأسلحة إلى لبنان وإلى «حزب الله». هذه الملفات تشكل في مجموعها أزمات لنتنياهو وحكومته، فليس أمامه لتحويل أنظار «الإسرائيليين» عن هذه الملفات، وبخاصة الأزمات الداخلية المتعلقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، والملفات الساخنة الخارجية الأخرى، سوى الذهاب إلى الانتخابات التشريعية المبكرة وفق ما يتوقع العديدون من المحللين السياسيين والكتاب والسياسيين «الإسرائيليين».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165266

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165266 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010