الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012

المستشرقة والصحافية الإيطالية أنجيلا لانو: تحرير فلسطين مرتبط بتراجع «الإمبراطورية» الأمريكية

الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012

عاشت القضية الفلسطينية في الساحة الأوروبية عصورها الذهبية منتصف القرن الماضي، وكانت الشعوب الأوروبية بشكل عام والإيطالي على وجه الخصوص داعماً للحق الفلسطيني، بيد أن هذا العصر اضمحل واستبدلت بصورة المناضل الفلسطيني صورة «الإرهابي المعتدي»، وكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر المنحنى الفارق في صورة فلسطين لدى المتلقي الغربي، والتي تأثرت بما يسمى «الإسلاموفوبيا»، ونجحت معظم وسائل الإعلام الغربية الخاضعة للوبي «الإسرائيلي» إلى حد بعيد في الربط بين الكفاح الفلسطيني و«الإرهاب»، وساعد على تكوين هذه الصورة القاتمة غياب دور الإعلام العربي في أوروبا.

حول طبيعة تعاطي الإعلام الغربي مع القضية الفلسطينية، والعديد من القضايا الأخرى، حاورنا انجيلا لانو المستشرقة الإيطالية والباحثة في شؤون «الشرق الأوسط»، التي شاركت خلال السنوات الأخيرة في أساطيل الحرية وقوافل كسر الحصار على غزة، وهي تردد دائماً أن تحرير فلسطين يبدأ عندما تتراجع الإمبراطورية الأمريكية.

[rouge]*[/rouge] [bleu]كيف نشأت العلاقة بينك وبين القضية الفلسطينية؟[/bleu]

- في ثمانينات القرن الماضي أثناء دراستي الجامعية، كنت أتردد على كلية الدراسات الشرقية في مدينة تورينو، حيث اخترت مساق اللغة والثقافة العربية، وشيئاً فشيئاً أخذت أتعمق في تاريخ العرب وزاد قربي من القضية المحورية في تاريخهم الحديث المتمثلة في النكبة الفلسطينية وتأسيس الكيان «الإسرائيلي»، وجذبني في هذه القضية الإنتاج الأدبي المواكب لها، لاسيما روايات غسان كنفاني، التي شكلت منعطفاً في حياتي، وتركت أثراً في رؤيتي للصراع، ولاحظ أساتذتي ذلك فشجعوني على بذل مزيد من البحث والتقصي وكانت ثمرة هذه الأبحاث مشروع رسالة تخرج عبارة عن ترجمتي لمجموعة قصصية للروائي الراحل كنفاني.

ومنذ تلك الفترة انصب جل اهتمامي على متابعة الأحداث المتصلة بفلسطين، بمختلف الصعد السياسية والأدبية والاجتماعية. وهاأنذا اليوم أكمل قرابة ثلاثين عاماً في ذات المسار.

[rouge]*[/rouge] [bleu]هل ندمت يوماً على احتضان قضية تسبح ضد التيار الإعلامي والسياسي الأوروبي؟[/bleu]

- كنت على دراية مسبقة بأن تبني القضية الفلسطينية سيكون حجر عثرة في طريقي الإعلامي، بمعنى أن اهتمامي بها لن يمنحني الشهرة أو يفتح لي الأبواب الموصدة كحالي إذا كنت قد قررت أن أكتب مدافعة عن «إسرائيل»، وبالفعل واجهتني الكثير من المصاعب خلال عملي صحفية في الجريدة الرسمية طوال عشر سنوات، خصصت فيها قلمي للكتابة عن العالم الإسلامي والوطن العربي بشكل عام وفلسطين بشكل خاص، ووجدت نفسي في نهاية المطاف أقف حيث أنا، بينما حقق زملائي الذين ناصرت أقلامهم «إسرائيل» طموحاتهم الصحفية.

كانوا ينتقدونني دائماً وينددون بما أكتب، وكثيراً ما يتهمونني بأنني المتحدث الرسمي باسم «حماس» في إيطاليا، وينعتونني بصفات تتعلق بـ«الإرهاب»، ولكني كنت وما زلت أدافع عن كتاباتي من منطلق حقيقة أنني لا أكتب لأخترع وضعاً غير موجود على الأرض، كل ما أفعله أنني أكتب عن حقوق شعب، وهذه الحقوق معترف بها دولياً وأقرتها الأمم المتحدة في مناسبات عدة.

[rouge]ضغط الأجواء المشحونة[/rouge]

[rouge]*[/rouge] [bleu]وكالة أبناء «إنفوبال» التي تترأسين تحريرها، كيف ولدت فكرة إنشائها؟[/bleu]

- أثناء عملي في الجريدة الرسمية، كان واضحاً خط كتابتي المؤيد للحق الفلسطيني والمتفهم للأحداث التي تقع في العالم الإسلامي، وكان هذا عائقاً يعرقل تقدمي في مسيرتي الصحفية، ثم وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وانتشر ما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، واستغل الزملاء ما وقع لتجريم كل ما هو عربي أو إسلامي، أما أنا فأخذت أحاول التعمق في الأحداث وأفصل بين ما هو إرهابي وبين الدين الإسلامي، الأمر الذي ضايق الكثيرين واعتبروني عقبة في التوظيف الإعلامي لسياسات تهدف إلى الحرب على الإسلام، واتهمني البعض علناً بأنني «إرهابية» وأساند المسلمين والفلسطينيين «الإرهابيين» على حد قولهم.

نتيجة لزيادة ضغط الأجواء المشحونة داخل أروقة الصحافة، لم يكن باستطاعتي تحمل حجم العداء لمواقفي أكثر من ذلك ومحاولاتهم تقويض قلمي، وفي هذا الخضم، عرض عليّ نشطاء عن العمل الإسلامي ومناصرون للقضية الفلسطينية فكرة وكالة أنباء إيطالية متخصصة في الشأن الفلسطيني تعرض حقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة ولا ينشر في الصحف الإيطالية. قبلت المهمة الجديدة وانطلقت الوكالة في عام 2006.

[rouge]*[/rouge] [bleu]من خلال تجربتكم، إلى أي مدى لمست حاجة لتأسيس وكالات أنباء أوروبية ناطقة بلغات بلدانها ومتخصصة في الشأن العربي والإسلامي بما في ذلك القضية الفلسطينية؟[/bleu]

- بالطبع الحاجة إلى ذلك ماسة، فهذه الوكالات سوف تلعب دوراً مهما في توضيح صورة العرب والمسلمين وتنقيتها مما يشوبها من معلومات مغلوطة في الإعلام الغربي. كما أنها بذلك تمارس جزءاً من المقاومة الإعلامية المناهضة لما يتم نشره في الصحف الخاضعة لضغط اللوبي «الإسرائيلي» والجماعات التي تود إذكاء عقدة «الإسلاموفوبيا».

نحتاج إلى وعي عربي لضرورة نقل الحقيقة إلى العالم الغربي من خلال وكالات أنباء، وأعتقد أن على المستثمرين في المجال الإعلامي الانتباه لذلك، فالعائد سوف يكون كبيراً على المستوى المعنوي والفكري، وسوف يحقق الكثير من النقاط للعرب والمسلمين، تكفي فقط واحدة تنطق بالألمانية وأخرى بالفرنسية على سبيل المثال، وكما قلت سابقاً، «إسرائيل» تملك نفوذاً يمكنها من فرض سياسة إعلامية مضادة للحق الفلسطيني وللمسلمين بشكل عام، فإذا استثمرت الدول العربية في مجال التواصل الإعلامي باللغات الأجنبية تستطيع أن تحد من الهيمنة «الإسرائيلية» على عقل المتلقي الغربي. نعلم جميعاً أن القلم له قوته والمجال الإعلامي أحد ميادين المعركة ولكنها معركة سلمية.

[rouge]تراجع التأييد[/rouge]

[rouge]*[/rouge] [bleu]ما تقديرك لمستوى الوعي الشعبي في الغرب بالقضايا العربية والاحتلال خلال الربع قرن الأخير؟[/bleu]

- حقيقة الوضع أسوأ، مقارنة بستينات وسبعينات القرن الماضي، وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية، إذ كانت تلقى دعماً شعبياً كبيراً، وكان اليسار الإيطالي ينادي بحقوق الشعب الفلسطيني، وطالما اعتبر الناس الراحل ياسر عرفات، بغض النظر عن الخلاف حوله شخصياً، مناضلاً وبطلاً محارب، أما الآن وبالتحديد في العشرية الأخيرة تحول عرفات إلى «إرهابي»، وخف الدعم المعنوي لقضية تحرير الأراضي المحتلة، واختفى اليسار الذي كان يؤازر الحق الفلسطيني. على الجانب الآخر زاد نشاط اللوبي «الإسرائيلي» في الإعلام، وأصبحت الصورة العامة متأثرة إلى درجة كبيرة بهذا الإعلام.

لكن ورغم ذلك ومن خلال لقاءاتي أستشعر أن الإيطالي بشكل عام لا يدعم الجانب «الإسرائيلي» وفي الوقت نفسه يرى الفلسطيني «إرهابياً»، لهذا يمكن القول إنه رغم كل التوظيف الإعلامي تبقى صورة «إسرائيل» غير جيدة في ذهن المتابع الإيطالي وتبقى صورة الفلسطيني كذلك غير جيدة والسبب انعدام التوظيف الإعلامي. أعتقد أنه لو قمنا بعمل جيد ومهني في المجال الإعلامي فإن كل من يقف محايداً أو غير مولع بـ«إسرائيل» محتمل أن يقف إلى جانب الحق الفلسطيني.

ونحن من خلال ذلك ليس هدفنا أن يكره أحد «إسرائيل»، فعملنا ليس أن نجعل أحداً يمقت أحداً، ولكن أن يعرف الناس حقيقة الوضع وأن يتعرفوا إلى المجازر التي وقعت وتقع للفلسطينيين، من النكبة والتطهير العرقي إلى طرد السكان وانتشار الاستيطان.

[rouge]*[/rouge] [bleu]الانقسام الفلسطيني، أو بالأحرى الخلاف الداخلي بين «فتح» و«حماس» منذ أكثر من 6 أعوام، كيف أثر في نظرة الأوروبي للقضية الفلسطينية؟[/bleu]

- للأسف الانقسام أضر بالقضية على نحو سيئ ولا يزال، تم تقديمه إعلامياً على أنها معركة داخلية بين فصيلين من البلد نفسه يتناحران على السلطة، واستغل ذلك للتأكيد أن الفلسطينيين لا يريدون السلام، فهذا الشعب الذي لا يستطيع التصالح مع نفسه لا يمكنه أن يتصالح مع غيره.

القليلون فقط من الناس، والمطلعون بشكل جيد، يؤمنون بأن الولايات المتحدة ودول أخرى تدعم الاحتلال وتذكي نار الانقسام من خلال التحكم في الدعم المالي الذي يضخ للسلطة الفلسطينية وربطه بشروط تصب في إبقاء لهيب الانقسام مشتعلاً. وفي رأيي الشخصي طالما بقى الاعتماد على المساعدات الأمريكية فإن الانقسام أمر وارد.

[rouge]*[/rouge] [bleu]هل أنت متفائلة بما يمكن أن يحققه «الربيع العربي» من خدمة للقضية الفلسطينية؟[/bleu]

- يجب أن نفهم أولاً ما هو «الربيع العربي»، «الربيع العربي» متباين بين دولة وأخرى، هناك ربيع مستقل بذاته ولكن نجاحه مهدد من القوى العالمية وهناك «ربيع عربي» أسهمت فيه أجهزة مخابرات دولية ولا يزال يعاني داخلياً، أعتقد أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى أكثر مما هو «ربيع عربي»، تحتاج إلى تغيير في الخريطة الجيوسياسية على مستوى العالم، ففي اللحظة التي تتهاوى فيها «الإمبراطورية الأمريكية» سوف يتهاوى معها «جناحها العسكري - «إسرائيل»»، ولحظتها يمكن لفلسطين التاريخية أن تتنفس.

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : جريدة «الخليج» الإماراتية | أيمن أبو عبيد - روما.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165866

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165866 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010