الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012

درس من فلسطين

الاثنين 6 آب (أغسطس) 2012 par بركات شلاتوة

ضربت الانتفاضة الفلسطينية الأولى «انتفاضة الحجارة»، أروع أمثلة التضامن والوحدة في الشارع الفلسطيني، وكانت مثار اهتمام العالم أجمع بحيث نقلت القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الأعزل إلى كل بيت في العالم، عبر الشاشة الصغيرة والصور اليومية التي كانت تتناقلها محطات التلفزة ووكالات الأنباء العالمية، ما أكسب الشعب الفلسطيني حملة تضامن بعد نسيانه لردح من الزمن. فما إن قام صهيوني حاقد بدهس مجموعة في الفلسطينيين في قطاع غزة بشاحنته في الثامن من ديسمبر/كانون الأول العام 1987 حتى انطلقت شرارة الانتفاضة من جباليا بقطاع غزة وامتدت كالنار في الهشيم من رفح حتى جنين تقول لا للاحتلال، وواجه الفلسطينيون بصدور عارية آلة القمع «الإسرائيلية»، كان سلاحهم الوحيد هو الحجر لكنهم حققوا ما عجزت عنه الدبلوماسية الفلسطينية في أيامنا هذه من تجنيد الدعم والمساندة والتضامن من الشعوب الحرة في مختلف أرجاء العالم، وتفوقوا على غطرسة الاحتلال وساديّته وقضّوا مضاجع الكيان، رغم السياسات القمعية التي انتهجت لإنهاء الانتفاضة بأي ثمن.

وفي ظل التطورات اليومية، كانت القيادة الموحدة للانتفاضة بمرتبة الربان الذي يدير السفينة ويوجهها لخدمة الأهداف الوطنية، خاصة دحر الاحتلال ونيل الحرية، فكانت الفصائل الفلسطينية على قلب رجل واحد، تنظم الاجتماعات لوضع الخطط والخطوات المقبلة للمحافظة على جذوة وعنفوان المقاومة الشعبية. وكان يتم فرز مجموعات من كل فصيل لمتابعة التطورات ومراقبة الاحتلال ومستوطنيه في كل منطقة.

وفي إحدى ليالي فبراير/شباط من العام 1988، إذا بمكبرات صوت مسجد قرية فلسطينية تنادي بالاستعداد لمواجهة مستوطنين من «حلميش» القريبة يتجمعون عند مدخل القرية لدهمها وإرهابها وممارسة التخريب فيها، فهب أهالي القرية سريعاً وأخذ كل موقعه للذود عن الحمى، ونصبت المتاريس وأشعلت الإطارات وتم تعزيز السطوح بالحجارة والزجاجات الفارغة، فتجرأت عصابة المستوطنين على دخول القرية بعد أن أرفقت بآليات عسكرية وجنود مدجّجين بالسلاح وجرّافة، ورغم ذلك واجههم أهالي القرية بالمتاح من الحجارة والطوب وزجاجات «المولوتوف» والمقاليع، وبعد أن شتتت قنابل الغاز المسيّل للدموع ووابل الرصاص الجموع، أعطى جنود الاحتلال لعصابات المستوطنين الأمر لاستباحة القرية التي صحت فجر اليوم التالي على المآذن تعلن عن سقوط شهيدين قتلا بدم بارد في الفناء الخلفي لأحد المنازل، وشاءت الأقدار أن ينجو ثالث بعد أن مرّغ نفسه بدماء الشهيدين واستلقى بينهما متظاهراً بأنه استشهد.

توضح هذه الواقعة مدى الحقد الصهيوني والإرهاب الممارس على شعب أعزل إلا من إيمانه بقضيته، وتكشف عن روح التضامن والوحدة التي سادت المجتمع الفلسطيني بشكل عام والتآلف بين فصائله ومكوناته في ظل الاحتلال الذي يتربص بالجميع الدوائر. وعلى الجانب الآخر يتضح أن الأمور لم تتغير إلى يومنا هذا رغم وجود السلطة الفلسطينية التي من المفترض أن تقوم بدورها في حماية الشعب الفلسطيني ميدانياً ودبلوماسياً أمام الهجمة الشرسة للاحتلال وعصابات المستوطنين الذين يعيثون فساداً باستهدافهم النساء والأطفال والمدنيين الآمنين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165545

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165545 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010