الأربعاء 1 آب (أغسطس) 2012

القدس تستغيث

الأربعاء 1 آب (أغسطس) 2012 par بركات شلاتوة

همّ فلسطيني مغترب بزيارة مدينة القدس أثناء قضاء إجازته في الوطن، فقيل له إن الأمر يتطلب الحصول على تصريح من سلطات الاحتلال. وعند استفساره عن الأمر وضع أمام خيارين، إما أن يحصل على البطاقة «الممغنطة» من سلطات الاحتلال والتي هي بمثابة «حسن سلوك»، للتقدم بتصريح لزيارة المدينة، وإما أن يحصل على وثيقة من أحد مستشفيات المدينة تفيد بأن لديه موعداً لأمر طبي ما. فوجد أن الأمرين كلاهما صعب. فهو يعلم أنه سيواجه رفضاً أمنياً مسبقاً، ناهيك عن دهاليز المخابرات الصهيونية وعروضها بالعمل لصالحها مقابل منح «الممغنط» و«إكراميات» أخرى، أما الحصول على وثيقة المستشفى فذلك صعب بطبيعة الحال، خاصة أن معارفه محدودة في تلك المنطقة التي فُصلت تماماً عن الوطن الأم، ما جعله يعدل عن الزيارة ويكتفي برؤية المدينة من تلال رام الله المقابلة.

هذا هو حال الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني المحروم من زيارة مدينته المقدسة أو تأدية الصلاة فيها أو تكحيل عينيه برؤية قبابها ومآذنها وأسواقها وحاراتها وأسوارها العتيقة، خاصة في هذا الشهر الفضيل حيث ترنو القلوب إلى صلاة وشحن روحي في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لكن جدران الاحتلال وحواجزه فصلت بين الفلسطيني ومهجة قلبه رغم أنها لا تبعد عنه سوى كيلومترات معدودة.

وإذا ما حالف أحدهم الحظ يوماً واستطاع الوصول إليها متسللاً، فسيرى أن كل أمم الأرض قاطبة تجول فيها وتملأ حاراتها، أما هو فمحروم من الاقتراب منها، ما يشعره بالغصة ولسان حاله يقول «أتراها ضاقت علينا وحدنا».

أما أهلها فيحاربون بشتى السبل والوسائل ضد تهجيرهم، وتسلب بيوتهم ويطردون في العراء بمزاعم امتلاك جمعيات استيطانية صهيونية لهذه المنازل رغم أن عمرها يفوق عمر الاحتلال. ويزداد حصار المدينة وتهويدها يوماً بعد يوم، وتطوّق بالمستوطنات التي تصل إلى 29، فـ«معاليه أدوميم» من جهة و«غوش عتصيون» من أخرى و«هار حوماه» من ثالثة و«جفعات زئيف» من رابعة إضافة إلى الأحياء الاستيطانية التي تنتشر داخل الشطر الشرقي منها، وللتوضيح أكثر فإن أكثر من مئتي ألف من الغزاة المستعمرين يجثمون على صدر المدينة.

ولما رأى الاحتلال ألا أحد يلقي بالاً لما يدور في المدينة، انتقل من فصل تهويدي إلى آخر يراقب ردّات الفعل العربية، وعندما رآها لم تتجاوز الشجب والاستنكار والإدانة، تمادى إلى أبعد الحدود، حيث لم يحدث في تاريخ المسجد الأقصى أن تجرأ الصهاينة على اقتحامه ووقف الصلاة فيه واعتقال الإمام، وما كان ذلك ليحدث لولا يقينهم أن الأمر لن يتجاوز حدود أسوار المدينة وقد يصل إلى إدانة خجولة ومجرد مطالب للأمم المتحدة بالتدخل.

القدس تستغيث وحالها يقول وا وحدتاه وا غربتاه وا حسرتاه، فقد باتت تقارع الاحتلال وحدها ونسي الجميع أمرها، وانصرفوا إلى التفاهات، وباتت تئن تحت ضربات التهويد والتدنيس. لعل وعسى تستجيب جامعة العرب لصرختها وإلى الأخطار التي تحدق بقدس الأقداس، لكن الامل أن يكون ذلك قبل أن يتحول الحرم القدسي إلى «الهيكل» المزعوم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2177235

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177235 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40