الأحد 29 تموز (يوليو) 2012

ناجي علوش : المثقف والنخبة والناس

الأحد 29 تموز (يوليو) 2012 par علي بدوان

لم يكن ناجي علوش مثقف فلسطيني وعربي، ينتمي للنخب الفكرية والسياسية في بلاد تعج بأصحاب فكر ووجهات نظر، من سياسيين ومثقفين وأشباههم ومدعيهم، بل كان مثقفاً وطنياً ومفكراً سياسياً بإمتياز ينتمي لعموم الناس، الذين كانوا على الدوام العنوان الحاضر في مشواره الإبداعي في الكتابة السياسية والفكرية، وفي التنظّير لمشروع حمله على أكتافه منطلقاً من بيئة وطنية وقومية عاش بها منذ صباه، إنطلاقاً من المدرسة القومية التي ترعرع فيها، إنتقالاً لحركة «فتح».

ناجي علوش مثقف الناس، ولم يكن مثقف السلطة أو السلطان، فدفع أثمان إنحيازاته للشارع والناس، باستمرار وفي أكثر من محطة من محطات عمره وحياته السياسية والفكرية، التي كانت مليئة وغنية بالتجارب، وبالإحباطات والإنتكاسات، وقد تعرض خلالها لمحن كثيرة كان منها محاولة أو محاولتين للتصفية والاغتيال نهاية سبعينيات القرن الماضي.

كان على الدوام، حالة إستقطابية للمثقفين الفلسطينيين والعرب في بيروت وغير بيروت. كما كان حالة إستقطابية لكل صاحب فكر أو رأي حتى وإن كانت التباينات كبيرة بينه وبين أي منهم. هذا هو دوره المشهود عندما تولى الأمانة العامة للإتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في وقت كانت فيه حركة المقاومة الفلسطينية في أوج تألقها وصعودها ... وسطوتها وقوتها سبعينيات القرن الماضي.

تختلف معه، وميدان الاختلاف قد يكون رحباً وواسعاً، لكن ثقافة الاختلاف كانت عنده ممتعة وليست كارثية، فلديه متعة الاستماع، ومتعة النقاش، ومتعة الحوار، وفضيلة الاستماع المفقود في عالم يضج بالصوت الواحد ويرفض الرأي الآخر.

كان ناجي علوش، سياسياً، ومفكراً، كما كان قائداً ميدانياً في صفوف حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة منذ بواكير انطلاقتها المسلحة فجر الفاتح من كانون الثاني/يناير 1965، حين انضوى في صفوف حركة «فتح»، والتي لعب فيها دوراً هاماً في إيقاظ وإشعال البعد القومي في الصراع مع «إسرائيل»، باعتباره صراع وجود وليس صراع حدود أو تسويات هنا وهناك.

اتخذ موقفاً قد يصفه البعض بأنه موقف «محافظ» وفق المصطلحات الراهنة إبان حدوث التحولات السياسية الفلسطينية المشهودة في الساحة الفلسطينية منذ عام 1974، لكن حتى وإن اختلفت معه تحترم وجهة نظره، كما تحترم تقديراته وحيثياته، فلكل صاحب رأي سديد أو نصف سديد أو ربع سديد أو صاحب اجتهاد موقعاً من التبجيل يجب أن يحفظ وأن يصان.

ناجي علوش، هذه القامة الوطنية الفلسطينية والعربية، عاشت تشدو بلحن فلسطين، وتدعو باستمرار للربط بين الوطني والقومي في الصراع مع المشروع الصهيوني في عموم المنطقة.

أنه ناجي علوش، المثقف الفلسطيني، ابن البيئة الوطنية والقومية، الذي خسرناه بعد أن ترجل راحلاً عن دنيا الوجود، تاركاً بصماته الطيبة التي يشهد عليها الجميع، كمناضل فلسطيني، وكمثقف ومفكر عربي أصيل، التصق دوماً بقضية شعبه، وآمن بها حتى نخاع العظم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 64 / 2165410

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165410 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010