السبت 28 تموز (يوليو) 2012

هذا هو المتاح اليوم.. وهذا ما نعرضه عليكم...!

السبت 28 تموز (يوليو) 2012 par نواف الزرو

في ظل هذا الانغلاق المحكم المبيّت، «إسرائيلياً»، لعملية المفاوضات والتسوية التي لم يعد احد يتحدث عنها وعن احتمالاتها في المناخ الراهن، فالجميع مشغولون بما يجري في بلدان «الربيع العربي»، وفي سورية على نحو حصري، فان حقيقة المشهد السياسي الفلسطيني - «الإسرائيلي» اليوم في ظل حكومة نتنياهو، وبشبه الإجماع على امتداد خريطة الأحزاب والبرامج السياسية «الإسرائيلية» أن «الأفق الحقيقي للمفاوضات السياسية قد استنفد»، وأن «حل الدولتين لديهم قد استنفد»، وان «الدولة الفلسطينية المستقلة مستحيلة»، وان «المطلوب اعتراف فلسطيني بـ(يهودية إسرائيل)»، وان «المدينة المقدسة يهودية موحدة عاصمة «إسرائيل» إلى الأبد»، وأن «حق العودة للاجئين ينفي وجود «إسرائيل»»، وأن «الانسحاب من الضفة الغربية ليس وارداً في الإستراتيجية «الإسرائيلية»»، بينما «أن من حق اليهودي أن يستوطن في أي مكان يريد في ارض «إسرائيل»»، والأهم في المشهد اليوم «أن حكومة نتنياهو كما هو واضح هي حكومة استيطان وأزمات وحروب ولن تكون في يوم حكومة تسوية سياسية»، ولذلك يغدو من الجدير أن نتوقف أمام الخيارات القائمة في الأفق «الإسرائيلي»...!.

لم تتوقف المؤامرات والمشاريع والخطط «الإسرائيلية» المدعومة أمريكياً حتى في ظل مسيرة أوسلو وعملية المفاوضات الطويلة البائسة، عن محاولة تصفية عناوين القضية الفلسطينية كافة، وقد تفتقت العقلية الصهيونية عن خطة تسعى لاستبدال الأفق السياسي السيادي الاستقلالي للشعب الفلسطيني، بأفق أمني اقتصادي فقط، أي كأنهم يقولون للفلسطينيين: «هذا هو المتاح اليوم.. وهذا ما نعرضه عليكم، فان أردتم ان تعيشوا فأمامكم الأفق الاقتصادي المعروض والذي لن يتحسن أيضاً إلا بالقيام بواجباتكم الأمنية، وان لم تريدوا فتحملوا العواقب»...!

هكذا هي الأمور اليوم، حيث تلتقي العقلية الصهيونية مع العقلية البريطانية الباردة مع العقلية الأمريكية الحليفة، في تبني الأفق الأمني - الاقتصادي للفلسطينيين، وفي العمل على تفكيك القضية وحق العودة للملايين من اللاجئين إلى أجهزة أمنية في خدمة «إسرائيل»، والى دولارات أمريكية...!.

المفكر والمحلل الاستراتيجي «الإسرائيلي» المعروف «عوزي أراد» كتب في «يديعوت احرونوت» في صميم هذه الفلسفة قائلاً: «لا يوجد في هذه اللحظة محادث مسؤول ومخول، يمكن معه البحث في التسوية الدائمة، وبعد العقم وعدم إغلاق اتفاق المبادئ، ستكون الأزمة انعطافة نحو مسار بديل، لتسويات مرحلية، يجب تصميم مبنى مرحلياً، منطقه المدماك مع المدماك - واختبارها في تطبيقها، ومدماك كهذا هو المجال الاقتصادي، الذي وجد طوني بلير وبنيامين نتنياهو أن في إطاره يمكن خلق تقدم ملموس في المدى الزمني القصير، وثماره السياسية ستبث تأثيرها على السياق، وهكذا، ينبغي أن نشخص وان نرسم مجالات الفعل السليمة، وإبداء الابداعية في رسمها، كما أن المرحلية ستسمح لـ«إسرائيل» بان تعيد إلى المعادلة مبدأ التبادلية، وكذا الإفادة من المردودات من جانب الولايات المتحدة وأوروبا».

هكذا، هذا هو طريق السلام حسب أراد والثنائي بلير -نتنياهو…!.

فالسلام من وجهة نظرهم يبدأ من الأمن الى الجيب أيضاً حسبما جاء في مبادرة مشتركة لبلير واولمرت، ومن قبول الأمر الواقع وتحسين مستوى المعيشة...!.

ويبدو ان قصة خريطة الطريق الاقتصادية التي بلورها وقدمها بلير منذ سنوات كبديل عن خريطة الطريق السياسية، قد راقت «للإسرائيليين» الذين تبنوا الأفق الاقتصادي للفلسطينيين بدلاً من الأفق السياسي والحل العادل وإقامة الدولة الفلسطينية، والطامة الكبرى ان بعض القيادات الفلسطينية تتجاوب وتتفاعل مع الأفق الاقتصادي وتنسى في الوقت نفسه ما يجري على الأرض من استيطان وتهويد...!

وقد عبر نتنياهو الذي يحمل هذا الخيار الاقتصادي، أعمق تعبير عن هذا التوجه في خطابه له أمام «الكنيست» قائلاً: «ان السلام مع الفلسطينيين يجب أن يرتكز فقط على دعم الاقتصاد الفلسطيني، وليس على أساس الانسحاب من الأراضي وأيضاً عبر إقامة مصانع على خط التماس وإقامة مشاريع مع الأردن ومصر».

ومن معسكر اليمين الفاشي اطل علينا أيضاً بيني بيغن نجل مناحيم ليوضح لنا بمنتهى الصراحة بان : «ليس هناك مجال للتفاوض مع الفلسطينيين في السنوات القريبة»، مضيفاً: «من الممكن التفاوض معهم حول جودة الحياة والمياه والمجاري، ولكن لا مجال للتحدث حول التسويات، لا جزئية ولا نهائية».

إذن، نحن في الخلاصة المكثفة عملياً أمام خيار «إسرائيلي» وحيد مزدوج، هو الخيار الأمني -الاقتصادي الذي يفكك القضية بكافة ملفاتها وحقوقها الى مركبات أمنية اقتصادية، ويسقفها كما أوضح بيغن بجودة الحياة والمياه والمجاري...!

نعتقد انه يتوجب على الفلسطينيين المفاوضين والمعارضين على حد سواء، وعلى العرب معهم، ان يعيدوا جميعاً، ترتيب أولوياتهم وأجنداتهم في مواجهة لاءات وأجندات الاحتلال الحقيقية، إذا ما أرادوا أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية والقومية...!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2178738

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2178738 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40