الأحد 22 تموز (يوليو) 2012

شهادة «إسرائيل» له

الأحد 22 تموز (يوليو) 2012 par فهمي هويدي

لا أجد مبرراً للمبالغة في الحديث عن دور اللواء عمر سليمان وتبييض صفحته بعد وفاته، ذلك أن الرجل كان أحد أركان نظام يسجل إحدى مراحل الانحطاط في التاريخ المصري. وأخشى أن تؤدي المبالغة الإعلامية في الإشادة بدوره «الوطني» إلى تزييف التاريخ، ومن ثم إثارة البلبلة والحيرة في أوساط الأجيال الجديدة التي شوهت ذاكرتها، بحيث ما عاد البعض يميزون بين من خدم الوطن وخدم الحاكم وخدم نفسه أو خدم العدو.

للرجل فضائله الشخصية التي يشهد بها من عرفوه، لكني معني بمواقفه السياسية. والأخيرة هي «الموضوع» الذي يهمني في الوقت الراهن.

وهو في السلطة، في 19/12/2009 كتب يوسي ميلمان خبير الشئون الأمنية في صحيفة «هآرتس» تحليلاً موسعاً كان عنوانه: عمر سليمان الجنرال الذي لم يذرف دمعة خلال حملة الرصاص المصبوب. (يقصد اجتياح غزة) وفي تحليله الذي سبق أن أشرت إليه قال ما يلي:

منذ تولي اللواء عمر سليمان منصبه كرئيس لجهاز المخابرات المصرية عام 1993، فإنه أقام علاقات وثيقة مع معظم قادة الأجهزة الاستخبارية «الإسرائيلية». وبعض هؤلاء سألوه عما إذا كانت «حماس» التي فازت في الانتخابات التشريعية يمكن أن تكون عنصر استقرار إيجابياً في الحكومة الفلسطينية، فإنه رد بسرعة قائلاً: «لا بكل تأكيد. أنا أعرف هؤلاء «الإخوان» فهم كذابون، واللغة الوحيدة التي يفهمونها هي القوة» في دعوة صريحة للإقصاء والسحق.

ذكر ميلمان أيضاً أنه استناداً إلى معرفة «الإسرائيليين» به، فإنه لم يذرف دمعة واحدة على مئات الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الحرب التي شنتها «إسرائيل» على غزة أواخر عام 2008، ثم نقل عن أحد قادة الاستخبارات «الإسرائيليين» قوله إنه التقاه في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وسمعه وهو يسب الرئيس الراحل ياسر عرفات بأقذع الشتائم، لأنه لم يستمع لنصائحه بالعمل على وقف الانتفاضة. وأضاف ذلك القائد أن سليمان انتقم من عرفات أشد الانتقام لاحقاً. ذلك أنه حين شنت «إسرائيل» حملة «السور الواقي» في عام 2002، اتصل أبو عمار باللواء سليمان ورجاه أن تتدخل مصر وتقوم ولو بإجراء رمزي للتعبير عن رفضها للسلوك «الإسرائيلي»، لكن سليمان تجاهل عرفات ورفض الرد على اتصالاته، وسمح بتوافر الظروف التي أدت إلى حصار عرفات وانهيار السلطة في ذلك الوقت.

نقل ميلمان عن قادة الاستخبارات «الإسرائيليين» قولهم إن عمر سليمان أسهم بشكل واضح في الحرب الأمريكية على «الإرهاب»، حيث قام بتزويد المخابرات الأمريكية بمحققين مصريين لاستجواب عناصر تنظيم «القاعدة»، وهو ما جعل المجمع الاستخباري الأمريكي يوجه إليه الشكر، ويعتبر المخابرات المصرية حليفاً استراتيجياً شأنها في ذلك شأن «الموساد».

أكد ميلمان أيضاً أن سليمان كان أحد الأشخاص الذين أسهموا في عقد صفقة بيع الغاز المصري بسعر بخس. وقد لجأ إليه رئيس «الموساد» الأسبق شفتاي شفيت (يميني متطرف يصف العرب بالكلاب الضالة) لتسهيل التوصل إلى صفقة بين الحكومة المصرية وشركة «إسرائيلية» يملك شفيت جزءاً كبيراً من أسهمها، وقد تحقق له ما أراد.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» لوزير الداخلية «الإسرائيلي» الأسبق عوزي برعام (بتاريخ 2/2/2011) ذكر الرجل فيه أنه خلال لقاءاته مع اللواء سليمان وجد أن كراهيته للمقاومة الإسلامية تفوق بكثير الحماس «الإسرائيلي» والأمريكي. ولاحظ أنه يحاول التودد للمسئولين «الإسرائيليين» من خلال التعبير عن حماسه الدائم لقمع الإخوان.

نقل الوزير الأسبق عن أحد قادة الاستخبارات «الإسرائيلية» قوله إنه شعر بالتقزز من حرص سليمان على إحاطة نفسه بمظاهر الأبهة والفخامة التي اتسم بها مكتبه الخاص. وأشار المسئول «الإسرائيلي» إلى أنه كان جالساً مع سليمان في أحد الفنادق بحضور مسئول للمخابرات المركزية الأمريكية، وفجأة رفع الرجل أصبعه بعلامة «ڤي»، فإذا بأحد مساعديه يخرج من مكان ما ويضع بين أصبعيه سيجاراً فاخراً.

صحيفة «إسرائيل اليوم» نشرت أيضاً في 31/1/2011 مقالة للدكتورة ميرا تسوريف المحاضرة من مركز «ديان» بجامعة «تل أبيب» قالت فيه إن تولى عمر سليمان مقاليد الأمور بعد إذا قدر لها أن تتم فإنها تمثل بالنسبة لـ«إسرائيل» «استمرارية لمبارك»، مشيرة إلى أن طريقة حكم مصر حينئذ لن تتغير، وإنما ستصبح أكثر ليناً ومرونة.

أدعو الله أن يغفر له ما قدمت يداه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165502

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165502 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010