الأربعاء 18 تموز (يوليو) 2012

السيد نصر الله: سورية سند للمقاومة ونتمسك بحلفائنا ونعد العدو بمفاجأة كبيرة

الأربعاء 18 تموز (يوليو) 2012

أكد الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني السيد حسن نصر الله إنه في الذكرى السادسة لحرب تموز 2006 لا يزال كيان العدو الغاصب بكل قياداته الأمنية والسياسية تحت الأزمة. ولفت الى ان «الصهاينة الذين اعترفوا بهزيمتهم في حرب تموز 2006 لا زالوا حتى اليوم يقيمون الندوات والاجتماعات لتقييم ما حصل في هذه الحرب»، واضاف «لا يعنينا كل ما قاله البعض ان «إسرائيل» لم تهزم بل ما يعنينا هو اعتراف الصهاينة أنهم هزموا وان قادتهم اعترفوا ان حرب تموز كانت ضربة قاسية وقاسمة للكيان الغاصب وأنها شكلت هزيمة لـ«إسرائيل» لأول مرة بتاريخها وان «إسرائيل» اصبحت في الحضيض».

[marron]فيما يلي نص خطاب السيد نصر الله في مهرجان الانتصار[/marron]

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

إنني في البداية أرحّب بكم جميعاً، السادة والسيدات، والأخوات والإخوة، في هذا الحفل المبارك، إحياءً للذكرى السنوية السادسة لحرب تموز، لملحمة النصر الإلهي، لإحياء كل الأمجاد والانتصارات والقِيَم والمعاني والمشاهد العظيمة التي شهدناها سويّاً قبل أعوام. أشكركم على هذا الحضور الكبير وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم على الطقس وعليّ، إن شاء الله الإخوة والأخوات يتحمّلون الطقس قليلاً، ونتذكر 33 يوماً، عندما كنا نتحمل الصواريخ والقذائف والقتال والتهجير والدموع والآلام والتحديات الخطيرة.

أيها الإخوة والأخوات،

هناك مواضيع كثيرة أود أن أتكلم عنها، لكن بطبيعة الحال التطورات في المنطقة وخصوصاً في سوريا، وما جرى اليوم يفرض علينا أن نخصّص جزءاً من هذا الحديث، من هذه المناسبة، للوضع الإقليمي. ولذلك المخطط العام لكلمتي حتى تكونوا في الصورة (هو): أولاً أريد أن أتحدث قليلاً عن واحدة من وقائع من وقائع حرب تموز، لنكشف فشلاً «إسرائيلياً» كبيراً وخداعاً «إسرائيلياً»، حتى بحق شعب الكيان الصهيوني. وفي المقابل (نكشف) إنجازاً نوعياً من إنجازات المقاومة في حرب تموز، لم يتم الحديث عن هذا الأمر خلال كل السنوات السابقة لأسباب. الآن المقتضى يساعد أن نتحدث عن هذه الواقعة. النقطة الثانية، ما بعد حرب تموز وخصوصاً أن هذا يدخلنا على المشهد الإقليمي. وثالثا ندخل إلى الوضع اللبناني الداخلي، وهناك بعض النقاط السريعة.

في الذكرى السنوية السادسة، العدو، كل «إسرائيل»، سياسيوها، عسكريوها وجنرالاتها، أحزابها، ناسها، رأيها العام ما زال تحت الصدمة، صدمة الهزيمة المفاجئة التي حصلت للعدو في العام 2006. طبعاً نحن في المقاومة لا يعنينا من هنا أو هناك من لا يقبل أن ما جرى هو هزيمة للعدو، أن الذي يعنيني (هو) «الإسرائيلي»، لأن حربي هي مع «الإسرائيلي»، لأن صراعي هي معه، أما الآخرون ماذا يقولون، يعترفون أو لا يعترفون، هذا له تحليل وحسابات أخرى. «الإسرائيليون» الآن في الذكرى السادسة يقيمون وما زالوا الندوات واللقاءات والمحاضرات والمباحثات والمقابلات والمقالات، يشارك فيها كبار القادة الصهاينة الحاليين والسابقين، والكل ما زال يتحدث بالإجماع عن الهزيمة. بالنسبة لنا يكفينا أن يقف رئيس «الموساد» الذي كان في زمن الحرب (داغان) والذي يعتبر في «إسرائيل» على ما يبدو من أهم رؤساء «الموساد» حتى الآن، ويقول لرئيس الحكومة في ذلك الوقت (أولمرت) إن الحرب كانت كارثة وطنية تلقت فيها «إسرائيل» ضربة قاصمة، أو عندما يقول شخص أخر اسمه (دان مريدور) وهو رئيس الشؤون الاستخبارية في حكومة نتنياهو حالياً وكان رئيس لجنة تحديث نظرية الأمن القومي «الإسرائيلي» التي تشكلت قبل حرب 2006 وواصلت عملها بعد حرب 2006 ووضعت وحدّثت نظرية الأمن القومي، هذا الشخص المنظّر يقول: لم يسبق أن شهدت «إسرائيل» أمراً كهذا، وصلنا إلى نقطة الحضيض، أو (موشي آرينز) وزير الدفاع الأسبق والذي يعتبر من المنظّرين الإستراتيجيين في «إسرائيل» وعاصر كل الحروب السابقة والآن يبلغ من العمر سبعين وثمانين سنة، يقول إن «إسرائيل» تلقّت لأول مرة في تاريخها هزيمة، وأضاف معلّقاً على من يشكّك بأن «إسرائيل» قد منيت بهزيمة، لأن هناك ناساً يمكن أن يقولوا إنها لم تُمنى بهزيمة، إنما قد حصلت إخفاقات أو تحققت بعض الإنجازات، يقول لهم إنها حقّقت بعض الإنجازات التكتيكية هنا أو هناك. هل يوجد حرب لا يحقق فيها الطرف المهزوم توجيه ضربات جيدة، يستطيع المرء أن ينجز بعض الإنجازات التكتيكية لكن النتيجة النهائية أن 250 صاروخاً أطلقوا ضد «إسرائيلي» في اليوم الأخير من الحرب هذه هي النتيجة.

يتحدث قادة العدو والمنظّرون الإستراتيجيون وكبار العسكريين عن هزيمة، عن ضربة قاصمة أنهم أصبحوا في الحضيض، أنهم لم يواجهوا أمراً كهذا وإذا أردت أن أجمع شهادتهم يطول المقام. أكتفي بهذه الشهادات القليلة، مع ذلك هم دائماً يبحثون عن إنجازات. في العام الماضي أنا تحدثت عن إنجازين، وقلت: هذان الانجازان تافهان لا يستحقان الحرب، لكن هم دائماً خلال الحرب وبعد الحرب يخادعون، لذلك أنا سأتحدث بهذا الأمر، ويتحدثون عن إنجاز كبير ونوعي وعن عملية حصلت في حرب لبنان الثانية، كما يصطلحون عليها في حرب تموز، سموها عملية الوزن النوعي، الآن سوف أشرح ما هي هذه العملية وما الذي حصل ومنها أعود لأدخل على النقطة الثانية. بالنسبة إلى «الإسرائيلي» هو قام بالعملية.

يوم الجمعة 14 تموز 2006، اجتمع المجلس الوزاري المصغر وَقُدِّم له طرح (...) قالوا في المجلس الوزاري ما يلي: خلال السنوات الماضية من عام 2000 إلى الـ 2006 ـ إلى الآن ـ جمعنا معلومات دقيقة ـ أي «الإسرائيلي» ـ وخطيرة ومهمة جداً، ونحن نعرف جميع منصات صواريخ «حزب الله»، صواريخ (فجر 3)، (فجر 5) ـ حددوها بالاسم ـ وهذه الصواريخ إيرانية الصنع... ويقول وزير الدفاع «الإسرائيلي» في ذلك الوقت: أماكن المنصات في الجنوب كلها محددة وقمنا بعمل استخباري دقيق جداً ـ عظّموا بعملهم الإستخباري ـ واستطعنا أن نحدد أماكن تواجد المنصات بأجمعها وحددنا الإحداثيات وأجرينا خلال السنوات الماضية مناورات جوية لقصف أهداف مشابهة وسلاح الجو جاهز الآن لتنفيذ العملية. إذا وافقتم على عملية «الوزن النوعي» فسوف تكسر هذه العملية ظهر «حزب الله» والمقاومة وسوف تُنهي الحرب، وكانوا يفترضون أنّ هذه العملية ستؤدي إلى دهشة وانهيار كبير جداً لدى قيادة المقاومة وبالتالي تنتهي الحرب ويصبح «حزب الله» عاجزاً عن إطلاق أي صاروخ ذي مدى متوسط أو مدى بعيد، طبعاً هم لم يكونوا يتحدثون عن صواريخ الكاتيوشا التي تطال مدى 17 أو 20 كيلومتراً أو أكثر قليلاً، وإنما عن صواريخ متوسطة المدى ـ بشكل أساسي ـ وبعيدة المدى، وهذا بحساباتنا وحساباتهم... حسناً، المجلس الوزاري صادق على العملية، وبعد ساعة من المصادقة ـ وانظروا مدى الجهوزية العالية جداً ـ قامت أكثر من 40 طائرة «إسرائيلية» (أف 16) و (أف 15 واحد) ـ حسب ما قالت المصادر «الإسرائيلية» ـ وشنّت الهجوم، وهذا غير الطائرات التي كانت تحمي، وضربت، على ما يقول «الإسرائيليون»، أكثر من أربعين هدفاً، وعلى ما يقول الأمريكيون أكثر من 50 هدفاً، وخلال 34 دقيقة كانت العملية قد أنجزت وكل الأهداف المحددة مسبقاً على أنّها منصّات (فجر 3) و(فجر 5) قاموا بتدميرها. وفي ذلك الحين اتصل رئيس الأركان (دان حالوتس) برئيس حكومة العدو (ايهود أولمرت) وقال له لقد انتصرنا، انتهت الحرب. وإذا تذكرون خرج (شيمون بيريز) في اليوم الثاني، وكان نائب رئيس وزراء العدو، وقال : لقد انتصرت «إسرائيل» وأمين عام «حزب الله» فُلان هرب إلى دمشق وأنا كنت ما زلت في الضاحية الجنوبية. هذه هي عملية «الوزن النوعي».

القادة «الإسرائيليون» العسكريون والأمنيون فيما بعد، تحدثوا عن جهد أمني مكثّف وعن احتراف أمني كبير وعن جمع معلومات وعن عمليات خطيرة في جمع المعلومات وعن مناورات وعن ميزانيات ضخمة أُنفقت لتحقيق هذا الإنجاز، وشبّهوا الأمر ـ وانظروا لمقدار مراهنتهم على هذه الضربة الأولى ـ شبّهوا الأمر بحرب الـ 67 عندما قام سلاح الجو «الإسرائيلي» بقصف وضرب جزء كبير من سلاح الجو المصري، وشبّهوا الأمر أيضاً بالضربة التي شنّتها الطائرات «الإسرائيلية» على صواريخ أرض جو السورية سام 6 التي كانت موجودة في لبنان. وهذا الأمر بقي حتّى هذه اللحظة ـ لأنهم أخفوا الحقيقة ـ يصدقه «الإسرائيليون»، وقال (حالوتس) في ذلك الحين: لقد دمرنا 70 إلى 80 بالمئة من القدرة الصاروخية لـ«حزب الله»، وأشادوا بالخطوة وتحدثوا عنها بإعجاب شديد وما زالوا يتحدثون عنها.

حسناً، ماذا حصل بالضبط، المشهد الآخر الحقيقي، الحقيقة التي تستند إلى الدليل. الحقيقة هي أنّ المقاومة العاقلة الساهرة المستيقظة وأنّ عقلها الأمني والعسكري اكتشف مبكراً حركة العدو المعلوماتية والاستطلاعية حول منصات الصواريخ متوسطة المدى، ومشت المقاومة معهم باللعبة، وساعدتهم وجمعوا المعلومات التي أرادوها، كيف جمعوها بحث آخر لن نكشفه الآن وهم على كل حال يعرفون كيف جمعوها. وفي لحظة من اللحظات، هذا العقل الأمني المبدع للشهيد القائد الحاج عماد مغنية وإخوانه القادة في المقاومة الإسلامية، ما الفكرة التي عملوها، هم يبنون كل حسابات على هذه الضربة وهناك في العقل العسكري «الإسرائيلي» بل بالعقل العسكري الكلاسيكي عادة اسمه الضربة الأولى، الأمريكيون عملوا ذلك في الخليج، في حرب غزة اشتغل هكذا «الإسرائيلي» عندما بدأت الحرب ـ كما تذكرون ـ حيث ضرب تجمعاً كبيراً للشرطة الفلسطينية التابعة لحكومة غزة وسقط مئات الشهداء. هذا اسمه الضربة الأولى. في أي حرب مقبلة لا سمح الله ـ إن حصلت ـ يفكر «الإسرائيلي» ويخطط ويعد لضربة أولى، لذلك نحن نتحدث عن الضربة الأولى في حرب تموز. حسناً لندعه «ماشي» في الضربة الأولى لكن دون أن يشعر بنا «الإسرائيلي» ـ وهنا الإنجاز الأمني الأول ـ أنّ المقاومة عرفت أنّ «الإسرائيلي» بات يعرف أماكن المنصات، والإنجاز الأمني الثاني أنّ المقاومة استطاعت أن تخرج هذه المنصات من تلك الأماكن دون أن يعرف «الإسرائيلي» أو يشعر بذلك، وبقي «الإسرائيلي» يعتقد أنّ منصات صواريخ المدى المتوسط موجودة في هذه الأماكن، ونقلت إلى أماكن أخرى، لم يعرف بها العدو ولم يشعر بها العدو. وعندما أخذ القرار بالوزن النوعي وقام بقصف هذه الأماكن كانت الأغلبية الساحقة من الأماكن التي قُصفت في عملية «الوزن النوعي» خالية فارغة من منصات الصورايخ، والذي حصل بعد ذلك أنّ المنصات خرجت من أماكنها الحقيقة وبدأت قتالها الذي استمر 33 يوماً تنهال فيه الصواريخ على الشمال وعلى حيفا وما بعد حيفا الوسط وكانت جاهزة لتضرب «تل أبيب».

هذا الذي حصل. عملية «الوزن النوعي» التي يتباهى بها سلاح الجو «الإسرائيلي» والاستخبارات «الإسرائيلية» نسميها اليوم في الذكرى السادسة عملية «الوهم النوعي»، عملية «الفشل النوعي»، عملية «الوقوع في خديعة المقاومة» والحرب خديعة، وطبعاً الدليل على ما أقول أنّ 70 و 80 بالمئة من قدرة المقاومة الصاروخية التي ادّعى (حالوتس) أنّها دمرت كانت تعمل إلى اليوم الأخير وكانت قادرة على العمل طويلاً، لا أذكر إذا قلت سابقاً إنّه إذا كنّا في تلك الأيام نكتفي بعدد معين من الصواريخ فليس لأنّ مخزوننا كان قليلاً وليس لعدم قدرتنا على إطلاق الصواريخ، كنّا قادرين ميدانياً أن نطلق الصواريخ وكان لدينا عدد كبير، ولكن كنّا نراعي الزمن، كنّا ننظّم قصفنا الصاروخي على فرضية أن تطول الحرب ولا نريد أن تنتهي الحرب لأنّ صواريخنا انتهت.

إذاً هذه عملية «الوزن النوعي» وهذه الضربة الأولى، وطبعاً في اليوم الثاني عندما اكتشفوا الحقيقة ووجدوا أنّ عدداً كبيراً من الصواريخ في ذلك اليوم أُطلق، دخل (حالوتس) مجدداً إلى المجلس الوزاري المصغر ليقول لهم : للأسف يبدو أننا دخلنا في عملية طويلة قد تستمر لأسابيع. أمّا (شيمون بيرز) الذي قال إنّ «إسرائيل» انتصرت في الحرب في اليوم الرابع وأنّني هربت إلى دمشق بلع لسانه وما زال مبلوعاً. فيما يعني المرحلة المقبلة، نحن نعلم ونتابع ـ وفي لبنان كثير من الناس مشغولون بالتفاصيل والمشاكل المعيشية، وهذا حقهم، وبالطرقات وبالسجالات السياسية، وبالصراعات المختلفة والمتنوعة. ولكن ثقوا تماماً أنّه إلى جانب كل هذا الضجيج هناك مقاومة وقيادة مقاومة وقياديو مقاومة وكوادر مقاومة ورجال مقاومة يعملون في الليل وفي النهار على هذا الملف، على ملف الصراع مع العدو وحماية البلد، لا يشغلهم شاغل ولا يلهيهم لاهٍ، لا صراخ من هنا ولا صراخ من هناك. هذه المقاومة تتابع «الإسرائيلي» في الليل والنهار، ونحن نعرف أنّه يعمل في الليل والنهار على جمع المعلومات عن منشآتنا ومنصاتنا ومخازننا وغرف قيادة العمليات المفترضة في أيّة حرب مقبلة وهو يحضّر لضربة أولى كما هو حاله في كل الحروب السابقة. أنا أدعوه أولاً أن يعتبر ـ لأنّه يأخذ بالعِبَر ويدرس الأخطاء والإخفاقات ـ أنا أقول له: وزنك النوعي كان وهماً نوعياً، ونحن في أيّة حرب مقبلة نعرف ضربتك الأولى ونتوقعها وسنفاجئك عندما تريد أن تطلق ضربتك الأولى. هنا أضيف على كل الوعود السابقة، بمواجهة أي ضربة أولى «إسرائيلية» في أي حرب، نحن نعد «الإسرائيليين» بمفاجئة كبيرة. طبعاً لن نقول اليوم ما هي المفاجأة الكبيرة لأنّه حينئذٍ لن تبقى مفاجأة. لكن بالتأكيد أنا أريد منكم جميعاً وأريد من الشعب اللبناني وأريد من شعوب المنطقة أن تثقوا جيداً بقدرات المقاومة وبعقول المقاومة وبوعي المقاومة وبقدرات المقاومة وأن تعرفوا ـ وهذه من أهم وأعظم نتائج حرب تموز ـ أننا في لبنان وأننا في العالم العربي وأننا في العالم الإسلامي وأننا في هذه المنطقة نملك عقولاً ونملك قلوباً ونملك إرادات ونملك العزائم ونملك القدرة على أن نخطط وننظم وندير ونقاتل ونحارب وننتصر في نهاية المطاف. وليس قدرنا كما حاول الحكام العرب، أغلب الحكام العرب، وأغلب الأنظمة العربية وأغلب الكتّاب العرب وأغلب الفضائيات ووسائل الإعلام العربية، أغلبهم حاول أن يُقنعنا أن قدرنا هو الهزيمة، وأننا عاجزون وأننا فاشلون، وأن هذا الأمر في ذاتياتنا وفي جيناتنا. في حرب تموز وبعدها غزة، أهم رسالة لنا جميعاً ولعالمنا ولشعوبنا، أن قدرنا هو أن ننتصر وليس أن نُهزم، وكما صنعنا النصر العظيم في 2000 وكما صنعنا النصر العظيم في 2006، نعم نحن قادرون على أن نصنع نصراً أعظم في أي وقتٍ نُواجه حرباً من هذا النوع، هذه هي الرسالة التي يجب أن نؤكدها في الذكرى السادسة لحرب تموز.

انتهت الحرب وهنا أنتقل إلى النقطة الثانية، التي تُدخلنا إلى الوضع الإقليمي، انتهت الحرب و«الإسرائيليون» ذهبوا إلى التقييم، هم والأمريكان، قيّموا معاً، وليسوا لوحدهم، وأخذوا العبر والدروس معاً، وليسوا لوحدهم، ودخلنا في مرحلة جديدة. كان من المفترض في حرب تموز أن تكون الحرب على المقاومة في لبنان لسحقها حلقة أساسية في تدمير المحور المقاوم والممانع في المنطقة. هناك حق وحقيقة وواقع اسمه أن البقية الباقية من هذا العالم العربي والإسلامي، الذي بقي متمسكاً بالقضية الفلسطينية وبالمقدسات الإسلامية والمسيحية وبالتراب العربي وبحقوق الشعب الفلسطيني، هو محور يمتد من إيران - سوريا وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، هذه هي الحقيقة، وأغلبية الأنظمة العربية صارت هناك في خدمة المشروع الأمريكي - «الإسرائيلي» وفي خدمة تسوية، وتلعب على الوقت وتراهن على الوقت، حتى يستسلم الفلسطينيون ويقبلوا بالفتات الذي يعطيهم إياه (شارون) أو (أولمرت) أو (نتنياهو)، هذه هي الحقيقة. إدارة (جورج بوش)، كما تذكرون، و(المحافظون الجدد) دخلوا في مرحلة السيطرة على المنطقة. كان المطلوب تدمير هذا المحور، الحلقة الأولى لبنان، سحق المقاومة في لبنان، لو سُحقت المقاومة في لبنان لن تقف الحرب وإنما سوف تستمر باتجاه سوريا، بدعوى أن سوريا ساندت المقاومة وقدمت لها السلاح وأعطتها الصواريخ و..و..و.. الخ.

الحلقة الثانية بعد المقاومة في لبنان مباشرةً كانت إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وتدمير سوريا وإخضاع سوريا للمشروع الأميركي- «الإسرائيلي»، وليس من أجل إقامة ديموقراطية وإصلاحات في سوريا، كلا، بل لإخضاعها للمشروع الأميركي - «الإسرائيلي»، الذي كان يبسط جناحه في أفغانستان وفي العراق وفي دول الخليج وفي كل المنطقة. لكن انتصار المقاومة في لبنان أسقط الحلقة الثانية وهي الهجوم على سوريا، لأنه في الأيام الأخيرة من الثلاثة وثلاثين يوماً كانت «إسرائيل» تستجدي الحل، والله صدقوني كانت «إسرائيل» تستجدي الحل، أُسألوا الوفد العربي الذي كان موجوداً في نيويورك في تلك الأيام ويُفاوض، وهم أخبرونا بذلك، «إسرائيل» تخلت في الأيام الأخيرة عن كل شروطها، وآخر شيء أخذت شيء معنوي في الـ1701 أسمه التنديد بالمقاومة، لكن ما هي إنجازاتها؟، هو نفسه (شيمون بيريز) يقول في لقاء مع (فينوغراد): «لم يكن هناك خيار آخر، هذا أقصى ما استطعنا أن نصل إليه»، وأنا أقول لكم اليوم في الذكرى السنوية السادسة، لو كان في لبنان تضامن سياسي وطني، ولو كان في لبنان تكافل سياسي وطني، ولو كانت الخناجر، بعض الخناجر، في لبنان موضوعة في أغلفتها وليس في ظهورنا، لأمكن في الأيام الأخيرة من المفاوضات السياسية أن يتحقق إنجازات على المستوى الوطني اللبناني. ولكن هناك من كان يُساعد «إسرائيل» على المستوى السياسي لتخرج من المستنقع والمأزق الذي أدخلت نفسها فيه.

حسناً، تجاوزنا هذه المرحلة وذهبوا إلى الحلقة الأخرى قطاع غزة، صمدت غزة. البداية كانت في لبنان، انهار المشروع «الشرق أوسطي الجديد»، والمقاومة في غزة أجهزت عليه بالكامل انتهينا، لكن هل هذا يعني أن المخططات الأمريكية - «الإسرائيلية» قد انتهت؟ كلا، يوجد بدائل، دائماً هناك بدائل، يبحثون عن بدائل، جماعة براغماتيين ليس لديهم مشكلة. تذكرون، في إحدى السنوات في هذا الملعب، أنا قلت لا يهم أميركا أن يحكم في العالم العربي حزب إسلامي أو حزب عربي أو حزب قومي أو حزب شيوعي، أو حزب يساري أو حزب يميني، هذا ليس مهماً، ليس مهماً أنك تعمل لحية أو تحلق لحيتك، تلبس كرافات أو لا تلبس كرافات، المهم ما هي سياستك، البراغماتيين ليسوا لديهم مشكلة، الآن في أفغانستان هم يبحثون في الليل والنهار على التفاوض مع طالبان، التي تقاتلهم في كل ليل وفي كل ساحة وكل ساعة، أتوا على ضوء الوقائع ليفتشوا عن بدائل. من جملة الوقائع التي رأوها وشهدوها من خلال حرب تموز، وبعد حرب تموز، أولاً في الموضوع اللبناني، ظهرت عندهم مشكلة أُسمها «حزب الله»، وبصراحة المشكلة أسمها «حزب الله»، كيف نحل هذه المشكلة؟، على ضوء تجربة حرب تموز، هناك قناعات تشكلت، ولا يوجد هناك وقت لأقول لكم الشهادات، فيا ليت أن تعمل «المنار» أو التلفزيونات الأخرى حلقة حول هذا الموضوع، وصلوا إلى قناعة أولاً تقول: إن القصف الجوي لا يحسم معركة، انتهينا، إذاً إذا قاموا بقصف جوي في لبنان، فإنه يدمر بيوتاً ويدمر جسوراً ويدمر طرقات، لكن هذا لا يحسم معركة. ثانياً: توصلوا إلى قناعة أيضاً أن العملية البرية خطيرة جداً، ومغامرة كبيرة. منذ بضعة أيام عاد (أولمرت) يتنفس قليلاً ليقول: أن أي عملية برية في لبنان تتجاوز ثلاثة كيلومترات هي حماقة، (حالوتس) يؤيده في هذا، (شيمون بيريز) يقول كلاماً أعمق، وأحب أن أقول لكم ماذا قال بالضبط، لأنه مهم جداً وأتمنى لهذا النص أن يأخذه الحاج أبو حسن (رعد) (الذي هو موجود) معه إلى طاولة الحوار ليوزعه على أطراف طاولة الحوار. يقول (شيمون بيريز) في التحقيقات للجنة (فينوغراد): «ولأن هذه الحرب تحدث عن بعد، حرب ضد الإرهاب»، أي أنه يتكلم عن صواريخ المقاومة التي دخلت إلى المدن، أسمعوا جيداً أسمعوا جيداً: «يستحيل (هذا من؟، هذا شيمون بيريز الذي كان موجوداً منذ بداية تأسيس الكيان وواكب كل الحروب وكل الجبهات) يستحيل عبر طائرة إف 16 تبلغ قيمتها مائة مليون دولار ملاحقة كل شابٍ في السادسة عشرة من عمره»، هكذا كانوا يفعلون في حرب تموز، طائرة الـ «إف 16» لاحقت شاب، طيب فإذا كان لدينا عشرات الآلاف من الشباب، كم عدداً تحتاجون من الـ «إف 16»؟، باللهجة العامية: «أديش بدكم إف ستعشات»، يستحيل عبر طائرة «إف 16» تبلغ قيمتها مائة مليون دولار ملاحقة كل شاب في السادسة عشرة من عمره، «وهم في النهاية ـ يعني المقاومين ـ سيمتلكون صواريخ مضادة للطائرات وحتى طائرات حربية أيضاً»"، وأيضاً يقول: «ويتعذر علينا أخذ دبابة «ميركافاه» تبلغ قيمتها عشرة ملايين دولار وإرسالها نحو كل خندق، نحن ملزمون بخلق ردعٍ جديد تماماً»، هذه الوسائل كلها لا تجدي نفعاً، الشاب الذي لا تهزمه الـ «إف 16» ويبقى في الجنوب ثلاثة وثلاثين يوماً، ويبقى في الجنوب ثلاثاً وثلاثين سنة، ويبقى في الجنوب أبد الدهر دون أن يهتز، هذه هي الإستراتيجية الدفاعية الصحيحة، وهذا ما يقوله في النص الذي ذكرته قبل قليل، وحول قبول «إسرائيل» بالقرار 1701، قال (بيريز): «لم يكن أمام «إسرائيل» من سبيل آخر لوقف الحرب، التي كان من الضروري وقفها (كانوا مستقتلين من أجل أن يوقفوا الحرب) وأن هذا كان أقصى ما يمكن تحقيقه في الظروف التي نشأت». الآن الوقت قد فات كنت أريد أن أقرأ لكم نصاً عن (دان ميريدور)، الذي يملك نظرية الأمن القومي، اللي يقول فيها: أنا شاركت في سيناء وشاركت في الحروب أين.. وأين.. لكن لبنان وسوريا القصة مختلفة بسبب الجغرافيا. يعني أنه يتكلم عن هذا الموضوع،

لكنني أختم هذه الشواهد بالخلاصات التي لهم، بكلام لرئيس هيئة الأركان العامة السابق في الجيش «الإسرائيلي» (موشيه يعالون)، الذي هو الآن وزير في حكومة (نتنياهو) «ومعرّض أكتافه» يريد أن يصبح رئيس وزراء، ويقدّم نفسه منظّراً إستراتيجياً، أيضاً أتمنى أن تسمعوا هذا النص لأنه يعني الداخل اللبناني، الداخل اللبناني الذي يناقش والذي يشوّه والذي يصرخ والذي لا يعرف أين يضعه الله، يقول هذا الرجل: «كان واضحاً عندي أن حزب الله ظاهرة متجذرة، لن يتم سحقه عبر عملية عسكرية، كان واضحاً عندي أيضاً أنه لا يوجد حل عسكري قاطع في مواجهة منظومة الصواريخ لدى حزب الله، لهذا (هذا رئيس أركان ومنظر إستراتيجي، ماذا يقول؟) لهذا شجعت عملاً سياسياً يُفضي آخر الأمر إلى نزع سلاح حزب الله نتاج عمليةٍ داخليةٍ لبنانية»، ماذا يقول؟ أنه لا يوجد حل عسكري، تريدون حل قصة سلاح «حزب الله»، اذهبوا إلى داخل لبنان لتحلّوها، بعملية سياسية داخلية، نتاج حراك داخلي، تعالجوا موضوع سلاح «حزب الله». هذه مشكلة العرب، تعرفون أن «الإسرائيليين» كانوا يقولون عنا إن نحن العرب لا يقرأون، وما زالوا لا يقرأون، بعض اللبنانيين يفعلون ما تريده «إسرائيل»، يقولون ما تريده «إسرائيل»، من حيث يعلمون أو لا يعلمون، وقد لا يعلمون، لماذا؟ لأنهم لا يقرأون.

ويكمل (يعالون): «أدركت أنه لا سبيل لاقتلاع حزب الله (حتى «إسرائيل» عندما تنظر إلى لبنان للأسف فإنها تنظر إليه طائفياً) من قلوب الشيعة في لبنان، وكذلك أدركت أن لا توجد وسيلة تُزيل تهديد صواريخ الكاتيوشا مرة واحدة، وبناءً على ذلك، اقترحت العمل على نحو سياسي عسكري من أجل احتواء حزب الله، وتضييق مجال مناورته، وأن يُفضي آخر الأمر إلى أن يرونه في لبنان على أنه غير شرعي»، هذا هو المطلوب، أن نُوصل الشعب اللبناني واللبنانيين لأن يروا «حزب الله» غير شرعي، سلاحه غير شرعي، هذا هو الحل، «إسرائيل» ليس لديها غير هذا الحل، لا حرب تموز ولا آب ولا أيلول ولا تشرين أول ولا تشرين ثاني ولا... ولا...، ليس هناك حرب يمكن أن تلحق الهزيمة بهذا الحزب المؤمن المجاهد الاستشهادي المضحي. يراهنون على معطيات داخلية، حسنا، هنا اللبنانيون يجب أن يستيقظوا، على مهلكم، طبعاً أنا في هذه النقطة، قبل أن ننتقل إلى الجزء الثاني في هذا الملف، هو موضوع سوريا وإيران ثم انتقل الى الوضع الداخلي، في هذه النقطة أنا أحب أن أطمئنكم، لأنه في المستقبل سوف أدعو الى الهدوء، أنا أحب أن أطمئنكم، بعض الأخوة بعض جمهورنا بعض أحبائنا يقلقون قليلاً تأخذهم التحليلات الى أماكن مشبوهة، لا يقلقنّ أحد، فلترتاحوا ولتهدؤوا وكونوا مطمئنين، أنّ حرباً كحرب تموز التي لم تستطيع أن تنال من المقاومة ومن سلاحها ومن إرادتها ومن رجالها ومن معنوياتها ومن كرامتها لن ينال منها شتّامون هنا وهناك، ولن ينال منها.... خلص هذا يكفي.

حسناً، عندما أكمل الأميركي و«الإسرائيلي» القراءة وجد أن لديه مشكلة ثانية وهي سوريا. كيف سيجد حلاً لهذه المشكلة، هناك مشكلة حقيقية اسمها سوريا وليست أي سوريا، سوريا عبد الحليم خدّام ليست مشكلة، سوريا بشار الأسد هي مشكلة حقيقية نعم. حسناً هم نظروا إلى سوريا ووجدوا أن هناك تطوراً مهماً حصل في سوريا في السنوات الماضية، أيضاً دعونا نقول الأمور كما هي بصراحة، يمكن أن السوريين لا يمكنهم التكلم في هذه المواضيع، دعوني أنا أتكلم على مسؤوليتي. أولاً تم وضع إستراتيجية عسكريّة جديدة في سوريا وعُمل عليها خلال السنوات عشر الماضية، رؤية إستراتيجية واضحة، حوّلت سوريا خلال هذه السنوات إلى قوة عسكرية حقيقية قادرة أن تكون تهديداً إستراتيجياً لـ«إسرائيل»، بكل ما للكلمة من معنى، وأنا أعرف ما أقول، وخصوصاً على مستوى تطوير الصناعات العسكريّة، وعلى مستوى الإبداع في أكثر من مجال. أصبح هناك مشكلة على ضوء المستجدّات على ضوء الإمكانات، على ضوء القدرات المتاحة، لمّا العقل السوري جلس واشتغل وجدد وقرأ نقاط الضعف ونقاط القوة والإمكانات المتاحة، وضع إستراتيجية عسكريّة جديدة، وبالتالي «إسرائيل» نظرتها في السنوات الأخيرة لسوريا ازدادت قلقاً وخوفاً لأنه بات لدى سوريا قدرة عسكريّة وخصوصاً في المجال الصاروخي كبيرة جداً وهائلة جداً، واليوم القدرة الصاروخيّة قدرة حاسمة. ما الذي امتلكه «حزب الله» في حرب تموز، ما الذي كان يمتلكه «حزب الله»، هل كان لدينا سلاح جو؟ هذه هي القوة الصاروخيّة التي ليس لديها حل. حسناً، هذا الموضوع بحاجة الى حل.

ثانياً: هناك من يقول أن سوريا هي فقط معبر للمقاومة، وهي جسر التواصل بين المقاومة وإيران، سواء بالنسبة إلى لبنان أو بالنسبة إلى فلسطين، هذا صحيح ولكن أسمحوا لي الليلة أن أقول إن سوريا هي أكثر من ذلك، هي ليست جسر عبور فقط، هي سند حقيقي للمقاومة، ليس فقط على المستوى السياسي والمعنوي والشعبي والاجتماعي بل حتى على المستوى العسكري، ولديّ شاهدان. الشاهد الأول: وهنا لا أكشف سراً لأن «الإسرائيليين» أعلنوا ذلك في حرب تموز، أن أهم الصواريخ التي كانت تنزل على حيفا وما بعد حيفا وعلى وسط «إسرائيل» (فلسطين المحتلة) كانت صواريخ من الصناعة العسكريّة السوريّة، أعطيت للمقاومة في لبنان. سوريا لم تكن للمقاومة في لبنان مطاراً، أو جمارك أبداً، سوريا كانت سنداً، أعطت المقاومة في لبنان سلاحاً يمكّنها من الوقوف في حرب تموز، وأنا أقول لكم أيضاً بصراحة إن أهم الأسلحة التي قاتلنا بها في حرب تموز كانت من سوريا، وليس فقط في لبنان وأيضاً في قطاع غزة، في قطاع غزة أيها الإخوة والأخوات السلاح الذي كان يصل إلى قطاع غزة، الصواريخ التي كانت تصل الى قطاع غزة، اليوم أريد أن أتكلم «بالعربي المشبرح»، «إسرائيل» اليوم تخاف من قطاع غزة، هذا القطاع لأول مرة في تاريخه ينزّل مليون ونصف مليون يهودي الى الملاجئ، «إسرائيل» تخاف اليوم على «تل أبيب» من قطاع غزة، ومن حقها أن تخاف، هذه الصواريخ، كيف وصلت الى قطاع غزة؟ ومن أين وصلت الى غزة؟ هل أوصلها النظام السعودي؟ هل أوصلها النظام المصري؟ هل أوصلتها الأنظمة العربيّة؟ لا، ولكن هذه الصواريخ من سوريا وعبر سوريا، سوريا هذه، هذه القيادة السورية على مدى كل السنين الماضية كانت تخاطر بمصالحها، بنظامها، بوجودها من أجل أن تكون المقاومة في لبنان وأن تكون المقاومة في فلسطين قوية. فلتأتوا لي بنظام عربي جاهز لهذه المخاطرة، كل الأنظمة العربيّة تعرف ماذا يعني عند الأميركي ان تعطي سلاحاً لـ«حزب الله»، فـ«حزب الله» موضوع على لائحة المنظّمات «الإرهابيّة»، ماذا يعني أن تعطي سلاحاً لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي» في فلسطين الموضوعتين على لائحة «الإرهاب»، عندما كانت الأنظمة العربيّة تمنع الطعام والخبز وحتى المال، بعض دول الخليج، بالسعوديّة منعوا حتى جمع التبرعات لغزة، عندما كان يُمنع الطعام عن غزة كانت سوريا ترسل السلاح مع الطعام إلى غزة، وليعرف أهل غزة ذلك، وخاطرت من أجل ذلك. نعم هذه سوريا، سوريا بشار الأسد، سوريا الشهداء القادة، داوود راجحة، وآصف شوكت وحسن تركماني، هذه سوريا هي التي نصرت المقاومة في لبنان ونصرت المقاومة في فلسطين. الذين يدّعون اليوم حرصهم على اللبناني والفلسطيني والسوري، أين كانوا؟ كانوا في جبهة العدو، كانوا مع أميركا و«إسرائيل» والغرب، لماذا تتجاهلون هذه الحقائق، لماذا؟ في مثل هذا اليوم يجب أن ننطق بالحق، فليُعجب هذا الكلام من يُعجب وليشتم من يشتم، لا أحد يغّر نفسه.

أيها الإخوة والأخوات،

بالأساس هناك مشروع أميركي «إسرائيلي» اسمه «ممنوع أن تكون هناك جيوش قوية في المنطقة»، من أجل «إسرائيل» فقط، المقبول قوى أمن داخلي بلباس الجيش. ما الذي يحصل في لبنان في هذه الأيام، جيشنا قوى أمن داخلي، أمن بلباس الجيش، المقبول في دول الطوق وما حولها ومن حولها جيوش قوى أمن داخلي، ولكن إذا كان مطلوباً أن يكون هناك جيش، يجب أن يكون تسليحه وذخيرته وتدريبه وأمعاؤه موصولة بالأميركيين، لأنه حينئذٍ سيكون جيشاً لقتال كل شيء إلا لقتال «إسرائيل». هذا هو المخطط الأميركي وهذه الجيوش العربية التي ترونها، أريد أن أطرح سؤلاً، عندما دخل الأميركيون إلى العراق ماذا فعلوا؟ حلّوا الجيش العراقي، لماذا حلّوا الجيش العراقي؟ لأنهم ليس باستطاعتهم أن يديروه، لماذا؟ فالجيش يتبع أي سلطة سياسيّة، كان يمكن للجيش العراقي أن يتبع السلطة السياسية الجديدة، هذا الجيش الذي للأسف قاتل الجيش الإيراني لمدّة ثماني سنوات وغزا الكويت وهدد دول الجوار وواجه الشيعة والأكراد والسنة في العراق، مع ذلك هذا الجيش حلّوه، لماذا؟ لأنهم لا يريدون جيشاً قوياُ سلاحه وتدريبه وعقله ليس عند الأميركيين، هذا الجيش سلاحه روسي، تدريبه روسي، ذخيرته روسيّة الخ... ذهب الجيش العراقي، اليوم ماذا لدينا في العراق؟ لدينا بوليس، يحاولون تشكيل جيش ولكننا سنرى ما الذي سيحصل، المقبول في المنطقة بوليس،هم لا يعرفون كيف سيقبلون بالدولة الفلسطينية المستقلة، الذي يقبلون فيه في أحسن الأحوال هو البوليس لا يقبلون بجيش. من هو الجيش العربي الوحيد القوي من جيوش هذه المنطقة؟ جيش عربي قوي عقائدي، سلاحه وذخيرته وعقليّته وتكتيكه ليست عند الأميركيين، من بقي غير الجيش السوري. هذا حق أم باطل؟ هذا حق، هذا عين الحق. ولذلك بعد حرب تموز كان هناك عمل انه يجب تدمير هذا الجيش، كيف ما كان، نعم الذي حصل هنا، أن أميركا والغرب وأدواتهم في العالم العربي قاموا باستغلال مطالب محقّة للشعب السوري يعترف بها الرئيس الأسد بنفسه، مطالب محقّة، في الإصلاح وفي الديمقراطية والى أخره وأدخلوا سوريا الى أتون حرب منعوها من الحوار، المعارضة السوريّة وحتى الوطنية ممنوعة من الحوار، لأنه ليس المطلوب في سوريا إصلاح، المطلوب تدمير سوريا وتدمير جيشها وتدمير شعبها وتفتيتها وتمزيقها مثلما كان مطلوباً في العراق، فلولا المقاومة في العراق والصمود السياسي كان الوضع في العراق أصعب بكثير. إذا هذا الذي يجري الآن، ومن حق «إسرائيل» اليوم أن تفرح، «إسرائيل» نعم هي اليوم فرحة أن هناك أعمدة في الجيش العربي السوري اليوم تمّ استهدافها وقتلها ولذلك، أصلاً هذا هو طموحهم أن لا يبقى لسوريا جيش قوي وعقائدي، يصبح لديها لاحقاً بوليس، نحن اليوم نجدد الدعوة الى حفظ سوريا، الى حفظ شعبها الذي نحب، الى حفظ جيشها الذي نقدّر. والحل فقط هو القبول بالحوار والمسارعة إليه. نعم اليوم لقد كان لهذا الجيش، لهؤلاء القادة الشهداء فضل كبير في حركات المقاومة وفي فلسطين والمنطقة، وإننا إذ نفتقدهم نتقدّم من القيادة السوريّة ومن الجيش السوري ومن الشعب السوري ومن عائلاتهم الكريمة نتقدم منهم بمشاعر المواساة، منددين بهذا الاستهداف الذي لا يخدم إلا العدو وهؤلاء القادة الشهداء اليوم كانوا للمقاومين في أكثر من ساحة، كانوا رفاق سلاح، وإذ نعزي بهم ونبارك بشهادتهم ونحزن لمقتلهم ولرحيلهم لأنهم رفاق سلاح ورفاق درب في طريق الصراع مع العدو «الإسرائيلي» خلال عشرات السنين. ولكن نحن على كل حال نعتقد بأن هذا الجيش العربي السوري العقائدي الذي تحمّل ما لا يطاق، لديه من القدرة ومن العزم ومن الثبات ما يمكنّه من الاستمرار، ولديه من هذه القيادات المخلصة والوطنية والمجاهدة والمضحيّة الكثير الذي يمكّنه في أن يسقط كل آمال الأعداء.

حسناً هم ينوون أن يكمّلوا في سوريا، والقصة في سوريا هي كالتالي، دائماً في خطابات سابقة كنت أقول لكم عندما يحكى عن الفتنة فالفتنة يختلط بها الحق والباطل، بعض الناس يرون الباطل والآخرون يرون الحق، فلندقق جيداً، فلنرَ جيّداً، نحن الذين نصرخ في أي وادٍ ولمصلحة من؟ نحن نقاتل لمصلحة من؟ نصارع لمصلحة من؟ فلنخرج من غضبنا وعصبيتنا وانفعالاتنا ولنفكر قليلاً، ماذا يجري في سوريا؟ من المستفيد مما يجري في سوريا؟ حسناً، أمس أتت كلينتون الى المنطقة، إلى مصر ثم عند «الإسرائيليين»، هل سألت عن الشعب الفلسطيني؟ فلسطين والشعب الفلسطيني ليس لديه حساب، كل الموضوع عبرت عنه بكلمتين، ولكن كمحللين يجب أن نقف عنده، «في مرحلة انعدام اليقين» المرحلة هي مرحلة انعدام اليقين، حتى مصر الى أين هي ذاهبة؟، ماذا ستفعل؟، لا أحد يعرف، كلينتون جاءت لتطمئن «الإسرائيلي» الى الموقف المصري، ولتقول للمصريين نحن معكم وندعمكم ونساعدكم ونحن تحت طلباتكم وبخدمتكم حتى لو كنتم حكومة إسلاميّة مثلاً، ولكن المهم هو السلام مع «إسرائيل». جاءت من أجل «إسرائيل» وليس من أجل مصر ولا من أجل شعب مصر ولا من أجل فلسطين، الأميركي اليوم يبكي دماً على من يقتل في سوريا من جنرالاتها وضباطها وجنودها ومدنييها من الفريقين من الطرفين؟! أم يشربون الأنخاب على دماء الشعب السوري والجيش السوري؟ ألا يفرض هذا أن ننظر إلى الموضوع بطريقة مختلفة؟ كذلك لمّا نتوجه إلى الموضوع الإيراني، سأقول كلمتين أيضاً. هم يدركون مركزية إيران في هذا المحور ولذلك هم ذهبوا إلى استهداف إيران، وهي دائماً مستهدفة، لكن بعد 2006 .. أنا قرأت دراسات «إسرائيلية» تقول: تريدون أن تنهوا «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد» وفصائل المقاومة الفلسطينية وفصائل المقاومة اللبنانية وسوريا والكل؟ (عليكم بـ) إيران، اخلصوا من إيران تنتهون من الكل، ولذلك انتم ترون «إسرائيل»، همها وغمها خلال السنوات الماضية كلها من؟ تأتي أميركا وتبيع أسلحة بـستين مليار و70 مليار و100 مليار دولار للدول العربية، «إسرائيل» لا تحتجّ، ولكن كل التركيز على إيران، حصار إيران، ضغط على إيران، عقوبات على إيران، اغتيال العلماء النوويين، اغتيال القادة العسكريين، اغتيال نوّاب، تفجيرات للناس. مثلما عندنا في العالم العربي، عشرات الفضائيات باللغة الفارسية وظيفتها التحريض، تحريض الشعب الإيراني على النظام الإسلامي وعلى القيادة الإسلامية وعلى موقف إيران، ويقولون لهم إنه نتيجة موقف إيران من فلسطين وقضايا شعوب المنطقة فأنتم تدفعون الثمن من خبزكم ومن طعامكم ومن كهربائكم ومن مائكم ومن منحكم الجامعية، ولذلك شجعوا كثيراً أن تخرج مظاهرات من طهران، في يوم القدس العالمي الذي أراده الإمام الخميني يوماً عالمياً وليس فقط إيرانياً لدعم القدس، وأن يجرؤ البعض على المشاركة فيها وهو يقول لا غزة لا لبنان روحي فداء إيران، وهذا قيل في شوارع طهران، من بركة هذه الفضائيات الفارسية المشابهة للفضائيات العربية. أنا اليوم أحب أن أشير إلى العقوبات الأخيرة التي فرضها الأميركان على إيران، كل شيء تستطيع أميركا والغرب، كل شيء يستطيعان أن يفعلوه فعلوه، موضوع بيع النفط وموضوع البنوك، موضوع الحصار وموضوع العقوبات، ولكن إيران ـ كما قال الإمام القائد السيد الخامنئي قبل أيام ـ إيران اليوم أقوى مما كانت عليه قبل 30 عاماً، فهي تزداد قوة ولو حاصروها، تعتمد على ربها أكثر وعلى نفسها أكثر، وإيران بلد كبير وبلد غني، غني ببشره وناسه وعقوله، وغني بإمكاناته المادية. تبقى الحرب. أهلاً وسهلاً بالحرب، من الذي يريد أن يحارب؟ ولا يعرف ماذا يفعل بـ«حزب الله» ويريد أن يحارب؟ ولا يعرف كيف خرج من العراق وعمل تسوية تحت الطاولة ليخرج «ليس تحت النار»، وهذا نعرفه، كيف خرج الأميركان من العراق! هذا يريد أن يحارب؟ والذي يفتش على طالبان بأفغانستان بـ «السراج والفتيلة»، هذا يريد أن يحارب ... يهوّلون بالحرب، لكن بعد كل هذه العقود من الزمن قدرنا أن نعيش في منطقة الحرب ونكون رجالها ونساءها وصغارها وكبارها، لا مشكلة بهذا الموضوع.

يبقى غزة التي يجب أن تنتبه لنفسها جيداً، لخياراتها جيداً. بالتأكيد نحن نقدّر حراجة الموقف نتيجة تطورات المنطقة، ولكن بالنهاية أنا أوجّه للشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية كلمة صادقة مخلصة، وهم يعرفون أنني شخصياً، كما كل إخواني وأخواتي، نحن محبون للفلسطينيين ومحبون للشعب الفلسطيني ومحبون ومناصرون وداعمون ومؤيدون ونحمل معكم جزءاً من هذا العبء، أنا أقول لكم إذا عادت القضية الفلسطينية إلى أحضان النظام العربي الذي جرّبتموه 60 عاماً فقد ضاعت فلسطين إلى الأبد. اليوم هناك خيارات صعبة المطلوب أن تُتخذ، هناك محور وقف مع فلسطين ودفع ثمن الوقوف إلى جانب فلسطين، لغاية اليوم يتعرض اليوم لهجمات قاسية جداً، وأسوأ ما في هذه الهجمات هو استخدام الموضوع المذهبي، وهنا قبل أن يكون ما يجري في المنطقة يحدّد مصير الشعب السوري والشعب العراقي والشعب اللبناني والشعب الإيراني، (هو يحدد) مصير الشعب الفلسطيني، وقضية فلسطين هي أول المستهدف وأول الذي يتأثر بالنتائج..

بالوضع اللبناني كلمتان: أولاً: في مواجهة كل الأخطار والتهديدات الخارجية والداخلية عندنا في لبنان هناك نقطة إجماع وطني، أو يدّعى أن هناك إجماعاً وطنياً حول الجيش، وبالتالي حول تقوية الجيش اللبناني كمؤسسة ضامنة للسلم الأهلي ومدافعة عن البلد. بالاستراتيجيات الدفاعية كلنا نقول ذلك، إما يقولون الجيش لوحده، وإما يقولون جيش ومقاومة، الجيش عنصر مشترك، وإجماع. لكن هل هناك حقاً إجماع وطني على ذلك؟ هل هناك إرادة وطنية جامعة على ذلك؟ أنا أشك.. أيها الأخوة، الجيش قبل أن يكون دبابة وطيارة وسلاح وبندقية هو الإنسان وعقله وروحيته وإرادته، إن أكثر ما يوهن الجيش اليوم ويصيبه بالصميم هو اتهامه بالطائفية والمذهبية والاختراق من قبل جماعات هنا أو جماعات هناك، والتشكيك بوطنيته والتشكيك بحياديته بالمسائل الداخلية، مع أن الجيش أثبت وطنيته وحياديته خلال كل مرحلة، بالنهاية ضباط وقادة الجيش، الرتباء والجنود، هم أولاد هذا الشعب، عندهم عواطفهم وعندهم ميولهم وعندهم أفكارهم وعندهم آراؤهم هم «مش شغلة مقطوعة» ولكن هذا الجيش أثبت خلال كل السنوات الماضية وطنيته وحياديته وأنه يشكل ضمانة حقيقية، لكن ما يتعرض له اليوم الجيش من اتهام لقيادته، من اتهام لأجزاء منه، بالطائفية وبالمذهبية وبالاختراق وبالعمل لمصلحة هذه الجهة وتلك الجهة هو أكبر ما يهدد الجيش. برأيي من يريد جيشاً قوياً يجب أن يحمي الجيش أولاً على المستوى السياسي قبل المال، تأتي وتقول أنا أعطيه الميزانية وأتيت له بالسلاح أيضاً، ولكن هذا لا يصنع جيشاً، أما عندما نترك الجيش أمام اول حادث داخلي أو أمام أول حادث مع «إسرائيل» فستكون مصيبة. حتى في حادثة العديسة أنا أتمنى إن شاء الله إذا طرح هذا الموضوع على طاولة الحوار أن نأتي ونعرف حقيقة الأداء الرسمي في حادثة العديسة وكم حمت الدولة الجيش وغطّته. هذا للنقاش طبعاً. نعم نحن نريد جيشاً قوياً، ولكن أيها اللبنانيون، أيتها الحكومة، يا طاولة الحوار، يا كل المؤيدين للجيش اللبناني، ليكون لنا جيش قوي يجب أن تكون لنا إرادة قوية. وهذا ماذا يعني؟ يعني إذا أصبحنا في موقع من لا يخاف من السفير الأميركي ولا من الوزير الأميركي ولا من معاون الوزير الأميركي ولا من الرئيس الأميركي ولا من الجنرال الأميركي، وجاءوا إلينا ولم نخف منهم، حينئذٍ نقدر أن نشكّل جيشاً قوياً، أما إذا كان جيشنا سوف يبقى سلاحه أمريكياً وذخيرته أميركية وتدريبه أميركي ومثلما يقولوا «أمعاؤه عند الأميركاني»، فهو قوى أمن بلباس الجيش. لن تعطي أميركا هذا الجيش سلاحاً يقاتل به «إسرائيل». انتهينا. يا أخوة ليس للجيش فقط، فحتى لقوى الأمن، وكشفنا لكم وثائق، وحتى السلاح البسيط الذي يقدمونه للبنان يُجرون عليه كشفاً لمعرفة هل هذا يستخدم ضد «إسرائيل» أم لا وهو سلاح بسيط ... قصة (ادعاء الأميركيين) أننا لم نعطِ سلاحاً للجيش اللبناني حتى لا يقع في أيدي «حزب الله» هي كذب، ادعاءات واهية. ونحن لا نحتاج لسلاح من الجيش اللبناني. أعطوه. أتريدون ضمانات؟ نعطي، «نحلف أيماناً مغلّظة» أعطوا سلاحاً للجيش اللبناني ولو وجدناه في الشارع نحن لا نمد يدنا عليه ونحن في غنى عنه، لكن هذه أكاذيب، حجج واهية، لذلك لا يريدون لهذا الجيش أن يكون قوياً ولا يريدون أن يعطوا السلاح. طيب، تفضل على طاولة الحوار، فالحكومة يمكن أكتافها تحمل، والله اعلم على طاولة الحوار كلكم موجودون، واعملوا توصية للحكومة انه نعم، إيران الجمهورية الإسلامية، تقول لهم تفضلوا، أنا أريد آن أقدم لكم هبة، وأعطيكم منح وهناك أشياء أنا أبيعكم إياها بسعر الكلفة بدون خطوط حمراء وبدون تحفظات. أنا أريد أن يكون لبنان قوياً وجيش لبنان قوياً، من هو القوي بلبنان الذي يجرؤ على أن يأخذ قراراً لا أن يشتري وإنما أن يأخذ هبة من إيران. عندما يكون عندنا إرادة وطنية قوية يصبح عندنا جيش وطني قوي، أما إذا إرادتنا تخاف من كونيللي ومونيللي وبيرنز وكلينتون وكونداليزا رايس يعني (تخبزو بالافراح) ، من أين نأتي بجيش قوي؟ الدعاء وحده لا يكفي. الجيش القوي يحتاج الى إمكانات، الى سلاح، الى عتاد، الى تدريب، الى معنويات، الى غطاء سياسي، هذا هو الذي يحقق لنا جيشاً قوياً.

النقطة الثانية بالوضع الداخلي: اليوم هناك توترات داخلية في لبنان لها أسباب بعضها أسباب سياسية وبعضها أسباب معيشية وبعضها أسباب مطلبية نقابية بعضها أسباب الخ... طبعاً وسائل الإعلام الله يبارك بهم لا يقصرون، يعني بما يساعد على توتير هذه الأجواء، أنا لا أناقش بحقهم الإعلامي لكن بالنهاية هناك حق ونوع من المسؤولية الوطنية يجب ان يتحملوه بالداخل اللبناني، أنا ادعوكم وأدعو كل الحاضرين وكل المستمعين واخص بالذكر جمهور المقاومة ادعوكم الى الهدوء، ادعوكم الى الصبر، ادعوكم الى التحمل، سمعتم الكثير من الشتائم وستسمعون الكثير من الشتائم في المستقبل، ليس مشكلة، عندنا ان دماءنا وأولادنا وأرواحنا فداء لسلامة هذا البلد وكرامة هذا البلد وعزة هذا البلد واستقرار هذا البلد، وإذا بذل شيء من ماء وجهنا وكرامتنا الشخصية ليس هناك مشكلة. لا تستجيبوا لأي استفزاز، هناك من يريد استفزازكم، هناك من يريد جركم الى قتال، هناك من يستعجل الفوضى في لبنان، من يستعجل الفتنة في لبنان، كنت أقول بموضوع العراق لا يريدون ان يبقوا حجراً على حجر وبشراً مع بشر. واليوم في سوريا لا يريدون أن يبقى حجر على حجر ولا بشر مع بشر، وكذلك في لبنان، وهذا مشروعهم للمنطقة كلها، الفوضى الشاملة، الفوضى العمياء، وهناك من يريد ان يدفع لبنان الى الفوضى. نحن لسنا منهم، لا نريد ان نكون منهم ، ولذلك أدعو الى صبر شديد وتحمل شديد وانضباط شديد، ومن «يريد ان يحكي يحكي» والذي «يريد ان يشتم يشتم» والذي «يريد ان يكذب يكذب» والذي «يريد ان يدعي يدعي»، وما أكثر من الادعاءات مدفوعة الثمن، وهذا الأمر ليس فقط بما يخص الموضوع السني الشيعي، مسلمين مسيحيين، داخل المسلمين، داخل المسيحيين، داخل الشيعة، داخل السنة، داخل الدروز، داخل كل طائفة. نعم هناك من يعمل على تفتيت مجتمعنا، صراعات عائلية، صراعات عشائرية، صراعات مناطقية، صراعات حزبية، وصراعات مذهبية، وصراعات طائفية. «وإيدهم ما تعطي». هم الآن يعملون على هذا، وهذا ليس كله بالصدفة، وليس لأن الناس تعاني من الحر والكهرباء مقطوعة وليس فقط لأن الناس محتاجة، فهذه أسباب مساعدة، ولكن لماذا كل البلد «فايع»؟ لأن هناك من يقوم بدفع المال والإعلام والتحريض، وهناك إدارة لهذا الأمر، ولذلك نحن لا نريد ان نكون جزءاً من هذا. نلتزم صمت الأقوياء، سكوت الشرفاء، وليس صمت الضعفاء، والكل يعرف أننا لسنا ضعافاً، ولكن نحن نقدم هذه المصلحة الوطنية، خصوصاً في الموضوع الشيعي السني، وأؤكد أكثر. أنا كنت أفضل أن لا أتحدث عن هذا الموضوع، ولكن عندما شاهدت على فضائيات في مصر، تحدث أناس في مجلس الشعب، تحدثوا فيه، وبالسودان أيضاً في صلوات الجمعة، وببعض دول الخليج وأنا لست مضطراً للكلام فيه، وان خطباء رجال دين او سياسيين يتحدثون ويُظهرون لعبة ويطلقون اللعبة ويقولون للناس للمصلين انظروا. أولاً هو يفتري بقوله أن هذه الشيعة صنعوها والشيعة يبيعونها ويقدمونها لأطفالهم. وهذه تقول اقتلوا السيدة عائشة، لو كان الكلام في لبنان فقط لكنا تجاوزناه، لكن في مصر، في السودان، في دول الخليج، على الانترنت... بُني على الموضوع قصة طويلة عريضة. أولاً، الصوت الذي يصدر باللغة الانكليزية لا يقول هذا. ثانياً لو كان يقول هذا، من قال إن هذا من صنع الشيعة، من قال إن هذا يبيعه الشيعة. أنا في اليوم الذي استمعت إلى الموضوع في الضاحية، قالوا في الضاحية، قلت للشباب فتشوا هل هناك أحد يبيع مثل هذه الأمور؟ لم نجد حتى لعبة واحدة، لأنه بالأصل لا يوجد. ومع ذلك ينتشر الخبر: انظروا الشيعة ماذا يفعلون؟؟ هذا يكشف لـ«الإسرائيلي» والأميركي كم نحن، كمسلمين، يمكن أن نخدع، ويمكن أن نحرّض، ويمكن أن نتوه، ويمكن أن نضيع. الآن، ماذا يمنع الصناعات «الإسرائيلية» أو الشركات الغربية أن تقوم بتصنيع بنادق أطفال وتقول «عن جد»: اقتلوا السيدة عائشة، أو اقتلوا الخليفة أبا بكر، أو اقتلوا الخليفة علي، أو اقتلوا الصحابي فلان، ونحن قليلو العقل ـ الشيعة والسنة ـ نتنازع فيما بيننا. نحن لا نقول هذا لـ«الإسرائيلي»، نحن نقول له نحن أناس بلا عقل، نحن عقولنا ضعيفة لا تحتاج أن تعد مخططات معقدة لصنع فتنة بين المسلمين، بلعبة أطفال تصنع فتنة بين المسلمين! ولذلك نحن مدعوون جميعاً لمزيد من الوعي والانتباه والحذر. وهنا، أدعو إلى ميثاق شرف، أتمنى أن يحصل في لبنان. اليوم، الخطاب الطائفي والمذهبي «فلتان»، إذا شخص تحدث من طائفة ثم رد عليه شخص من طائفة ثانية «علقت». ميثاق الشرف يقول: أبدأ من الشيعي، «إذا بيطلع واحد شيعي»، عالم دين، أو سياسي، أو مثقف، أو صحفي أو غير ذلك ويقول كلاماً مسيئاً لأتباع أي دين أو مذهب، نحن الشيعة، علماء الشيعة، أحزاب الشيعة، نخب الشيعة، أناس الشيعة، نحن نقف بوجهه ونسكته. وكذلك إذا فعل ذلك أحد من السنة يقف السنة في وجهه، وإذا فعل أحد من الدروز يقف الدروز في وجهه، وإذا فعل أحد من المسيحيين يقف المسيحيون في وجهه. هل نستطيع أن نضع هكذا ميثاق شرف؟ (إذا استطعنا) نحمي البلد، وبالتأكيد إخوتنا في «حركة أمل» وفي المجلس الشيعي والسادة العلماء والأطراف كلها والوضع الشيعي يقبل بهذا. نحن أول أناس نقترح هذا ونلتزم به. طبعاً أنا أتحدث عن شيعة لبنان. قد يخرج شخص ما في لندن من الذين تديرهم المخابرات البريطانية الذين هم أصدقاؤكم ليس لي علاقة به. في لبنان، أي أحد من شيعة لبنان، وسيلة إعلام، مقال، صحافي، تلفزيون، خطاب، منبر، مسجد، أي شيعي يسيء إلى مقدسات الأديان الأخرى وأتباع الأديان الأخرى ويحرّض طائفياً أو مذهبياً نحن الشيعة يجب أن نسكته، وكذلك يجب أن يفعل السنة والدروز والمسيحيين إذا أردنا أن نحمي بلدنا، أما إذا أردنا أن نترك بلدنا كما هي متروكة الناس كلنا سوف يحمل المسؤولية في الدنيا والآخرة.

ثالثاً ضمن الأكثرية الحالية، تحصل خلافات والبعض يرى في هذه الخلافات الجانب السيئ. فيها جانب سيء ولكن فيها جانب إيجابي وطيب، بالنسبة لنا في الحد الأدنى، وهو التأكيد بأن هذه الحكومة ائتلافية، ليست حكومة شمولية، وليست حكومة «حزب الله». نعم فريق (14 آذار) منذ اليوم الأول قال إنها حكومة «حزب الله» وهو يعلم أنها ليست حكومة «حزب الله»، من أجل أن يحمل «حزب الله» كل التبعات، وأي تبعات!؟ فريق (14 آذار) يعرف الديون المتراكمة على البلد والذي كان هو الأساس في تركيبها. يعرف الفساد في البلد الذين كانوا هم الأساس في صنعه، يعرف الإرث الثقيل والسيئ المتروك لأي حكومة، حكومة الرئيس ميقاتي أو أي حكومة. ومن أول الدرب يعرف أن ليس هناك مال وإنما هناك ديون ومشاكل، وبالتالي هذه الحكومة ستواجه مشكلات ولن تستطيع أن تحل الكثير من المشكلات. إذاً منذ اليوم الأول، (زعموا أن) هذه حكومة «حزب الله» حتى يحمّلوا «حزب الله» كل التبعات. نحن نقبل بذلك. نحن نوافق أن نحمل كل التبعات وتبقى هذه الحكومة من أجل أن يبقى لبنان مستقراً، من أجل أن يبقى لبنان في خيار النأي بالنفس الذي مارسته الدولة والذي هو مصلحة للبنان، يمكن أن يكون رأينا شيء آخر، لكن هذا مصلحة. طبعاً بين هلالين، ستجدون هنا من يطالب، مثلاً بنزع سلاح المقاومة ضد «إسرائيل» ويسلح المعارضين ضد سوريا! من يطالب بالحياد في الصراع مع «إسرائيل» ويدخل طرفاً في الصراع ضد سوريا، أبقوا هذا بين هلالين. هذه الحكومة حكومة ائتلافية مثل أي حكومة ائتلافية في العالم، فيها تكتلات وقناعات وآراء وتتفق وتختلف بين بعضها البعض، لكن الأصل هو أن نحل خلافاتنا ومشاكلنا بالحوار وبالنقاش القريب. نحن في «حزب الله» ملتزمون ونلتزم، أن أي خلاف مع أي مكون من مكونات الحكومة الحالية، وأي خلاف مع أي من حلفائنا، نحن لا نبرزه إلى العلن ، لا نوجه ملاحظاتنا في العلن، لا نذكر انتقاداتنا في العلن، لا نجيب على انتقادات حليفنا في العلن وإنما نفضّل أن نتحاور طالما نحن شركاء وحلفاء. هكذا تعلمنا، هذه هي منهجيتنا، ولذلك فيما جرى ويجري حتى الآن مع كل الحلفاء وبين كل الحلفاء، نحن نؤكد على علاقتنا الإستراتيجية والطيبة والحميمة والصادقة مع كل حلفائنا ونخص بالذكر (التيار الوطني الحر)، لماذا نخص بالذكر؟ لأنه خلال الأسبوعين الماضيين بعض الشامتين أخذوا يشتغلون بنا ، يعني بـ«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بالتحديد. نحن صامتون كل الوقت، ولأول مرة خذوا مني هاتين الجملتين: نحن في «حزب الله» نؤكد على احترامنا وتقديرنا وعلاقتنا الاستراتيجية مع شخص العماد ميشال عون ومع الرفاق في «التيار الوطني الحر»، مع كل كوادره وأفراده وتياره وأناسه وجمهوره، ونؤكد على أن هذا التحالف هو تحالف استراتيجي وأن ما بيننا وما صنع بيننا خلال ست سنوات في الأيام الصعبة والشديدة الصعوبة وفي مواجهات تحديات داخلية وخارجية لا يمن أن يفكه خلاف أو فرضية خلاف على قضية مطلبية أو حياتية أو سياسية أو إدارية. الحلفاء يختلفون، عندنا نقول حلفاء، يعني حزبين، يعني لم يصبح «حزب الله» «تيار وطني حر» ولم يصبح «التيار» «حزب الله» كما يتهمون العماد عون. العماد عون هو العماد عون، «التيار الوطني» هو «التيار الوطني»، «حزب الله» هو «حزب الله»، وهكذا أي حركة أو حزب في هذه الأكثرية، ولم يصبح أحدنا تابعاً للآخر وملغياً من أجل الآخر. كل واحد لديه قناعته وأفكاره وآرائه، ما نتفق عليه نعمل له سوياً، وما نختلف عليه نتحاور ونحاول أن نخرج الخلاف، هذه هي العلاقة الصحيحة بين حلفاء. لا يتوقع أحد أن يكون «التيار» تابعاً لـ«حزب الله» وكذلك أقول لقواعد «التيار» لا تتوقعوا أن «حزب الله» أصبح تابعاً لـ«التيار». هناك «تيار وطني حر» له كيانه وقيادته وخطه ونهجه وحضوره، وهناك «حزب الله» كذلك، وبيننا تفاهم وتحالف.

ومن جهتنا أنا وإخواني ننظر إلى موقف العماد عون و«التيار الوطني الحر»، لأنه هو موضوع النقاش هذه الأيام، وكذلك كل حلفائنا في القوى الوطنية والإسلامية في لبنان، ننظر إلى موقفهم في حرب تموز على أنه موقف أخلاقي وإنساني بالدرجة الأولى خارج حسابات السياسة وخارج حسابات الربح والخسارة، وهذه هي الحقيقة، ونقيم علاقتنا مع الجميع على هذا الأساس. نحن نأمل إن شاء الله أن تتمكن أطراف الأكثرية الحالية من الحوار والنقاش والتفاهم وعدم السماح ببعض الأزمات أو المشاكل أن نذهب فيها بعيداً، لأن هذا لا يخدم لبنان ولا شعب لبنان ولا مصلحة لبنان على الإطلاق.

في هذا اليوم العظيم نجدد التحية لأرواح الشهداء، لكل الشهداء القادة، لكل الشهداء الذين مضوا على هذا الطريق، ونجدد التحية لإمام المقاومة ولإمام الشهداء الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير ورفيقيه. نجدد التحية لكل المقاومين والمجاهدين والشرفاء في فصائل المقاومة كلها، نجدد التحية لضباط وجنود وقيادة الجيش اللبناني التي وقفت صامدة في هذه الحرب، لكل القوى السياسية، لكل الأحزاب، لكل من وقف وساند وأيّد ودعم، لكل فرد من شعبنا الصامد والصابر الذي ضحى والذي هُجر والذي استقبل مهجرين، أشكر الجميع، كل من وقف وكل من شارك وكل من صنع هذه الملحمة وهذه المعجزة وأقول لهم : ما صنعتموه سيبقى خالداً في لبنان، في الأمة في التاريخ وإلى قيام الساعة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2178889

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار عربية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178889 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40