السبت 21 تموز (يوليو) 2012

عرض كتاب | «تأمين العالم لأجل الرأسمالية: كيف هدّد العراق الإمبراطورية الاقتصادية الأمريكية؟ وكان لابد من تدميره»

السبت 21 تموز (يوليو) 2012

عن دار النشر البريطانية «بلوتو برس» صدر كتاب «تأمين العالم لأجل الرأسمالية: كيف هدّد العراق الإمبراطوريّة الاقتصاديّة الأمريكيّة .. وكان لابد من تدميره» للمؤلف كريستوفر دوران في 288 صفحة من القطع المتوسط 2012.

يقدّم هذا الكتاب رؤية مختلفة وجديدة، بعيدة عن الآراء التقليدية للحرب الأمريكية على العراق، والتي ألقت بظلالها على السياسة العالمية، ويستعرض بعمق الحوافز التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى غزوه، خاصة عندما أصبح العراق يشكل تهديداً كبيراً على الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، ويبين أنّ كل ما صرحت به الولايات المتحدة في نشر الديمقراطية ووجود أسلحة الدمار الشامل كانت مبررات ظاهرية، في حين أن السبب الرئيسي من غير شك هو النفط العراقي.

ويوضّح أن التدخلات الأمريكية في أي بلد في العالم، سواء بشكل مباشر أو بدعم الانقلابات، يقوم على الأسباب نفسها التي دفعتهم إلى غزو العراق، ويؤكد أن الولايات المتحدة لم تتردد في يوم من الأيام في اتخاذ إجراء يسهّل إيجاد أسواق أو ضمان وصول شركاتها إلى الأسواق منذ سنوات الثمانينات بعد أن أقرّت المحكمة العليا الأمريكية بقانون اعتبرت فيه الشركات كالأفراد في الحقوق.

يستعرض الكتاب شكل الهيمنة النيوليبرالية بقيادة أمريكية التي يجدها مرعبة ومؤذية، وتؤدي إلى المزيد من الحروب وسفك الدماء، وكانت حرب العراق أسوأها، ويقف على الممارسات البشعة التي قامت بها القوات الأمريكية في العراق، حيث الاستخدام المفرط للعنف والتعذيب.

المؤلف ناشط حقوقي، وتركز أبحاثه على العلاقة بين القطاع المؤسساتي والديمقراطية، وبشكل خاص التأثير القانوني غير الديمقراطي والخطر لقطاع المؤسسات في التأثير في صناعة القرار السياسي، يحاضر في جامعة «بلومينغتون»، الهند.

[marron]احتلال العراق رسالة قوية إلى أي دولة تهدد مصالح واشنطن[/marron]

يشير الكاتب في مقدمته إلى أن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لم يكن صادقاً في كلامه في إبريل/نيسان 1917، عندما أخبر الشعب الأمريكي أنه على الولايات المتحدة دخول الحرب العالمية الأولى، لجعل العالم آمناً للممارسات الديمقراطية. فرغبة ويلسون في دخول الحرب كانت، بشكل كبير، لأجل حماية استثمارات الشركات الأمريكية في فرنسا وبريطانيا، ولتضمن أن المصارف سوف تستعيد أموالها من تلك البلدان. بالتالي لم تكن الحرب لجعل العالم آمناً للديمقراطية، بل جعله آمناً لأجل الرأسمالية بشكلها الأخطبوطي.

وامتداداً لكلام ويلسون، وبعد 86 عاماً من الحرب العالمية الأولى، شنّت الولايات المتحدة حرباً على العراق في 2003، كي تحقق الأمن لأجل الرأسمالية، وبحسب الكاتب فإن هذه الحرب لا تختلف عن الحرب العالمية الأولى في التعامل السياسي الرسمي مع الشعب الأمريكي، حيث كان على الرئيس الأمريكي أن يقدم أسباباً مزيفة وواهية لا تعبر عن وجه الحقيقة لشن بلاده الحرب على العراق. ويرى أن الأجندة الأمريكية استمرت تحت إدارة أوباما، على الرغم من أن هذه الإدارة انتخبت على أساس الوعد بإجراء التغيير في هذه الأجندة المتعلقة بالحرب على الإرهاب والغزو الأمريكي للعراق، ولكنها استمرت في سياساتها الخارجية تحت مسمى محاربة الإرهاب. ويجد أن العراق سوف يستمر في البقاء دولة تابعة للولايات المتحدة بغض النظر عمّن يحكم في البيت الأبيض، وليس هناك من بوادر في تغير هذه السياسات.

يشير الكاتب إلى أن الحافز للغزو على العراق بقيادة أمريكية في مارس/آذار 2003، ثم الاحتلال اللاحق له كان لإزالة التهديدات التي تشكلت بعد عقوبات الأمم المتحدة على العراق، والتي وقفت في وجه الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. وهي امتداد وحماية لسياسات الليبرالية الجديدة، التي قادتها الحكومات الأمريكية والبريطانية والأسترالية على مدى العقود الثلاث الفائتة.

يذكر الكاتب أن أيديولوجية الليبرالية الجديدة تؤكد على حق الفرد في أن يكون متحرراً من التدخل الحكومي. ولأن الشركات حصلت على اعتراف قانوني من المحكمة العليا الأمريكية في أن يتم معاملتها على أنها كالأفراد، وبالتالي تكون حقوق هؤلاء «الأفراد» محمية بلائحة حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وبموجب بنود القانون العام في كل من أستراليا وبريطانيا، التي أعطت «الأفراد» سلطة كبيرة وفوائد عن طريق السياسات الليبرالية الجديدة. ويجد أن فهم هذا الارتباط هو المفتاح الرئيس لفهم الدافع الأمريكي ليس فقط في غزو العراق، بل في عدد من الأزمات السياسية الحاسمة، مثل: الرعاية الصحية على المستوى الوطني، وتغيّر المناخ، والحماية البيئية.

يؤكّد الكاتب أن غزو العراق في 2003 لم يكن بداية الحرب، بل استمرار الحرب على العراق منذ اجتياحه الكويت في 1990، ومنذ أن مرّر مجلس الأمن تحت قيادة أمريكية مسودة قرار تحمل رقم 687 التي بموجبها تم فرض عقوبات اقتصادية على العراق. وعلى الرغم من أن الولايات الأمريكية وحلفاءها دفعوا بالعراق خارج الكويت، إلا أن العقوبات بقيت كما هي لمدة ثلاثة عشر عاماً، وهذه العقوبات المفروضة كانت بشكل رسمي لضمان عدم قيام العراق ببرامج لتطوير أسلحة الدمار الشامل، لكن كانت في الحقيقة لإزالة صدام حسين من السلطة والتخلص من العوائق الأساسية لمصالحها الاقتصادية، إضافة إلى فتح فرص جديدة للأسواق الليبرالية الجديدة، وذلك بفرض السيطرة على العراق. ولكن فشلت العقوبات في تحقيق الهدف المرجو منه، وذلك نتيجة للضغط الدولي المرتبط بالجانب الإنساني، وهذا بالتالي دفع الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاءهما إلى الخطوة التالية وهي تحدّي النظام والقضاء عليه.

[marron]الغزو لأجل الاقتصاد[/marron]

يعالج الكاتب في عدد من الفصول المسائل الاقتصادية المرتبطة بأهداف الحروب الأمريكية والأزمات السياسية، ويوضح كيف أن قوة الاقتصاد الأمريكي كانت تحت التهديد المباشر في عام 2000 عند اتخاذ العراق قراراً بتغيير قبول التعامل بالدولار لمبيعاته من النفط إلى اليورو فقط. وحتى ذلك الوقت كانت كل المبيعات تتم بالدولار على نحو حصري، والتي كانت عاملاً أساسياً في دعم دور الهيمنة الأمريكية في الاقتصاد العالمي منذ تأسيس النظام المالي العالمي الجديد «بريتون وودز» في عام 1944. ويشير هنا إلى أنه إذا ما انتقلت دول «الشرق الأوسط» المنتجة للنفط من التعامل بالدولار إلى اليورو، فإن التريليونات سوف تؤخذ من الاقتصاد الأمريكي. كما أن البلدان سوف تضطر إلى الانتقال من التعامل بالدولار في الاحتياطي للدفع من أجل النفط، وذلك لجعل اليورو في متناول اليد.

ويرى الكاتب أن غزو العراق عام 2003 ليس المثال الوحيد، بل المهم خلال مئة سنة من المحاولات البريطانية والأمريكية لإخضاع العراق، كي يصبح نفطه تحت سيطرة السوق، كما يعالج الكاتب أيضاً التأسيس الإمبريالي البريطاني لما بعد الحرب العالمية الأولى والسيطرة اللاحقة على العراق. ويستعرض فترة الاستقلال العراقي والدعم الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية للانقلابات في إيران والعراق. وبشكل خاص يقف على الدعم الأمريكي لصدام حسين خلال الحرب العراقية - الإيرانية في سنوات الثمانينات من القرن المنصرم، ومن ضمنها المساعدة على تطوير البنية التحتية للأسلحة الكيميائية.

يشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة كانت بعيدة عن أية مشاركة في الاقتصاد العراقي عندما رفعت العقوبات عنها. ذلك أن نظام صدام حسين وقّع عقوداً كبيرة بعد العقوبات مع الشركات الأوروبية والروسية لتطوير مصادر النفط، وفرض منعاً مباشراً على الشركات الأمريكية. وهذا يبين أن الولايات المتحدة لم يكن لها أي دور يذكر، ناهيك عن دور مسيطر في ما يتعلق بثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم. ولا شك في أن الوصول إلى الأسواق هي عقيدة أساسية للسوق الحرة وإيديولوجية الليبرالية الجديدة وسياستها.

واقتبسنا جزءاً من مقالة أشار إليها الكاتب من «صحيفة وول ستريت» في عام 1995، التي تقول: «حصلت الشركات الأوروبية على أفضل العقود، والشركات التي تفوز بحقوق تطوير حقول النفط العراقية يمكن أن تسير على الطريق لتصبح من أكثر الشركات المتعددة للجنسيات ذات النفوذ في القرن المقبل»، وجدير بالذكر أن العراق بعد العقوبات أزال أي وصول محتمل للشركات الأمريكية إلى الأسواق العراقية سواء في قطاع الزراعة أو الإلكترونيات أو السيارات أو التصنيع وغيرها.

وعلى مدى تسع سنوات بعد الغزو الأمريكي على العراق، يبقى التحكم الفعلي بنفط العراق رهن المراوغة، نتيجة المقاومة المستمرة وسلطة الحكومة المركزية المثيرة للشك. ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة تتحكم بشكل فعلي بالحكومة العراقية، ويعتقد أن هذا التحكم سوف يستمر بغض النظر عن القوات بفضل ضمان ارتباط العراق بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. حتى لو أن العراق يدخل في حرب أهلية شاملة، ويتوقف عن ضخ النفط، سوف يعني ذلك أنه ما من دولة أو شركات تابعة لأية دولة يمكن أن تفرض تحكمها أيضاً.

كما يبين الكاتب أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وضعت الإطار المؤسساتي في العراق لضمان أن مستقبل العراق الاقتصادي سوف يكون مرتبطاً بمنظمة التجارة العالمية وببرامج التعديل الهيكلي النيوليبرالي لصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، كما أن بول بريمر رئيس سلطة الائتلاف المؤقت في العراق كان قد كشف عن النوايا الأمريكية منذ البداية من خلال قوله: «إنها عملية ترميم اقتصادية واسعة النطاق، ونحن ماضون في إقامة اقتصاد السوق الاقتصادية الحرة بشكل حقيقي للمرة الأولى في العالم العربي».

[marron]هل كانت حرب العراق كارثة لأمريكا؟[/marron]

على خلاف الآراء المنتشرة التي تجد أن حرب العراق شكّل كارثة بالنسبة للولايات المتحدة، ورغم تشوّه صورتها السياسة جراء ممارساتها، إلا أننا نقرأ في هذا الكتاب أن الغزو الأمريكي للعراق في 2003 والاحتلال اللاحق كان «نجاحاً» بالنسبة للأمريكيين. وذلك ليس على مستوى أن الولايات المتحدة نجحت في القضاء على التهديدات المحتملة لهيمنتها العالمية، بل نجحت في بسطها أكثر على المدى الطويل. فبرأي الكاتب بعثت الولايات المتحدة برسالة قوية على نحو واضح إلى البلدان الأخرى التي يمكن أن تشكل تهديداً مستقبلياً على مصالحها الاقتصادية في المنطقة عندما قامت بغزو على العراق، ودعمت الانقلاب غير الناجح على فنزويلا عام 2002 لإطاحة هوغو تشافيز، الذي ينتقد بشدّة السياسة الخارجية الأمريكية وسياساتها الاقتصادية النيوليبرالية، كما أن إدارة أوباما وحلفاءها الفرنسيين والبريطانيين بعثوا رسالة واضحة أيضاً من خلال إطلاق الضربات الجوية على نظام القذافي في دعمهم الذي أثار الشك في الانتفاضات العربية في 2011.

ويرى الكاتب أن أي اعتراف بالنجاح الأمريكي وقوات التحالف في ما يتعلق بالعراق يجب أن يوضع في سياق التكاليف الهائلة للولايات المتحدة في ما يتعلق بالنفقات المالية. وتقدر مجموعة دراسات إيزنهاور في جامعة براون أن تكاليف حربي العراق وأفغانستان تراوحت ما بين 7 .3 حتى 4 .4 تريليون دولار، لكن التكاليف الأكبر كانت في حرب العراق.

وهذه التكلفة الكبيرة على حرب العراق جاءت بناء على خمسة حوافز أدت إلى فرض السيطرة العسكرية وهي:

أولاً: القضاء على أي تهديد يفرضه العراق ما بعد العقوبات على استقرار المصالح الأمريكية في المنطقة.

ثانياً: إزالة المنع العراقي للشركات الأمريكية بخصوص تطوير النفط العراقي أو أي أسواق أخرى مع انتهاء العقوبات عليها.

ثالثاً: إزالة اليورو كعملة الدفع لأجل النفط بالنسبة للعراق واستعادة التعامل مع الدولار التي تشكل عملة النفط العالمية التي لا تتحداها أي عملة أخرى.

رابعاً: استغلال الفرصة لإقامة سوق حرة ونيوليبرالية وجعل العراق دولة تابعة لأمريكا.

خامساً: استغلال فرصة توسيع اختراق الرأسمال العالمي بشكل كبير في الأسواق المغلقة في «الشرق الأوسط» عبر منطقة التجارة الحرة لـ«الشرق الأوسط» والولايات المتحدة.

ويرى الكاتب أن الجهود الأمريكية سوف تركز على ضمان امتلاك العراق قدرة البنية التحتية المادية، والأمنية، والإدارية، والقانونية لتمكين مستوى عال من إنتاج النفط. وبرأيه هذه مهمة شاقة، خاصة في ظل الفساد المتجذر الذي خلفه الغزو على العراق، وكذلك المقاومة الشعبية العنيفة على بيع النفط العراقي، فضلاً عن البنية التحتية المخرّبة للمنشآت النفطية في العراق. ويرى أنه مع ربط العراق بالمؤسسات المالية الدولية: (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية)، ومع وجود نظام منتخب يضمن أن أي حكومة منتخبة سوف تعتمد على الدعم والمساعدة الأمريكية في حكمها، سوف يبقى التأثير الأمريكي قوياً بغض النظر عن انسحاب القوات بشكل فعلي.

[marron]الفشل الأمريكي في العراق[/marron]

يرى الكاتب أنه لابد من التأكيد على أن أي «نجاح» للولايات المتحدة في العراق رافقه فشل، وهذا «النجاح» أيضاً انحصر في تعريفات محددة للهيمنة الأمريكية والليبرالية الجديدة. ويجد أن هذا «النجاح» يجب أن يوضع في عدم شرعية الغزو نفسه، ولا شرعية أوامر بول بريمر الاقتصادية، وعقود النفط، وفضائح التعذيب في سجن أبو غريب وغوانتانامو، فضلاً عن العنف المستمر الذي نتج عنه مقتل 2 .1 مليون شخص بشكل مباشر بسبب الغزو، إضافة إلى نزوح ما يقارب خمسة ملايين عراقي. ويؤكد الكاتب أن العنف والتعذيب كانا من أهم ما تميز به الأمريكيون في العراق، على عكس ما ادعوه في دفع البلاد إلى الديمقراطية وحكم القانون.

ويجد أنه بالنسبة إلى حرب كان من المفترض أنها توقف ممارسات صدام حسين الاستبدادية تجاه شعب العراق، إلا أن الولايات المتحدة أضافت عمليات وخطط عسكرية وممارسات لا تقل استبداداً عن أي حكم أو احتلال جائر مثل «الصدمة والرعب»، أبو غريب، وخليج غوانتانامو، والفلوجة إلى قائمة الكلمات المرادفة للرعب والقمع. وكما كان لصدام حسين ضحايا عراقيون، كان للأمريكيين أيضاً ضحايا عراقيون تعرضوا للتعذيب والقتل، وكانت غالبيتهم براء من التهم والجرائم الموجهة لهم. ويعتبر الكاتب ما قامت به القوات الأمريكية في العراق أمراً مخجلاً للغاية.

وعلى الرغم من الجهود الأمريكية المرعبة لكسر شوكة العراقيين وإجبارهم على الرضوخ وقبول مصيرهم كدولة تابعة قائمة على سياسات الليبرالية الجديدة، إلا أنها باءت بالفشل بشكل بائس. ولاشك في أن المعارضة المستمرة للنفوذ الأمريكي سوف تستمر، إضافة إلى أن حراك المجتمع المدني أوقف قانون النفط، وأجبر القوات الأمريكية على الانسحاب. وبالتالي، في الوقت الذي أصبحت الليبرالية الجديدة ذات سمعة سيئة وتتعرّض للتحدي، فإن الرأسمالية الأمريكية نجحت في ضمان مرحلة جديدة من الغزو. ويذكر أن تكاليف الحروب الأمريكية كانت باهظة، وأن التريليونات التي صرفت على الحروب وخطط الإنقاذ لحماية هيمنتها النيوليبرالية سوف تقود على الأرجح إلى انهيار أمريكا وانحدارها.

[marron]الإعلام في خدمة الليبرالية الجديدة[/marron]

يشير الكاتب إلى أنه من المثير للاهتمام أن نسأل عدداً من الأسئلة حول الليبرالية الجديدة من قبيل: ما الأسباب التي سمحت باستمرار الليبرالية الجديدة؟ وثم بعيداً عن جواب الانقلابات الواضح، والغزوات العسكرية، وديون الأسلحة، كيف امتلكت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون القدرة على الاستمرار في تبرير هذه السياسات لشعوبهم؟ وكيف استطاعت تبرير غزو العراق في الوقت الذي لم يكن هناك أي دليل موجود حينها على نحو عملي؟

في إجابة عن هذه الأسئلة، يشير الكاتب إلى أن صعود اليمين، دفع إلى التركيز على المنافذ الإعلامية، وخاصة شبكة «فوكس نيوز»، التي أصبحت صوتاً إعلامياً قوياً لتبرير سياسات الليبرالية الجديدة، على الصعيدين المحلي والدولي، ويرى أن الإعلام لم يقم بأي جهد يذكر في تحدّي أكاذيب إدارة بوش حول العراق. كما تم تشويه صور القادة الذين عارضوا بشكل صريح السياسات الأمريكية مثل هوغو تشافيز، حيث تمت الإشارة إليه في كثير من الأحيان على أنه دكتاتور، على الرغم من أنه انتخب بشكل ديمقراطي، كما يركز الإعلام الأمريكي على فشل السياسات الاقتصادية في بلدان العالم الثالث ويؤكد على الدوام عدم كفاءة الإدارة.

ويتعدى الأمر إلى المؤسسات الإعلامية الكبيرة أيضاً مثل الصحف والمجلات ومحطات التلفزة والإذاعة، التي تجني عائدات كبيرة لمساهميها، ولذلك من مصلحتها الإبقاء على الوضع القائم ودعم السياسات النيوليبرالية. وهذا بالمقابل أدى إلى تضافر القوة الإعلامية المستفيدة من الوضع الراهن، لتصبح سلاحاً دعائياً لحكومة أمريكية محكومة بالشركات.

[marron]إلى أين تمضي الرأسمالية؟[/marron]

خلال فصول الكتاب نلاحظ أن الكاتب يشير إلى أن الرأسمالية تقوم بدور يتجاوز استنزاف الشعوب والسطو على خيراتها إلى تشكيل أزمة حقيقية تهدّد الدول الرأسمالية نفسها، ومن خلال غزو العراق، قامت الولايات المتحدة باستعراضها الحل العسكري لضمان استمرارية هذا النظام الرأسمالي. وعند اتخاذ الإجراءات لإنقاذ المؤسسات ذاتها، التي خلقت الأزمة المالية بعد سنوات قصيرة، أظهرت الولايات المتحدة بوضوح أنها لن تدخر جهداً في ضمان استمرارية نظام حوّل بوضوح تام جداً ثروة هائلة من جيوب الطبقة العاملة والوسطى إلى جيوب أغنى الأغنياء. وهؤلاء الذين فقدوا وظائفهم وبيوتهم خلال الأزمة كنتيجة للأزمة المالية الأخيرة لن يتم إنقاذهم، حتى إن الحكومة الأمريكية لم تفعل شيئاً يذكر لخلق ظروف تخفف من معاناتهم . ويشير إلى أن البنوك والشركات الكبيرة تم إنقاذها بتريليونات الدولارات من المال العام، وتعلن الآن عن أرباح كبيرة، وهي نفسها التي يقودها حزب الشاي تطالب بالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.

رغم كل هذا، يجد جزء كبير من الأمريكيين أن هذه السياسات نموذج مقبول، يمكن أن يعمم على بقية العالم. ويجد أن الكثير من الأمريكيين يعيشون في خداع كبير ووهم أن الولايات المتحدة تحارب لأجل إشاعة الديمقراطية وإحلال السلام والحرية في البلدان التي تغزوها، في حين ليس هناك من سبب آخر غير الحفاظ على هيمنتها الاقتصادية وتوسيعها.

ويؤكد الكاتب أنه على الرغم مما نراه من دور لآلة الدعاية الرأسمالية، إلا أن العالم يقاوم السياسات الاقتصادية لليبرالية الجديدة، ويرى أن المقاومة العراقية، والانتفاضات في «الشرق الأوسط»، ومقاطعة دول أمريكا الجنوبية للمؤسسات المالية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكذلك الاحتجاجات في أوروبا، ما هي إلا أمثلة قوية على الوقوف في وجه مثل هذه السياسات. ويجد أن هذه الاحتجاجات والمقاومة من قبل الشعوب تحتقر في صميمها أجندة سياسات الليبرالية الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة، التي كانت تشكّل «علامة التعجب» في غزو العراق واحتلاله. في نهاية الكتاب يجد الكاتب أن إزالة الشركات من العملية الديمقراطية ليس أمراً مهماً فقط، بل هو ضرورة حتمية. ويجد لزاماً على الشعب الأمريكي أن يعي الدور المرعب والمدمّر الذي تقوم به الرأسمالية النيوليبرالية، ولابد له ألا يسمح لها بالانتعاش والتغلغل أكثر من ذلك.

[marron]-[/marron] [bleu]المصدر : جريدة «الخليج» الإماراتية | تأليف: كريستوفر دوران /عرض: عبدالله ميزر.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2178433

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178433 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40