السبت 14 تموز (يوليو) 2012

«إسرائيل» وحرب جديدة

السبت 14 تموز (يوليو) 2012 par أمجد عرار

لا يمكن اعتبار نصب «إسرائيل» بطارية مضادة للصواريخ على الحدود مع مصر إجراء عسكرياً، إلا إذا أتبعته بإجراءات أخرى كمية أو نوعية أو كلتيهما، ذلك أن الحديث حين يتعلّق بمصر لا يجعل من بطارية مضادة ذات شأن. إذاً، الأصح أن في الأمر رسالة ذات مغزى إلى مصر الجديدة، وبخاصة عندما يأتي نصب البطارية على الحدود المصرية في ذروة حملة متصاعدة في الخطاب السياسي والإعلامي «الإسرائيلي» محورها الزعم بفقدان الأمن المصري سيطرته على سيناء، والمزاعم المتكررة عن إطلاق صواريخ من شبه الجزيرة، الأمر الذي لا دليل عليه ويواجه بنفي من جانب مصر والفصائل الفلسطينية على حد سواء.

من الجيّد أن هذه الزوبعة في الفنجان تثيرها «إسرائيل» وهي تدهمها الذكرى السادسة لهزيمتها وفشلها في العدوان الذي بدأته على لبنان في الثاني عشر من يوليو/ تموز، واستمر ثلاثة وثلاثين يوماً لينتهي بالفشل أو الإخفاق، كما وصّف تقرير اللجنة الحكومية التي شُكّلت لبحث الحرب ونتائجها «لجنة فينوغراد». إيهود أولمرت الذي كان رئيس حكومة «إسرائيل» آنذاك، تحدّث على هامش تبرئته من قضيتي فساد وإدانته بثالثة، محذّراً من أن الحرب المقبلة قد تدور رحاها في العمق «الإسرائيلي» بل داخل المدن. أولمرت اختصر الفشل بأن المستوى العسكري لم يلتزم تعليمات المستوى السياسي بتجنّب فخ أسر جنود «إسرائيليين»، لأنه حسب العقيدة الاستعلائية لـ «إسرائيل»، لا يمكن إلا الرد على هكذا عملية بمعزل عن مدى جاهزيتها على المستويين العسكري والجبهة الداخلية. أولمرت كان رد على استجوابات لجنة «فينوغراد» مُقرّاً بأن الحرب كان مخططاً لها أن تكون بعد يوليو/ تموز 2006، وجاءت عملية أسر الجنديين لتفرض تقريب موعدها، فكان ما كان.

السنوات الست الماضية لم تخلُ من أصوات «إسرائيلية» تقرع طبول الحرب على هذه الجبهة أو تلك، بل أجرت «إسرائيل» خلالها ست مناورات متسلسلة بعنوان «تحوّل».

لكن المعطيات الجديدة لا تقف عند عجز «إسرائيل» عن إرسال وزير خارجيتها إلى القاهرة ليعلن من هناك شن الحرب، كما فعلت تسيبي ليفني إبان العدوان على غزة سنة 2008، بل إنها قد تجد نفسها إن اعتدت شمالاً تلتفت جنوباً.

صحيح أن «إسرائيل» تراقب الجدل في ساحة السياسيين والمثقفين العرب، وصحيح أيضاً أنها سعيدة بأن ترى أن العداء لها ومقاومتها أصبحا قضية نقاش لدى بعض الأوساط، بل إن أحد الصحافيين العرب لم يخجل إبان العدوان على غزة من كتابة مقال طالبها فيه بسحق غزة بالسلاح الكيماوي، ولم يشف غليله الفوسفور الأبيض الذي أحرق أطفال غزة، بل راح يزاود على عتاة التطرف الإرهابي في «إسرائيل» في تملّقه لها. صحيح أنها تراقب هذا الدرك الأسفل الذي هبط إليه بعض السياسيين والمثقفين، لكنها تعرف أن هؤلاء سيختفون خلف الدخان حين تبدأ الحرب.

تستطيع «إسرائيل» أن تستفيد من تحرك اللوبي التابع لها من يهود الولايات المتحدة واليمين الأمريكي المتصهين باتجاه تغذية عدوانيتها، لكنها تدرك أن أي حماقة قد ترتكبها ستكلّفها ثمناً باهظاً، باعتراف بعض خبرائها وقادتها العسكريين. عليها أن تحسب ألف حساب للغليان الشعبي المصري والعربي ضدها، وعليها أيضاً أن تتأكد من أن قبتها الحديدية التي فشلت في إسقاط صواريخ غزة، غير قادرة على التعامل مع صواريخ أكثر فاعلية وأرقى تقنية، وستستنتج بالتالي أنها لن تتمكن من شرب الشاي مرة ثانية في مرجعيون.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 41 / 2180622

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180622 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40