الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012

إلى فلسطين طريق واحد .. يمر من فوهة بندقية

الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012 par د.امديرس القادري

صدحت وأنشدت حنجرة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم قبل عقود بهذه الكلمات البسيطة والعميقة جداً في معناها، فالطرق ومهما تعددت فإن الوصول إلى فلسطين وتحريرها لا يمكن أن يتحقق إلا من طريق واحد، وهذا الطريق لابد وأن يمر عبر فوهة بندقية، وفي ذلك دلالة واضحة على الكفاح المسلح وأهميته في حسم هذا الصراع التاريخي الدائر مع العدو الصهيوني الغاصب، والذي عمل وأجتهد من أجل توفير أقصى ما يستطيع من القوة العسكرية اللازمة التي مكنته من تحقيق هذا الاغتصاب وهذه السرقة.

ولأننا نحاول الاهتمام بالحاضر والمستقبل فسوف نقفز عن ماضي التجربة الفلسطينية، وما تراكم على بندقية ثورتها وعلى مدى عشرات السنين من الكفاح والنضال في ظل الرايات التي رفعها الأحرار من أبناء هذا الشعب الصابر والمكافح، فالمنظمة تأسست وقامت من أجل التحرير، والثورة تفجرت بالاعتماد على رصاص جميع الفصائل الوطنية التي اجتمعت حول فوهة هذه البندقية والتي أمن الجميع بها كطريق رئيسي وأساسي، وما عدى ذلك فسيبقى في الخندق الثاني الحامي والحافظ لما يجري ويدور على جبهة القتال والاشتباك المباشر مع هذا العدو ومن حيث أمكن.

هذه هي المعادلة النظيفة والنقية التي أمن وصدق وانتمى إليها كل الفدائيين الذين فازوا بشرف الانخراط في صفوف هذه الثورة قادة وكوادر وأفراد، فلا أحد منهم حمل السلاح من أجل مفاوضات فارغة، أو من أجل السلام الهزلي الكاذب الذي يلهث اليوم خلفه بعض المارقين من الذين هانت ورخصت عندهم قيم الرجولة والنضال والتضحية حتى سخر واستهزأ منهم الصغير قبل الكبير، وبعد أن جفت الدماء في العروق، وتحولت عندهم فوهات البندقية إلى كوابيس تقض عليهم مضاجعهم.

لكن، وبالرغم من طغيان هذه المهازل التي يحلو للبعض أن يتسلى بها ويعتاش ويكسب من وراءها، فإن القضية باقية وهم راحلون، حتى وإن تأخر الانهيار فوق الرؤوس فإن الموت ونهاية الأجل سيلاقيهم ولا مجال للفرار من سيفه المسلط على كل الرقاب، وقد يأتي من هم أسوأ منهم، ولكنهم أيضاً سيواجهون نفس المصير، فنار الثورة ومهما خبت فلا بد من أن تشتعل ولو بعد حين.

الطريق الواحد الذي يمر من فوهة بندقية، هو المقرر الوطني الذي يجب أن يعاد تدريسه في المدارس، والمعاهد، والجامعات، أليس هذا ما كان يفعله عدونا ولا يزال، هذه هي الثقافة الوطنية التي يجب أن نغرسها في كل بيت وحارة وقرية وبلدة ومدينة، وبداية ذلك لا بد وأن تكون بالتمرد على هذه السلطة وأجهزتها، هذا هو المدخل الذي لا بد لنا من عبوره إذا كنا بالفعل أصحاب قضية عادلة، إن جميع فصائل العمل الوطني وبلا استثناء على مفترق صعب وخطير، فحياة الذل والانكسار تحت جناح أوسلو وأتباعه يقود إلى التلاشي والفناء التدريجي، وأما الطريق الذي يمر من فوهات البنادق والمقاومة فهو السبيل الوحيد للبقاء، وهو الذي يؤدي للوصول إلى ذرى المجد.

إن الخروج من دوامة العبث اليومي الدائر يستدعي العودة إلى الشعب، حتى يتم تنظيف الجسد الجماهيري من كل الأمراض والأوبئة، وهذا لن يتحقق حتى تعود جميع الفصائل إلى جادة المقاومة والمواجهة اليومية مع هذا العدو، و الذي ندرك جميعنا أنه لا يستوعب سوى لغة القوة، وهذا حق تقره ولا تمانعه كل مؤسسات ومنظمات العالم، فلماذا نسمح للبعض من الذين هانت الأوطان عندهم أن يمنعونا من ممارسة هذا الحق؟.

المفاوضات، وسلامها الفارغ، والتباكي على الدولتان، والتلطي وراء فزاعة وقف الاستيطان، والمراهنة على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما يسمى بالشرعية الدولية، كل ذلك وغيره من المساخر أصبح في حكم الساقط، فلنتوقف عن هذا الجري الفارغ وراء هذه المهازل التي اختبرناها عشرات المرات وبلا فائدة ترتجى، هذه صفحة لا بد أن تطوى من التاريخ الذي لن يرحم، وعليه، فإن العودة إلى ساحات النضال ومقارعة هذا العدو وبكل السبل والإمكانيات المتوفرة والمتاحة هو ما يجب أن يفكر فيه كل من لا يزال مؤمناً ومنتمياً لهذه الثورة وعدالة قضيتها، لقد تحول التجريب إلى تخريب، وهذا ما يجب أن يتوقف فوراً، الطريق إلى فلسطين حتماً لا يمر إلا من فوهة بندقية وما عدى ذلك فهو ضحك على الذقون، أليس هذا ما قالته العرب؟!.

هذا المقال بسطوره وكلماته، نهديه بكل ألم وتواضع إلى كل الباحثين عن سبب وفاة القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار)!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 208 / 2165818

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165818 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010